هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأرسل مقالالتسجيلدخول
 

 مفهوم النخبة الحزبية عند الشاعر اللبناني سعيد عقل

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Amer-H
صديق فيروزي متميز جدا
صديق فيروزي متميز جدا
Amer-H


علم الدولة : Syria
الجنس : ذكر
المشاركات : 9804
الإقامة : Sweden
العـمل : IT-computer
المزاج : Good
السٌّمعَة : 316
التسجيل : 09/02/2007

مفهوم النخبة الحزبية عند الشاعر اللبناني سعيد عقل Empty
مُساهمةموضوع: مفهوم النخبة الحزبية عند الشاعر اللبناني سعيد عقل   مفهوم النخبة الحزبية عند الشاعر اللبناني سعيد عقل Emptyالجمعة يونيو 17, 2011 12:44 am

مفهوم النخبة الحزبية عند الشاعر اللبناني سعيد عقل 435p

قليلون هم الذين سعوا الی تحديد مفهوم النخبة العربية خلال القرن العشرين، والشاعر اللبناني سعيد عقل هو أحد هؤلاء. ولم يكن ذلك بالأمر الغريب. فهذا الشاعر الذي اطلع علی جانب كبير من ثقافات العالم القديمة والحديثة، وتعمق في قراءة ودراسة أعمال عمالقة الفكر والفلسفة في مختلف العصور، وتشبع بالمعارف الانسانية في مجالات عديدة، حاول في اشعاره، وفي محاضراته، والحوارات التي اجريت معه، ان يمنح الثقافة العربية المعاصرة ابعاداً انسانية تحررها من الصبغة المحلية، وتعيد لها المجد الذي كانت تتمتع به في العصور الخوالي. ونحن نعثر علی أوسع وأعمق تحديد لمفهوم النخبة الحزبية لدی سعيد عقل في محاضرة القاها في الجامعة الامريكية ببيروت في شهر ديسمبر 1954 وفي بدايتها يحدد مفهوم النخبة قائلاً: ليست النخبة افراداً افذاذا بما هم افراد افذاذ.. ولا طبقة مثقفين بما هم طبقة مثقفين، انها جسم حي، ذو معرفة في مستوی المصائر الكبيرة، واع ذاته ودوره في العالم".

ومعتمدا علی قولة شهيرة للفيلسوف اليوناني فيثاغوراس يقول فيها: "سأخاطب الحكيم فابعدوا الجهال"، يری سعيد عقل ان العامة والدهماء "خطر علی القيم الكبيرة". غير ان خطر العامة هذا يمكن ان ينحسر بل قد يزول تماما في حال وجود خاصة، او نخبة. ثم يطرح سعيد عقل السؤال التالي: "لكن أين نحن في الشرق من تكون النخبة؟ تلك النخبة التي تكّون بحسب رأيه "كجسم حي، ما هي كالآلة تستقبل الوجود وانما كالانسان تقصد الوجود، وكذات معرفة وخلق في مستوی المصائر الكبيرة، لا تجهل شيئا بلغه العقل في اية بقعة من بقاع الارض، ولا تفتقر الی شيمة تحلي بها في أية رقعة من رقاع التمدن، من تلك الشيم التي تدرع الناس حيال الشر واغراءات الشر، وكواعية ذاتها ودورها في العالم، لا تتصرف تلقائيا او اندفاعا في تيار وانما علی فعل ارادة وعن ادراك بانها هي المسؤولة في النهاية عن مستقبل الانسان في الارض وربما في ما وراء الارض".

ويری سعيد عقل ان النخبة ليست حزبا بالمعنی السياسي والايديولوجي للكلمة. ذلك ان النخبة بحسب رأيه لا تطلب الحكم، ولا تريده، كما انها "فوق شهوة السلطة" واذا ما كان الحكم "اسلوب لتعهد الامة، او العالم في صعوده جهة مصير عظيم" فان النخبة هي "هذا المصير العظيم".

ويؤكد سعيد عقل علی ضرورة اعتماد الاحزاب السياسية علی النخبة، والا فان احوال الامة تؤول الی الخسارة والفساد، وهذا ما اثبتته نكبة فلسطين علی سبيل المثال لا الحصر. فالصهيونية يكتب صاحب "رندلي" تشكل كل يوم "تحدياً" لوجود العرب، غير ان العرب يفتقرون الی نخبة "تعمل بمستوی المصائر الكبری" ، وهنا يكمن السبب في الهزائم المتلاحقة التي منيوا بها في مجمل حروبهم ضد اسرائيل، وكل مجتمع يظل متخلفا ومهزوما اذا لم يكن قادرا ان يولد "نخبة نافذة الكلمة، تغضب للعمل الاثيم وتمنع حصوله"، ويكتب سعيد عقل في محاضرته قائلا: "لا، ليس من الضروري ان تتسلم النخبة باشخاصها الحكم، ولكن من المفروض ان يتشرف الحكم بالجلوس الی مائدة النخبة، فعلی تلك المائدة وحدها، ينقذ الحكم نفسه من نفسه وينقي جوه من صغارة الزبائن، يرتفع الی المناخات العلی، يمد ذاته بنيل العلم وبالفكر الكبير، يعود غير متخوف من الاقدام علی الجلل وعلی تخطيه التاريخ. والاقدام علی الجلل وحده يخرس التذمر، لانه يجتث اسباب التذمر وتخطيط التاريخ يهوس ويغمر بالفرح، لانه يرفع الأعين اللصيقة بالتراب الی ملاعب الشمس".

