عندما ننظر إلى معظم المواقع الألكترونية التي تهتم بصور النساء لا بكتاباتهم بما فيها المواقع الأجتماعية الشهيرة كالفيس بوك..نجد هناك جانب كبير جدا من المتناقضات مابين الصورة والتعليق عليها وما بين الواقع الذي تعيشة تلك المرأة ..ويبدو للوهلة الأولى لمن يرى تلك الصور أنها تزيد من قيمة المرأة التي في الصور ..وحتى لايلومني أحد ...أنا أعني نوع خاص من الصور التي قررت من رغبت أن تظهر فيها أن تضعها عالموقع أو عالفيس بوك لأنها تعتقد أنها ستزيد من قيمتها الجمالية والروحانية ..ومن بعض الأمثلة عن تلك الصور ..صورة أمرأة مع فنان ما ..وصورة أمرأة والخوري يضع يده على كتفها وبشدة ..وصورة أمرأة وبجانبها أفخر أنواع الأراكيل ..وصورة أمرأة تقود سيارة فاخرة ...وصورة أمرأة أختارت بدلتها لفوق الركبة بأشبار وشنشلت أياديها بالذهب لأنها قررت أن تدبك عالأول بجسمها اللازوردي وصورها ستظهر فيما بعد..وو..إلخ ..حقا كل أمرأة في المجتمع تحب أن تفخر بما لديها من ثروة ومن جمال وعلم وثقافة وعمل ومجوهرات وكنوز ولا ننسى أيضا لعب الورق والبوكر والأركية والدبكة إلخ ..!!...ولكن هل هذا يزيد من قيمتها ..وهل حقا المرأة الغنية التي تظهر بكل مالديها من مفاتن وجمال وجواهر وودائع بالبنوك هي أكثر قيمة من تلك المرأة الفقيرة المتواضعة التي ليس لديها كمبيوتر أو كاميرا تصوير لتظهر مقدار التواضع في قلبها ,وربما هي ليست بحاجة لذلك لأن رب السماء يراها في كل لحظة...وهنا علينا أن نأخذ النظرة الفردية لكل أمرأة من خلال الموازين الإلهية..فإن كانت المرأة مسيحية فعلا فلابد من أن يكون تقيمها وقيمتها الحقيقية في الميزان الإلهي ونحن كبشر ليس لدينا القدرة على ذلك..إن السيد المسيح ينظر إلى كل البشرية بنفس النظرة ..فلا فرق لديه بين أسود وأبيض ،جميل وقبيح ، فهو يحب الكل على حد سواء...لذلك فهو يدعو كل شخص إلى أن يأتي ليعيش معه قائلا: تعالوا إلي يا مباركي أبي و أنا صاعد إلى أبي لأعد لكم منازل كثيرة . فالسيد المسيح ينظر إلى عمق الإنسان وليس إلى منظره الخارجي...ومن ترفع بقيمتها لنفسها من خلال ماتوحي به للناس سيكون مكشوفا وهذا خطأ في الديانة المسيحية ..لانه جاء في الكتاب المقدس "فتواضعوا تحت يد الله القوية لكي يرفعكم في حينه. (رسالة بطرس الرسول الأولى 6:5)"يجب ألا نرفع من شأن أنفسنا لأن الرفعة الحقيقية تأتي من عند الرب" (مزمور 75: 76).
وهذا الكلام ربما لاتفطن به الكثيرات في حياتهن الخاصة وهذا كان من العهد الذي ذهب فيه القديس بولس الرسول ليبشر بالمسيحة ..لأن لو وجه المجتمع لبعضهن سؤال عن قيمتها الحياتية فحتما ستأتي الإجابات متباينة ..فالبعض منهنّ يرأينَ أن قيمتهنّ تؤخذ من الإنتساب إلى أسرة عريقة ذات أصول تاريخية، فيظهر ذلك من خلال التفاخر بالعائلة في وسط المجتمع، وهن يشعرن بأن ذلك يعطيهن قيمة وكرامة أفضل. ومنهن من يقلن بأن الزواج من شخصية لها وزنها وثقلها في المجتمع يعطيهن قيمة ويظهر صورتهن في أحسن شكل ،لأن الواحدة منهن تستمد قيمتها من حملها أسم الزوج ، فالناس يقولون زوجة فلان أو قرينة فلان . وبعضهن يقلن أن محل سكنهن أو بيتهن أو المدينة التي يسكن فيها تعطيهن إحساساً بالقيمة والتفاخر أمام الآخرين. وأخرى تقول أن نوع السيارة التي تقودها تعطيها قيمة لأنها ترى نظرات الإعجاب من الآخرين وتسمع كلمات المديح تكال عليها ...وأخرى تقول أنا أشعر بقيمتي الحقيقية عندما أرتدي أفخر الثياب ذات الماركات الشهيرة ، وأرتدي الحلي الذهبية ذات الأشكال المتعددة وشرائي كل فترة أحدث هاتف محمول في السوق..وحقا هذا ما نراه في العديد من الصور التي تزين الألبومات ...
هل فعلا كل هذه الأشياء التي هي تعطيني القيمة الحقيقية للمرأة المسيحية حسب ما أوصى به الرب...أم أن هذا ما يريده المجتمع من حولنا ، فأصبحنا عبيد أهواء ذلك المجتمع نقلد كل شيء فيه برغبتنا ...وبرغبتنا نتذكر متى نشاء كلام الرب وهذه الرغبة تكاد تكون نادرة ..! هل هذه فعلا هي القيم التي أرادها الله لنا الذي نبكي ابنه الحبيب في أسبوع الألام ..
لنعود قليلا إلى أول أسفار الكتاب المقدس.. يخبرنا سفر التكوين "أنّ الله خلق الإنسان على صورته ومثاله، وأعطاه أمتيازات لم يُعطِها لباقي المخلوقات، فأصبح الإنسان تاج الخليقة. وكان الإنسان في قمّةِ مجده لأنّه كان يستمدّ قيمته من أرتباطه بالله ومعيَّتهِ له. ولكن بدخول الخطيّة حدث الإنفصال بين الله والإنسان ، فأصبح الثاني عبداً لكلّ ما في العالم من شهوة العين وشهوة الجسد وتعظُّم المعيشة وحبّ الإمتلاك ، وأصبح يشعر أنّ ذلك هو منتهى القيمة والأمان والشّبع. لكن ليست هذه هي الصورة التي أرادها الله للإنسان ، لذلك أرسلَ الله ابنه الوحيد إلى العالم مُتجسِّداً لكي يُعيد للإنسان حريّته وقيمَته الحقيقيّة التي فقدَها بسبب الخطيّة. وبِعَمل المسيح الكفّاري على الصليب ردَّ الله الإنسان إلى رتبته الأولى وبذلك أصبح الإنسان حراً، هكذا يخبرنا الرسول يوحنّا في إنجيله يوحنّا 8: 36 . فقيمَتنا كبشر تَكمُن في كونِنا أصبحنا أولاداً وبناتاً للخالق.
وحقا يستطيع كل منا أن يرفع من شأن نفسه بنفسه من خلال تعاليم الكتاب ..ولكني من خلال خبرتي أقول أن الإنسان الذي يفعل ذلك يصارع حتى يبقى نفسه مرتفعا أما الإنسان الذي ينتظر أن يعلي الرب من شأنه فيعلم أن الرب سيبقيه هناك ولاتنخفض قيمته أبدا ..إن أنتظار رفعة الرب يتطلب صبرا ولكن هذا الإنتظار يمجده الرب ويكرمه ومن يكرم الرب يكرم (1صموئيل 2: 30). وليس هناك أعظم من رؤية ما يستطيع الرب أن يصنعه من خلال رجل أو أمرأة يقدمان المجد لله..نحن نحتاج لأن نسمح لله أن يأخذ الدور القيادي في حياتنا اليومية والمستقبلية فإن أردنا أن نختبر مدى أتكالنا على الله فلنلاحظ أستعدادنا لأنتظاره حتى يحقق لنا ما نريد. ونتذكر أن الله يستخدم المتواضعين فقط وأنه كلما زادت درجة تواضعنا كلما أستخدمنا الله بفاعلية أكثر.أنتظر الرب (مزمور 27: 14).
ومن أجل ذلك تختلف نظرة المسيحي المؤمن لقيمة المرأة المسيحية في المجتمع عن نظرة الآخرين الذين يتسولون القيمة من العالم بحسب أهواء ذاتهم ...فأعلمي أن قيمتك الحقيقية كمسيحية هي في كونك ابنة الخالق، ولأجل ذلك لا بد من أن تختلف نظرتكِ إلى الأشياء التي ذكرتها سابقا. فالقيمة ليست فقط في المؤهل الدراسي أو الوظيفة أو محل السكن أو الزواج من شخصية مرموقة في المجتمع ..ولكن لنتذكر دوما هولاء ممن تمسكن بكلمة الله في حياتهن دوما بدءا من سيدتنا العذارء التي ولدت في مكان أقل من متواضع مرورا بأسماء عديدة جدا تذكرها كل الكنائس ...ودوما نضع ماقامت به الطوباوية الأم تيريزا في بالنا وتفكيرنا ... لنكرس حياتنا على هذه الأرض لخدمة تعاليم الرب ..ولتكن كلماتنا النابعة من إيماننا العميق في أسبوع الألام بأنه صلب ومات وقام في اليوم الثالث وصعد إلى السماء وجلس على يمين الآب .. ودوما نتذكر الرب ونقول له يارب ساعدني أن أعيش وأشعر بأنّ لي قيمة كبيرة عندك ، يارب أرشدني وساعدني على أن لا أتسوّل وأبحث عن قيمتي بعيداً عنكَ ، يا رب لا تجعلني عبداً للأشياء بعدما حرّرتني بالفداء الذي قدمه أبنك الحبيب على الصليب !
+++++++++++++++
_________________