قال بولس الرسول "كُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمُ اللهُ أَيْضًا فِي الْمَسِيحِ" (أفسس 4: 32).
تحدّثنا هذه الآية عن اللطف والتسامح في حياة المؤمن، فهنا نجد السبب المقنع الذي يجعلنا نسعى لنظهر اللطف والتسامح في علاقتنا
مع الآخرين: "كما سامحكم الله أيضاً في المسيح".
عندما اشتريْتَ سيارتك ودفعت ثمنها أصبحت في تلك اللحظة ملكك، وبالتأكيد كنت فخوراً بها. هل تتذكر كم كان ثمنها
وكم مِن الوقت استغرقْتَ في العمل لتتدبّر ثمنها؟ كم كان رائعاً ذلك اليوم الذي أصبحت فيه تلك السيارة سيارتك أنت!
وبنفس الطريقة: كم هو باهظ الثمن الذي دفعه السيد المسيح لكي يفدي كل واحد منّا! فهو قد عاش على هذه الأرض حياة الفقر
والخدمة والاتضاع. وقد حاربه الشيطان وحاول جاهداً أن يوقعه في الخطيئة، لكن السيد المسيح عاش حياة الصلاح والتقوى والإيمان،
وأخيراً قدّم حياته على خشبة الصليب ثمناً لخلاصنا من الخطيئة.
في أحد أمثال السيد المسيح تُحكى قصة عن تاجر كان يطلب اللؤلؤ الكريم فوجد لؤلؤة ثمينة وذهب مسرعاً وباع كل ما يملك
لكي يحصل على تلك اللؤلؤة وسماها "اللؤلؤة غالية الثمن". إنّ السيد المسيح هو ذلك التاجر السماوي الذي ترك كل شيء
في السماء وجاء إلى الأرض لكي يشتري تلك "اللؤلؤة غالية الثمن". لقد جاء لكي يخلص كل من ضاع في الخطيئة.
وعندما كان يبحث وجد هذه اللؤلؤة الغالية إنها أنت وأنا وكلّ شاب وشابة، رجل وامرأة على هذه الأرض. ووضع حياته
على الصليب كعطية لا تقدر بثمن من أجل خلاصك وخلاصي.
لذلك فنحن نُدعى خاصة المسيح الذي اشترانا وافتدانا من عبودية الخطيئة. وبالتالي فليس بإمكاننا أن نفعل ما تشتهيه نفوسنا
إلا إذا كان بإذن من الله. وكما أنّ سيارتك ليس بإمكانها أن تفعل شيئاً بدون إذنك لأنها ملكك. فالسيارة تذهب أينما توجّهها
أنت وتفعل كما تريدها أن تفعل. ونحن نسامح الآخرين لأننا نحن خاصة المسيح الذي افتدانا، والله الذي يسامحنا من خلال
السيد المسيح يريدنا أيضاً أن نسامح الآخرين كما يسامحنا هو يغفر لنا خطايانا.