دوما كنت أقول أن الصمت إلهي والكلام هو بشري وهذه هي أفضل حكمة في الحياة.. تكلم عنها الكثيرون سابقا وسيجربها كثيرون لاحقا، لأنّ الله يتجلى في الصمت والسكون، فعندها نشعر بحضوره فيوقظ فينا الضمير، وتنفتح أعيننا، ويكبر قلبنا، وتصفو نوايانا، الهدوء والسلام واللطف، ما هي إلا قدرات تجعلنا نتذوق ما هو فوق الطبيعة، أي الحياة الحقيقية التي تجعل منا أعضاء حية وفاعلة بتعاليم السيد المسيح ... إن من لم يعيش في السلام والهدوء والصمت حقا لا يستطيع أن يحب ،ويشعر بالحب بكل هدوءه وروحانيته ، ومن يحب، يختبر لطف السيد المسيح ويعكسه، السلام هو الأساس ونقطة التوازن في الحياة ..بدونه ترجح كفة الحقد والكراهية والفقر والجوع . السلام هو قمة الحب والحب هو الركن الأساسي لوجودنا، وعلى حد قول بولس الرسول: "فمن أحبَّ غيره أتم الشريعة " إن الحب يفتح القابلية للصلاة ومن لايصلي لا يستطيع أن يحب أو أن يشعر بسلام يسوع المسيح في قلبه، كل مرة لا نصلي فيها نفقد سلام يسوع ونبقى حيال القيود والضياع والحقد والكراهية ونبقى أسيري الأنانية وحب الذات، بالصلاة نهتدي ونتغير ونتجدد ونصمد حيال التجارب وينبض قلبنا أكثر بالمحبة وبالحنان والرحمة.بالصلاة نقترب أكثر من الرب وبالصلاة نجد أننا في أحسن حال روحيا .. وهذا لايعني أننا نتواجد في كل لحظة في الكنيسة بيت الله ، ولكن يمكننا في أي لحظة أن نأخذ الكتاب المقدس وفي لحظة خشوع نقترب أكثر من الرب لنقرأ ماكتبه الرسل والمبشرين . إن استسلامنا لنزواتنا الجسدية يمنع مفعول النعمة فينا ويقتلنا روحياً، ويميتنا فكرياً، ويشوه مسلكنا، ويدفعنا من حيث لا ندري إلى الإكتئاب نتيجة إلى قتل روح الألوهية فينا لأننا نفضل الجحيم عن الملكوت ، إن بقينا محتجزين ومرهونين لهذه النزوات سوف نمنع مفعول النعمة فينا، حيث يقتلنا ذلك روحياً ويُميتنا فكرياً، ويشوهُ مسلكنا ويدفعنا من حيث لا ندري إلى الوقوع بين مخالب القنوط واليأس، لذلك نحن بحاجة إلى وقفة أمام أنفسنا وعلى أقدام الصليب بالقرب من السيدة العذراء لنخرج من كآبتنا ولنسترجع تألقنا وتصبح قلوبنا مجمّرة لا تترمد فيلامسها مفعول النعمة لنتغلب على كآبة الروح وضيق الخلق. بالصلاة نفرح بلقاء الآخر فنقدم له مابداخلنا عوضاً عن الهروب منه . نقترب منه روحياً نلاقيه بالمحبة نقدم له القوة والعافية وغنى الروح. إن الصلاة تكسبنا الحب وتكسب أروحنا ثمار المحبة وتزيننا بالفضيلة وتجعلنا أكثر تسامحنا ومحبة وتحد من عدوانيتنا وتؤوسس للسلام فينا وتترك أمرنا بكل هدوء وصمت بيد سيدنا يسوع ليتصرف في حياتنا بمعرفته فتنعكس صورته فينا كمؤمنين وكمسيحيين وكمكرسين.. إن الله هو الباني لكل خلية في حياة الإنسان وإذا إذا لم نفرغ أنفسنا من الحقد والكراهية والأنانية والعدائية الله لا يملأنا من فيض نعمته، لذلك لنخضع أنفسنا لوحي الروح القدس في كل لحظة ونصلي بكل صمت وخشوع لنكتسب المحبة التي وعدنا بها ولنعطي هذه المحبة إلى كل من بحاجة إليها.