البحر الميت وكان يسمى قديما “ببحيرة لوط”, هو بحيرة يعتبر سطحها أعمق نقطة في العالم على اليابسة حيث يقع على عمق 417 متر تحت سطح البحر بحسب قياسات عام 2003. وتقع ما بين الأردن، وفلسطين . وله عبر التاريخ ذكر في جميع الحضارات التي سكنت حوله، وكلها تنعته بصورة أو بأخرى بصفات تعود إلى شدة ملوحة هذا البحر أو خلوه من الكائنات المائية.
وقد أطلق على هذه البحيرة اسم «البحر الميت» بسبب عدم قدرة الكائنات الحية أو الاسماك على العيش فيه لكون مياهه شديدة الملوحة، فهي تقارب عشرة أضعاف ملوحة المحيطات، وتتغير هذه اعتمادا على العمق. كما لا تعيش فيه الكائنات الحيه بالرغم من وجود بعض أنواع البكتيريا والفطريات الدقيقة فيه. يقع البحر الميت في منخفض عميق يشكل جزء من الشق السوري الأفريقي، وحسب نظرية عالم الإراضة البروفيسور ليو بيكارد كان في الماضي جزءا من بحيرة واسعة حلوة المياه امتدت على منطقة غور الأردن ومرج بن عامر وصبت في البحر الأبيض المتوسط. وحسب هذه النظرية أسفرت التغييرات في علوّ الأرض قبل مليوني عام تقريبا إلى انقطاع الوصلة بين تلك البحيرة والبحر الأبيض المتوسط، وإلى تضيق البحيرة إلى بحيرة طبريا، نهر الأردن والبحر الميت. فأدى حصر مياه البحر الميت، وتبخر الماء إلى زيادة نسبة الأملاح فيه.
يبلغ طول البحر الميت 37 كيلومترا وعرضه خمسة عشر كيلومترا وسبعمائة متر أما انخفاض سطحه عن سطح البحر الأبيض المتوسط فيبلغ 417م. وتبلغ مساحة البحر الميت الإجمالية حوالي 945 كيلومتراً مربعاً. وأما أعمق عمق له فيبلغ 401 متراً ويقسمه شبه جزيرة اللسان إلى شطرين غير متساويين فالشطر الجنوبي هو مستنقع مالح ويبلغ عمقه من 6 إلى 8 أمتار
يعتبر البحر الميت من مناطق السياحة العلاجية الأكثر نشاطا في المنطقة حيث يقال أن الأملاح الموجودة به تشفي كثيرا من الأمراض الجلدية مثل الصدفية والحساسيات الجلدية المتنوعة، فعندما يلتقي ماء البحر بصخور الشاطئ فإنها تصطبغ بلون الثلج من جراء الأملاح المتجمعة على صخور الساحل، وأيضا يعتبر من المراكز الاقتصادية التي تبنى عليها كثير من الصناعات مثل مصانع الملح ومصانع المستحضرات التجميلية والعلاجية. وقد أقيمت الكثير من المنتجعات على كلا شاطئيه الشرقي والغربي. وقد رشح ليكون أحد عجائب الدنيا الطبيعية في نطاق البحيرات.
ظهور بدائل رخيصة للسياحة على البحر الميت
تنتشر على سواحله المنتجعات السياحية إلا أنها ذات تكاليف مرتفعة مما أدى إلى ظهور بدائل زهيدة التكاليف.
وأخيرا تم مسح بحثي لمنطقة البحر الميت ليسجل اشعاعاً عالياً يعالج العديد من الأمراض ويؤهل الموقع ليكون مركزاً سياحياً متميزاً
سجلت ابحاث جديدة نشاطية عالية للاشعاع في مناطق على سواحل البحر الميت تعود بشكل أساسي الى المستوى العالي للإشعاع الطبيعي للمنطقة ما يفيد في العلاج للعديد من الامراض. ويؤهل الموقع ليكون مركزا سياحيا متميزا.
وقال الباحث في جامعة الطفيلة التقنية الذي قاد عمليات استكشافية في المنطقة الدكتور عبد الوالي العجلوني ان معدل الجرعة الإشعاعية في الهواء قدرت بحوالي 300 الى اكثر من 600 نانوجراي في الساعة، في حين أن المعدل الطبيعي المعتاد في المناطق المماثلة تقل بكثير باستثناء حمامات عفرا التي سجلت معدل جرعة غاما المسجلة مئات الاضعاف.
وكان العالم ثومسون كشف عن وجود نشاط إشعاعي في مياه الآبار ما أدى الى اكتشاف اشعاع في مياه الينابيع في كثير من مناطق العالم ، بفعل وجود نسبة عالية من الراديوم وغاز الرادون الذي اعتبر أساس حياة المياه ، الذي يماثل الأكسجين في الهواء.
واشار العجلوني الى ان الراديوم 226 ناتج عن تحلل عنصر اليورانيوم 238 حيث أظهرت الدراسات الأولية على رواسب الينابيع الحارة الحديثة أن هناك تركيزاً عالياً لعنصر الراديوم وغاز الرادون 222 في الجو. ويبدو أن هناك علاقة بين حركة المياه في الصخور الحاملة للعناصر المشعة وتركيز عنصر الراديوم في مياه الينابيع الحارة ورواسبها على السطح.
واوضح ان الاكتشاف جاء من خلال دراسة موسعة لفريق من اساتذة الفيزياء في جامعة الطفيلة التقنية يضم الدكتور عبد الوالي العجلوني والدكتور بلال سلامة والدكتور اسامة ابو الهيجاء والدكتورة منال عبد السلام للبحث في الآثار الاشعاعية على البيئة في مناطق جنوب المملكة ابتداء من حمامات عفرا، الى الطريق الصحراوي شرقي الطفيلة وصولا الى العقبة ، واخيرا دراسة الواقع الاشعاعي لساحل البحر الميت التي اجريت بالتعاون مع قسم الفيزياء في جامعة الحسين، بمشاركة الدكتور مشهور الوردات والدكتورة شيرين الصرايرة وحاتم العميريين من جامعة الحسين ، جرى ملاحظة موقع ذو اشعاع مرتفع بشكل متميز ، ما يؤهله ليكون مركزا سياحيا متميزا لكنه في الحقيقة مهمل ويشكل مكرهة صحية.
وقال د. العجلوني في تصريح الى «الراي» ان سواحل البحر الميت تعتبر منطقة استجمام للسياح من الأردن وخارجه من اجل استخدام المياهه والبيئه لغايات الاستشفاء والعلاج والاستجمام. ونتيجة لقرب الموقع من منطقة الفنادق في البحر الميت ينبغي ان يكون ضمن اولويات وزارة السياحة والقطاع الخاص.
ولفت د. العجلوني الى أن جميع ينابيع المياه الساخنة تحتوي على مواد مشعة فيما الموقع مؤهل من الناحية الاشعاعية لمشاركة موقع حمامات عفرا ومناطق اخرى مشهورة عالميا مثل موقع جيوراباري في البرازيل ، ويانج ينج في الصين ، وكل من كيرالا و تاملينادو في الهند ، ودلتا النيل في مصر وبعض المناطق التي تحتوي على الصهارة البركانية مثل مانيز وجيرايز في البرازيل ، ونيو ايزلاند في الباسيفيك واجزاء من ايطاليا وفي الصخور الغرانيتية والرمال الموجودة في فرنسا و منطقتي رامسار وماهلات في إيران الغنية بمتوضعات الراديوم الموجودة في الينابيع الحارة.
واشار الى ان هذه النشاطية العالية تعود بشكل أساسي الى المستوى العالي للإشعاع الطبيعي للمنطقة حيث قدرت معدل الجرعة الاشعاعية في الهواء بحوالي 300 الى اكثر من 600 نانوجراي في الساعة، في حين أن المعدل الطبيعي المعتاد في المناطق المماثلة الأخرى اقل من هذه الارقام بكثير باستثناء حمامات عفرا التي سجلت معدل جرعة غاما الناتجة المسجل في منطقة عالية الإشعاع في ينابيع عفرا الساخنة مئات اضعاف هذا الرقم الذي يعد القيمة الأعلى المسجلة كمعدل لجرعة إشعاعية في العالم ، حيث المعدل العالمي يتراوح بين 24 الى 160 نانوجراي في الساعة.
ورغم مخاوف تقليدية من ارتفاع الجرعة الاشعاعية نتيجة للمعلومات المغلوطة لدى الناس فإنه لا يوجد حاجة لحماية أو وقاية الناس والزوار ، اذ ان وجود هذا النشاط غير الاعتيادي في المنطقة هو عامل ايجابي على الصحة ، ينبغي ان يساهم في زيادة الاقبال على هذه المنطقة ما يساهم في رفد المنطقة بافواج السياحة الداخلية والخارجية.
وقال د. العجلوني ان المياه المعدنيـة الجوفية الحارة تحتـوي على غاز الرادون المشع و عنصـر الحديد و عناصر معدنية وغازيـة توجد بكميـات قليله في هـذه المياه، مثل البروميد، اليود، المغنيزيوم وهي محور الاهمية العلاجيـة لهذه المياه.
