تاريخ الزَجَلْ اللبناني
الزجل هو فن من فنون الأدب الشعبي و شكل تقليدي من أشكال الشعر العربي باللغة المحكية.
و تعني كلمة زجل بالعربية "الصوت" و هو ارتجالي، وعادة يكون في شكل مناظرة بين عدد من الزجالين (شعراء ارتجال الزجل)
مصحوبا بإيقاع لحني بمساعدة بعض الآلات الموسيقية. ينتشر الزجل بشكل كبير في لبنان وغرب سورية.
وشعر الزجل من روائع الكلام يدخل إلى القلب بيسر ويتقبله السامع لحلاوة كلماته وشفافيته. ويصف جبران خليل جبران
الزجل بأنه مثل باقة من الرياحين قرب رابية من الحطب.
يتحلى الزجّال ( شاعر الزجل ) بسرعة بديهته ، وقوته في الارتجال ، والتعبير عن كل ما يعترض حياته من خلال شعره المعبّر.
ويتغنى للأمجاد وللوطن والطبيعة والجمال بكلمات تحمل الدفء والسحر الذي لا يوجد في غيره ،
والزجل هو مسرح الحياة اليومية التي نعيشها بجميع قواعدها ، ويتناقله الناس من خلال جلساته وسهراته،
فنرى الزجّال يستمع له المئات بل الألوف من الناس وتهتز لكلماته الأجسام وتطرب القلوب والآذان.
تاريخ الزجل :
نشأ الزجل في بلاد الأندلس على الأرجح ، وهو الرأي المعتمد لدى معظم المؤرخين ، وعلى رأسهم ابن خلدون ،
إذ يقول في مقدمته: "نشأ الزجل على يد ابن قزمان الذي عاش في أواخر القرن الخامس والسادس للهجرة ،
ويذكر معه اسم الأعمى التطيلي" ، ولعل من أوائل الذين نظموا الأزجال هو: سعيد ابن عبد ربه المتوفى سنة 341 للهجرة ،
وهو ابن عم صاحب العقد الفريد ، ومن بعده أبو يوسف هارون الرمادي شاعر المنصور الذي كان يسمى أبا جنيس ،
ومن أبرز الزجالين أبو بكر محمد بن عبد الملك ابن قزمان.
وانطلاقا مما تقدم يمكننا القول: إن تاريخ الزجل يعود إلى العصر الأندلسي الذي أبدع شعرائه إبداعا رائعا في الزجل ،
إلا أن معظم هذه الأزجال قد ضاعت لعدم تدوينها ، ويرى القسيس عيسى الهزاز والبطريرك يوسف العاقوري وسواهم
أن الزجل انتقل مع انتقال الموارنة من اللغة السريانية إلى اللغة العربية. ولهذا تلتقي أوزان شعره مع بعض أوزان الشعر الفصيح ،
فوزن البسيط يستخدم في الشروقي والموّال ، ويستخدم الوافر في القصيد والعتابا ، ويستخدم بحر الرجز للمعنى.
انواع الزجل :
وللزجل أنواع كثيرة ، فهو كوردة تفرعت منها أغصانها في كل غصن طعم ولون ورائحة زكية وهذا حال الزجل فمنه:
المعنى والموشح والقرّادي .
ويعتبر الشعر الزجلي، الشعر الأكثر شعبية في لبنان، أو على الأقل هذه مكانته المفترضة، وهكذا كانت حاله منذ الثلاثينات
مع الشعراء المؤسسين مثل: شحرور الوادي ، ورشيد نخلة ، ومع الجيل الثاني والثالث مثل: أنيس فغالي ،
وزعلول الدامور ( جوزيف الهاشم ) ، وزين شعيب ( أبو علي ) ، ومحمد مصطفى ، وجان رعد ، وموسى زغيب ، وأسعد سعيد وغيرهم..
أشهر الجوقات الزجلية في لبنان :
كان الشعر المنبري في عصر النهضة في ازدهاره ووهجه ، وبما أنه رمز من رموز التراث العامي وبما أنه عمل ثقافي
وشعري كان الشعراء يسعون إلى تأسيس جوقات زجلية وترؤس هذه الجوقات دلالة على مكانتهم الشعرية في المجتمع،
حققت شهرة كبيرة جدا ومنها ما هو مستمر حتى يومنا هذا.
