ولدت فدوى طوقان في مدينة نابلس الفلسطينية سنة 1917 م لأسرة مثقفة وغنية لها حظوة كبيرة في المجتمع الاردني وهي تحمل الجنسية الاردنية. ابنة عبد الفتاح آغا طوقان وفوزية أمين بيك عسقلان. تلقت تعليمها حتى المرحلة الابتدائية حيث اعتبرت عائلتها مشاركة المرأة في الحياة العامة أمراً غير مقبول فتركت مقاعد الدراسة واستمرت في تثقيف نفسها بنفسها ثم درست على يد أخيها الشاعر إبراهيم طوقان الذي نمى مواهبها ووجهها نحو كتابة الشعر ثم شجعها على نشره في العديد من الصحف العربية.
عرفت بقصة حبها مع الناقد المصري أنور المعداوي التي وثقها الناقد رجاء النقاش في كتاب ظهر في أواسط السبعينات. وكانصثثثثصث ت قصة حب أفلاطونية عفيفة عن طريق الرسائل فقط.
توالت النكبات في حياة فدوى طوقان بعد ذلك، حيث توفي والدها ثم توفي أخوها ومعلمها إبراهيم، أعقب ذلك احتلال فلسطين إبان نكبة 1948، تلك المآسي المتلاحقة تركت أثرها الواضح في نفسية فدوى طوقان كما يتبين لنا من شعرها في ديوانها الأول وحدي مع الأيام وفي نفس الوقت فلقد دفع ذلك فدوى طوقان إلى المشاركة في الحياة السياسية خلال الخمسينيات.
سافرت فدوى طوقان إلى لندن في بداية الستينيات من القرن الماضي, وأقامت هناك سنتين، وفتحت لها هذه الإقامة آفاقًا معرفية وإنسانية, حيث جعلتها على تماسٍّ مع منجزات الحضارة الأوروبيّة الحديثة وبعد نكسة 1967 خرجت شاعرتنا من قوقعتها لتشارك في الحياة العامة بنابلس فبدأت في حضور المؤتمرات واللقاءات والندوات التي كان يعقدها الشعراء الفلسطينيون البارزون من أمثال محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد.
في مساء السبت الثاني عشر من شهر ديسمبر عام 2003 ودعت فدوى طوقان الدنيا عن عمر يناهز السادسة والثمانين عاما قضتها مناضلة بكلماتها وأشعارها في سبيل حرية فلسطين، وكُتب على قبرها قصيدتها المشهورة: كفاني أموت عليها وأدفن فيها
وتحت ثراها أذوب وأفنى
وأبعث عشباً على أرضها
وأبعث زهرة إليها
تعبث بها كف طفل نمته بلادي
كفاني أظل بحضن بلادي
تراباً، وعشباً، وزهرة …
............
خصائص شعر فدوى طوقان:
استخدمت فدوى طوقان الرمز في شعرها بصورة كبيرة ومن ذلك ما تقوله في قصيدتها (إلى السيد المسيح وعيده) :
قتل الكرامون الوارث يا سيد
واغتصبوا الكرم
وخطاة العالم ريّش فيهم طير الإثم
فأين صاحب الكرم
والمقصود هنا استحضار الدلالة الرمزية والتي جاءت في إنجيل مرقس حيث إن صاحب الكرم " يأتي ويهلك الكرامين ".
كما وظفت فدوى طوقان التضمين بطريقة غير مألوفة حيث إنها لجأت في أحد المرات على سبيل المثال
إلى استخدام اللغات العديده في قصيدة لها من بحر المتدارك فتقول:
وبنو عبس طعنوا ظهري
في ليلة غدر ظلماء
Open the door
Ouvre la Porte
افتاح آت هاديلييت
افتح باب
وبكل لغات الأرض على بابي يتلاطم صوت الجند
فهي هنا استخدمت أربع لغات: الإنجليزية، العربية، العبرية والفرنسية لتعبر عن تعدد ثقافات وأصول الجنود الإسرائيليين المختلفة
فدوى طوقان أهم شاعرات فلسطين في القرن العشرين، ولقبت بشاعرة فلسطين، حيث مثّل شعرها أساساً قوياً للتجارب الأنثوية
في الحب والثورة واحتجاج المرأة على المجتمع.
