هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأرسل مقالالتسجيلدخول
 

 الشاعر الفلسطيني عبد الكريم الكرمي "أبو سلمى"

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
Amer-H
صديق فيروزي متميز جدا
صديق فيروزي متميز جدا
Amer-H


علم الدولة : Syria
الجنس : ذكر
المشاركات : 9804
الإقامة : Sweden
العـمل : IT-computer
المزاج : Good
السٌّمعَة : 316
التسجيل : 09/02/2007

الشاعر الفلسطيني عبد الكريم الكرمي  "أبو سلمى" Empty
مُساهمةموضوع: الشاعر الفلسطيني عبد الكريم الكرمي "أبو سلمى"   الشاعر الفلسطيني عبد الكريم الكرمي  "أبو سلمى" Emptyالسبت أبريل 13, 2013 11:09 pm

الشاعر الفلسطيني عبد الكريم الكرمي  "أبو سلمى" S432

ولد الشاعر الفلسطيني عبد الكريم الكرمي ولقبه أبو سلمى في مدينة طولكرم بفلسطين عام 1909 م
وعاش في أسرة اشتهرت بالعلم والدين والأدب، فقد نبغ عدد من أفرادها كعلماء وأدباء، فهو شقيق الأديبين
أحمد شاكر الكرمي وحسن الكرمي ومحمود الكرمي وعبد الغني الكرمي. والده الشيخ سعيد الكرمي عالم مشهور،
وأحد طلائع رجال النهضة العربية المعاصرة..
كان فقيهاً بالدين واللغة، وشاعراً وأديباً يجيد الخطابة وكان أحد ثمانية تأسّس منهم المجمع العلمي العربي بدمشق،
ونائباً لرئيس المجلس..وعمل من بعد سنة 1922م قاضياً للقضاة في حكومة شرق الأردن، ثم رئيساً لأول مجمع علمي
في الأردن، وتوفي في طولكرم سنة 1935م.
وكان الشيخ سعيد شديد العطف على إبنه عبد الكريم، وكان يحرص على أن ينشأ على أفضل الصّفات وأكمل السّجايا
وقد ترعرع عبد الكريمعلى هذا العطف ونشأ على تشجيع والده له، وتغذّى بلبان العلم والأدب.
تلقى عبد الكريم دراسته الابتدائية في مدرسة طولكرم الحكومية وفي عام 1918م انتقل إلى دمشق، وواصل دراسته.
وفي دمشق كان يحضر مجلس والده، وفيه أهل علم وأدب، فكان يستفيد كثيراً من مجالس العلم، ويقرأ الكتب الأدبية
النافعة وقد أتاحت له مجالس العلم هذه تكوين خبرة اجتماعية وإثراء ثقافته وتكامل شخصيته.
في منتصف عام 1922م غادر والده دمشق إلى عمّان حيث أصبح قاضياً للقضاة ورئيس مجلس المعارف، فانتقل معه،
ودرس سنة واحدة في مدرسة السّلط الثانوية.. ثم غادر عبد الكريم إلى دمشق ليلتحق بمدرسة التجهيز الأولى
(مكتب عنبر) وخلال دراسته في المكتب تعرّف إلى فتاة تدعى (سلمى) فأحبّها ونظم فيها قصيدة، وحين علم أساتذته
بذلك كنّوه بأبي سلمى وبعد حصوله على شهادة البكالوريا السورية عام 1927م، قصد بيت المقدس، وعُيّن معلماً
في المدرسة العمرية، ثم انتقل إلى المدرسة البكرية، ثم المدرسة الرشيدية وانتسب إلى معهد الحقوق في القدس
حيث نال منه شهادة المحاماة.
في عام 1936م أقالته السّلطات البريطانية من التدريس، فقد نظم قصيدة نشرتها مجلة الرسالة القاهرية بعنوان (يا فلسطين)
هاجم فيها السلطات البريطانية لعزمها على إنشاء قصر للمندوب السامي البريطاني على جبل المكبّر الذي زاره الخليفة
العادل عمر بن الخطاب.. فاستدعاه مدير التعليم البريطاني (مستر فرل)، وأبلغه قراره بفصله من العمل. بعد أن فقد أبو سلمى
وظيفته التعليمية بالقدس، ضمّه صديقه إبراهيم طوقان إلى دار الإذاعة الفلسطينية، واستمرّ يعمل في جهازها الإعلامي
إلى أن استقال من عمله.
في عام 1943م قصد أبو سلمى مدينة حيفا وافتتح مكتباً زاول فيه مهنة المحاماه، وبدأ عمله بالدفاع عن المناضلين العرب
المتهمين في قضايا الثورة الفلسطينية. وأصبح في فترة قصيرة محامياً مرموقاً في فلسطين، وظل يعمل في حقل المحاماة
حتى عام 1948م، حيث اضطر إلى مغادرة حيفا نازحاً إلى دمشق وهناك زاول مهنة المحاماة والتدريس، ثم عمل بوزارة
الإعلام السورية وأسهم في العديد من المؤتمرات العربية والآسيوية والإفريقية والعالمية. في عام 1980م وافته المنيّة،
ودفن في دمشق.
وبهذا نرى أن عبد الكريم قد تغذّى بلبان العلم والأدب منذ صغره.. واستطاع أن يكوّن نفسه تكويناً أدبياً وثقافياً جيداً..
وصار وثيق الصلة بالأدب وبالثقافة العربية القديمة والحديثة والمعاصرة. وقد امتدت ثقافته العامة إلى الأدب العالمي عن
طريق اللغة الفرنسية التي يتقنها، والمؤتمرات الأدبية والثقافية والسياسية التي حضرها في كثير من أقطار العالم..
أضف إلى ذلك صلته الوثيقة بالأدباء والشعراء في الوطن وفي أقطار العالم الأخرى.
أبو سلمى.. شاعر وأديب من جيل الشعراء الرّواد الذين سجّلوا بأمانة وصدق أحداث وطنهم وأمتهم، وأسهموا بالكلمة
الحرّة الجريئة في قضايا تلك الأحداث.. شعره يتّسم بالوضوح، والمعنى النبيل، والنغمة الأخاذة، واللغة المتينة، ويتوافر
فيه الخيال المبتكر.. يحس القارئ لشعره بدفء الكلمة وقوّة التعبير وصدق الانتماء..
نظم شعره في مجالات كثيرة، وجوانب متعدّدة ففيه الشعر الوطني الذي نظمه لفردوسه المفقود بخاصة، ولوطنه العربي
بشكل عام. وفيه الشعر الإنساني والاجتماعي، والرّثاء والأناشيد، والحب والغزل، وغير ذلك من فنون الشعر. وقد نظم
قصائد رائعة، كل واحدة منها كأنها لوحة رسمتها يد فنّان عبقري.

