أهمية التوبة في زمن الصوم :
“قدّسوا صوماً ” يجب على الإنسان أن يكون في حال استعداد دائم وذا فكر مقدّس وقلب نقى وجسد طاهر.
فبالقلب والعقل واللسان نتمكّن من تسبيح الربّ المتواصل والاقتراب منه ورفض الخطيئة التي تفصلنا عنه،
وبفعل التوبة نقترب منه ونلتصق به فهو قابلِ الصلوات والأصوام، لا سيّما صوم الجسد عن الطعام
وصوم الروح عن كلّ شهوة أرضيّة وكلّ رغبة عالميّة.…
لقد ارتبط الصوم عند اليهود بفعل التوبة لذا أُطلق عليه اسم يوم الغفران أي يوم التكفير عن خطايانا
ويوم الاعتراف الحقيقيّ امام الربّ الأمين في وعوده ” فإن قلنا إِنَّنا بِلا خطيئة ” ضَلَّلْنا أَنفُسَنا ولَم يَكُنِ الحقُّ فينا.
وإِذا اعتَرَفْنا بِخَطايانا فإِنَّه أَمينٌ بارّ يَغفِرُ لَنا خَطايانا وُيطَهِّرُنا مِن كُلِّ إِثْم.
ضرورة التوبة لصومٍ مقدس :
الإنسان الذي يعيش بالروح هو إنسانٌ مدعوٌّ الى التحرّر من الأنانيّة إلى روح العطاء والمقاسمة لأنّنا جميعاً إخوة
في الإنسانيّة وأبناءٌ لله وبحاجة دائمة إلى أن نمدّ يد العون الى بعضنا البعض لسدّ عوز من هم في أمسّ الحاجة
إلى المساعدة وتلبية احتياجاتهم وعند القيام بهذا، يتحرّر القلب تمامًا من الطمع والحقد وحبّ الامتلاك ليتهيّأ
لحياة التوبة والنقاوة والمزيد من الصلاة والصوم الناجح المثمر والدخول بعمق الى جوّ المسامحة والصفح
والاتّحاد مع المسيح في موته وقيامته فهو قد غلب الموت وفجّر ينابيع الحياة وأعطى معنىً حقيقيًّا للحياة
على الأرض حتّى وإن كانت حياةً مليئةً بالمشقّات والأتعاب وحياة جهاد مستمرّ وصراعٍ دائم بين متطلّبات الجسد
ومتطلّبات الروح “مصارعتنا ليست ضدّ لحم ودمّ بل ضدّ أجناد شرّ روحيّة فالروح يشتهي ضدّ الجسد
والجسد يشتهي ضدّ الروح ” وحرب وساحة قتال مفتوحة بين الله والشيطان بين الغنيّ (المال)
وبين الفقير(البؤس-الشقاء) بين المجد والهوان في حين أنّ كل شيء هو باطل”،
“باطل الأباطيل وكل شيء باطل”. (جا 1/1). هذا يعني أنّ كنوز العالم تبقى في الأرض؛
وهي ليست الكنز الحقيقيّ والثابت للإنسان .إنّما الكنز الحقيقيّ هو حيث يتّجه القلب ويرتفع نحو السماء “
حيث يكون كنزكم هناك يكون أيضاً قلبكم “.
أتمنى لكم صوماً مباركاُ.