تعيد الكنائس في الثامن من كانون الثاني من كل عام تذكار الشهيد مار اسطيفانوس رئيس الشمامسة وبكر الشهداء، وعيد الشمامسة ..
اسطيفانوس كلمة يونانية تعني( التاج أو إكليل الزهور )..
كان اسطيفانوس إسرائيلي مستقيم وهو من اليهود الهلينيين ( أي من ذوي الثقافة اليونانية )..
لا يعرف متى وأين ولد ولكنه عاش في الإسكندرية ثم أتى أورشليم حتى يسمع كلام الله من خلال المبشرين ،
وكان غير مسيحي ولكنه اهتدى إلى المسيحية من خلال كرازة القديس بطرس الرسول ..
وكان أول الشمامسة السبعة الذين أقامهم الرسل في أورشليم للاعتناء بأمر الفقراء وتوزيع الصدقات عليهم ..
إذ أنه في تلك الأيام ازداد عدد المؤمنين وازدادت أعباء الرسل الإثني عشر لجهات توزيع حاجات الجسد على المحتاجين ..
فاختارت الجماعة سبعة رجال مشهودا لهم بالإيمان والتقوى ممتلئين من الروح القدس ، ما يسمح لهم القيام بعمل التوزيع اليومي
على أفضل وجه ممكن .. وكان بينهم المتقدم في الشمامسة اسطيفانوس .. وكان لاسطيفانوس فضل كبير في انتشار المسيحية لأنه "
كان مملوءا إيمانا وقوة وكان يصنع عجائب وآيات عظيمة في الشعب" ( أعمال 6 : 8 ) ..
وبينما كان يكرز ويبشر نهض قوم من اليهود يحاورونه ولما لم يقدروا أن يقاوموا الحكمة والروح الذي كان يتكلم به
دسوا رجالا يقولون إننا سمعناه يتكلم بكلام تجديف على موسى وعلى الله وهيجوا الشعب والشيوخ والكتبة ،
وخطفوه وأتوا به إلى المجمع ليحاكموه وأقاموا شهودا كذبة يقولون إن هذا الرجل لا يفتر عن أن يتكلم كلاما تجديفا
ضد هذا الموضع المقدس والناموس .. فشخص إليه جميع الجالسين في المجمع ورأوا وجهه كأنه وجه ملاك ،
فأوعز إليه رئيس الكهنة أن يجيب على الشكوى الموجهة إليه أما هو فإنتهز هذه الفرصة النادرة أمام مجمع اليهود
واندفع يبين لأولئك الرؤساء والعلماء مستندا إلى التاريخ وإلى كتب الأنبياء كيف قاد الله شعبه منذ أيام إبراهيم
وكيف أرسل لهم موسى وداود وسائر الآباء والأنبياء وكيف عصوه ونبذوا شريعته وكيف صفح عنهم ووعدهم بمجيء المسيح
وأن يسوع الذي صلبوه هو المسيح الموعود به ..
وبعد خطاب طويل ورائع لما رآهم يهزون روؤسهم مستهزئين وساخرين ، صرخ فيهم مأخوذا بحماس الإيمان وقال لهم :
" يا قساة الرقاب وغير المختونين بالقلوب والآذان أنتم دائما تقاومون الروح القدس ، كما كان آباؤكم كذلك أنتم ،
أي نبي من الأنبياء لم يضطهده آباؤكم ؟؟ وقد قتلوا الذين سبقوا فأنبأوا بمجيء البار الذي أنتم الآن صرتم مسلميه و قاتليه ..
الذين أنتم أخذتم الناموس بترتيب الملائكة ولم تحفظوه "..
فلما سمعوا هذا حنقوا بقلوبهم و صروا بأسنانهم عليه وأما هو فشخص إلى السماء وهو ممتلىء من الروح القدس
فرأى مجد الله ويسوع قائما عن يمين الله فقال :" ها أنا أنظر السموات مفتوحة وإبن الإنسان قائما عن يمين الله" ..
فصاحوا بصوت عظيم وهجموا عليه وأخرجوه خارج المدينة ورجموه بالحجارة ، خلع الشهود ثيابهم عند رجلي شاب يقال له شاول ،
فكانوا يرجمون اسطيفانوس وهو يدعو ويقول أيها الرب يسوع اقبل روحي .. ثم جثا على ركبتيه و صرخ بصوت عظيم
يارب لا تقم لهم هذه الخطيئة وإذ قال هذا رقد" ..
استجاب الرب لصلاته لأن الشاب شاول الذي كان موافقا على قتله والذي وضع الشهود ثيابهم عند رجليه ،
أعطاه الرب يسوع المسيح نعمته ودعاه ليخلف إسطيفانوس في حمل الرسالة وصار بولس رسول الأمم ..
فالقديس اسطيفانوس لم يكن هو أول الشهداء فحسب بل هو زعيم الشهداء أيضا لأنه لم يسبقه أحد إلى سفك دمه من أجل المسيح
ولم يتشجع هو برؤية غيره أمامه ، بل كان هو البطل الأول الذي أقدم على الموت بشجاعة ونفس مطمئنة وهو يصلي ويشفع في قاتليه ..
وسيبقى هذا القديس مثالا أعلى للإيمان والغيرة والجرأة في الدفاع عن إيماننا المقدس ..
وكان رقاد اسطيفانوس في سنة 35 م .. وعثر على قبره سنة 415 م .. نقل إلى كنيسة صهيون ثم نقل إلى القسطنطينية ومن ثم إلى روما ..
والجدير بالذكر في طقس كنيستنا السريانية الأرثوذكسية في هذا العيد يبدأ الكاهن بقراءة الانجيل ويكمل الشمامسة القراءة
بالتناوب إكراما وذكرا لجهودهم في خدمة مذبح الرب ..
أسأل الرب أن تشملني وإياكم شفاعة وبركة صلوات القديس اسطيفانوس .