وحسـب الدراسـات التي اجريت على المياه المعدنية الحارة في بعض البلدان الاوروبيـة يعود التأثير البيولوجـي لهـذا العنصـر الى الاثر الاشعاعي لاشعة جاما في اشارة الى تاثيـرة على الأمراض الروماتزميـة المزمنـه والعمل على زيـادة افراز حمض البوليك من الدم (عند مرضى النقرس) ومنشـط للغدد الصم والجهاز العصبـي وذلك في الابحـاث التي وردت من قبل الاطباء في الدول الاوروبية. كما تبين تاثيره الايجابي على بعض الامراض النسائية المزمنه.
ويمكن استغلال هـذه المياه في المساعدة لعلاج بعض انواع الأمراض الروماتزمية و آلام و تيبس العضلات وبعض أمراض الجهاز العصبي واصابات الجهاز الحركي بعد الاصابات و الكسور وبعض انواع فقر الدم الناتج عن نقص الحديد وبعض حالات الالتهابات النسائية المزمنة وتاهيل الاصابات الرياضية و خصوصا بعد اجراء العمليات الجراحية بالاضافة الى الاستجمام و النقاهة للاشخاص الأصحاء.
وقال ان العديد من الدراسات الموسعة تشير إلى أن جرعة من الإشعاع المؤين تكون مفيدة لنمو وتطور الأحياء ، وزيادة الخصوبة والصحة وطول العمر الافتراضي. كما تظهر تحسينات معينة في وظيفة الجهاز العصبي ، ومعدل النمو وبقاء الشباب والتئام الجروح ، وزيادة المناعة لمقاومة العدوى والأمراض الإشعاعية ، واستحثاث الاورام السرطانية اونموها، يضاف الى ذلك انخفاض معدل الوفيات وزيادة متوسط العمر بعد التعرض لجرعات ضئيلة من الإشعاعات المؤينة ، كل هذه الفوائد تشير إلى اهمية هذه الإشعاعات المؤينة للحياة.
وفي التفاصيل قال د. العجلوني ان التنبيه الإشعاعي (Hormesis) المشتقة من الكلمة اليونانية (hormaein)، والتي تعني التنبيه، تعود جذور فرضية التنبيه الى القرن التاسع عشر في دراسات فيرشو حول الدراسات الباثولوجيا الخلوية، وحسب هذه الفرضية ، فإن الإجهاد ذي المستوى المنخفض ( مثل الإشعاع المؤين) يحفز نظام الحماية من العمليات البيولوجية على المستويين الخلوي والجزيئي ، والعضوية ، وانخفاض حالات السرطان وحالات أخرى من الآثار الصحية الضارة دون المستويات التلقائية.
وأضاف ان الإجهاد المنخفض الناجم عن التنبيه الاشعاعي ينظم ويمنع الشيخوخة واية آثار صحية ناتجة عن تقدم العمر، ويكون الدور التنشيطي للجرعات منخفضة من الإشعاعات المؤينة على كافة المستويات في الجسم من الخلية الى النسيج الى الجهاز، هذه الاستجابة الإشعاعية تشمل تعزيزالدفاعات المضادة للأكسدة ، وإصلاح الحمض النووي من الإنزيمات ، وإزالة آفات الحمض النووي ، وموت الخلايا المبرمج، وتحفيز جهاز المناعة ، وهي راسخة في الأدبيات العلمية المتخصصة.
وأشار الى الحاجة الماسة إلى إجراء دراسات تفصيلية أخرى لمعرفة تركيز المواد المشعة في مياه الينابيع الحارة والرواسب الحديثة وعلاقة ذلك بالصخور التي تتخللها والتي يعتقد بأنها صخور المصدر للعناصر المشعة، ودراسة الجرعات الإشعاعية التي يتعرض لها الإنسان من الإشعاع المؤين من المصادر الطبيعية ، كما ان من الضروري تسليط الضوء علي الخصائص الإشعاعية البيئية لينابيع المياه الحارة بمناطق الدراسة وذلك بدراسة المحتوي والخصائص الإشعاعية للمياه, التي يمكن الاستفادة منها في التخطيط لتطوير المنشئات السياحية والعلاجية وكذلك تقيم الآثار البيئية الناتجة عن تدفق المياه على المناطق المحيطة.
وبين ان الباحثين المشاركين في هذه الدراسة يتطلعون الى وجود مركز بحثي مستقل متخصص بشؤون البيئة في جنوب المملكة يعمل الى جانب وجود الصناعة التعدينية في الاردن من فوسفات وبوتاس وزيت صخري ويورانيوم ، الا ان المراكز البيئية تعمل في عمان لا تجرى الدراسات عن البيئة في المنطقة الا على استحياء.
يشار الى ان قسم الفيزياء في جامعة الطفيلة التقنية انجز حوالى 20 بحثا عن الاشعاع في محافظة الطفيلة وفي جنوب المملكة قدمت مؤسسة شومان دعما لبعضها بينما انجز اغلبها بمبادرات خاصة من اعضاء هيئة التدريس في القسم.
.........