ولكن كيف تنشأ النخبة وكيف تتكون؟
علی هذا السؤال يجيب سعيد عقل قائلا بان النخبة ككل جسم حي، لا تتبع سنن النشوء. ففي البداية هي "خلايا قليلة في فراغ المجتمع" و "ارخبيلات في خضم". ثم تنمو الخلايا وتتكاثر لتنتظم في النهاية في "الخلية الكبری" التي هي النخبة، والعنصر الاساسي الذي يقوي النخبة ويدعمها معنويا بالخصوص هو الصداقة بين افرادها بحيث يزول بينهم كل ما يمكن ان يعطل عملهم، او يفرق بينهم او يشيع في صفوفهم الفتنة والبغضاء، فيتخاصمون ويتنازعون ويتقاتلون منصرفين بذلك عن المشروع العظيم الذي كانوا يخططون لانجازه، الا وهو النهوض بامتهم المغلوبة علی أمرها.

ويشير سعيد عقل الی ان النخبة لا تحتاج الی "الحدب" من جانب مؤسسات الدولة اذ ان ذلك يقودها الی الانطواء علی نفسها "فلا تلبث ان تيبس حتی لتغدو متحف مومياءات" لكن ويل لحكم "ينفرها" اذ لا يلبث هذا الحكم ان يفقد شرعيته بعد ان يتنكر له الشعب ويدير له ظهره فيصبح مثل "حمارنا عورة هزل حتی لم يعد يطلع الا ما ينقع عطشه". وهذا هو حال انظمة الحكم في العالم العربي.

ويضيف سعيد عقل في محاضرته قائلا بان شعور النخبة بانها النخبة هو وحده الذي يحميها من التمزقات الداخلية. ومن المخاطر الخارجية المتمثلة في السعي الی التقرب من نظام الحكم، واعلان الولاء له حتی ولو كان ظالما ومنكلا بأبناء شعبه.. وعندما لا يتطلع المجتمع الی نخبة "تتنفس تنفسا بالشؤون العليا" والقيم النبيلة والسامية فان هذا المجتمع سرعان ما يتحول الی "شبح" او "دولة بوليسية تحكم بالسوط" و "رقعة ارض من فقر وبداوة في لباس متمدنين معرضة بين يوم واخر للوقوع في ايدي شرذمة من الطماع او تجار النفوذ او ما هو اوجع مستعمرو الغرب".
ويری سعيد عقل ان النخبة لا تكون نخبة بالمعنی الحقيقي والعميق للكلمة الا اذا سعت الی تقليص "شقة الهوة بين الخاصة "العامة" . فاذا ما هي عجزت عن تحقيق ذلك فان النتيجة تكون مرعبة: فعندئذ يستمر الحكم في التدهور اذ ان الحكم بطبيعته متأثر بالعامة ان لم نقل منبثق عنها ويستمر هذا التدهور الی ان يفضي الی "حكم فردي".

وبالنسبة لسعيد عقل هناك مقومات اربع للعالم العربي المعاصر تمتزج ببعضها البعض: ماض مجيد، ورقعة ارض معظمها حمراء وطول عهد بالتغيب عن التمدن والتمدين وانصعاق بغرب بلغ من القوة، معنی ومادة، حدا يجعل الفارق كبيرا بينه وبين سواه. وبحسب سعيد عقل لم يستند تخلص العرب من الاستعمار الی "وعي ضرورة الحرية" وانما الی "الزينوفوبي" او العداء الی االاجنبي، وكان اغلب ابطال الاستقلالات الوطنية "كارهي غرب لا طالبي حق" فلما كالوان الكره "يصلح ان يكون مذهبا سياسيا". وكانت النتيجة في النهاية ــ ودائما بحسب سعيد عقل ــ ان ابقی محترفو السياسة علی شبح الاستعمار بعد ذهاب الاستعمار وسيلة سهلة تضمن بقاءهم هم" وبذلك استمر العالم العربي يجتر وضعا كان قد انقضی"، وبدل ان ينتقل العرب الی "مناخ البناء" بقوا في روحية الخوف.

ويعتقد سعيد عقل ان هناك فئة اخری تعيق العالم العربي عن التحرر من جموده ويتمثل ذلك في "قلة الطموح" عنده وقلة الطموح هذه تمهد الطريق امام الخاملين للوصول الی سدة الحكم.

