ملك الموت والحقيبة :
كان رجل يحتضر حين رأى ملك الموت يقترب منه حاملاً بيده حقيبة سفر. قال الملك:
- "هلمَّ، يا صغيري، آن وقت الرحيل." انتفض الرجل مذهولاً:
- الآن؟! بهذه السرعة؟! لا تزال عندي خطط كثيرة...
- "آسَف عليك، لكن أوان الرحيل قد آن فعلاً." فسأل الرجل:
- وماذا في تلك الحقيبة؟
- متاعك.
- متاعي؟! أتعني حوائجي، ثيابي، مالي؟
- هذه الأشياء ما كانت لك يومًا؛ كانت للأرض.
- أهي ذكرياتي؟
- ذكرياتك أيضًا ما كانت لك يومًا، بل للزمن.
- هي مواهبي إذن...
- لماذا تظن أنك صاحب مواهب؟! ما تسميه "مواهبك" كان من افتعال الظروف.
- أهُم أصحابي وعائلتي؟
- آسف، فهؤلاء ما كانوا لك يومًا؛ كانوا رفقاء النزهات.
- أهما زوجتي وابني؟
- هذان ما كانا لك يومًا؛ كانا سلوى عن أسى قلبك الخاوي.
- أهو جسمي؟
- هذا ما كان لك يومًا؛ هو للتراب والدود.
- فهو نفسي، لا محالة.
- لا، فهذه ما كانت لتكون لك يومًا، بل لي، ومنِّي لروح الكون.
أصاب الرجل هلع شديد، فانتزع الحقيبة من يد الملك وفتحها، فلم يجد فيها شيئًا.
كانت الحقيبة فارغة! عند ذاك سأل الرجل والدموع تنهمر على خدَّيه:
- "أما كان لي من شيء البتة؟!"
فأجابه الملك:
- بلى، كل لحظة عشتها كانت لك، لكنك لم تتحيَّنْها. الحياة مجرد لحظة – لحظة سانحة للانتباه من الغفلة!
_________________