هكذا هي الحياة ..نور وظلام ، ليل ونهار، شروق وغروب ، أسود وأبيض، خير وشر، فرح وحزن ...وو....كلها متضادات ومتعاكسات في نفس الوقت ..و مع ذلك تتبدل مشاعرنا مع كل هذه المتعاكسات وتتبدل معها نفوسنا وتصرفاتنا أتجاه الآخرين ..فما أصعب أن تجري هذه المتعاكسات حوارات مع بعضها البعض ..فلو نظرنا إلى دمعتين على الخد إحداهما دمعة الفرح والأخرى دمعة الحزن فكيف سيكون الحوار بينهما وهما ....
دمعة الحزن: سمعت عنك الكثير يا دمعة الفرح ولم تسنح لي الفرصة بشرف لقائك من قبل ، وإن كنت تماثليني بخواصك السائلة الرشيقة فاعلمي أن ما بداخلي من العواطف الغارقة ما يخفى عن أعماقك أيتها القطرة الصغيرة الصافية.
دمعة الفرح: والله ما أكون يا دمعة الحزن سوى عصارة لقاء أحاسيس رقيقة تمازجت بنسائم الروح المضطربة وارتقت بها إلى حدود الخفة والسمو حتى انفرجت أسارير الجسد ، فكنت اللؤلؤة البراقة على الخدود النضرة والمنارة الدالة على إشراقة السعادة ، أتدحرج بلا تمهل حتى أغرق في ثنايا نفس مطمئنة لأستمد منها النور وأمدها بالفرح من جديد.
دمعة الحزن: إنني رمز الحقيقة أيتها الدمعة المتفائلة ، وإن مشاعر القلق والخوف والألم التي أوجدتني أودعت في داخلي أسرارا عصية على العقول ، حتى استغاث البحر من غموضها و اعتذرت أعماقه عن ضمها إلى أسراره ، فأنا القطرة العجيبة التي تحتضن من ألوان الأحاسيس ما يعجز عنه الإحصاء والعدد ، أسيل ببطء وشرود على خد إنسانٍ ممزق ، لتغوص في ذاكرتي صور الحزن القاتمة التي أرتشفها من معالم بشرته اليائسة حتى ألامس تراب الأرض فيستجير بلهيبي الحارق..
دمعة الفرح: أتيت إليك من ذكريات الماضي الجميلة يا دمعة الحزن ، أخبئ بين جوانحي نورا يتلألأ في عالمي الصغير ، لكنه ينتثر كأشعة شمس الربيع الدافئة ليبدد ظلماتك الحالكة الموحشة ، فننير معا درب الحاضر والمستقبل..
اقتربت دمعة الفرح من صديقتها الحزينة واستأذنتها بالمرافقة إلى المجهول ، فانصهرت الدمعتان بعناق حميم ، لتتغلب قبسات نور ذكريات الماضي المشرقة على ظلمات الحاضر،فأضحى الطريق إلى المستقبل ممهد بزهور ذات ألوان شتى تتفتّح عند كل ميلاد لهذا اللقاء ، وأشواك جارحة دامية عند كل لحظة من لحظات الفراق التي تسقى بدموع الحزن والألم.
ياله من حوار رائع بديع بين دمعتين غاليتين على الحزين والسعيد فلولاهما ما استقامت الحياه ولا استطاع الانسان مواصلة رحلته الشاقة فيها ولكل منهما دور هام جدا ولا يمكن التنازل عن احداهما.
.................