1. كانت جوقة شحرور الوادي (الشاعر أسعد الخوري الفغالي) أولى الجوقات ، حيث راودت الشحرور فكرة إنشاء جوقة مدة 3 سنوات
قبل أن نفذها في عام 1928، وواجه عقدتين اسم الفرقة وأشخاصها. وتمكن من تكوين جوقة شحرور الوادي وضمت
في بدايتها الشحرور – أمين أيوب ، يوسف عبد الله الكحالة ، إلياس القهوجي، ثم انضم إليها بعد ذلك علي الحاج ، طانيوس عبده ، وأنيس روحانا.
بعد وفاته انضم إلى الجوقة حسب وصية الشحرور الشاعر أميل رزق الله ، وبقيت الجوقة محافظة على أعضائها إلى تاريخ
وفاة الشاعر علي الحاج عام 1971، وكانت نواة الزجل وتأسيس الجوقات.
2. جوقة بلبل الأرز:
تألفت سنة 1928 وأسسها وليم صعب ، وكان حينها في السادسة عشر من عمره ، وملقبا ببلبل الأرز .
بقيت حتى عام 1937 بعد وفاة وليم توقفت عن نشاطها الزجلي وتحولت إلى النشاط التمثيلي.
3. جوقة كروان الوادي:
تألفت عام 1931 ، وكان يرأسها الشاعر كميل خليفة الملقب بكروان الوادي ، عباس الحوميني ، جورج سعادة حرب ،
وإلياس نجيب الخوري ، وتبدلت أسماء أعضائها طيلة نشاطه ا، وظهرت على شاشة التلفزيون اللبناني بحفلات أسبوعية ،
وكانت في منافسة شديدة مع جوقة الشحرور ، وفي منتصف الخمسينيات اتجه الكروان لتأسيس مجلة " كروان الوادي "
وأخذت منه كل الوقت ، وأبعدت الجوقة عن الحفلات إلى أن توقفت الجوقة عن إحياء الحفلات الزجلية نهائيا في بداية الستينيات.
4. فرقة زغلول كفرشيما:
تألفت في عام 1932 وكانت برئاسة ميشال القهوجي الملقب بزغلول كفرشيما ، واعتلت المنابر الزجلية ،
وفي عام 1938 استبدل اسمها ليصبح فرقة الزغلول ، وبقيت حتى عام 1965 حيث اعتزل المنبر وتوجه إلى مجلته الأدب الشعبي.
1944 كانت أول فرقة تدشن إذاعة لبنان بحفلة عن الاستقلال دامت نصف ساعة ، وأوقفت الدولة نشاط الفرقة لمدة سنة كاملة
عام 1934 ، وتكرر الأمر في عام 1938، وفي عام 1942 سُمح للفرقة بالنشاط ، ومنع ميشال القهوجي من العمل المنبري لمدة سنة،
وازدهر الزجل ما بين 1949 و1969، وفرقة زغلول كفرشيما كانت منافسة لجوقتي شحرور الوادي والكروان.
5. جوقة نسر المزرعة:
تأسست سنة 1934 ألف الشعراء أمين أيوب وإلياس القهوجي وسليم الفران ومتري الدَرَزي، جوقة زجلية
دون أن يكون لها اسم وأحيوا العديد من الحفلات ، وبعد فترة قصيرة أطلقوا عليها اسم نسر المزرعة نسبة إلى لقب الشاعر متري الدَرَزي.
6. الرابطة العاملية: تقريبا في عام 1943 تألف الرابطة العاملية الزجلية برئاسة الشاعر علي الحاج البعلبكي
وعضوية السيد محمد المصطفى ، عبدالجليل وهبه، أسعد سعيد وعبدالمنعم فقيه.
7. جوقة أهل الإذاعة: تأسست في مطلع أيار 1955 وقدمت حفلتها الأولى من الإذاعة اللبنانية بمناسبة عيد الشهداء
وكانت تضم طانيوس الحملاوي، أسعد السبعلي، عبدالجليل وهبة وأسعد سابا. توقفت بعد سنتين لأسباب مجهولة.
