اليوم العشرون من شهر قلب يسوع الأقدس : تأمل في ممارسة التناول اليومي
"مَن يأكل جسدي ويشرب دمي فله الحياةُ الأبدية" (يو 56:6) بهذه الكلمات رسم لنا الربُّ يسوع سرَّ الافخارستيا، سر غذائِنا الروحي،
وقال أيضاً:"إنَّ جسدي مأكلٌ حقٌّ ودمي مشربٌ حقٌّ" (يو 55:6). كما نطلب الخبزَ اليومي علينا فإنَّ نفسَنا أيضاً بحاجة إلى قوتِ الحياة
وهو التناول اليومي الذي يجعلنا دائماً في حضرة الله ومتحدين به كلَّ ساعة من نهارِنا لا بل من مسيرةِ حياتِنا الأرضية.
ومنذ تأسيس سر الافخارستيا حيث أكلَ يسوع العشاء الفصحي مع تلاميذِهِ وسلّم لهم فصحَ العهد الجديد لا تفتأ الكنيسةُ تعمل بكلِّ ما في
وسعِها على أنْ تنشرَ هذه العبادة وهي التناول اليومي بين أبنائِها. ففي سفر أعمال الرسل نقرأ "إنَّ المسيحيين الأولين كانوا مواظبين
على تعاليم الرسل والشِركة في كسر الخبز والصلوات" (أع 42:2). وهذا ما تدعو إليه الكنيسة اليوم أيضاً في الاشتراك في الذبيحة
الإلهية والتناول وبالخصوص يوم الرب، لأن الاشتراك في الذبيحة الإلهية وتناول جسد الرب أمران متلازمان لا ينفصلان.
وهذا ما سعى إليه آباء الكنيسة حيث بذلوا جُلَّ عنايتِهم في تحريض المؤمنين على التناول اليومي، فقد قال القديس امبروسيوس:
"هذا الخبز هو يومي فلماذا لا نقبله إلا مرة في السنة ؟" والقديس اغسطينوس يخاطب شعبَه قائلاً:"إننا خطأة نرتكب الخطايا كلَّ
يوم فلنتناول إذاً كلَّ يوم" وأراد بذلك أنْ يُفهِمَنا أنَّ خيرَ علاج لضعفِنا البشري وأكبر قوة لنا لتجنّب العثراتِ اليومية هو التناول اليومي.
كما واصل الأحبار القديسون تحريض المؤمنين أيضاً على التناول اليومي وبالأخص البابا القديس بيوس العاشر وإلى يومِنا هذا يحثّون الشعبَ
المسيحي على التناول رغم كلِّ الصعوبات والعقبات التي ربما تعترض هذه المسيرة الروحية وتَحُولُ دون الاقتراب إلى المائدة المقدسة…
فلذا على المؤمن أنْ يهيّئَ نفسَه طاهراً لأن التناول هو واسطة لتقديس نفوسِنا، وهذه سِمَةُ حياتِنا الروحية أنْ نحيا بحضرةِ الله دائماً
في أكلِ جسدِ الرب وشربِ دمِهِ.
خبـــر :
عُرِفَ عن الواعظ الفرنسي الشهير لاكوردير وهو المعروف عنه بواعظ كاتدرائية نوتردام في باريس وكان مديراً لمعهد للشبان المسيحيين، فقد
عوَّدَهم في حياتِهم على إنماء الحياة الروحية عبر الاشتراك في الذبيحة الإلهية وتناول جسد الرب ودمِهِ كلَّ يوم واتفق أنه يوماً فارقهم لقضاء
واجب ديني في إحدى القرى التي كان يقصدُها مشياً على الأقدام بإلقاء مواعظ فيها، وكان يعود في آخر النهار إلى معهدِهِ ليتسنى له أنْ يقيم
َ الذبيحةَ الإلهية في الغد ولا يَحرم هؤلاء الشباب يوماً واحداً من نعمة التناول اليومي. وكان في بعض الأحيان يلحُّ عليه كاهن الرعية بأنْ يقضي
الليلةَ عندَه ليستريحَ من عناءِ المشي فكان يرفض قائلاً:"لا، لا يا عزيزي فإني أفضِّلُ أنْ أمشيَ ساعاتٍ طويلة وأعود إلى أبنائي على راحتي
وبقائي هنا لأنه لا يمكننا أنْ نَحصى الثمارَ الروحية والمفاعيل الخلاصية التي يفقِدُها المسيحي بحرمانِهِ من مناولة واحدة.
إكـــرام :
كان القديس الفونس دي ليكوري يقول:"إنه لا يمكننا أن نتمثَّل أو نعمل شيئاً أشدَّ استحساناً لدى قلب يسوع من تناول القربان المقدس…
وهذه دعوةٌ مجانية إلينا لنكتشفَ أنَّ المناولةَ غذاءٌ لأنفسِنا وقوتٌ لمسيرتِنا الأرضية.
نافـــذة : يا قلبَ يسوع، يا مَنْ احتجبَكَ حبُّكَ في القربان ارحمنا