مؤلفاتها النثرية والشعرية:
صدرت للشاعرة عدة دواوين والمجموعات الشعرية نذكر منها:
* وحدي مع الأيام، دار النشر للجامعيين، القاهرة ،1952 م.
* وجدتها، دار الآداب،بيروت، 1957م.
* أعطني حبا ً.
* أمام الباب المغلق.
* الليل والفرسان، دار الآداب، بيروت، 1969م.
* على قمة الدنيا وحيدا ً.
* تموز والشئ الآخر.
* اللحن الأخير، دار الشروق، عمان، 2000م.
ومن آثارها النثرية أيضا :
* أخي إبراهيم، المكتبة العصرية، يافا، 1946م
* رحلة صعبة- رحلة جبلية (سيرة ذاتية) دار الشروق، 1985م.
* الرحلة الأصعب (سيرة ذاتية) دار الشروق، عمان، (1993) ترجم إلى الفرنسية.
مواضيع كتاباتها:
أ – حزنها على فقدها لأخيها إبراهيم طوقان : فقد كان إبراهيم معلمها الأول الذي أخرجها بتدريسه إياها مما كانت تعانيه
من انعدام تقدير المجتمع لإبداعاتها ومواهبها، ويظهر أثر موت أخوها إبراهيم جليا عندما نرها تهدي أغلب دواوينها
إلى " روح أخي إبراهيم " ويظهر أيضا من خلال كتابها " أخي إبراهيم " والذي صدر سنة 1946
إضافة إلى القصائد العديدة التي رثته فيها خاصة في ديوانها الأول " وحدي مع الأيام ".
ب – قضية فلسطين : فقد تأثرت فدوى طوقان باحتلال فلسطين بعد نكبة 1948 وزاد تأثرها بعد احتلال مدينتها نابلس خلال حرب 1967
فذاقت طعم الاحتلال وطعم الظلم والقهر وانعدام الحرية. يقول عنها عبد الحكيم الوائلي : " كانت قضية فلسطين تصبغ شعرها
بلون أحمر قان ففلسطين كانت دائما وجدانا داميا في أعماق شاعرتنا فيأتي لذلك شعرها الوطني صادقا متماسكا أصيلا لا مكان فيه للتعسف والافتعال "
ج – تجربتها الأنثوية : لقد مثلت فدوى طوقان في قصائدها الفتاة التي تعيش في مجتمع تحكمه التقاليد والعادات الظالمة،
فقد منعت من إكمال تعليمها ومن إبراز مواهبها الأدبية ومن المشاركة في الحياة العامة للشعراء والمثقفين ومنعت من الزواج،
كل ذلك ترك أثره الواضح في شعر فدوى طوقان بلا شك وجعلها تدعوا في كثير من قصائدها إلى تحرر المرأة
وإعطائها حقوقها واحترام مواهبها وإبداعاتها، مما جعلها محط احترام وتقدير غيرها من الأديبات اللاتي شاركنها نفس الفكر،
فتقول عنها وداد السكاكيني: " لقد حملت فدوى طوقان رسالة الشعر النسوي في جيلنا المعاصر
يمكنها من ذلك تضلعها في الفصحى وتمرسها بالبيان وهي لا تردد شعرا مصنوعا تفوح منه رائحة الترجمة
والاقتباس وإن لها لأمداً بعيداً هي منطلقة نحوه وقد انشق أمامها الطريق "
أوسمتها وجوائزها:
كرست فدوى طوقان حياتها للشعر والأدب حيث أصدرت العديد من الدواوين والمؤلفات وشغلت عدة مناصب جامعية بل
وكانت محور الكثير من الدراسات الأدبية العربية إضافة إلى ذلك فقد حصلت فدوى طوقان على العديد من الأوسمة والجوائز منها:
1. جائزة الزيتونة الفضية الثقافية لحوض البحر الأبيض المتوسط باليرمو إيطاليا 1978م.
2. جائزة سلطان العويس، الإمارات العربية المتحدة، 1989م.
3. وسام القدس، منظمة التحرير الفلسطينية، 1990.