ربما كان هناك عدد من شعراء فلسطين في زمن أبي سلمى لم نعرف عنهم الكثير, لأن فلسطين بجغرافيتها الرائعة
وتاريخها المأساوي لا بد وأن تنجب الشعراء إلا أن شاعرية هذا الشاب المحامي المثقف المتوقدة غطت على هؤلاء!.
وبقي حتى لحظاته الأخيرة "سنديانة" فلسطين لاذ إلى أغصانها أكثر الشعراء الفلسطينيين.
ومن مدرسة "أبي سلمى" تخرجوا، وعلى الطاولة التي تركها في مكتبه في يافا كتبوا قصائدهم ومنهم محمود درويش
,سميح القاسم, توفيق زياد, راشد حسين وسواهم.
وقد حمل هذا الشاعر الكبير راية النضال الفلسطيني منذ عام 1935 م فقال ممجداً الشهيد الذي سقط على جبل المكبر:
وهـو الجبل الذي كبر عليه الخليفة الثاني عمر بن الخطاب قبل دخوله القدس قائلاً:
قم يا شهيد القوم واخطب في الورى أصبحت حياً مذ غدوت قتيلا
جبل (المكبر) طال نومك فانتبه قم واسمع التكبير والتهليلا
فكأنما الفاروق دوى صوته فجلا لنا الدنيا وهز الجبلا

وكان الشاعر يتسلح بوعي سياسي ووطني منذ يفاعته وساءه أن يرى في فلسطين في بداية القرن العشرين أحزاباً
متناحرة وكلها تدّعي أنها تسعى لمصلحة الوطن:

انتدابان يحرقان فلسطين وأربت عليهم الأحزاب
مزقوا قلبها وهدوا قواها ويقولون في البلاد شباب !
امسحوا الكرب عن جباهكم السود فقد عفر الجباه التراب


أما قصيدته التي قالها في ثورة الشعب الفلسطيني عام 1936 فهي من أكثر قصائده شيوعاً، وما زالت تتوهج شعرياً
إلى يومنا هذا وفيها يقول:

انشر على لهب القصيد شكوى العبيد إلى العبيد
سحقاً لمن لا يعرفون سوى التعلل بالوعود
وأذلهم وعد اليهود ولا أذل من اليهود

وهذه القصيدة تنبئ عن جرأة الشاعر وشدة انتقاده للزعماء آنذاك وفيهم يقول:

" وأبو طلال " في ربى عمان يحلم بالحدود

اقعد فلست أخا العلى والمجد وانعم بالقعود
عرج على اليمن السعيد وليس باليمن السعيد
واذكر إماماً لا يزال يعيش في دنيا " ثمود "!
تغنى الحياة وقومه ما بين " قات " أو هجود


إلى أن يقول:
واهبط إلى مصر الملوك وقل لها يا مصر ميدي
يا مصر ضيعت المنى بين الفريدة والفريد
ويقصد الملك فاروق عندما تزوج الملكة فريدة.
وتنتهي هذه الصرخة الجريئة المجلجلة بقوله للملوك العرب
إيه ملوك العرب لا كنتم ملوكاً في الوجود
قوموا اسعوا القسام يشرق نوره فوق الصرود


من يقرأ هذه القصيدة يشعر ان القصيدة هذه قيلت اليوم وليس قبل ثمانين عاماً تقريباً ؟
ثم تشير هذه القصيدة بشكل واضح أن سرطان التقاعس والخذلان وربما الخيانة كان مستشرباً منذ ذلك التاريخ ؟
إلا أن الفرق بين اليوم والأمس هو أن شاعر اليوم لا يملك الجرأة نفسها الذي كان يملكها شاعر الأمس هو في نقد
الواقع السياسي وفضحه. !

