طَـــــرَفَة بنِ العَبْدْ
(538 ـ 564) م ؟
المهندس جورج فارس رباحية
هو أبو عمرو بن العبد بن سفيان بن حرملة بن سعد بن مالك بن ضُبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عُكابــــة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، لُقِّبَ بطرفة (1) ولقبه الثاني الغلام القتيل (2) وُلِدَ في قريــة المالكية في البحـرين حوالي سنة 538 م (3) مـن أبوين شريفين وهو ابن أخت جرير بن عبد المسيح المعـروف بالمُتَلَمِّس . نشـأ طرفة على نصــــرانيّته وفي بيئة كلها شــــعر فأبوه و المرقش الأكبر عم والده والمرقش الأصغر عمّه والمتلمس الضبيعي خاله كلهم شعراء وأختـه الخرنق شاعرة (توفيت 570 م ) أيضاً رثته حين وفاته . بالنسبة لعمره لم يختلف عليـــه الرواة كثيراً ، فقد اجمع الكثيرون على أن طرفة لم يَعِش أكثر من ربع قرن إلاّ بقليل ، فقيل عــاش 26 عاماً وقيل أقلّ من ذلك بقليل وقيل أكثر من ذلك بقليل أيضاً ، وعلى كل حال بين أيدينا بيتان من الشعر لأخت طرفة قد رثته بهما :
عَددْنا له سِتّاً وعشرين حِجَّةٌ ***** فلمّا تَوافاها استوى سيّداً ضخما
فُجِعْنا به لما رَجَــــوْنا إيابه ***** على خير حالٍ لا وليداً ولا قحما
تَيَتَّمَ طرفة باكِراً بأبيه وترَبّى بين أعمامه ولا قى منهم العنت ، وجَفَوْهُ وأمّه وردة أخت المتلمس وحرموه كثيراً من حقّه ممّا أجّج الشعر في نفسه ، وانطلق لســــانه بتهديد ووعيد لهم ، وممّا قاله فيهم :
ما تنظـــــرون بحقّ وردة فيكم ***** صغر البنون ورهط وردة غيّبُ
قد يبعث الأمـر العظيم صغيره ***** حتى تظــــــل له الدماء تصبّبُ
أدّوا الحقوق تفِرْ لكم أعراضكم ***** إنّ الكريم إذا يُحَـــرَّبُ يَغْضَبُ إن هذا الغضب العارم لم يؤد إلى ثورة بل أفضى إلى تناسيه والانغماس في حياة اللهو والمجون فَبَدَّد كلّ مالِه ن ممّا دعا بقوْمه إلى نبذه وزجره ن مما جعله يحـــقد عليهم ، وقد ســــاءت حالته الماديّة ممّا دفعه ـــ وهو السيّد في قومه ـــ إلى رعي إبِل أخيه ( معبد ) من أبيـــه . لم يدم هــذا الأمر طويلاً وبعض المصادر ذكرت أنه شارك في حرب البسوس (494 ـ 534) م التي جرت بين تغلب وبكر. وكان طرفة معاصراً لملك الحيرة عمرو بن هند وصديقاً لأخيه عمرو بن مامة فبدأ الترحال حتى بلغ أطراف جزيرة العرب ثم عاد إلى قومه بعد ذلك استقرّت به الأحوال في بلاط ملك الحيرة عمـــرو بن هند فنادمه مع خاله المتلَمّس ، وعايشاهولكن هذه العلاقة لم تستمرّ فسرعان ما هجا طرفة عمراً وممّا قاله طرفة :
فليت لنا مكان الملك عمرو ***** رغوثاً حول قبتنا تخورُ
لعمــرك أن قابوس بن هندٍ ***** ليَخلطُ ملكَــه نوكٌ كثيرُ
وعلم عمرو بن هند بالقصيدة فتوعّده بالقتل وإنّ قصـــة مقتله مشهورة تناقلتــــها الكتب كالعقد الفريد والأغاني ونسوق هذه الرواية كما وردت في كتاب الأغاني :