4. جائزة المهرجان العالمي للكتابات المعاصرة، ساليرنو- إيطاليا.
5. جائزة المهرجان العالمي للكتابات المعاصرة - إيطاليا 1992.
6. وسام الاستحقاق الثقافي، تونس، 1996م.
7. وسام أفضل شاعرة للعالم العربي الخليلعمادين
فدوى طوقان أهم شاعرات فلسطين في القرن العشرين، ولقبت بشاعرة فلسطين، حيث مثّل شعرها أساساً قوياً للتجارب الأنثوية
في الحب والثورة واحتجاج المرأة على المجتمع.
من قصائدها :
الفدائي و الأرض
(1)
أجلس كي أكتبَ,ماذا أكتب؟
ما جدوى القول؟
يا أهلي,يا بلدي,يا شعبي
ما أحقر أن أجلس كي أكتب
في هذا اليوم
هل أحمي أهلي بالكلمة؟
هل أنقذ بلدي با لكلمة؟
كل الكلمات اليوم
ملحُ لا يروق أو يزهر
في هذا الليل...
(2)
في بهرة الذّهول و الضياع
أضاء قنديل ءالهيٌ حنايا قلبه
وشعّ في العينين وهج جمرتين
وأطبق المفكّرة
وهبّ,مازن ,الفتى الشّجاع
يحمل عبء حبّه
وكلّ همّ أرضه و شعبه
و كلّ أشتات المنى المبعثرة!!
* * *
-: ماضٍ أنا أماّه
ماضٍ مع الرفاق
لموعدي
راضٍ عن المصير
أحمله كصخرةٍ مشدودةٍ بعنقي
فمن هنا منطلقي
وكلّ ما لديّ,كل كلّ النبض
والحب والإيثار والعبادة
أبذله لأجلها,للأرض
مهراً,فما أعزّ منك يا
أماه إلا الأرض
-: يا ولدي!
يا كبدي!-:أماه موكب الفرح
لم يأت بعد
لكنّه لا بدّ أن يجيء
يحدو خطاه المجد
-: يا ولدي!
يا ......
-: لا تحزن إذا سقطت قبل –
موعد الوصول
فدربنا طويلة شقيّة
و دون موعد الوصول ترتمي على المدى
سواحل الليل الجهنمية
نعبرها على مشاعل الدماء
لكن لن يجيء بعدنا الفرح
لابدّ من مجيئه هذا الفرح
فيتساوى لأخذ و العطاء
- :يا و لدي
اذهب!
وحوّطته أمه بسورتي قرآن
اذهب!
وعوّذته باسم الله و الفرقان
كان مازن الفتى الأمير سيد الفرسان
كان مجدها وكبرياءها و كان
عطاءها الكبير للأوطان
* * *
في خيمة الليل
وفي رحابة العراء
قامت تصلّي
ورفعت إلى السماء وجهها
وكانت السماء
تطفح بالنجوم والألغاز
. . . . . . . . .
يا يوم أسلمته للحياة
عجينةًَ صغيرةً مطيّبة
بكل ما في أرضنا من طيب
يا يوم ألقمته ثديها الخصيب
و عانقت نشوتها
واكتشفت معنى وجودها
في درّة حليب
. . . . . . . .
. . . . . . .
(يا ولدي
يا كبدي
من أجل هذا اليوم
من أجله ولدتك
من أجله أرضعتك
من أجله منحتك
دمي و كلّ النبض
وكلّ ما يمكن أن تمنحه أمومة
يا ولدي,يا غرسةً كريمة
اقتلعت من أرضها الكريمة
اذهب,فما أعزّمنك يا
بنيّ الاّ الأرض
* * *
(3)
((طوباس)) وراء الربوات
آذانٌ تتوتّر في الكلمات
وعيون هاجر منها النوم
الريح وراء حدود الصّمت
تلهث خلف النّفس الضائع
تركض في دائرة الموت!
. . . . . . . .
يا ألف هلا با لموت!
واحترق النجم الهاوي و مرق
عبر الربوات
برقاً مشتعل الصوت
زارعاً الإشعاع الحيّ على-
الربوات
في أرضٍ لن يقهرها الموت!
أبداًُ لن يقهرها الموت.