أما قصائد الشاعر الكبير في رثاء صديق عمره ورفيق دربه الشاعر إبراهيم طوقان فهي من أصدق الشعر وأنبله فلا أقل
من أن يقول له (يا أخي) في قصيدة على البحر الخفيف تحمل زفرات الشاعر ولوعته:

كيف أبكي وكيف يبكي قصيدي ومضى اليوم طارفي وتليدي ؟

أين تمضي ؟ لمن تركت القوافي والمروءات خافقات البنود ؟
أنت من علم الطيور غناء ما عهدناك صامتاً في الحشود !


كان ذلك عام 1942 حيث رحل إبراهيم طوقان إلى جوار ربه
إن حرارة مثل هذا الشعر وتفجعه يغنيك عن البحث عن المحسنات البديعية التي يبحث عنها النقاد اليوم، فشدة الانفعال
وحرارة التجربة وطزاجة المفردات كلها تؤلف سيمفونية الحزن، وقد ازدحمت في هذا النص أساليب الاستفهام والتعجب
والتمني والنداء وغيرها لترسم لوحة الأسى الذي يعتلج به قلب الشاعر…

ورغم أن قصائد رثاء إبراهيم طوقان كثيرة في ديوان أبي سلمى إلا أن الهم الوطني هو الذي يصبغ أكثر شعره.
متأرجحاً بين التحريض على الثورة والنقد اللاذع للمتقاعسين وهذا ما تعبر عنه قصيدته الصاخبة التي يقول فيها:

سيروا على وضح النهار فالحق من نور ونار

يا أيها الشعب النبيل أمنت من شر العثار
قرر مصيرك أنت لا من لا يبصمون على القرار


وكأن الشاعر وهو يستخدم لفظة " يبصمون " لا يعنى كثيراً في فصاحة الكلمة وقاموسيتها مادامت تؤدي الغرض المطلوب
حتى وإن كانت أقرب إلى العامية.

" فأبو سلمى " شاعر قضية.. يجد نفسه بين الشعب وفي أحضانه ويرق له كثيراً أن يرضى هذا الشعب عما يقول..
وأن ينطق بلسانه على عكس شعراء اليوم الذين يقطعون حبال التواصل مع قرائهم بحجة الحداثة وسواها !! حتى
انفض القراء عنهم وبدت المدرجات خالية من الجمهور..!!
صحيح أن هذا الشعر شعر منبري وحماسي ذو نبرة خطابية عالية ولكننا لا ننسى أنه يتوقد عاطفة ويرقص إيقاعاَ ويحقق
جماهيرية واسعة فهو ابن مرحلته حيث كان الوزن والقافية وحرارة الموقف وصدق الإحساس وبساطة العبارة…
كل هذا يكفي لكتابة قصيدة ناجحة فالقضية أولاً، والجمال الفني في النص يأتي بعد ذلك وهذا يذكرني بمقولة
" فلتذهب كل أشكال التعبير إلى الجحيم، مادام عقل أمتي في خطر " هذا منهج الشاعر وتلك رؤيته للشعر.
ولا يخفي أبو سلمى في بعض قصائده انتماءه السياسي وأنه يميل إلى اليسار الفلسطيني أي إلى الحزب الشيوعي
آنذاك، والقصيدة التي ألقاها في مؤتمر العمال في " يافا " عام 1947 تؤكد ذلك وفيها يقول:

قالوا يساريون: قلت أجلهم عملاً ومبدأ
وطني على أيديهم يجني على الأيام سعدا
هذي المطارق والمناجل تحصد الظلام حصداً


وقد لا نلوم الشاعر في هذا التوجه لأن الشيوعية في تلك المرحلة كانت القميص الذي يتباهى به المثقفون
الفلسطينيون ولا نغالي إن قلنا إن شعراء اليسار الفلسطينيين جميعاً تأثروا بروح هذا الشاعر الكبير وأسلوبه الشعري
وكتبوا قصائدهم كما أسلفنا على طاولته التي تركها في مكتبه في يافا كما صرح هو نفسه بذلك حين قال
" إن طاولتي كانت أول قطعة أثاث في مكتب مجلة / الجديد/ " اليسارية " التي صدرت في الأراضي المحتلة
عام 1951 وفوق هذه الطاولة كتب شعراء اليسار الفلسطيني محمود درويش وأقرانه.

لم يكن الشاعر " أبو سلمى " يتـوقع أن تطول غربته، وهو الذي حمل معه مفاتيح بيته ومكتبه أملاً بالعودة بعد
أسابيع فقط !! ولهذا كانت النكبة صدمة خلخلت قناعاته… ولكنه لم يفقد الأمل بالعـودة.

يا فلسطين وكيف الملتقى هل أرى بعد النوى أقدس ترب ؟

إلى أن يقول مستبشراً:
كفكف الدمع وسر في أفق حافل بالأمل الضاحك رحب

يا أخي ما ضاع منا وطن خالد تحمله في كل قلب !


