خميس الحلاوات أحد المظاهر التراثية في حمص
كان الناس قديما يقسمون فصل الشتاء الى قسمين «الأربعينية» و هي الأربعون يوما التي تمتد من العشرة الأخيرة من كانون الأول حتى نهاية كانون الثاني من السنة الميلادية الجديدة و تليها «الخمسينية». وهي خمسون يوماً تبدأ من مطلع شباط حتى نهاية العشرة الثانية من آذار و ذلك بهدف التهوين من ثقل الشتاء و التخفيف نفسيا من الشعور بطوله وما يحمله من برد و صقيع . وانسحبت الخمسينية على الخمسانات و هي سبعة أخمسة و هي كما تلفظها العامة خميس التايه فالشعنونة فالمجنونة فالقطاط و هذه الأربعة أخمسة ليس فيها مواسم لوقوعها في أواخر الشتاء بين شباط و آذار أما الثلاثة التالية خميس النبات فالأموات أو الحلاوة ثم خميس المشايخ ففيها المواسم .
خميس النبات : واسمه مأخوذ من بئر عميقة كانت موجودة في قلعة حمص و كان الناس ينبتون فيها حظوظهم بأن يلقوا فيها حجراً فان تركت دويا و طنيناً كان معنى ذلك أن حظ صاحب الحجرة أو صاحبتها يفلق الصخر و اذا لم يصدر صوت فالحظ غائب و خائب و من مظاهر الاحتفال به تقاطر جموع الناس الى القلعة عند غروب الشمس لإنبات حظوظهم كما كان بعض الناس ينقعون بعض الأزهار بالماء مساء الأربعاء حتى صباح الخميس لغسل وجوههم بمائها أما الصبية فكانوا يشكلون جماعات في الحارات تمر بالبيوت طالبة الزهور من ساكنيها وهي تنشد. . عطونا من زهوركن حتى النبي يزوركن سبع طبول و سبع زمور لفاطمة بنت الرسول أو لمريم أم الرسول ثم يصيح أحدهم. . الجاجي عالسطوح بتعطونا و إلا نروح فاذا أعطتهم ربة الدار طلبهم انصرفوا الى الدار التي تليها و إلا تعرضت للهجاء. ويقول المؤرخ الحمصي فيصل شيخاني إن الاحتفال بخميس النبات استمر حتى احتلال الفرنسيين للبلاد و اتخاذهم من القلعة موقعاً عسكرياً .
خميس الأموات : و يعرف بخميس الحلاوة حيث تصنع فيه الحلاوة على أنواعها بشمينة وسمسمية وخبزية وغريبة وهريسة وجوزية وشوشية وراحة و قد احتفلت حمص به أمس الخميس . وكانت النساء قديماً يخرجن بعد ظهر الخميس الى الجبانات لزيارة القبور وتوزيع ما حملن معهن من حلاوة على الفقراء و كان بائعو الحلاوة ينادون عليها بقولهم الله يرحم الأموات كانوا يحبون الحلاوات وكان صانعوها ينشرون بين البسطاء من الناس أن مَن لا يأكل من حلاوة الخميس يصيبه الجرب أو الكابوس و هو نائم لحثهم على شرائها و كان الناس في تلك الأخمسة بما فيها خميس المشايخ يخرجون للنزهة في أطراف البلدة اذا كان الجو مناسباً فتجلس النساء حول الزرع و أما الصبية فكانوا يلعبون بعض الألعاب الشعبية الجماعية التي لا تخلو من المرح و الضحك ومنها قبة حمام الزيني.
خميس المشايخ : و يرجّع الرواة أصله الى أيام الحروب الصليبية في عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي الذي استرجع القدس من الفرنجة فأوجد خميس المشايخ الذي يسبق عيد الفصح فكان الناس يخرجون في مدينة القدس و غيرها بالمزاهر و الطبول و الأعلام وهم ينشدون الأناشيد الدينية و المدائح النبوية و أخذ هذا الاحتفال اسم خميس المشايخ و له نظير في حي برزة قرب دمشق حيث كان يطلق عليه موسم جمعة برزة أو موسم خميس المشايخ أيضاً وقبل الخميس ببضعة أيام كان الزوار يتوافدون من سائر المدن السورية الى حمص لحضور الاحتفال و تغص المدينة بالوافدين و تمتلئ بهم فنادقها و منذ عصر الأربعاء كان مشايخ القرى يأتون الى حمص و يذهبون الى الزوايا التي ينتسبون اليها ليبدأ الاحتفال صباح الخميس .
وفي عام 1954 أُسدل الستار على هذا المهرجان الشعبي في حمص .
http://www.fairouzehfriends.com/t3307-topic