(( قال : حدّثني المتلمس ، قال : قدمت أنا وطرفة بن العبد ، وكان غُلاماً مُعجباً تائهاً يتخلّج في مشيته بين يديه ، فنظر إليه نظرة كادت تقتلــــعه من الأرض . وكان عمرو بن هند لا يبتســم ولا يضحك ، وكانت العرب تهابه هيبة شديدة . فكتب لنا كتـــاباً إلى المكعبَر ( عامله على عُمان والبحرين ). كُتِبَ ولم نَرَه ، وخُتِمَ ولم نَرَه ، لي كتاب وله كتاب . قال المتلمّس : فقلت لطرفة : إنّي لأخاف عليـــك من نظـــرته إليك هذه مع ما قلت . قال : كلا , فخرجنا .. فإذا غلام من أهل الحيرة ، فقلت يا غـلام ، تقرأ ؟ قال : نعم ، قلت اقــرأه ، فإذا فيه : من عمرو بن هند إلى المكعبر ، إذا جاءك كتابي هذا مع المتلمس فاقطع يديه ورجليه وادفنه حياً فألقيت الصحيفة في النهر ، وقلت يا طرفة معك مثلـــها . قال كلاّ ، ما كان ليفعــل ذلك في عقر داري . قال فأتى المكعبر فقطع يديه ورجليه ودفنه حيّاً ))
ومن الثابت على وجه اليقين أن طرفة بطبعه الحاد لم يقبل وصاية ولا رعاية من أقربائه بـعد وفاة والده ، وساقته نفسيته إلى شيء من الغرور فتفرّد بنفسه لا يستمع لأحد ولا ينتصـح لأحـد ، فكانت النتيجة انعزاله التام عن القوم وهذا ما انعكسَ على شخصيّته ، فنراه ينفر من المنــافقين ، ويَسِمُ من حوله بالخداع وبدا هذا في شعره لما كان في سجن ذات مرّة وطلب النجدة من أصحابه فخذلوه فقال :
أسلمني قومي ولم يغضبوا ***** لِسَوْءةٍ حلّتْ بهم فادحهْ
كلّ خليــــــلٍ كنت خـاللْته ***** لا ترك الله له واضـحهْ
كلّهـــــم أروَغ من ثعــلبٍ ***** ما أشبه الليلـةَ بالبارِحهْ
لقد قال عنه لبيد بن ربيعة العامري : انّه من أشعر ثلاثة في عصره وهم ( الملك الضليــل امرؤ القيس ) و ( الغلام القتيل طرفة ) و ( الشيخ أبو عقيل وقصد به نفسه ) . تعتبر معلّقته من أجمل ما حوى ديوانه من شعر وعدد أبياتها يتراوح بين 74 و 105 بيتاً وذلك حسب ما المراجع فيها . ويعتبر نقّاد الشعر القدامى والمعاصرين أن معلّقته من أفضل أشعار الجاهلية قاطبة .
مقتطفـــات من أعمـــــاله :
1 ـ المعلّقة : وهو من أصحاب المعلّقات (4) عندما أنفق ماله ونبذته عشيرته وطاف في بلاد العرب حتى ملّ وعاد إلى قومه ، فحمله أخوه معبد على رعي إبله فكان يُهملها ولم يطل المر حتى أخذت فسأل ابن عمّه مالكاً أن يعينه في طلبها ، فلامه وقال له : فرطت فيها ثم أقبلت تتعب في طلبها فأنشد معلّقته هذه على وزن بحر الطويل بـ 105 أبيات ، فبدأها باسم خولة وهي امرأة قيل أنها من بني كلب :
لخَوْلَةَ أَطْلالٌ بِبُرْقَةِ ثَهْمَـدِ = تَلُوحُ كَبَاقِي الوَشْمِ فِي ظَاهِرِ اليَدِ
وُقُوْفَاً بِهَا صَحْبِي عَلَيَّ مَطِيَّهُـمْ = يقوْلُوْنَ لا تَهْلِكْ أَسَىً وَتَجَلَّدِ
كَأَنَّ حُـدُوجَ المَالِكِيَّةِ غُـدْوَةً = خَلاَيَا سَفِيْنٍ بِالنَّوَاصِـفِ مِنْ دَدِ
عَدَوْلِيَّةٌ أَوْ مِنْ سَفِيْنِ ابْنِ يَامِنٍ = يجُوْرُ بِهَا المَلاَّحُ طَوْرَاً وَيَهْتَدِي
يَشُقُّ حَبَابَ المَاءِ حَيْزُومُهَا بِهَـا = كَمَا قَسَمَ التُّرْبَ المُفَايِلَ بِاليَدِ
وفِي الحَيِّ أَحْوَى يَنْفُضُ المَرْدَ شَادِنٌ = مُظَاهِرُ سِمْطَيْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدِ
خَذُولٌ تُرَاعِي رَبْرَباً بِخَمِيْلَـةٍ = تَنَاوَلُ أَطْرَافَ البَرِيْرِ وتَرْتَدِي
وتَبْسِمُ عَنْ أَلْمَى كَأَنَّ مُنَـوِّراً = تَخَلَّلَ حُرَّ الرَّمْلِ دِعْصٍ لَهُ نَدِ