ذكرنا في البداية ان سعيد عقل القی محاضرته القيمة هذه عام 1954 وفي ذلك الوقت كانت قد مضت ستة اعوام علی نكبة فلسطين، وكانت مصر تعيش السنتين الاولتين من ثورة "الضباط الاحرار بقيادة جمال عبد الناصر والتي اطاحت بالنظام الملكي فيها، وكانت بلدان المغرب العربي الثلاثة قد اشعلت نار الثورة المسلحة ضد الاستعمار الفرنسي، ومعنی هذا ان الوضع العام في العالم العربي كان يتسم بالغليان وباحداث سياسية واجتماعية وثقافية غاية في التعقيد والخطورة، مع ذلك كان هناك امل في ان تفضي تلك الاحداث الی الحرية والعدالة الاجتماعية والخلاص من الاستعمار وغير ذلك من الطموحات التي كانت تتطلع اليها الشعوب العربية في المشرق والمغرب. وكان هناك طموح لبناء مستقبل افضل، ورغم ضعفها وتشتتها فان النخب في كافة البلدان العربية كانت مسكونة بهذا الطموح. وربما لهذا السبب اختار الشاعر الكبير سعيد عقل ان يطرح موضوع النخبة وان يفصل فيه بالتحليل والتمحيص تمهيدا لميلاد نخبة او نخب عربية تقي العالم العربي العثرات والانزلاقات التي تهدده وتساعده علی النهوض والتقدم والخلاص من سواد قرون التخلف والتدهور الطويلة، غير ان كل الامال وكل الطموحات التي طبعت تلك المرحلة من التاريخ العربي سرعان ما تلاشت وتقوضت بسبب المآسي والفواجع التي توالت علی العالم العربي.

فالانظمة العربية التي استلمت السلطة انطلاقا من الخمسينات والستينات جمهورية كانت ام ملكية عطلت عمل النخب وحاربتها وطاردتها وصادرت افكارها ومشاريعها بل واجبرتها علی ان تصبح مطيعة وموالية لها لتتفتت في النهاية وينعدم وجودها وفي غياب هذه النخب تغولت الانظمة العربية، واصبحت تفعل ببلدانها وشعوبها ما تشتهي وما تريد من دون رادع او خوف، وممعنة في الاستبداد والتسلط راحت هذه الانظمة تعبث بالدساتير والقوانين لخدمة اغراضها ومصالحها سامحة لنفسها باختراق تلك القوانين بما يسوغ لها البقاء في السلطة، والقضاء علی كل من يهدد وجودها، ويحاول التصدي لها لاجبارها علی التراجع عن سياساتها الظالمة.

وفي غياب النخب وتهميشها واقصائها فقدت المجتمعات العربية حيويتها وروحها وباثت جامدة هامدة، تتقبل المظالم التي تسلط عليها يوميا من قبل الانظمة الحاكمة في صمت وخنوع واستكانة، لذلك سهل علی الحركات الاصولية التي بدأت تنمو منذ السبعينات من القرن الماضي، السيطرة علی هذه المجتمعات والتغلغل فيها لتبث فيها ثقافة الموت وثقافة عذاب القبر وتغرقها في الغيبيات لتنسی وجودها وتستسلم للقضاء والقدر.

ولكن هل ستستعيد النخب دورها من جديد في ظل المتغيرات والتحولات الكبيرة والخطيرة التي يعيشها العالم العربي راهنا؟ هذا هو السؤال المطروح الان في العديد من البرلمانات العربية خصوصا في تونس ومصر، ففي هذين البلدين اندلعت الثورتان اللتان اطاحتا بالنظامين السياسيين فيهما في غياب او شبه غياب للنخب، وكانت الاجيال الجديدة التي تربت علی وسائل الاتصال الحديثة وباتت تتقن استعمالها وتوظيفها هي التي اشعلت الثورتين المذكورتين مستغلة الاوضاع الاقتصادية المتردية التي تعيشها الطبقات الشعبية والعمال والفلاحين واصحاب الشهائد العليا العاطلين عن العمل، وقد فأجات الثورتان نخبا كانت قد بدأت تعتقد ان الشعب من كثرة المظالم التي سلطت عليها، لم يعد قادرا علی التمرد والثورة. لذلك انسحبت او صمتت او لعلها باتت موالية لنظام الحكم القائم.

غير ان هذه النخب مطالبة الان بقراءة الواقع بما ينسجم ويتطابق مع المتغيرات والتطورات الجديدة حتی تتمكن من استعادة دورها المعرفي والنقدي، وتتصدی لاحزاب وتنظيمات سياسية وايديولوجية قد تسعی الی الالتفاف علی الثورات العربية الراهنة او الی اجهاضها وتحويل وجهتها بما يخدم اغراضها واهدافها. فيغرق العالم العربي من جديد في ظلمات الاستبداد السياسي الذي عانی منه دهورا مديدة.
.............
منقول


_________________
مفهوم النخبة الحزبية عند الشاعر اللبناني سعيد عقل 2-1410
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.fairouzehfriends.com/contact.forum
 
مفهوم النخبة الحزبية عند الشاعر اللبناني سعيد عقل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الشاعر سعيد عقل
» تاريخ الزَجَلْ اللبناني
» عن مفهوم الصداقة
» العثور على بكتيريا قد تغير مفهوم الحياة
» إنجيل متى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: 000{ القسم العام }000 :: أصدقاء الحوارات والكتابات الحرة-
انتقل الى: