قال لهم الملاك : لاتخافوا ، فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب ، إنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب !!
فرح الملائكة بميلاده. وأنشدوا نشيدهم الخالد "المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام. وفي الناس المسرة".
ودَعوا الرعاة أيضا للاشتراك معهم في الفرح. لأنه فرح لجميع الشعب. والعذراء فرحت وخطيبها يوسف فرح أيضا ..
وفرح كل الناس الذين يعرفون أسرة العذراء مريم وأسرة خطيبها يوسف وأسرة زكريا واليصابات وكل الكهنة ..
بل مازال الفرح عند الشعب إلى الآن من ذلك اليوم لأنه كان بداية عهد جديد للبشرية جمعاء وفي حوالي أسبوعين من أسبوعين يوم الميلاد نجد أن الناس في كافة أنحاء العالم تبدأ بشراء الزينات وأشجار الميلاد والأضواء وتزين الساحات وواجهات المحلات والكنائس والمنازل والشرفات ..
وكل ذلك لابد من أن يزين الإنسان نفسه من الداخل بالمحبة والتسامح قبل أن يفكر بالمظاهر الأخرى لأن ميلاد طفل المغارة أعطانا درسا أبديا يجب أن نتعلمه
فهو ولد في في بلدة صغيرة تدعي بيت لحم. وفي مكان حقير هو مزود بقر وليس مستشفى فخم فيه تدفئة .ولد في وفي يوم لم يعلن للناس مازالوا يختلفون على موعده..
كما ولد بدون أحتفالات أرضية كما تعمل كل الناس اليوم .
كما ولد من أسرة فقيرة وفي رعاية رجل نجار.وقيل عن يوم ميلاده "لم يكن له موضع في البيت". وحتى الآن لا تزال صور الميلاد تبين المزود وما يحيط بالفراش القش من حيوانات.
ولد في يوم شديد البرد ولم يجد فيه أقمطة كافية ولا دفئاً.. كما يجهز معظم الناس لأطفالهم أفخر الملابس في الوقت الحالي ..
إذا من لحظة ولادته أعطانا درسا روحيا في التواضع يجب أن لاننساه
وهو أننا يجب البعد عن المظاهر الخارجية ندخل في مشاعر الميلاد. بعيداً عن العظمة والترففالعظمة الحقيقية ليست في المظاهر الخارجية من غني وملابس وزينة..
وباقي أمثال هذه الأمور التي فيها إعلان عن الذات.. إنما العظمة الحقيقية هي في القلب المنتصر المملوء بالفضائل
هذا الأمر لابد أن يتذكره كل مؤمن باءن يزين قلبه الداخلي بالتواضع لا بالترف في شهر الميلاد وليتذكر كل واحد منا أنه حقا لازال هناك أولاد فقراء حتى لايجدون مذودا كمذو البقر ينامون فيه.
فما أجمل التواضع في شهر الميلاد وبدون التواضع يفقد الميلاد جوهره فما أجمل التواضع خلال 30 يوم متذكرين أنه عاش متواضعا 30 عاما ونيف في عائلة متواضعة بين ناس متواضعين.
ومن ميلاد طفل المغارة وحياته لابد من أن نتشبه ببساطته أيضا فهو الذي ذهب مع أمه العذراء مريم على حمار إلى مصر وكذلك ساعد يوسف النجار في النجارة والرعي ولما كبر وفتحت له أعين السماء وبدأ رسالته أختار له تلاميذ بسطاء غالبيتهم من الصيادين. ولكنهم كانوا أبراراً ولهم قلوب مستعدة لحمل الرسالة. كما أن بشارة الميلاد أُعلنت لجماعة من الرعاة البسطاء. ولكن كانت لهم بساطة الإيمان وعمقه. ولم تعلن هذه البشارة لكثيرين من القادة كالكتبة والفريسيين وكهنة اليهود وشيوخ الشعب ولا للناس الأغنياء ..وقلوب الناس البسطاء تفرح وتشعر بالسعادة أكثر من قلوب الناس الأغنياء ..فدعونا في شهر الميلاد نعيش البساطة ونتشبه بالمجوس والرعاة بسطاء القلب لأنهم عندما سمعوا بالبشارة صدقوا وآمنوا وفرحوا. وذهبوا إلى المزود وقدموا هداياهم..
أما الناس الكبار والأغنياء فلم تكن قلوبهم مستعدة ولا بسيطة ومثال ذلك هيرودس الملك الذي لما سمع الخبر "أضطرب وكل أورشليم معه".وأستخدم كل الحيل والدهاء لكي يعرف مكان المولود لكي يقتله ..فأمثال ذلك قلوبهم مملوء بالحقد والضغينة...
فتصوروا كم كانت مريم العذراء تلك الفتاة البتول الفقيرة بسيطة القلب وتحب الصدق ..فهي لبساطتها وطيبة قلبها صدقت وآمنت بما قيل لها من قِبل الرب عن طريق ملاكه. وصدقت أنها ستلد وهي عذراء. فكانت لها هذه البركة.. وكذلك يوسف النجار أيضاً آمن بأنها حبلى من الروح القدس..والمجوس على الرغم من أنهم كانوا حكماء وعلماء إلا أنهم كانوا أيضاً بسطاء في قلوبهم
ولبساطة قلوبهم أستحقوا أن يروا طفل المغارة وينالوا بركته. وعلى الرغم من أنهم رأوه في مزود إلا أنهم آمنوا وقدموا هداياهم...
ولاتكفي فقط البساطة في القلب في شهر الميلاد إن لم يتوج القلب بالإيمان أيضا ..فنحن نعيش في زمن فيه الكثير من التعقيد باسم العلم ! فكثيرون مازالوا ينكرون المعجزات. وينكرون صحة الروؤيا المقدسة. لذلك إذا ما حدثت أمامهم لا يصدقونها! ومازال ينكر بعضهم الحبل عن طريق روح القدس بل بعضهم ينكر القيامة أيضا. وهكذا وجدت فجوة بين الدين. وبعض الفلاسفة والعلماء ..إننا نؤمن بالعلم. ولكننا يجب ألا نخلط مفوهم العلم ومعجزات الله متذكرين أن أعلى التجارب العلمية قادت إلى نتائج وجود الذرات الإلهية..إذا في الميلاد ومع بساطة قلوبنا لابد من أن ندرك أن البساطة هي عدم التعقيد. وليست عدم التعقل حتى يكون القلب مفعما بالإيمان ونقبل بمعجزات الرب ..
في شهر الميلاد لابد من التذكر لكل المبادىء السامية التى ولد من أجلها طفل المغارة وهي المحبة والسلام ..جاء المسيح لينشر الحب بين الناس. وبين الناس والله. ويقدم الله للناس أباً محباً. يعاملهم لا كعبيد. بل كأبناء. ويصلون إليه قائلين "أبانا الذي في السماوات".وهم في الحرص على محبته. يعملون بوصاياه. لا خوفاً من عقوبة. بل حباً للخير. وهكذا قال السيد المسيح إن جميع الوصايا تتركز في وصية واحدة وهي المحبة "تحب الرب إلهك من كل قلبك. ومن كل فكرك. ومن كل قدرتك. وتحب قريبك كنفسك" بهذا تتعلق جميع الوصايا...وهو بالمحبة يريد أن ينشر السلام بين الناس وسلام بين الإنسان والله. وسلام في أعماق النفس من الداخل. سلام من الله يفوق كل عقل.
وعلّم بأن الصلح أفضل من تقديم القرابين. فقال : إن قدمت قربانك علي المذبح. وهناك تذكرت أن لأخيك شيئاً عليك. فاترك قربانك قدام المذبح. واذهب أولاً اصطلح مع أخيك".
وفي سبيل السلام بين الناس. دعتهم تعاليم المسيح أن يكونوا مقدمين بعضهم بعضاً في الكرامة..وهكذا نجد أنه حتى نستقبل يوم الميلاد بقلبنا البسيط المتواضع الصادق والمحب المفعم بالإيمان.
علينا أن نتذكر دوما الظروف التي ولد فيها طفل المغارة ..ونهيأ أنفسنا داخليا قبل خارجيا لكي نعيش مع من حولنا بقلوبنا البسيطة المليئة بالمحبة والعاطفة والإيمان والتواضع لنجدد بعيد الميلاد حبنا لطفل المغارة ونجدد روحنا من الداخل مع قدوم العام الجديد لكي نحقق لنا ولمن حولنا من الأحبة أجمل الأمنيات .وكل عام وأنتم بألف خير أعاده الله على جميع الأمم بالخير واليمن والبركة والمحبة والسلام .