بقلم مريم شهاب
مجلة صدى الوطن ـ ديترويت
الجمعة, 02.08.2013,
إني أراها في جوار الموقد، أخذت هنالك مقعدي.
في الركن ذات المقعدِ، وأراك تمنحها يداً، مثلوجة، ذات اليدِ.
ستردد القصص التي أسمعتني، ولسوف تخبرها بما أخبرتني
لا.. لا تعتذر، لا تتأسف..
أنا لست آسفة عليك، لكن على قلبي الوفي. قلبي الذي لم تعرفِ..
نزار قَّباني
بحاسة الأنثى التي عاشرته وبمشاعر الزوجة التي أحبته لسنوات طويلة. شعرت بأنه يخطط لحدثٍ سيقلب حياتها رأساً على عقب، وبدأ مثل مراهق عنيد مشاغب. يفتعل الخلافات، ودون سبب مقنع يعمل من الحبة قبة، بينما هي تتجرع كأس الصبر حفاظاً على الخيط الرفيع الذي يربطها به، لكنه تجاوز المسموح به، عندما أهانها ووصفها بالغباء والملل وصدمها باعترافه لها إنها لم تعد تناسبه سناً وثقافة، وبكل جبروت أخبرها إنه ينوي الإرتباط بإمرأة أخرى.
لم تأبه لكلماته القاسية. ولم توجه اللوم إليه كونه يتكلم بإحساس رجل ذكر فقط لا يدرك عمق الآلام والمعاناة التي تشعر بها الأنثى، فهو دوماً يراها الزوجة الصابرة والمكافحة والقوية، والتي لم تضعف أمامه يوماً. كانت تعتقد أنها بتلك الصفات وتلك المعاملة، لن تخسره كزوج وشريك حياة من أجل بناء أسرة متماسكة. لكن للأسف كانت واهمة.
بكل هدوء، سألته أن ينظر إلى المرآة. فالسنوات التي رسمت خطوطها على معالم وجهها. لم تتغافل عن وجهه والوزن الزائد قليلاً لديها، تضاعف عنده أيضاً. وإن ملامح الإرهاق والتعب والتغيير الذي شملها، كان سببه كفاحها وصبرها وتحملّها لعشرته والتي وقفت فيها إلى جانبه روحاً وجسداً في سنوات طويلة، كرسّت فيها حبها وتفانيها من أجل العائلة التي تحمل إسمه.
بالمقابل، كان هو يمارس خداعه معها بكل أمانة، ويوهم نفسه بأعذارٍ واهية لكل تصرف أحمق، وبينما هي تحتاج منه الحب والوفاء والإخلاص، كان هو وبكل وقاحة يمنح الحب والوفاء والإخلاص، لإمرأة أخرى لا تستحقه.
حاولت أن تنزع ذلك القرار من تفكيره وأن تمحو ما قاله وتتجاهل ما فعله، لكنها وجدت واحدة أخرى، وجدتها تقبع في أعماقه ونبضها بين ضلوعه، يتحدث عنها بنبرة الشوق والهيام، وكان كل همه إقناعها باختياره، وكأنها لو رفضت سيتلاشى قراره في حين إنه كان قررّ وعزم والمطلوب منها فقط أن تتقبل الواقع الجديد، رغم أنها لم ترتكب ذنباً تستحق عليه نكرانه لها بعد كل ما فعلته من أجله.
أين الحب؟؟
«عمي يا بيّاع الورد، قلي الورد بيش قلي»
بعد أيام سوف يحتفل العالم بيوم عيد الحب، حيث تجد فيه كل شيء من هدايا وورود، إلاّ الحب، فهو مفقود وغير موجود، رغم ملايين البطاقات والقلوب التي يتبادلها، ليس العاشقون، بل أغلب الناس تقريباً. ففي هذه الدنيا وفي هذه الأيام، ليس هناك من حب ولا من يحزنون. لأن كل شيء سهل وموجود ويمكن الحصول عليه. فبكبسة زر تستطيع إرسال مئات الرسائل من الحب الأجوف البارد، الذي لا يمس المُرسِل ولا المرسَل إليه.
أين زمن الرسائل المكتوبة بالحبر والشوق والدمع واللهفة إنتظاراً لوصولها إلى حبيب غائب وبعيد.
هذه الأيام أصبحت بشعة بالنسبة لإنسان عاش أيام الزمن الجميل، والحب أصبح مزعجاً لشخص عاش في مرحلة الهدوء، حيث كان كل شيء هادئاً ووديعاً، وليس مقرفاً ومزدحماً مثل هذه الأيام المترعة بالصخب والضجيج والشحيحة من الرومانسية.
عفواً ياسيد فالنتين، ففي يومك الموعود، أصبح الحب بضاعة تباع وتشترى في يوم، يسمى بيوم الحب، ولم يعد الحب حباً ولا المحبون محبين في زمن الفيسبوك وتويتر، ولم يعد هناك من يشتري الورد ياعمي يابياع الورد!!