ليس الجمال بأثواب تزيننا ...إن الجمال جمال العلم والأدب .. إن العلم والأدب يوجدان في الفكر والعقل والروح ..وكما أن هناك جوائز للأدب والفكر والعلوم هناك جوائز للجمال الجسدي.. والتي كانت تفوز فيها قديما من هي أجمل ولكن بات تقيمها يعود من هي الأجمل فكرا وروحا .. ونحن كبشر نعيش حياتنا الأرضية التي باتت مليئة بالمتناقضات الروحية والروحانية والتي لابد فيها للإنسان أن يتبع وصايا الرب لكي يضفر بالجوائز السماوية .وبحسب أنجيل متى "كل من يعترف بي قدام الناس أعترف أنا به قدام أبي الذي في السموات" إذا هكذا أعدت الجوائز والعقابات هناك، حسب قول المخلص الصادق. ولكن لماذا نطلب الجائزة هناك ونحن قادرون أن نحصل على الخلاص بواسطة الرجاء فقط ؟ فإن فعلنا خيراً ولم نحصل على المكافأة عنه في هذه الحياة، فلا نضطرب لأن هذه المكافأة تضاعَف لنا في الحياة الآتية. وإن فعلنا شراً ولم نعاقَب عليه في هذه الحياة فلا نتهامل بل يجب أن نخاف من عملنا هذا، لأن القصاص الأبدي ينتظرنا هناك، إذا لم نبدل الشر بالصلاح. وإذا كان المعترفون بالمسيح يستحقون المجد في هذه الحياة، فلنفكّر في الأكاليل غير البالية التي سيحصلون عليها في المستقبل نتيجة محبة الروح والفكر وتسخيرهما في العمل الخير . وإذا كان هؤلاء يمجدون حتى من أعدائهم، ألا يعظمهم المحب البشر الذي تفوق محبته محبة جميع الآباء الأرضيين؟ هناك تعطى الجوائز عن الأعمال الصالحة والعقوبات عن الأعمال الشريرة. فكل الذين يرفضون ابن الله يعذَبون هنا وهناك. يعذَبون هنا لأنهم يضمرون الشر، وهناك لأنهم يدفعون إلى العذاب الدائم بعد القبر. وبالعكس فإن الذين يتبعون المسيح حقيقة فإنهم يحصلون على الفائدة هنا وهناك.هنا لأنهم يتغلبون على الموت ويمجدون أكثر من الاحياء. وهناك، لأنهم يتمتعون بالخيرات التي لا توصف. إن الله مستعد للإحسان أكثر من العقاب فلا تخشَ الموت، وإن لم يحن الوقت، لأننا سنقوم لحياة أفضل من هذه بكثير! نعم أهتموا بجمال الروح والفكر أكثر من أهتمامكم بجمال الجسد. أهتموا بصورة الجسد الروحية فهي الباقية والمنتقلة إلى السماء وهي من ستكلل بالأكاليل وهي من تعطي الجوائز ..إن الجسد أخذ من التراب وإلى التراب سيعود عاجلا أم أجلا .. أحفظوا صورة الروح في ذلك الجسد .. لو أن الجسد لن يعود إلى التراب لأستولت الكبرياء على الكثيرين، والكبرياء هي أعظم الشرور على هذه الأرض.. لو لم يفنى الجسد وجماله لأشتد تعلق الناس به. ومع علم الكثيرن أن بأن الجسد يفنى تماماً، نراهم يعانقون القبور. فماذا كانوا يفعلون لو قدروا على حفظ صورة الجسد تامة، ولما مال الأرضيون إلى الحياة الآتية . ولأستمر في عنادهم الذين يعتبرون الدنيا خالدة غير معترفين بأن الله هو الذي خلق العالم. ولترك الكثيرون مساكنهم وعاشوا في المقابر وخاطبوا الراقدين كالمجانين بلا أنقطاع لأنهم حرموا الخالد المؤكد. وعلى هذه الصورة، كيف لا تدخل عبادة الأوثان إلينا بأنواعها المختلفة؟ ليعلمنا الأب السماوي الرحيم إن كل أرضي زائل يسلط الفساد على الجسد البشري أمامنا ولايبقى منه إلى الروح .. التي ستحيا وتبقى في أحضان ..فهو من قال من آمن بي وإن مات فسيحيا .. إن الجمال الذي يفتخر به الجنس البشري هو جمال زائل لامحال ..فهو أخذ من تراب ولكن نفخة الروح فيه كانت إلهية .. إن الجمال ليس بالجسد ..إن الجمال الحقيقي يتوقف على النور الذي تطيعه النفس في الذات الإنسانية. كل جمال في حياة الأرضي يتوقف على النفس. فإذا كانت النفس فرحة يتفتح الورد على الوجنتين، وإذا كانت حزينة تنزع الجمال من الجسد وتوشح هذا بالسواد.. وإذا كانت النفس في سرور دائم فيكون الجسد أيضاً في الصحة التامة. وأما إذا كانت النفس في حزن دائم فلا ريب إن الجسد يكون أضعف من كل المخلوقات . بغضب النفس يتشوّه منظر الجسد وبصفاء العينين يزداد رونقاً وجمالاً..إذا استولى الحسد على النفس علا الجسدَ الشحوب والأصفرار، وإن طفحت بمحبة القريب أشترك معها بالوجه المشرق الجميل. ولذلك فكثيرات من النساء غير الجميلات الوجوه يحصلن على جمال خصوصي من جمال نفوسهن. وبالعكس كثيرات من الجميلات الوجوه يشوهن جمالهن بعدم الجمال في نفوسهن. إن الوجه الجميل يتورد دائماً بحمرة الخجل. أما الوجه الذي لا يعرف الحياة فهو أقبح من الوحوش. لأن النفس الخجول تحيل هيئة صاحبها وادعة محبوبة. فمحبة الجمال الجسدي محزنة مضحكة معاً، وأما محبة الجمال الروحاني فمتحدة باللذة الطاهرة المنعشة... إ ن الجسد بات عند بعضهن كالوجه المستعار يستر النفس فيكون حسب ما تكون عليه ..فإن كانت قبيحة فسرعان ما تصير جميلة إن شاءت.. وبات الجسد قابل للتعديل والتكبير والتصغير .يمكن تبديل أجزاء منه ويمكن تغير ألوانه من فصل إلى أخر كما يمكن تغير حجمه بحسب الرغبة .. وصورة الجسد من السهل تداولها لإكتشاف مكوناتها وطبيعتها ..أما صورة الروح والفكر فهي تعبر عن الجمال الداخلي عن جمال النفس وعن جمال التصرف وعن جمال الحياة الداخلية في النفس ،إن الجسم وجماله سيعودان إلى التراب الذين جبلا منه .. أما الروح وجمالها فهي من لحظة الخلق وحتى لحظة سكونها في أحضان الرب يسوع ستبقى جميلة إن تبعت وصاياه التي فيها يهبنا الرب الخيرات الأبدية بنعمته الأبدية ومحبته للبشر الذي له المجد والسلطة عليها إلى الدهر آمين.