اليوم الحادي عشر
تأمل في أن قلب يسوع مثال الطهارة
لقد قال القديس كاسيانوس:"إنه لا شيء يقرّب البشر من الملائكة مثل فضيلة الطهارة فهي زينةُ الملائكة.
والنَفسُ الطاهرة تحيى كأنَّها روحٌ محض تنطلق في مراقي العلا دون قيدٍ أو شرط وتتحرّر من سجن البشرية
وتحلّق في ملكوت السماوات" كما قال الرسول: "أما أنتم فلستم في الجسد بل في الروح" (رو9:8)
والقديس متى يقول في إنجيلِه معلِناً أنّه "في القيامة يكونون كملائكة الله في السماوات" (متى 30:22).
إذ لا عجب إذا كان الملاكُ طاهراً بحكمِ طبيعتِهِ إذ يستحيلُ عليه أنْ يأتي بأعمالٍ تتنافى مع هذه الطبيعة وتتجافى مع صفاء
جوهره وطهارتِه المثالية.
أما الإنسان الذي تحاربُهُ الأهواء والشهوات فهو يكافح ويناضل ليظلَّ محافظاً على طهارة نفسِهِ، وهكذا بكفاحِهِ في هذا المضمار
يحافظ على هذه الجوهرة الثمينة التي زرعها الخالق في قلبِ الإنسان واختار منذ البدء العذراء مريم لتكون طاهرةً مقدسة
حيث منها تجسَّدَ المسيح وهي بتول وطاهرة وعفيفة.
لقد كان يسوع في طهارتِهِ مثالاً، تجرَّدَ من أدرانِ البشرية وترفَّعَ عن أفعالِ البشر ولم يعكِّر أو يَمُسَّ هذه الفضيلة المقدسة
وبهذا قرَّبَ يسوع إليه النفوسَ الطاهرة وميَّزَها بالنِعَم والعطايا المختلفة. وقد ورد على لسان سليمان الحكيم بقوةِ الروح القدس
عن المسيح كيف عاش بين الزنابق ينظر إلى بياضِها الناصع ويستنشق عبيرَها الفيّاح وما ذاكَ إلاّ بياضُ النفوس وعبيرُ فضائِلِها
الذكي "وهو الذي يرعى بين السوسن" (نش 16:2).
خبـــر
القديسة مريم يسوع المصلوب "مريم بواردي"
ولدت في 5 كانون الثاني 1846 في عبلين – الجليل – فلسطين تحت اسم ماري باوردي. مولودة من جريس بواردي
ومريم شاهين، من عائلة كاثوليكية يونانية فقيرة. مات اخواتها الاثني عشر وهم أطفالاً، وولادة مريم كانت استجابة لصلوات
والديها لأمنا مريم. عندما توفي والداها كانت في الثانية من عمرها، وربّاها عمها. انتقلت للعيش في الاسكندرية في مصر
وهي في الثامنة من عمرها
كانت في الثالثة عشر،عندما دبّر لها عمّها زواجها، لكنها رفضت وقررت الالتحاق بالحياة الروحية. كمعاقبة على رفضها،
أرسلها عمّها للعمل في منزلٍ كخادمة مصرّاً على أن تكون هذه الأعمال الأكثر شاقةً ومضنية. كان يعمل معها خادماً مسلماً،
وكان يتعامل معها كصديقة بهدف اقناعها أن تتخلى عن مسيحيتها. في 18 أيلول 1858، أقنعته مريم أنها لن تتخلى أبداً عن
ايمانها، فدقّ عنقها ورماها في البرية. لكن مريم العذراء ظهرت لها وضمدت جراحها، وتركت منزل عمّها للحال.
أعالت نفسها كخادمة، تعمل مع عائلة مسيحية وتصلي. في عام 1860 التحقت براهبات مار يوسف، لكن أبت الأخوات
بالسماح لها بالانضمام اليهم. فقادتها راهبةً الى الكرمل في باو سنة 1867، ودخلت لاحقاً في تلك السنة للرهبنة متخذة
اسم "مريم يسوع المصلوب" وناذرة نذرها الأخير في 21/11/1871.
استمرت اختباراتها الفوق الطبيعة. لقد حاربت الشيطان لفترة 40 يوم، شُهدت تترفع، استلمت هدية الرسل ومعرفة الضمير،
كما سمحت لملاكها الحارس بالتكلم عبرها. ساعدت في إيجاد مرسلي الكرمل في منفالور – الهند – عادت الى فرنسا
سنة 1872. بنت دير الكرمليت في بيت لحم عام 1875. كانت مشهورة باستسلامها المطلق للروح القدس،
حتى انّ البابا بولس التاسع تكلّم عن الروح الذي يعمل من خلالها بتعاليمها وارشاداتها.
وفي 26 آب 1878 فارقت الحياةَ وقد حَمَلَتْ سِماتَ آلام المسيح في جسدِها وكان الشيطان
يجرِّبُها دائماً ولكنها ظلّت دائماً زنبقةً طاهرة وكانت تقول:"إنَّ الشيطانَ يستطيعُ أنْ يدفعَ الإنسانَ إلى أنْ يتحمَّلَ الاحتقارَ
في الخارج ليُحسِنَ الخداعَ فيما بعد".
أعلنها البابا يوحنا بولس الثاني طوباوية في 13/11/1983 وقد قال في خطابِهِ فيها "إنَّها الآنَ شفيعةٌ في السماء من
أجلِ الحبّ البريء الذي حَفِظَتْهُ للقلبِ الإلهي لتكون مثالاً لبناتِ الأجيالِ القادمة"… وقد كَتَبَت هي عن نفسِها قائلةً
"إنني أفتِّشُ عن يسوعي وعَرفتُه من حبِّ قلبِه للبشر في قلبٍ مستقيم وروحٍ متواضع.. فعظامي تحبُّ إلهي
ونفسي وجميعَ حواسي".
إكـــرام
إذا أردنا أنْ نحافظَ على فضيلة الطهارة في حياتِنا، علينا أنْ نجعلَ من قلوبِنا بيوتاً لسُكنى قلب يسوع الأقدس ومحبتَه.
فقلبُهُ ينبوعُ الحبِّ الإلهي… ينبوع الطهارة والقداسة.
نافـــذة
يا قلب يسوع الأقدس اخلق فيَّ قلباً طاهراً ونقياً