وحين يشعر أن العودة قد تأخرت فلابد أن يكون أولى الأمر هم المسؤولون هن هذا التأخير ولهذا تبرأ منهم إذ يقول:

أملوك وهم إذا نسب العار إليهم أبى انتساباً معيباً

هذه الثنائية: حكام متخاذلون… وشعوب مقهورة مغلوب على أمرها هي التي تنسج قصائد الشاعر الكبير.

يا أحباي يا رفاق الأماني... قبلوا عني التراب الخضيبا

ولا يعتقد أن أحداً لا يحفظ قصيدته الذائعة والتي شدت فيها السيدة فيروز بعمق صوتها " داري " التي يختزل فيها
جمال فلسطين ومدى تعلقه فيها والتي يقول في مطلعها:
هل تسألين النجم عن داري وأين أحبابي وسُمّاري
داري التي أغفت على ربوة حالمة بالمجد والنار
الشمس لا تضحك إلا لها تهدي إليها وشي أستار


والشاعر بطبيعة الحال لا يعني داره هو وإنما يقصد فلسطين كلها بكل مفرداتها الجميلة وحياة أهلها قبل النكبة.
أما قصيدته سنعود فهي درة قصائده وقد عارضها الكثير من الشعراء ومازال لها دوي حتى الآن رغم بساطتها
ووضوحها وقد بدأها بمخاطبة دمشق التي أحبها وأمضى فيها مطلع شبابه طالباً في " مكتب عنبر "

ولي في غوطتيك هوى قديم تغلغل في أماني العذاب

درجت على ثراك وملء نفسي عبير الخالدين من التراب
وعندما يأتي دور فلسطين يقول متوجعاً:
فلسطين الحبيبة كيف أغفو وفي عيني أطياف العذاب
فلسطين الحبيبة كيف أحيا بعيداً عن سهولك والهضاب

أسئلة ثقيلة على النفس، تحرك جمر الأسئلة في قلب كل لاجئ فلسطيني وتأبى طبيعة فلسطين الخلابة
إلا أن تكون حاضرة في هذه القصيدة المتفردة من شعر أبي سلمى سفوحاً وجداول وشواطئ ومدناً، ويستسرسل
الشاعر في الوصف والتصوير وطرح الأسئلة إلى أن يصل إلى السؤال الصعب:

ويسألني الرفاق ألا لقاء وهل من عودة بعد الغياب ؟؟

وهنا يأتي الجواب قاطعاً ممهوراً بالأمل والثقة بالعودة إلى الديار

أجل سنقبل الترب المندى وفوق شفاهنا حمر الرغاب

غداً سنعود والأجيال تصغي إلى وقع الخطى عند الإياب
نعود مع العواصف داويات مع البرق المقدس والشباب


وتنتهي القصيدة بالتأكيد ذاته… بالعبارة التي لا تغني عنها عبارة أخرى في اليقين

أجل ستعود آلاف الضحايا ضحايا الظلم تفتح كل باب.

ولعل أبو سلمى الشاعر الكبير وهو يتدفق عاطفة نسى أنه أحياناً يكرر بعض العبارات وبعض الأفكار في هذا البحر
الشعري / الوافـر/ الذي يغري دائماً بالاسترسال والتكرار.

كان الشاعر ممتلئاً بحلم العودة في الزمن الذي كتب فيه النص زمن الكفاح المسلح يوم كانت فلسطين قضية
العرب الأولى، وكان الخارج على الإجماع آنذاك خائناً ! ولو قدر للقصيدة أن تكتب اليوم لكان فيها من الوجع ومن اللوم
والعتاب والنقد والإدانة الشيء الكثير رحم الله " أبا سلمى " الذي لم يمهله الموت ليرى ما نراه اليوم من تصدعات
ومؤامرات ومواقف علنية لبعض الأنظمة العربية من القضية الفلسطينية يندى لها الجبين..

والشاعر لا يتردد في قصائد كثيرة في الإدانة وهي قصائد تمتزج بالغضب والأسى معاً:

كلما قلت أطل الفجر غابا أترى تغدو فلسطين سرابا ؟

مسح الأهل رسومات الخطا لم نجد خلف المنى إلا سرابا
صرخت منا الجراحات عتابا كيف لا يسمع أهلونا العتابا
ثم يكرر اللازمة نفسها في رشق الزعامة العربية بأسهمه
أنتم لولا فلسطين لُقى أنتم لولا فلسطين ذنابى !!


الشاعر أبو سلمى في غمرة انفعاله الشعري يظل واضح الرؤية منطلقاً إلى هدفه فهو شاعر مطبوع سلس العبارة،
واضح المعنى ذو ثقافة عربية أصيلة، ولهذا كان شعره صورة لعصره وغصناً في دوحة الشعر العربي الأصيل.

والشاعر الحق هو الذي يستشرف الأحداث قبل وقوعها وهذا ما لمحته في قصيدته / بقايا أهلي / التي يعرج فيها
على " غزة " وأهلها إذ يقول مشيداً بوحدة الشعب الفلسطيني:

نحن لم نفترق مشينا على الجمر جميعاً مشي الأسود الضراغم

وجراحاتكم لدى كل ميدان جراحاتنا فنحن توائم
وبطولاتكم بطولات أهلي قد وعاها الزمان دون تراجم


وكأني بالقصيدة قد كتبت اليوم حيث يجسد فيها شاعرنا الكبير جهاد أهل غزة الميامين، ويضمد جراحهم..
ويشد قلبه إلى قلوبهم..