8. جوقة الأرز:
أسسها الشاعر حنا موسى سنة 1944 وكانت تتألف من الشعراء شحادة الفغالي وأنيس الفغالي ثم تركها أنيس ليلتحق بالتدريس،
والتحق بها إلى جانب حنا موسى الشاعرين خليل روكز وزين شعيب ودامت ثلاث سنوات، تعاقبت الأسماء
وتبدلت خلال عمر الجوقة وانتهت الجوقة في عام 1997 حيث أودى حادث سير أليم برئيسها حنا موسى
وهو في طريقه لإحياء حفلة زجلية في شويت – المتن الأعلى.
9. جوقة زغلول الدامور:
أسسها الشاعر جوزيف الهاشم الملقب بزغلول الدامور سنة 1944 وكانت مؤلفة في بدايتها من الشعراء إضافة إلى الزغلول
الشعراء جوزيف الخويري، طانيوس الحاج وواكيم سعادة. وهي لا تزال حتى يومنا هذا، وتتبدل أسماء الشعراء فيها من وقت لوقت ،
فيخرج شاعر ليدخلها آخر ومر بها كثير من الشعراء المشهورين وهنا بعضا منهم لا حصرا: خليل روكز، زين شعيب،
جان رعد، أسعد سعيد، جوزيف الخويري، فرحان العريضي، طانيوس الحاج، موسى زغيب، كميل زيادة، إنطوان باسيل،
كميل شلهوب، طليع حمدان، ادوار حرب، إلياس خليل، أديب محاسب، فايز المغربي، سمير عبدالنور، وغيرهم .
كانت ولم تزل لها مشاركات بارزة في المباريات المنبرية، إذ خاضت مباراة المشرف أيلول 1970 التي سجلت أكبر حضور حاشد
لمستمعي الزجل ومن ثم مباراة القلعة – بيت مري تموز1971، وبعدها مهرجانات المدينة الرياضة حزيران 1972،
والكثير الكثير كما شاركت في مهرجانين من مهرجانات جرش ولم تتوقف عن إحياء الحفلات صيفا أو شتاء وفي بلاد الاغتراب،
ولم تزل حتى اليوم.
10. جوقة الجبل – فرحان العريضي:
تأسست عام 1953 برئاسة فرحان العريضي وعضوية الشعراء انطوان عيد،
حنينة ضاهر، مزيد حمزة وشارك في بعض حفلاتها رفعت مبارك، لم تحيي الكثير من الحفلات لكنها كانت ذات حضور إعلامي
من أهم شعراء الزجل في لبنان نذكر:
زين شعيب
شاعر لبناني من أشهر شعراء الزجل من أبياته:
• الشاعر بيحس باوضاع مابيحسا المش شاعر
• وتا يرتاح من الاوجاع بيكتب شو هوي شاعر
زين شعيب - أبو علي:-ولد في بلدة الشرقية عام 1924, نشأ والشعر على ألفة فتناغيا وترعرعا معاَ, في السابعة من عمره
فتح للشعر صدره واحتضنه يافعا, فكان الشعر وفيّا لذلك الاحتضان, فملّكه زمام أمره وانقادت له قوافيه فملك أمرها
وقوّم اعوجاجها, تحداه الكثيرون فامتاز عليهم وأصبح شاعر الارتجال بلا منازع.
جوزيف الهاشم زغلول الدامور:
الملقب باسم (زغلول الدامور) شاعر لبناني من أشهر شعراء الزجل ولد جوزيف الهاشم زغلول الدامورفي بلدة البوشرية
قضاء المتن سنة 1925 والده مخايل الهاشم من الدامور ووالدته سيسيليا جرجورة العيراني من عاريا. تلقى علومه
في مدرسة جديدة المتن الكبرى التي كان يديرها الخوري الشاعر يوسف عون وكان من التلاميذ المجلين
وفي سن التاسعة تفتحت لديه موهبة الشعر فكان يفترش الأرض بين الصنوبر حاملا قلما وورقة يدون عليها ما يتفتق له
من ابيات يرددها حتى أصبح معلموه و رفاقه يقولون فيه :"هيدا الصبي ابن الداموري مزغلل وعم يكتب شعر "
ومن يومها عرف بلقب زغلول الدامور.
