حنا الأسعد ( 1820 - 1897 م)
حنا بن أسعد بن جرجس أبي صعب.المعروف بحنا بك الأسعد.
ولد في مزرعة أبي صعب (قضاء البترون - شمالي لبنان)، وفيها توفي.
عاش في لبنان، ومالطة، والقسطنطينية.
تلقى علومه الأولى في قريته والجوار فأتقن العربية والسريانية،وسافر مع الأمير بشير الشهابي (سنة 1840) ثم سافر إلى جزيرة مالطة والقسطنطينية،
وهناك تعلم الإيطالية والفرنسية والتركية، إضافة إلى تفقهه في العلوم الإسلامية وإتقانه للخط العربي.وعاد إلى لبنان (1850) فأنشأ في بيت الدين مطبعة حجرية.
عمل كاتبًا لدى الأمير أمين بن بشير الشهابي، ثم أقامه المتصرف داود باشا رئيسًا للقلم العربي، وظل على عمله هذا حتى وفاته،
كان له دور بارز في إخماد نار الفتنة الطائفية التي عصفت بلبنان وسورية عام 1860.
الإنتاج الشعري:
- له ديوانان: «التنظيمات الشعرية» - طبع بالعربية والتركية عام 1893، و«ديوان حنا بك الأسعد بن أبي صعب».
يدور ما أتيح من شعره حول المناسبات والتهاني، مازجًا ذلك بمدح القادة والوجهاء في زمانه. يميل إلى إسداء النصيحة والحث على التوبة،
وكتب الأناشيد ذات المنزع الديني، كما كتب في الوصف واستحضار الصورة، إلى جانب شعر له في حب وطنه لبنان، وكتب التأريخ الشعري.
اتسمت لغته بالطواعية مع ميلها إلى المباشرة، وخياله نشيط. التزم الوزن والقافية في بناء ما أتيح له من الشعر مع استثماره لبنية التجنيس اللغوي.
منحه الوالي رستم باشا نيشانًا عام 1873، كما منحه المتصرف داود باشا نيشانًا وجائزة مالية كبيرة، ونال لقب شيخ من لدن السلطات التركية.
.................
من قصيدة: غاب الخطير
غاب الخطـيرُ فأمسـى القطرُ فـي خطرِ
والآن آب فبـاء الأمـنُ بـــــــــــالخطرِ
مذ نـاء نـاءت ذُكـا الأنـوارِ مـــــن فلكٍ
فبـات لـبنـانُ أعـشى فـي دجى الكدر
أيـان بـان فبـان النـورُ مـن قـمـــــــرٍ
أزهى بـزاهـي سنـاه دارة القـمـــــــــر
واعتزّ رأس الرواسـي شـامخًا شـــــــــرفًا
واهتزّ لـبنـانُ فـيـهـا غـيرَ مـــــــنحصر
وصـفَّق الـدوحُ بـالأغصـان عـــــــــن طربٍ
أوراقه قـد شدت كـالـوُرْقِ فـي السحــــــر
وكـم تبـلَّج ثغرًا بـالصـفـاء كـمــــــــا
أضحى الصـفـا سـافرًا عـن مبسم الـــــدُّرَر
والروضُ يـزهـو بنُور النَّوْر فــــــــي غسقٍ
يـزري بـزُهْر السمـا فـي زهــــــوة الزَّهَر
راقت مـنـاظرُهُ ذرَّت أزاهـــــــــــــــرهُ
طـابت مـصـادره سُؤلــــــــــي بذا الصدر
فـاضت جـداولهُ ضـاءت مـنــــــــــــازلهُ
صـاحت بـلابـلهُ فـــــــــــــي كلِّ مبتكر
يـا طُورَ أرمـيـنـيـا لـبنـانُ فـاز بـمــا
ضـيَّعتَ مـن آل بـيـت الـمـجــــــد والظفر
وأرزُهُ قـد سمـا حتى السمـاك عـــــــــلا
وفـاق فـي فخرهـم عـــــــــــن كلِّ مفتخر
إن قـيل شـاخ فقـل عـادت شـــــــــوامخه
تـنمـو مـرفَّلةً بــــــــــــالسندس النضر
واتـركْ «أراراتَ» والقَ الفُلْكَ فـوق شــــوا
لـبنـان أسمـى الــــــذرا ذا نصحِ ذي عِبَر
وانظرْ إلى أرزه الـمـومـوق مـــــــن أزلٍ
فـي عـيـن حفـظ الـحفـيظ الفـــاطر الفِطَر
شـيـخُ الرواسـي الـذي مـــــــا ضرَّ رونقَه
جـدبُ السنـيـن ولن يفـنى مدى الـدهـــــر
قـد كـان مـنـتظرًا داوود مــــــــــالكَه
والآن وافـاه غوثًا خـيرُ مـنــــــــــتظَر
يـا مـالكًا طـودَنـا أنـت الـحـريُّ بـــــه
فـاسلـمْ له آمـنًا يحـمـيـه مـــــــن ضرر
إن قـيل أهلاً يكـون القـول عـــــــن ولهٍ
كـمـا يـقـولُ الثرى الظـمآنُ للـــــــمطر
تَشـيـن شـانك ألفـاظُ الـتـــــــــرحُّب إذ
أنـت الـمـلـيكُ وإن أغربتَ فــــــــي سفر
لئن تبـاعـدْتَ ذاتًا إنمـا عـمــــــــــلاً
أبقـيـتَ جـام الصـفـا يـزهـو بــــلا عكر
نعـمْ بـلا العـيـنِ لا يجـدي الـــورى أثرٌ
لكـنّ عـدلَك أحـيـانـا عـــــــــلى الأثر
فـالشمسُ إن بعـدتْ عـند الظهـيرة قـد
تزداد فـي مددِ الأنـوار للـــــــــــبصر
يـا راحـمًا مُدّ أنظارَ الـمـراحـم عــــــن
طـيِّ الفراسخ عطفًا أيَّمــــــــــــــا نظر
بعـدًا وقـربًا تـراعـي عـيـنُ يـقــــــظته
شعبًا وتأبى الكرى عـشَّاقةُ السهــــــــــر
شهـمٌ تفرَّد فـي حُكـمٍ وفـي حِكــــــــــــمٍ
أفديـه مـن مـاجـدٍ سـامـي الـذرا جهــــر
.................
يا سيد الأكوان يا فادي الورى
يا سيد الأكوان يا فادي الورى .... يا واهب الإنسان حظّاً أوفرا
أنتَ الذي انقذتنا بتأنُّسٍ .... عنهُ الملاك لقد أفاد وبشرا
وبِمَيتَةِ الناسوت في يوم الفِدا .... ماءُ الحياة على العباد لقد جرى
يا ذا المراحم كن لنا متعطفاً .... من بحر حلمٍ لن يُحدَّ ويُحصرا
بشفاعة البكر التي حقّاً رقَت .... من عن يمينك عرش مجدٍ أنورا
وأرحم عُبَيداً صارخاً بتذلُّلٍ .... يا رب عبدك قد أتى مستغفرا