الشهداء المسابكيون الموارنة الثلاثة :
تحتفل الكنيسة المارونية في العاشر من شهر تموز بعيد الشهداء الثلاثة: فرنسيس وروفائيل وعبد المعطي مسابكي الذين استشهدوا
في دمشق سنة .1860 وقد رفعتهم الكنيسة الجامعة الى درجة الطوباويين، ليس على الشهادة التي ادوها فقط انما ايضاعلى الحياة المسيحية
التي عاشوها كما سنرى في هذه النبذة عن حياتهم:
سنة 1859 تعاظمت خطورة الوضع في الولايات العثمانية بعدما فرضت الدول على السلطان عبد المجيد "اعلان المساواة"
في معاهدة باريس (30 ايار 1856). اقر الفرمان الهمايوني المساواة بين جميع رعايا السلطنة، وبالتالي الغاء ما كان يتمتع به المسلمون
من امتيازات سياسية واجتماعية. فانــتفضوا محافظــة على حقـــوقهم، فيما اخذ المسـيحيون يطالبون بتطبيق تلك المساواة فحصل الاصطدام
بين الفريقين في جميع الولايات العثمانية وكان يأخذ طابعا معيبا في كل ولاية يحصل فيها لأن السلطنة العثمانية لم تعــلن برضـاها
مبدأ اعلان المساواة انما مجبرة. ففي لبنان ، جرت حوادث دير القمر المدبرة وخصوصا من والي بيروت خورشيد باشا فقضى العديد
من المواطنين، وكانـت خاتمتـها يومي 20 و21 حزيران .1860
اما في سوريا، فكان احمد باشا واليا عليها. وكان رجلا سفاحا شديد التعصب اراد القضاء على المسيحيين فهيج اعوانه وجنده والشعب
بطريقة مباشرة ضدهم، وكان ذلك في 9 تموز 1860 فقاومه عقلاء المسلمين، وعدد كبير من العلماء والمشايخ وقناصل الدول لكنه
لم يكترث لأحد. وقد حمى الامير عبد القادر الجزائري آلاف المسيحيين في قصره. ورغم ذلك استمرت الاضطرابات.
عند الثامنة ليلا من 10 تموز 1860 وبسبب زيادة الاضطرابات في دمشق، لجأ فرنسيس واخواه روفائيل وعبد المعطي
الي دير الفرنسيسكان قرب منزلهم وعند الحادية عشرة ليلا اقفلت ابواب الدير ودخل الجميع الى الكـنيسة واعتـــرفوا بخطاياهم،
وتناولوا القربان المقدس منشدين في قلوبهم المزمور :26 الرب نوري وخلاصي فمن اخاف؟الرب حصـن حياتي فمن افزع؟
إذا اصطف عليّ عسكر فلا يخاف قلبي، وان قام عليّ قتال ففي ذلك ثقتي..." وعند الاولى تسلل المعتدون الى داخل الدير،
وقتلوا الاخوة الثلاثة مع ثمانية رهبان. وتم تطويب الجميع عام 1926 في عهد البابا بيوس الحادي عشر. الشهيد فرنسيس
كان ناهز السبعين من عمره عند استشهاده. وكان رجلا وقورا طيب الاخلاق متزوجا وله ذرية، وذا ثروة كبيرة وجاه ونجاح
في اعماله. حرص على تربية اولاده تربية مسيحية صالحة. كان يتاجر بالحرير، وكان معظم حرير لبنان يرسل الى دمشق
على يده على سبيل الامانة. وهذا ما دفع بالبطريركية المارونية الى اختياره معتمدا لها في الامور المدنية. وكان يعنى كثيرا
بالفقراء والمرضى والمعوزين. وعندما خيّر بين الموت وان يسترد ماله ويجدد بالايمان المسيحي،
قال: "نحن مسيحيون لا نخاف من يقتل الجسد".
اما شقيقه عبد المعطي فكان ايضا متزوجا، ويعيش مع عائلته في بيت اخيه فرنسيس. عمل في مهنة الـــتدريس في مدرسة
الرهبان الفرنسيسكان، وكان يهتــم بتلقـــين تلاميذه الدين المسيحي. كان يقول لهم دائما: "من واجــب المسيحي
ان يكون مستعدا لسفك دمه حبا بالمسيح".
اما روفائيل، فكان ايضا كشقيقه مثابرا على الصلاة والعبادة. خدم كسكريستاني في كنيسة دير اللاتين، وكان شديد التعبد للعذراء
التي استشهد امام مذبحها. بقي طيلة حياته بتولا. فعلى رجاء ان ترفعهم الكنيسة قريبا قديسين فوق مذابحها لينضموا بذلك
الى قافلة الابرار والصديقين من مارون ويوحنا مارون الى شربل ورفقا ونعمة الله، نحيي اليوم ذكراهم مرنمين صلاة
من الليتورجيا المارونية هاتفين:
"كنز البيعة اعضاء الشهداء انعام دافق ذكراهم في الارجاء نفح من طيب عابق نفح الرجا والحب والسلام والخير الهامي".
صلاتهم تكون معنا في كل حين .
آمين.