قصة سمعتها من أبي رحمه الله..فكتبتها لكم...
كان لملك حكيم ابنة وحيدة ..وكانت هذه الأميرة فاتنة الجمال ..مما دفع كافة أمراء البلاد
المجاورة للتقدم و طلب الزواج منها...ونظرا لكونها اعتادت أن تكون مدللة أبيها بعد وفاة والدتها لم يستطع أحد من هؤلاء الأمراء
ولا سواهم من عامة الشعب أن يحظى بموافقتها على طلب الزواج...كانت دائمة التذمر ومتميزة في اختراع الحجج التي تبرر بها عدم موافقتها...
فهذا قصير و ذاك طويل ...هذا أشقر و ذاك أسمر..هذا متعجرف و ذاك فقير..هذا كذا و ذاك كذلك....الى أن ذاق الملك الحكيم ذرعا منها و من مبرراتها..
و أحب أن يلقنها درسا يعالج به خطأه في تربيتها المبنية على الدلال و الترف و البذخ...
كان هذا الملك يعلم علم اليقين بأن ابنته تحلم ان يكون لديها عربة كبيرة مصنوعة من الذهب المرصع بالأحجار الكريمة ...
ولكنه طالما امتنع عن تحقيق حلمها معتبرا اياه بذخا مبالغا به ولا مبرر له وأن شعبه أحق بهذا من حلم ابنته و جنونها...
وفي أحد الأيام قام الملك باستدعاء ابته وقال لها: ما رأيك لو أحقق لك حلمك الغالي شرط أن تأتيني بأجمل وردة موجودة في ممر الورود الملكي...
كان هذا الممر رائعا وخلابا ...ينتهي عند طرف أحد أسوار المملكة..ممر عريض وعلى جنبيه أجمل و أروع الأزهار في الدنيا...
شعرت الأميرة بفرحة عارمة تخترق كل خلية من خلاياها..أخيرا سيتحقق حلمها الغالي وستحظى بتلك العربة الخرافية التي لم تستطع أميرة في الدنيا يوما اقتناءها...
وطبعا و بلا تردد..قالت :أوافق يا أبي...قال الملك: و لكن يا ابنتي شرطي الوحيد أن يكون اختيارك لتلك الوردة في طريق
ذهابك لنهاية الممر لا في طريق الاياب.وأن تأتيني بوردة واحدة حكما والا سأحرمك من كل متاع الحياة التي تعيشينها.وستعيشين في القصر كما الخدم أو الجواري.
فهل توافقين؟ وبلا تردد أيضا قالت نعم نعم أوافق ..
انطلقت الأميرة عبر الممر الملكي تبحث يمنة و يسرى عن الزهرة الأجمل...وكلما وجدت الأجمل تقول في نفسها ..لا لا بد أن هناك أجمل منها في المقدمة..
ودون أن تشعر بالزمن او الطريق..وصلت الى نهاية الممر ...نظرت هنا و هناك على جنبتي الممر..فلم تجد ورودا تقطفها ..
لم تجد سوى وردة بيضاء مغطاة بالغبار تئن من وقع حرارة الشمس على تويجاتها الذبلة ..لقد ضاع الأمل المنشود ..ضاع الحلم ..وضاعت معه العربة الذهبية ...
ستبقى أميرة كسواها من كل الأميرات ..قطفت الوردة لتحافظ على الأقل على ماء وجهها أمام خدم القصر و جواريه..
وعادت والدموع تنهمر على خديها كالجمر .. وطوال طريق عودتها ضلت تفكر في السبب الذي دفع والدها الملك الحكيم لوضع هذا الشرط عليها...
فهل عرفتم يا أصدقائي بأن العمر لا يعود بنا الى الوراء لنختار أجمل الأشخاص الذين كنا قد أهملناهم يوما في مشوار حياتنا وحيد الاتجاه؟؟