ولو عاش أبو سلمى إلى زماننا هذا ورأى ما يحاك لغزة وأهلها تحت جنح الظلام لجعل من شعره حمما ً تتلظى
لأن جرأته التي عهدناها فيه لا تسمح له إلا أن يصدع بالحق فهو متشبع بروح الوطنية الحقة التي لا تساوم ولا تتنازل
عن الثوابت ولم أجد قصيدة في وصف اللاجئ الفلسطيني أصدق وأعمق من قصيدة أبي سلمى التي يقول فيها:

أرى الحدود دون أهلي وحدهم ووحدهم جباههم تُعَفر

هوية صفراء في أيديهمو كأنما هي الهواء الأصفر
على جبين كل شخص كتبوا بالنار " هذا لاجئ محتقر" !
وكلما مر بهم صاحوا به العربي التائه المهجر


الشاعر في هذا النص يعبر عن تجربة شخصية ويطرح مسألة الهوية التي تؤرق الفلسطيني
تدمي قلبه، ولكنه يأبى الاستسلام لهذا الواقع السلبي فيرفع الصوت قائلاً:

اللاجئون والرماد فوقهم متى متى بركانهم ينفجر ؟

هذي فلسطين تنادي شعبها السفح والربوة والمنحدر

قلّ أن تقرأ نصاً لهذا الشاعر الراسخ دون أن تشم منه رائحة التحريض على الثورة والتنديد بالمتخاذلين ففلسطين
قضيته الأولى والأخيرة… من دماء شهدائنا غمس ريشته ومن بركان ثورتها أشعل قنديله !! ويكاد شعره أن يكون قاموساً
جغرافياً لفلسطين وبكلمة أخرى الذاكرة الحية لهذا الوطن السليب.

مدّ جناحك على "الكرمل " " اللد " والرملة " والمجدل "
" يافا " تناجيك فعرج بها وقل لبياراتها هللي

أما تعطرت بأطيابها أطياب " بئر السبع " والقسطل " ؟


ومن القصائد المعدودة للشاعر تلك التي ألقاها عام 1974 في حفلة تابين صديقه الشاعر المصري عزيز اباظة والتي
غنّى فيها لفلسطين ولمصر وللوحدة العربية. وقد لاقت صدى واسعاً في الصحافة العربية إذ يقول في مطلعها:

وحملنا من فلسطين الجراحا ألسناً في المهرجانات فِصاحا

وشظايانا اللواتي انتشرت قد لبسناها وشاحاً فوشاحا

رغم أن المناسبة مختلفة إلا أن فلسطين لابد وأن تحضر في القصيدة بكامل زينتها وألقها، بجراحها وزيتونها
وبرتقالها وشواطئها !
يا فلسطين أتيناك على صهوة الجرح – رعوداً ورياحاً

حسبوا أن رماحي انكسرت إن لي في كل ميدان رماحا!

ثم يعرج على رثاء الصديق الشاعر:
" يا عزيز " الشعر من بعد النوى لم نجد للشعر فرساناً وساحا

صحيح أن معاني الرثاء تقليدية مألوفة ولكن الشاعر ابن بيئته الثقافية…
ولا ينتظر منه أن يقدم إلا ما تسمح به هذه البيئـة.

وحدة التاريخ فيما بيننا والدم الحر الذي روى البطاحا

فتـرات ومصير واحد أين من يقطع أوشاجاً صحاحـا ؟


ألا تذكرك هذه القصيدة بالنفس الشعري للأخطل الصغير وهو يقول عن فلسطين:

يا جـهاداً صفق المجـد له لبس الغار عليه الأرجوانـا
شـرف باهـت فلسطين به وبنـاء للمعالي. لا يدانـى
نحن يا أخت على العهد الذي قد رضعناه من المهد كلانا
إن جرحاً سال من جبهتهـا لثمتـه بخشـوع شـفـتانا

ولا عجب أن يتشابه الشاعران فهما يصدران من مشكاة واحدة , ومن ثقافة عربية متشابهة , ووطنيه مخلصه ومناخ شعري واحد.
ولعل قصيدة أبي سلمى في رثاء عزيز أباظة هي من انضج قصائده فنياً حيث سمو الخيال , ورصانة التعبير وطول
النفس وقوة الأداء ونبالة الفكرة , وملحوظة طول النفس لاحظتها في قصائد الشاعر المتأخرة وهذا إن دل على شيء
فإنما يدل على سعة اطلاع وطول ممارسة وتجريب ولا يعيب الشاعر الكبير إذا ما قلت إنني كنت أرى بين الحين والآخر
ملامح من فصائد الشاعر الكبير عمر أبي ريشة تطل من قصائده.
رحم الله زيتونة فلسطين وشاعرها الأول الذي غنى ملاحم كفاحها وحمل على كاهله عبء جهاد أهلها وظل حتى أيامه
الأخيرة يبشر بالعودة إلى فلسطين. إن مسيرته الشعرية تجسد الثقافة الوطنية الفلسطينية في تلك المرحلة ويعتبر مع
رفيق دربه إبراهيم طوقان أول من أسس للقصيدة الوطنية الملتزمة بقضايا الشعب على ارض فلسطين وأول من كتب
القصيدة الملتزمة فنياً والقادرة على الوقوف على قدميها فنافس بذلك قصائد الفحول من شعراء هذه الأمة مثل بدوي
الحبل وأبو ريشة والجواهري وسواهم.

من أبرز مؤلفاته
المشرد (1953)
أغنيات بلادي (1959)
الثورة، مسرحية.
أغاني الأطفال، شعر.
كفاح عرب فلسطين، دراسة.
أحمد شاكر الكرمي، دراسة.
في فلسطين ريشتي (1971).
أما مجموعته الشعرية الكاملة فنشرت في عام 1978.



_________________
الشاعر الفلسطيني عبد الكريم الكرمي  "أبو سلمى" 2-1410
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.fairouzehfriends.com/contact.forum
Amer-H
صديق فيروزي متميز جدا
صديق فيروزي متميز جدا
Amer-H


علم الدولة : Syria
الجنس : ذكر
المشاركات : 9804
الإقامة : Sweden
العـمل : IT-computer
المزاج : Good
السٌّمعَة : 316
التسجيل : 09/02/2007

الشاعر الفلسطيني عبد الكريم الكرمي  "أبو سلمى" Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشاعر الفلسطيني عبد الكريم الكرمي "أبو سلمى"   الشاعر الفلسطيني عبد الكريم الكرمي  "أبو سلمى" Emptyالأحد أبريل 14, 2013 8:23 am


أرض فلسطين
مِـنْ " فـلـسـطـيـن " ريشتي وَبَياني فعَلى الخُلْدِ والهوىَ يَدْرُجانِ
مِنْ " فلسطين "ريشتي ، وَمِنَ "الرَّملةِ " و"اللِدّ " صُغتُ حُمْرَ الأَغاني
مِـنْ شـذا بـرتـقـال " يـافا" قوافيها ومن سهل "طولكرم" المعاني
أَحـرفـي مـن قـطـاع "غـزة" والشاطيءِ تمشي مصبوغة الأردان
يـوم غـابـت نـابـلـس مـخضلَّةَ العينين ، لم تغتمض لنا عينان
مـن " فـلـسطين" ريشتي ، وجناحاها إلى عالم الجوى ،الضفـتان
ومـن "الأُردن" الـحـبـيـب أُروّيـهـا لـتـندى ، شجيّة الألحان
ومـن الـضـفـة الـحـزينة ، لا أنشر إلاَّ – فوق الدُّنى – أشجاني
* * *
ريـشـتـي فـي يدي ، ومن جبل النار لظاها ، فالحرف أحمرُ قاني
ريـشـتـي فـي مـدادهـا الدَّمُ والدَّمعُ ، وراءَ السُّطور ، يمتزجان
ريـشـتـي فـي حـفـيـفها جهشةُ الأقصى على أهلهِ ونوحُ الأذان
" ديـر يـاسـيـن " فـي الشَّباةِ مع " القسطل " خلف السّواد يعتنقان
ريـشـتـي فـي يدي أخوضُ عُبابَ الهول،طلق الجناح،ثبت الجنان
تـرتـمـي حـولـهـا الأعاصير أشلاءَ ، إذا ما جرت وراءَ بناني
ريـشـتـي فـي يـدي ، تسير أمام الشعب في زحفها على الطغُّيان
ريـشـتـي فـي يـدي ، تشقُ الدُّروب البكرَ ، تحمي حرية الإنسان
* * *
أيـهـا الـحـامـلـون ألـويـة العار !... تخلوا عن حومة الميدان
سَـلّـمـوا الـشـعـب أمـره واستريحوا يا حماة الأصنام والأوثان
كُـلُّ جـيـش يـكونُ حرباً على الشعب ، ذليلٌ ، إذا الْتقى الجْمعان
عـاصـفٌ بـيـن أهـلـهِ ونـسـيـمٌ لـلمغيرين ، شأن كل جبان
يـومَ هَـبَّـتْ عـلـى حـدودكـم الـنَّـارُ ، جثوتم أمام كل دخان
يـأنـفُ الـتُـرب أن تـمـرّوا عـلـيـه وتصابُ الرمالُ بالغثيان
كُـلَّ يـوم تـجـددون الـشـعـارات ، فـراراً مـن أزمةِ الوجدان
بـعـد حـربِ الـتَّـحـريـر قد أصبح اليوم شعاراً ، إزالةُ العدوان
* * *
وتــقـولـون دولـةٌ .. ونـراكـم دولاً ، كـلُّ دولـةٍ بـكـيـانِ
وتـقـولـون : وحـدةٌ .. ولـديـكـم كـلُّ جُـزءٍ مـجـزَّأٌ لِثمانِ
ثُـمَّ حـريـةً .. تـقـولـون لـلـنـاس ومـا فـيكمُ سوى سَجَّان
وتـقـولـون : نـحـنُ نَحكُمُ باسمْ الشعب .أستغفرُ العظيم الشَّان
أيـنَ تُـمـسُـون ؟!لو غدا كلُ شعبٍ حاكماً في البلاد ذا سُلطان!..
* * *
وتـحـلُّـون .. كـلّـمـا أقـبـلَ الـلَّيلُ .. خفايا أُموركم ، باللّجان
هـلْ تـداوون بـالـبـيـانـات جُرحاً أو يُزيل اجتماعكم ما نعاني
لـيـتَ شِـعـري !.. مـتى يُفجّرُ شعبي في "فلسطين" ثورة البُركان
و "فـلـسـطـيـن" لـن تـضيعَ وأهلوها يخوضون هولَ كلّ عَوان
إنّ جـيـشَ الـشَّـعـب المُشرَّد أقوى من جيوشِ الحرير والطَّيلسان
إنّ جـيـشـاً يُـرجى لتحرير شعبٍ غيرْ جيشِ الكرسي والصَّولجان
* * *
شـعـراءَ الـجـلـيـل والشاطيء الغربيّ ! ..أنتمُ طلائعُ الفُرسان
شِـعْـرُكُـمْ – مثلكم – خلوداً ويسري من "فلسطين " فيه نفحُ الجِنان
من "شفا عمرو" الجريحةِ و"البِروةِ"من"كوكب الهواء"ومـن "بيسان"
زنـتـمُ الـلـيـل بـالـحـروف نـجوماً يا أحباي في أحب مكان
تـتـحـدّون بـالـقـوافـي الـمـدمـاةِ نضالاً ، عصابة الشيطان
طـلـعَ الـشـعـر فوق أرضكم الخضراء غرساً مخضَّب الأغصان
كـل شـعـر سـواهُ ، تـلـوي بـه الـريح ، ويطويه عالم النَّسيان
شـعـركـم وحـدهُ يُـعـمّـقُ في الأرض جذورَ الصُّمود والعنفوان
شـعـركـم وحـدهُ المجلجل في السّاح ، رفيقُ السّلاحِ في المَعْمعَان
* * *
أيـهـا الأهـل ! – في القطاع وفي الضفة ، لو تُنطق الدموعُ لساني
يـعـصـب الـجـمـرُ جـانـبيه ، وهل أبلغُ مما لم تَرْوِهِ الشفتان
تـلـك أكـبـادُنـا الـمُـمـزقـة ، الحرَّى ، على كلّ شفرةٍ وسِنانِ
* * *
أيـهـا الـثـائـرون فـي جـبـل الـنار !.. وُقيتم غوائل الحدثان
دمُـكُـمْ وحـده يُـروي الـبـطـولات .. وتـغلون تُربةَ الأوطان
عـنـدمـا تـخـطـرون .. تزدهرُ الأرضُ وتُهدي غلائل الريحان
نـحـنُ أسـرى .. وأَنـتمُ أنتمُ الأحرارُ .. خلفَ السُّجون والقُضبان
الـفـدائـيُّ وحـدهُ الـنَّـاشـرُ الأمـجاد .. فوقَ المُروج والغُدران
إنـهُ وحـدهُ الـمـعُـصّـبُ فـي الخُلّد .. إذا قيلَ فارسُ المهرجان
* * *
أتُـراهـا الأيـام فـوق الـسفوح الخضر ، ترمي بنا وفوق الرّعان
نـتـلاقـى .. رفـاق دربٍ .. كـما كُنَّا ونمضي نجتاز عبرَ الزَّمان
لـنْ تُـضـيءَ الـدُّنـيا .. إذا لم يُطلَّ الفجرُ من أرضنا مع النيران



_________________
الشاعر الفلسطيني عبد الكريم الكرمي  "أبو سلمى" 2-1410
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.fairouzehfriends.com/contact.forum
Martha Nassar




الجنس : انثى
المشاركات : 579
العـمر : 39
الإقامة : Bethleem
العـمل : well
المزاج : good
السٌّمعَة : 3
التسجيل : 03/04/2013

الشاعر الفلسطيني عبد الكريم الكرمي  "أبو سلمى" Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشاعر الفلسطيني عبد الكريم الكرمي "أبو سلمى"   الشاعر الفلسطيني عبد الكريم الكرمي  "أبو سلمى" Emptyالإثنين أبريل 15, 2013 6:43 pm