موسى زغيب :
شاعر لبناني من أشهر شعراء الزجل موسى زغَيب الملقَّب بـ"المَلِك"، وُلِدَ في حراجل عام 1937. واعتلى المسرح حين كان
في السابعة عشرة من عمره، وظلَّ رفيقَ الشاعر خليل روكز حتّى وفاة هذا الأخير عام 1962.
وبعده رئس جَوقة "خليل رُوكز"، ثمّ غيّرَ الاسم إلى "جَوقة القلعة" التي لا يزال رئيسَها. ويُعتبَر موسى زغَيب القُطب الأكبر
في مُباريات التحدّي بين الفِرَق الزجَليّة في لبنان؛ وهو يختار خصومَه برويّة، ولا يقبل النـِّزال مع أيٍّ كان.
وتقديرًا لجهوده وشعره المميَّز منحَته الحكومةُ اللبنانيّة وِسامَ الاستحقاق اللبنانيّ عام 1973، "لِنَشرِه رسالةَ التُّراث اللبنانيّ في لبنان
وجميع بلدان الاغتراب." ويتميّزُ شعرُ زغَيب بالعمق والصعوبة؛ فهو إنّما "ينحتُ من صخر"،
مُقارَنًا مع الزغلول الذي وكأنّه "يغرف من بحر" لسلاسة تدفُّقه وسهولة انسياب أبياته وأُسلوبه السهل المُمتنِع.
وموسى زغَيب خصمٌ عنيد وجبّارٌ صنديد يُحسَبُ له ألفُ حساب على المنبر.
خليل روكز :
خليل روكز شاعر مبدع ومفكّر فيلسوف.أغنى الزجل اللبناني كتابة وارتجالاً وسما بالمنبر الزجلي إلى ذروة الكمال.
وكان له فضل تطوير المناظرات الشعرية بنقلها من صعيد العنتريات إلى صعيد الحوار الفكري البنّاء فتناول مختلف المواضيع
وتصدى لأغلب المشكلات التي عاناها الإنسان في زمانه كما في كل زمان.ولا شك أن الخليل استطاع بموهبته الفذّة وسعة اطّلاعه
أن يعالج كثيراً من المسائل الاجتماعية المهمة عارضا لها.
السيد محمد المصطفى :
ولد السيد محمد المصطفى عام 1922 في بلدة حومين التحتا (قضاء النبطية) وعاش حياته فيها، ودرس في مدرستها.
تتلمذ على يد الشاعر الراحل الشيخ عارف الحر، وتأثر بالقرآن وبكتاب "نهج البلاغة" للإمام علي وبالشعراء القدامى.
بدأ الزجل في الرابعة عشرة وبين 1940 و1994 أحيا ما يزيد على مئتي حفلة مباراة مع معظم شعراء لبنان.
ألف جوقة "الرابطة العاملية" مع الشعراء: أسعد سعيد وعبد الجليل وهبي وعلي الحاج البعلبكي وعبد المنعم فقيه،
واشترك في "جوقة خليل روكز" مع الشعراء روكز وأديب محاسب وطانيوس حملاوي.
رأس جوقة "خلود الفن" مع الشعراء خليل شحرور وخليل عياش وجورج أبو انطون.
أقام حفلات زجلية في عدد من بلاد الاغتراب.
جمعت أشعاره في "ديوان السيد محمد المصطفى"، عالم الفكر، 1997.
طليع حمدان :
ولد طليع حمدان بتاريخ 19 كانون الثاني من عام 1944 في قرية عين عنوب الواقعه في الشوف اللبناني
متزوج للسيده سلوى حمدان ولهما اربعة اولاد هم شادي, خزام, سحر وزينه يعتبر من اكبر عمالقة الزجل اللبناني,
وربما اكبرهم. حيث يملك كافة اركان الشاعر المنبري وهي, الصوت, الأداء والشعر بدأ مشواره الفني عام 1963,
وكانت اول حفلاته مع الشاعر الكبير "ابو علي" زين شعيب عام 1964 كان في جوقة زغلول الدامور حوالي عشر...
وهناك الكثير من الشعراء من كتبوا الزجل وأيضا هناك الكثير من الجيل الجديد
شكل جوقات وأقام حفلات زجلية منبرية