سَقَتْهُ إيَاةُ الشَّمْسِ إلاّ لِثَاتِـهِ = أُسِفَّ وَلَمْ تَكْدِمْ عَلَيْهِ بِإِثْمِدِ
وَوَجْهٍ كَأَنَّ الشَّمْسَ أَلْقَـتْ رِدَاءَهَا = عَلَيْهِ نَقِيِّ اللَّوْنِ لَمْ يَتَخَدَّدِ
وَإِنِّي لأُمْضِي الهَمَّ عِنْدَ احْتِضَـارِهِ = بِعَوْجَاءَ مِرْقَالٍ تَرُوحُ وتَغْتَدِي
أَمُونٍ كَأَلْوَاحِ الإِرَانِ نَصَأْتُـهَا = عَلَى لاحِبٍ كَأَنَّهُ ظَهْرُ بُرْجُدِ
جَمَالِيَّةٍ وَجْنَاءَ تَرْدِي كَأَنَّـهَا = سَفَنَّجَةٌ تَبْرِي لأزْعَرَ أَرْبَدِ
تُبَارِي عِتَاقَاً نَاجِيَاتٍ وأَتْبَعَـتْ = وَظِيْفَاً وَظِيْفَاً فَوْقَ مَوْرٍ مُعْبَّدِ
تَرَبَّعْتِ القُفَّيْنِ فِي الشَّوْلِ تَرْتَعِـي = حَدَائِقَ مَوْلِيَّ الأَسِرَّةِ أَغْيَدِ
تَرِيْعُ إِلَى صَوْتِ المُهِيْبِ وَتَتَّقِـي = بِذِي خُصَلٍ رَوْعَاتِ أَكْلَفَ مُلْبِدِ
كَأَنَّ جَنَاحَيْ مَضْرَحِيٍّ تَكَنَّفَـا = حِفَافَيْهِ شُكَّا فِي العَسِيْبِ بِمِسْرَدِ
فَطَوْراً بِهِ خَلْفَ الزَّمِيْلِ وَتَـارَةً = عَلَى حَشَفٍ كَالشَّنِّ ذَاوٍ مُجَدَّدِ
لَهَا فَخِذَانِ أُكْمِلَ النَّحْضُ فِيْهِمَـا = كَأَنَّهُمَا بَابَا مُنِيْفٍ مُمَرَّدِ
وطَيُّ مَحَالٍ كَالحَنِيِّ خُلُوفُـهُ = وأَجْرِنَةٌ لُزَّتْ بِدَأْيٍ مُنَضَّدِ
كَأَنَّ كِنَاسَيْ ضَالَـةٍ يَكْنِفَانِهَا = وَأَطْرَ قِسِيٍّ تَحْتَ صُلْبٍ مُؤَيَّدِ
لَهَا مِرْفَقَانِ أَفْتَلانِ كَأَنَّهَـا = تَمُرُّ بِسَلْمَيْ دَالِجٍ مُتَشَدِّدِ
كَقَنْطَرةِ الرُّومِيِّ أَقْسَمَ رَبُّـهَا = لَتُكْتَنِفَنْ حَتَى تُشَادَ بِقَرْمَدِ
صُهَابِيَّةُ العُثْنُونِ مُوْجَدَةُ القَـرَا = بَعِيْدةُ وَخْدِ الرِّجْلِ مَوَّارَةُ اليَدِ
أُمِرَّتْ يَدَاهَا فَتْلَ شَزْرٍ وأُجْنِحَـتْ = لَهَا عَضُدَاهَا فِي سَقِيْفٍ مُسَنَّدِ
جَنُوحٌ دِفَاقٌ عَنْدَلٌ ثُمَّ أُفْرِعَـتْ = لَهَا كَتِفَاهَا فِي مُعَالىً مُصَعَّدِ
كَأَنَّ عُلُوبَ النِّسْعِ فِي دَأَيَاتِهَـا = مَوَارِدُ مِن خَلْقَاءَ فِي ظَهْرِ قَرْدَدِ
تَلاقَى وأَحْيَاناً تَبِيْنُ كَأَنَّهَـا = بَنَائِقُ غُرٌّ فِي قَمِيْصٍ مُقَدَّدِ
وَأَتْلَعُ نَهَّاضٌ إِذَا صَعَّدَتْ بِـهِ = كَسُكَّانِ بُوصِيٍّ بِدَجْلَةَ مُصْعِدِ
وجُمْجُمَةٌ مِثْلُ العَلاةِ كَأَنَّمَا = وَعَى المُلْتَقَى مِنْهَا إِلَى حَرْفِ مِبْرَدِ
وَخَدٌّ كَقِرْطَاسِ الشَّآمِي ومِشْفَـرٌ = كَسِبْتِ اليَمَانِي قَدُّهُ لَمْ يُجَرَّدِ
وعَيْنَـانِ كَالمَاوِيَّتَيْـنِ اسْتَكَنَّتَـا = بِكَهْفَيْ حِجَاجَيْ صَخْرَةٍ قَلْتِ مَوْرِدِ
طَحُورَانِ عُوَّارَ القَـذَى فَتَرَاهُمَا = كَمَكْحُولَتَيْ مَذْعُورَةٍ أُمِّ فَرْقَدِ
وصَادِقَتَا سَمْعِ التَّوَجُّسِ للسُّـرَى = لِهَجْسٍ خَفِيٍّ أَوْ لِصوْتٍ مُنَدَّدِ
مُؤَلَّلَتَانِ تَعْرِفُ العِتْـقَ فِيْهِمَا = كَسَامِعَتَي شَاةٍ بِحَوْمَلَ مُفْـرَدِ
وأَرْوَعُ نَبَّاضٌ أَحَذُّ مُلَمْلَمٌ = كَمِرْدَاةِ صَخْرٍ فِي صَفِيْحٍ مُصَمَّـدِ
وأَعْلَمُ مَخْرُوتٌ مِنَ الأَنْفِ مَارِنٌ = عَتِيْقٌ مَتَى تَرْجُمْ بِهِ الأَرْضَ تَزْدَدِ
وَإِنْ شِئْتُ لَمْ تُرْقِلْ وَإِنْ شِئْتُ أَرْقَلَتْ = مَخَافَةَ مَلْوِيٍّ مِنَ القَدِّ مُحْصَـدِ
وَإِنْ شِئْتُ سَامَى وَاسِطَ الكَوْرِ رَأْسُهَا = وَعَامَتْ بِضَبْعَيْهَا نَجَاءَ الخَفَيْدَدِ
عَلَى مِثْلِهَا أَمْضِي إِذَا قَالَ صَاحِبِي = ألاَ لَيْتَنِي أَفْدِيْكَ مِنْهَا وأَفْتَدِي
وَجَاشَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ خَوْفاً وَخَالَهُ = مُصَابَاً وَلَوْ أمْسَى عَلَى غَيْرِ مَرْصَدِ
إِذَا القَوْمُ قَالُوا مَنْ فَتَىً خِلْتُ أنَّنِي = عُنِيْتُ فَلَمْ أَكْسَلْ وَلَمْ أَتَبَلَّـدِ
أَحَلْتُ عَلَيْهَا بِالقَطِيْعِ فَأَجْذَمَتْ = وَقَدْ خَبَّ آلُ الأمْعَزِ المُتَوَقِّـدِ
فَذَالَتْ كَمَا ذَالَتْ ولِيْدَةُ مَجْلِسٍ = تُرِي رَبَّهَا أَذْيَالَ سَحْلٍ مُمَدَّدِ
وَلَسْتُ بِحَلاَّلِ التِّلاَعِ مَخَافَـةً = وَلكِنْ مَتَى يِسْتَرْفِدِ القَوْمُ أَرْفِدِ
فَإِنْ تَبْغِنِي فِي حَلْقَةِ القَوْمِ تَلْقَنِي = وَإِنْ تَلْتَمِسْنِي فِي الحَوَانِيْتِ تَصْطَدِ
وَإِنْ يَلْتَقِ الحَيُّ الجَمِيْعُ تُلاَقِنِي = إِلَى ذِرْوَةِ البَيْتِ الشَّرِيْفِ المُصَمَّدِ
نَدَامَايَ بِيْضٌ كَالنُّجُومِ وَقَيْنَـةٌ = تَرُوحُ عَلَيْنَا بَيْنَ بُرْدٍ وَمَجْسَدِ
رَحِيْبٌ قِطَابُ الجَيْبِ مِنْهَا رَقِيْقَـةٌ = بِجَسِّ النَّدامَى بَضَّـةُ المُتَجَرَّدِ
إِذَا نَحْنُ قُلْنَا أَسْمِعِيْنَا انْبَرَتْ لَنـا = عَلَى رِسْلِهَا مَطْرُوقَةً لَمْ تَشَدَّدِ
إِذَا رَجَّعَتْ فِي صَوْتِهَا خِلْتَ صَوْتَهَا = تَجَاوُبَ أَظْآرٍ عَلَى رُبَـعٍ رَدِ
وَمَا زَالَ تَشْرَابِي الخُمُورَ وَلَذَّتِي = وبَيْعِي وإِنْفَاقِي طَرِيْفِي ومُتْلَـدِي
إِلَى أنْ تَحَامَتْنِي العَشِيْرَةُ كُلُّهَا = وَأُفْرِدْتُ إِفْرَادَ البَعِيْـرِ المُعَبَّـدِ
رَأَيْتُ بَنِي غَبْرَاءَ لاَ يُنْكِرُونَنِي = وَلاَ أَهْلُ هَذَاكَ الطِّرَافِ المُمَـدَّدِ
أَلاَ أَيُّهَذَا الزَّاجِرِي أَحْضُرَ الوَغَـى = وَأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلِدِي
فَإِنْ كُنْتَ لاَ تَسْطِيْعُ دَفْعَ مَنِيَّتِي = فَدَعْنِي أُبَادِرُهَا بِمَا مَلَكَتْ يَـدِي
وَلَوْلاَ ثَلاثٌ هُنَّ مِنْ عَيْشَةِ الفَتَى = وَجَدِّكَ لَمْ أَحْفِلْ مَتَى قَامَ عُـوَّدِي
فَمِنْهُنَّ سَبْقِي العَاذِلاتِ بِشَرْبَـةٍ = كُمَيْتٍ مَتَى مَا تُعْلَ بِالمَاءِ تُزْبِـدِ
وَكَرِّي إِذَا نَادَى المُضَافُ مُجَنَّبـاً = كَسِيدِ الغَضَا نَبَّهْتَهُ المُتَـورِّدِ
وتَقْصِيرُ يَوْمِ الدَّجْنِ والدَّجْنُ مُعْجِبٌ = بِبَهْكَنَةٍ تَحْتَ الخِبَاءِ المُعَمَّـدِ
كَأَنَّ البُرِيْنَ والدَّمَالِيْجَ عُلِّقَـتْ = عَلَى عُشَرٍ أَوْ خِرْوَعٍ لَمْ يُخَضَّـدِ
كَرِيْمٌ يُرَوِّي نَفْسَـهُ فِي حَيَاتِـهِ = سَتَعْلَمُ إِنْ مُتْنَا غَداً أَيُّنَا الصَّدِي
أَرَى قَبْرَ نَحَّامٍ بَخِيْـلٍ بِمَالِـهِ = كَقَبْرِ غَوِيٍّ فِي البَطَالَةِ مُفْسِدِ
نَرَى جُثْوَتَيْنِ مِن تُرَابٍ عَلَيْهِمَـا = صَفَائِحُ صُمٌّ مِنْ صَفِيْحٍ مُنَضَّـدِ
أَرَى المَوْتَ يَعْتَامُ الكِرَامَ ويَصْطَفِي = عَقِيْلَةَ مَالِ الفَاحِشِ المُتَشَـدِّدِ
أَرَى العَيْشَ كَنْزاً نَاقِصاً كُلَّ لَيْلَةٍ = وَمَا تَنْقُصِ الأيَّامُ وَالدَّهْرُ يَنْفَـدِ
لَعَمْرُكَ إِنَّ المَوتَ مَا أَخْطَأَ الفَتَـى = لَكَالطِّوَلِ المُرْخَى وثِنْيَاهُ بِاليَـدِ
مَتَى مَا يَشَأْ يَوْماً يَقُدْهُ لِحَتْفِـهِ = وَمَنْ يَكُ فِي حَبْلِ المَنِيَّةِ يَنْقَـدِ
فَمَا لِي أَرَانِي وَابْنَ عَمِّيَ مَالِكَـاً = مَتَى أَدْنُ مِنْهُ يَنْأَ عَنِّي ويَبْعُـدِ
يَلُوْمُ وَمَا أَدْرِي عَـلامَ يَلُوْمُنِـي = كَمَا لامَنِي فِي الحَيِّ قُرْطُ بْنُ مَعْبَدِ
وأَيْأَسَنِي مِنْ كُلِّ خَيْـرٍ طَلَبْتُـهُ = كَأَنَّا وَضَعْنَاهُ إِلَى رَمْسِ مُلْحَـدِ
عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ قُلْتُهُ غَيْـرَ أَنَّنِـي = نَشَدْتُ فَلَمْ أُغْفِلْ حَمَوْلَةَ مَعْبَـدِ
وَقَرَّبْتُ بِالقُرْبَى وجَـدِّكَ إِنَّنِـي = مَتَى يَكُ أمْرٌ للنَّكِيْثَةِ أَشْهَـدِ
وإِنْ أُدْعَ للْجُلَّى أَكُنْ مِنْ حُمَاتِهَا = وإِنْ يِأْتِكَ الأَعْدَاءُ بِالجَهْدِ أَجْهَدِ
وَإِنْ يِقْذِفُوا بِالقَذْعِ عِرْضَكَ أَسْقِهِمْ = بِشُرْبِ حِيَاضِ المَوْتِ قَبْلَ التَّهَدُّدِ
بِلاَ حَدَثٍ أَحْدَثْتُهُ وكَمُحْـدَثٍ = هِجَائِي وقَذْفِي بِالشَّكَاةِ ومُطْرَدِي
فَلَوْ كَانَ مَوْلايَ إِمْرُءاً هُوَ غَيْرَهُ = لَفَرَّجَ كَرْبِي أَوْ لأَنْظَرَنِي غَدِي
ولَكِنَّ مَوْلايَ اِمْرُؤٌ هُـوَ خَانِقِـي = عَلَى الشُّكْرِ والتَّسْآلِ أَوْ أَنَا مُفْتَدِ
وظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَةً = عَلَى المَرْءِ مِنْ وَقْعِ الحُسَامِ المُهَنَّدِ
فَذَرْنِي وخُلْقِي إِنَّنِي لَكَ شَاكِرٌ = وَلَوْ حَلَّ بَيْتِي نَائِياً عِنْدَ ضَرْغَدِ
فَلَوْ شَاءَ رَبِّي كُنْتُ قَيْسَ بنَ خَالِدٍ = وَلَوْ شَاءَ رَبِّي كُنْتُ عَمْروَ بنَ مَرْثَدِ
فَأَصْبَحْتُ ذَا مَالٍ كَثِيْرٍ وَزَارَنِـي = بَنُونَ كِرَامٌ سَـادَةٌ لِمُسَـوَّدِ
أَنَا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الَّذِي تَعْرِفُونَهُ = خَشَاشٌ كَرَأْسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّـدِ
فَآلَيْتُ لا يَنْفَكُّ كَشْحِي بِطَانَةً = لِعَضْبٍ رَقِيْقِ الشَّفْرَتَيْنِ مُهَنَّـدِ
حُسَامٍ إِذَا مَا قُمْتُ مُنْتَصِراً بِـهِ = كَفَى العَوْدَ مِنْهُ البَدْءُ لَيْسَ بِمِعْضَدِ
أَخِي ثِقَةٍ لا يَنْثَنِي عَنْ ضَرِيْبَةٍ = إِذَا قِيْلَ مَهْلاً قَالَ حَاجِزُهُ قَدِي
إِذَا ابْتَدَرَ القَوْمُ السِّلاحَ وجَدْتَنِي = مَنِيْعاً إِذَا بَلَّتْ بِقَائِمَهِ يَـدِي
وَبَرْكٍ هُجُوْدٍ قَدْ أَثَارَتْ مَخَافَتِي = بَوَادِيَهَا أَمْشِي بِعَضْبٍ مُجَـرَّدِ
فَمَرَّتْ كَهَاةٌ ذَاتُ خَيْفٍ جُلالَةٌ = عَقِيلَةُ شَيْخٍ كَالوَبِيْلِ يَلَنْـدَدِ
يَقُوْلُ وَقَدْ تَرَّ الوَظِيْفُ وَسَاقُهَا = أَلَسْتَ تَرَى أَنْ قَدْ أَتَيْتَ بِمُؤْيِدِ
وقَالَ أَلا مَاذَا تَـرَونَ بِشَارِبٍ = شَدِيْدٌ عَلَيْنَا بَغْيُـهُ مُتَعَمِّـدِ
وقَالَ ذَرُوهُ إِنَّمَا نَفْعُهَـا لَـهُ = وَإِلاَّ تَكُفُّوا قَاصِيَ البَرْكِ يَزْدَدِ
فَظَلَّ الإِمَاءُ يَمْتَلِلْـنَ حُوَارَهَـا = ويُسْعَى عَلَيْنَا بِالسَّدِيْفِ المُسَرْهَدِ
فَإِنْ مُتُّ فَانْعِيْنِي بِمَا أَنَا أَهْلُـهُ = وشُقِّي عَلَيَّ الجَيْبَ يَا ابْنَةَ مَعْبَدِ
ولا تَجْعَلِيْنِي كَأَمْرِىءٍ لَيْسَ هَمُّـهُ = كَهَمِّي ولا يُغْنِي غَنَائِي ومَشْهَدِي
بَطِيءٍ عَنْ الجُلَّى سَرِيْعٍ إِلَى الخَنَى = ذَلُولٍ بِأَجْمَاعِ الرِّجَالِ مُلَهَّدِ
فَلَوْ كُنْتُ وَغْلاً فِي الرِّجَالِ لَضَرَّنِي = عَدَاوَةُ ذِي الأَصْحَابِ والمُتَوَحِّدِ
وَلَكِنْ نَفَى عَنِّي الرِّجَالَ جَرَاءَتِي = عَلَيْهِمْ وإِقْدَامِي وصِدْقِي ومَحْتِدِي
لَعَمْرُكَ مَا أَمْرِي عَلَيَّ بُغُمَّةٍ = نَهَارِي ولا لَيْلِي عَلَيَّ بِسَرْمَدِ
ويَوْمٌ حَبَسْتُ النَّفْسَ عِنْدَ عِرَاكِهِ = حِفَاظاً عَلَى عَوْرَاتِهِ والتَّهَـدُّدِ
عَلَى مَوْطِنٍ يَخْشَى الفَتَى عِنْدَهُ الرَّدَى = مَتَى تَعْتَرِكْ فِيْهِ الفَرَائِصُ تُرْعَدِ
وأَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حِوَارَهُ = عَلَى النَّارِ واسْتَوْدَعْتُهُ كَفَّ مُجْمِدِ
أَرَى المَوْتَ أَعْدَادَ الُّنفُوْسِ ولا أَرَى = بَعِيْداً غَدًا مَا أَقْرَبَ اليَوْمَ مَنْ غَدِ
سَتُبْدِي لَكَ الأيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِلاً = ويَأْتِيْكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ
وَيَأْتِيْكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تَبِعْ لَهُ = بَتَاتاً وَلَمْ تَضْرِبْ لَهُ وَقْتَ مَوْعِدِ
2 ـ وقد مَدَحَ ذات مَرّة بني المنذر بن عمرو بقصيدة بعنوان ( يزعون الجهل في مجلسهم على وزن بحر الرّمل فقال :
ورَكـــــوبٍ تَعْزِفُ الجِــــنُّ به ***** قبل هذا الجيلِ من عَهْدٍ أَبَدْ
وَضِبـــــابٍ ســـَفَرَ المـــاءُ بها ***** غَرِقَتْ أولاجُها غَيْرَ السُّدَدْ
فَهْيَ مَوتى لَعِـــبَ المــــاءُ بها ***** في غُثاءٍ ساقَهُ السَّــيْلُ عُدَدْ
قد تَبَطّنْــــــتُ بِطِرْفٍ هَيكَـــلٍ ***** غَيــــرِ مَرباءٍ ولا جأبٍ مُكَدْ
قَــائداً قَــــدَّامَ حَــــيٍّ سَـــــلَفُوا ***** غّيْرِ أنكـاسِ ولا وُغْــلٍ رُفُدْ
نُبَلاءِ السّـــعي من جرثومـــــةٍ ***** تتـــرُكُ الدنيـــا وتَنْمي للبَعَدْ
يَزَعـــونَ الجَهْــلَ في مجلِسِهِمْ ***** وهُم أنصارُ ذي الحِلْمِ الصَّمَدْ
حُبُسٌ في المَحْلِ حتى يُفْسِحوا ***** لابتغاءِ المجدِ أو تَـــركِ الفَنَدْ
سُـــمَحاءُ الفقْرِ أجـــوادُ الغِنى ***** سادةُ الشِّيبِ مَخاريقُ المُــرُدْ
( يزعون : يكفّون ويصدّون )
3 ـ كان طرفة يشرب يوماً مع الملك عمرو بن هند إذ أشرفت أخته فرآها طرفة فقال فيها هذين البيتين على وزن بحر الوافر :
ألا يا ثاني الظبي الــ ***** ــذي يبرق شـــنفاه
ولولا الملـــــك القـــا ***** عد ، قد ألثمني فاه
4 ـ ورأى مرّة خيلاً فأنشد في وصفها على وزن بحر الكامل :
ولقد شهِدْتُ الخيلَ وِهْيّ مُغيرةٌ ***** ولَقد طَعَنْتُ مجامِعَ الرَّبِلاتِ
رَبِلاتِ جُودٍ ، تحتَ قدّ بـــارِعٍ ***** حُلْوِ الشمائلِ خيرةِ الهلكاتِ
رَبِلاتِ خَيلٍ ، ما تزالُ مُغيـرةً ***** يُقطِرنَ من عَلَقٍ على الثُّنّاتِ
الرِبِلات : جمع رِبلة ، وهي باطن الفخذ ، أو كلّ لحمة غليظة .
5 ـ ومن شعرِه الغَزَلي أنشد سلمى بقصيدة (سما لك من سلمى خيال) على وزن بحر الطويل :
أتعْرِفُ رسمَ الـدارِ قَفْراً منازِلُهُ ***** كجَفْنِ اليمانِ زَخْرَفَ الوَشيَ ماثلُهْ
دِيارٌ لِسلمى إذ تصـيدُكَ بالمُنى ***** وإذ حبْلُ سلمى منكَ دان توَاصُلُه
وإذ هي مثلُ الرّئمِ صِيدَ غزالُها ***** لها نَظَرٌ ســــاجٍ إليكَ تُوَاغِـــــلُهْ
سَما لك من سلْمى خَيالٌ ودونَها ***** سَوَادُ كَثِيبٍ عَرْضُـــهُ فأمــــايِلُهْ
وأنّى اهتدتْ سلمى وسائلَ ، بيننا ***** بشاشةُ حُبِّ ، باشرَ القلبَ داخِلُهْ
وما خِلْتُ سلمى قبلها ذات رِجلةٍ ***** إذا قَسْوَرِيُّ الليلِ جِيبَتْ سِـرِابلهْ
وقد ذهَبتْ ســــــلمى بعَقْلِكَ كُلّهِ ***** فهلْ غيرُ صـــيدٍ أحْرَزَتْهُ حَبائِلُهْ
كما أحرَزَتْ أسماءُ قلبَ مُرَقّشٍ ***** بحُبٍّ كلمعِ البَرْقِ لاحتْ مَخــايلُهْ
فوجدي بسلمى مثلُ وَجْدِ مُرَقِّشٍ ***** بأسماءَ إذ لا تستــــــفيقُ عَواذِلُهْ
قضى نحْبَهُ وَجداً عليــها مُرَقِّشٌ ***** وعُلّقْتُ من ســـلمى خَبالاً أُماطلُهْ
لعمري لمــــوْتٌ لا عقوبةَ بعدَهُ ***** لذي البثِ أشفى من هوًى لا يزايِلُهْ
6 ـ وهنا يفتخر بنفْسه وبقومه بقصيدة ( والمجد ننميه ونتلده ) على وزن بحر الكامل :
إني مــن القــومِ الذين ، إذا ***** أزِمَ الشّتاءُ ودوخِلَتْ حُجَرُهْ
يوماً ، ودونِيَتِ البـيوتُ له ***** فثَنى قُبَيلَ رَبيــــعِهمْ قِرَرُهْ
رفعُوا المَنيحَ وكان رِزْقَهُمُ ***** في المُنْقِياتِ يُقيمُهُ يَسَــــرُهْ
إنّا لنعـــلَمُ أنْ سَيُــــدْركُنا ***** غَيْثٌ يُصيبُ سَوامنا مَطَرُهْ
إنّا لنكســوهم وإن كرِهوا ***** ضربْاً يطيرُ خِلالَهُ شــرَرُهْ
والمجــــدُ نَنْمِيه ونُتْلــــِدُه ***** والحمدُ في الأكْفــاءِ نَدّخِرُهْ
إنّ التبالي في الحيـاة ولا ***** يُغْني نوائبَ مــــــاجدٍ عُذَرُهْ
كُلُّ امــــــرئ فيما ألَمّ به ***** يَوماً يبينُ من الغِنـــى فُقُرُهْ
7 ـ وذكر الموت ذات مرّة بأبياتٍ على وزن بحر الكامل فقال :
وتقول عاذِلَتي ولَيس لهــا ***** بِغَدٍ ولا ما بَعْـــدَهُ عِلْـــــــمُ
إنّ الثراءَ هو الخـلودُ وإنّ ***** المَرْءَ يُكْرِبُ يومَهُ العُــــدْمُ
ولَئِنْ بَنَيْتُ إلى المُشَقَّرِ في ***** هَضْبٍ تُقَصِّرُ دونّهُ العُصْمُ
لَتُنَقِّبَنْ عَنّـــــي المَنِيّــة إنّ ***** اللهّ لَيْسَ لِحُكْمِــــهِ حُكْــــــمُ
8 ـ وها هو يصف حاله :
خليليّ ! لا واللهِ ، ما القلبُ سالِمٌ ***** وإنْ ظَهَرَتْ مِنّي شَمائِلُ صاحِ
وإلاّ فما بالي ، ولم أشهد الوغى ***** أبِيتُ ، كأنّي مُثْقَلٌ بجــــــراحِ
9 ـ وقال في الحِكَــــمْ :
خالِطِ النّاسَ بخُلْقٍ واسِعٍ ***** لا تكُنْ كلباً على الناس تَهِرّ
========
ألَم ترَ أنّ المالَ يُكْسِـــــــبُ أهلُهُ ***** فُضوحاً إذا لم يُعْطَ منه نَوَاسِبُهْ
أرى كُلَّ مالٍ لا محــــــالةَ ذاهباً ***** وأفضلُه ما وُرِّثَ الحمدَ كاسِبُهْ
فكيفَ يُرْجِّي المـَرْءُ دهراً مُخَلَّداً ***** وأيامـــــه عمّا قليلٍ تُحاســِبُهْ ؟
===========
ولو نالَ ما نالَ نوحُ بها ***** وعاشَ كما عاشَ في أمّتهْ
للاقى المنيّةَ من يومــهِ ***** إذا حُـــــمّ ذلك أو ليلتِـــــهْ
===========
الخيرُ خَيْرً ، وإن طال الزّمانُ بِهِ ***** والشَّرُّ أخْبَثُ ما أوْعَيْتَ من زادِ
==========
مَنْ يَسْتَعِن بالصّمتِ يوماً فإنّهُ ***** يُقالُ لهُ لُبٌّ نَهَاهُ أصــــيلُ
==========
20/11/2013 المهندس جورج فارس رباحية
المفــــــــــــــردات :
(1) ـ طرفة : هو لقبه الأول ولم يُعْرَف ما مصدر هذا اللقب ، ولا من لقّبه إياه بيد أن الثابت والمرجّح ، أنه ورثه في حياته القصيرة .
(2) ـ الغلام القتيل : فمن الثابت أنه اشتهر به أو اكتسبه بعد مقتله .
(3) ـ مولده ووفاته : لم تُحَدِّد كتب التاريخ والتراجم عاماً محَدّداً لمولده ، بيد أن الكثير من الرواة ذكروا أنه توفي في حوالي 70 عاماً قبل الهجرة أو قبل بضعةً وستين عاماً قبل الهجرة وهذه السنون توازي حوالي 552 م أو558 م . والبحث في مصـادر تاريخية تبيّن أن بعضها ذكرت مولده في 529 م ووفاته 552 م ومصدر آخر ذكر أن مــولده 538 م ووفاته 564 م ومصدر ثالث حدّد مولده 543 م ووفاته 569 م .
(4) ـ المعلّقات : هي من أجمل صور الشعر الجاهلي وأعذبه وكان ( حماد الراوية ) أوّل من جمعها في أواخر عصر بني أميّة في الشام ( 660 ـ 750 ) م وأواخر العصــــر العباسي ( 750 ـ 1258 ) م وأصحاب المعلّقات هم : امرؤ القيس ـ طرفة بن العبد ـ زهير بن ابي سّلمى ـ لبيد بن أبي ربيعة ـ عمرو بن كلثوم ـ عنترة بن شدّاد ـ الحارث بن حلزة ـ النابـــغة الذبياني ـ الأعشى الأكبر ـ عبيد بن الأبرص إن تسميتها بالمعلّقات أو المُذَهَّبات ، أو السُّموط ( العقود ) فمختلف فيه ، إذ قال بعضهم أنّ العــرب لشــــدّة إعجابهم بها ، كتبوها بمـــــاء الذهب ، وعلّقوها على جدران الكـــعبة ، فَسمــِّيت بذلك المُعلَّقات أو المُذهّبات ونفى بعضهم تعليقها على جدران الكعبة وزعم آخـرون أنّ حمّاداً الراوية هوالذي جمع القصائد الطِّوال، وقال للناس : هذه هي المشهورات وقال آخرون إنّها سُمِّيَت بذلك لأنها من القصـــائد المسـتجادة التي كانت تُعَلَّق في خـــزائن الملـــوك والراجح اليوم انها سُمِّيَت أيضاً بالمعلَّقـات لتشبيهها بالسّـــــموط ، أي العقود التي تُعَلَّق بالأعناق ، وقد سُمِّيَت أيضاً بالمذهّبات لأنها جـديرة بأن تُكْتَب بماء الذّهب لنفاستها .
المصـــــــادر والمـــــــراجع :
ــ طرفة بن العبد : فؤاد افرام البستاني ، سلسلة الروائع . بيروت 1930
ــ ديوان طرفة بن العبد : عبد الرحمن المصطاوي . بيروت 2003
ــ ديوان طرفة بن العبد : شرح الأعلم الشنتمري . بيروت 2000
ــ مختارات شعراء العرب : العلاّمة هبة الله بن علي. 1958
ــ المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973
ــ شرح القصائد العشر : الإمام الخطيب التبريزي
ــ شرح المعلّقات العشر : الإمام أبو عبد الله وتحسين الحسين . بيروت 1983
ــ مواقع على الإنترنت :