أحببتك أكثر
كُلَّمَا حَارَبْتُ مِنْ أَجْلِكِ أَحْبَبْتُكِ أَكْثَرْ
أَيُّ تُرْبٍ غَيْرَ هَذَا ٱلتُّرْبِ مِنْ مِسْكٍ وَعَنْبَرْ
أَيُّ أُفْقٍ غَيْرَ هَذَا ٱلأُفْقِ فِي ٱلدُّنْيَا مُعَطَّرْ
كُلَّمَا دَافَعْتُ عَنْ أَرْضِكِ عُودُ ٱلعُمْرِ يَخْضَرْ
وَجَنَاحِي يَا فِلَسْطِينُ عَلَى ٱلقِمَّةِ يُنْشَرْ
يَا فِلَسْطِينِيَّةَ ٱلإسْمِ ٱلذِي يُوحِي وَيَسْحَرْ
تَشْهَدُ ٱلسُّمْرَةُ فِي خَدَّيْكِ أَنَّ ٱلحُسْنَ أَسْمَرْ
لَمْ أَزَلْ أَقْرَأُ فِي عَيْنَيْكِ أُنْشُودَةَ عَبْقَرْ
وَعَلَى شَطَّيْهِمَا أَمْوَاجُ عَكَّا تَتَكَسَّرْ
مِنْ بَقَايَا دَمْعِنَا هَلْ شَجَرُ ٱللَيْمُونِ أَزْهَرْ
وَالحَوَاكِيرُ بَكَتْ مِنْ بَعْدِنَا وَٱلرَّوْضُ أَقْفَرْ
وَكُرُومُ ٱلعِنَبِ الخَمْرِيِّ شَقَّتْ أَلْفَ مِئْزَرْ
لَمْ تَعُدْ تَعْتَنِقُ ٱلسَّفْحَ عَصَافِيرُ ٱلصَّنَوْبَرْ
وَنُجُومُ ٱللَيْلَ مَا عَادَتْ عَلَى ٱلكَرْمِلِ تَسْهَرْ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زهرة المدائن




الجنس : انثى
المشاركات : 413
العـمر : 38
الإقامة : Bethleem
العـمل : yes
المزاج : good
السٌّمعَة : 1
التسجيل : 19/04/2013

الشاعر الفلسطيني عبد الكريم الكرمي  "أبو سلمى" Empty
مُساهمةموضوع: ســنعـود    الشاعر الفلسطيني عبد الكريم الكرمي  "أبو سلمى" Emptyالثلاثاء أغسطس 13, 2013 10:28 am


ســنعـود

خَلعتُ على ملاعبها شـــــَبابي               وأحلامي على  خُضــرِ الرَّوابي
ولي فــي كُلِّ مُنعَطَفٍ لـــقاءُ               مُوَشّي   بالســَّلام   وبالعِتــاب
وما رَوَت المروجُ ســوى غنائي                 وما رَوّى الكرومَ سـوى  شرابي
سلي الأفـُقَ المُعَطَّرَ عن جَناحــي              شذاَ   وصباً  يرفُّ  على السـحاب
ولي في غوطتيك هــوى  قــديم             تَغلـغل  في  أمــانيّ  العــِذاب
وفـــي ((برداك)) تاريخ الليـالي             كأني  كنت  أقــرأ  في كــتابي
درجت على ثراك وملء نفســـي             عبير  الخـالـدين  من  الــتراب
ألمـلم من دروبـــك كل نــجم              وأنثرة  , أضــيء  به  رحـابي
وعدت إلى حــماك خيال شـعب               يطوف  على  الطلول  وفي الشعاب
أتنكرني دمشـق؟..وكان عــهدي               بـها أن  لا  تـلوح  بالســراب
أتنـــكرني؟ .. وفي قلبي سـناها              وأعراف  العــروبة  في   إهابي
أمالي في ظــلال الديار حــب                شفيع  صـــبابتي  عند  الحساب
فلســـطين الحــبيبة كيف أغفو              وفي  عيني  أطيــاف  العــذاب
أطهـر باســــمك الدنيا ولو لم               يـبرح  بي  الهوى  لكتمت  ما بي
تمر قـوافل الأيــام تـــروي               مؤامـــرة  الأعادي   والصحاب
فلســطين الحبيبة .. كيف أحــيا              بعيداً  عن   ســهولك  والهضاب
تناديني الســـــفوح مخضبات               وفي  الآفــاق  آثار الخضــاب
تناديني الشـــــواطىء باكيات              وفي  سـمع  الزمان  صدى انتحاب
تناديني الجداول شـــــاردات                تســــير  غريبة  دون اغتراب
تنادينــي مدائــنك اليتــامى                تنـــــاديني  قراك  مع القباب
ويســــــألني الرفاق ألا لقاء               وهل من عــودة بعد  الغيــاب
  أجل
. ســــنقبل الترب المندى               وفوق  شـــفاهنا  حمر  الرغاب  

غداً ســنعود والأجيال تصــغي              إلى وقع  الخـطى  عــند  الإياب
نعود مع العواصــف داويــات               مـع  البرق   المقدس  و الشـهاب
مع الأمل المجنح والأغــــاني                مع  النســــر  المحلق والعقاب
مع الفجر الضحوك على الصحاري               نعود  مع  الصــباح  على العباب
مع الرايات دامية الحواشــــي                على وهج الأســــنة  والحراب
ونحن الــــثائرين بكل أرض                ســـنصهر باللظى  نير  الرقاب
تذيب الـــقلب رنـــة كل قيد               ويجرح  في  الجوانـــح كل ناب
أجل !.. سـتعود آلاف الضـ حايا               ضحايــا  الظلم  تفتح  كل  بـاب


 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الشاعر الفلسطيني عبد الكريم الكرمي "أبو سلمى"
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان
» الشاعر الفلسطيني توفيق زياد
» الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني
» فيروز
» عيد الصليب الكريم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: 000{ القسم الأدبي والشعري }000 :: أصدقاء الشخصيات الأدبية-
انتقل الى: