في العشرة سنوات الأخيرة يعاني كثير من الأولياء من من ضعف اهتمام ابنائهم بالدراسة والمدرسة وقلة التركيز والاكتراث
وبطء الاستيعاب، والاسوأ أن هذه الامور تزداد وتيرتها مع تقدم الطفل في السن وطيه للمراحل الدراسية، فقد تكون الدرجات التي يحصل عليها
هذا الطفل في السنين الاولى من دراسته مقبولة نوعاً ما لكنها شيئاً فشيئاً تتراجع وتنخفض حتى يحتاج الامر الى دفع الابن دفعاً لكي يتجاوز صفاً ويرتقي
إلى صفٍ آخر.وغالباً ما يكون اهتمام الآباء منصباً على هذا الامر فيبذلون قصارى جهدهم ويلجأون إلى شتى الوسائل والطرق
لكي يتقدم الابن خطوة إلى الامام فتكلل جهود البعض منهم بالنجاح بينما يصاب آخرون بالفشل وخيبة الامل.
والسؤال المطروح هو : كيف يمكن مواجهة بعض صعوبات التعليم إن كان هناك فعلا صعوبات ، وكيف يمكن للابناء من تحقيق التفوق الدراسي؟
أولا يجب التركيز على إكمال المهمة الدراسية !
أنا شخصيا لا أنظر كثيرا الي الدرجات التي يحصل عليها الطالب في مراحله الأولى من بدء الدراسة ولكن الأهم من ذلك هو كيفية إيجاد الرغبة
والقدرة على العمل الجاد والمثابرة والدراسة لدى الابناء من أجل تطوير من مستوى الطالب بحيث نضمن اللاعودة إلي الوارء في مستوى الطالب
وهذا يأتي بالدرجة الأولى من أهتمام مدرس الطالب في المدرسة ومن خلال مشاركة الوالدين في التدريس
فقد بينت كل الدراسات في الوقت الحديث بأن الاستغراق ومشاركة الوالدين لأبنهما لهما التأثير الاكبر
على نجاحه في المدرسة ويسبقان في الاهمية المدرسين أو مستوى المدرسة، فعلى الابوين
إن كانا راغبين في تحسين مستوى إبنهما الدراسي أن يمنحاه وقتاً كافياً كل يوم للعناية بواجباته.
ولابد في هذه الناحية أن تكون فعالية الوالدين في المجال التعليمي فعالة
بحيث يحسنوا الظروف الدراسية التي تسمح للابناء بأن يكونوا أكثر تركيزا
ورفع نسبة التركيز عندهم إن كان أثناء العمل مع الوجب المدرسي في البيت أو في المدرسة
ويتم ذلك بطرق عديدة جدا عن طريق اتخاذ خطوات مهمة ومحددة وأوجزها فيما يلي :
أول هذه الخطوات هي معرفة الاسباب الحقيقية وراء ضعف التركيز .
لأننا نحن أولياء الامور في كثير من الاحيان نلقي بالتبعة على أولادنا عندما لا يركزون انتباههم في دروسهم،
وننسىء أو نتناسىء أسباباً أخرى كثيرة وجوهرية قد تؤدي الى ضعف تركيز التلميذ؛ منها:
طبيعة المقررات الدراسية، ومعاملات المعلمين والآباء، سواء في المدرسة أو في البيت في الدروس الخصوصية،
وطرق التدريس المستخدمة، وطرق الاستذكار التي يعتمد عليها الآباء
عندما يريدون مساعدة أبنائهم، والتي تكون غالباً تلقينية خالية من المشوقات والمثيرات،
ويغلب عليها العاطفة أو القسوة المفرطة التي تأتي من باب خوفنا الشديد على أولادنا وقلقنا على مستقبلهم الدراسي.
وربما يكون التلميذ هو السبب، ولكن لظروف خارجة عن إرادته؛ كالظروف الصحية او النفسية، أو غير ذلك".
وينبغي الاشارة هنا الى خطأ يقع فيه كثير من الآباء والمعلمين؛ وهو حرصهم تلقين الاولاد المعرفة،
دون الاهتمام بمنحهم مفاتيح المعرفة التي تساعدهم على تعليم أنفسهم بأنفسهم، ولهذا فإن الفرق كبير
بين أم تلقن أبناءها المعرفة بصورة جافة لا روح فيها، وبين أم توجه أبناءها وتشرف عليهم؛
وذلك من خلال متابعة إنجازهم للواجب المنزلي دون أن تتدخل – بالطبعء وتتحمل عنهم حل مشاكلهم
وتصحيح أخطائهم، ويكون تدخلها عندما يسألها الابن عن أمر لا يعرفه، ثم بعد أن ينتهي من عمله
في مادة دراسية أو من حل تدريبات أو أسئلة، تنظر في دفتره فتصادق على الصواب، وتساعده على اكتشاف خطئه،
وهذا مجرد مثال لكيفية مساعدة الابناء على الاستذكار، وهناك وسائل كثيرة أخرى تساعد في زيادة التركيز.
العوامل النفسية :
يمكن أن يكون الجانب النفسي للطالب من أهم العوامل التي تضعف تركيزه
وتؤدي إلى تراجع مستواه لذلك لابد من النهوض بالطالب لعلاج ظروفه النفسية ويمكن أن يكون عبر عدة نصائح للوالدين :
1ـ على الوالدين أن يحرصا دائماً على إيجاد دافع لدى الابن للأستذكار والانتباه والدوافع عديدة
كأن نغرس فيه حب العلم ومحبة لله وكذلك وسائل الترغيب ودوما الوالدين أدرى بما يحبه ابنهما،
كما يتم تحفيز الابن عن طريق ذكر اسماء بعض الناجحين والتفوقين في مجالات عدة .
2 ـ أن يعتمد في مساعدة ابنهما على المتابعة لا على التلقين، مع تشجيعه دائماً وبث الثقة بالنفس.
3ـ أن يتم تعليم الابن بترديد ماهو مناسب من الكتاب المقدس عند بدء القيام بالعمل في الوجب المدرسي .
4 ـ أن يعودا إبنهما أن يهيئ نفسه للأستذكار؛ وذلك باختيار الوقت المناسب؛ بحيث لا يكون متعباً ولا متضايقاً
ولا حزيناً ولا مهموماً؛ لذا فليتعود أن يحاول حل مشكلاته قبل الاستذكار كأن يبادر بمصالحة من تشاحن معه،
أو يلجأ الى من هو أكبر منه من الموثوق بهم من أفراد الاسرة أو الاقارب، أو حتى يكتب همومه في ورقة بينه وبين نفسه
اذا لم يجد من يبوح له بمشكلته؛ ففي كتابته هذه تنفيس وترويح عن النفس، وربما استراح نفسياً بمجرد بث همومه لهذه الصديقة (الورقة)،
ويمكن له أن يمزقها بعد تحقيق الهدف وهو الراحة النفسية والتهيؤ للمذاكرة.
5 ـتهيئة مكان الاستذكار؛ وذلك بالتغلب على الضوضاء، واتباع أسس الإضاءة الصحيحة، فتكون الإضاءة على يساره
إن كان ممن يستخدم اليد اليمنى وعلى يمينه إن كان يستخدم اليسرى، وألا تكون ضعيفة فتبعث على النوم
أو تضعف العين أو توتر الاعصاب أو تسبب النفور أوتضعف التركيز.
ومن تهيئة المكان أيضاً: ترتيب الكتب، وألا يكون أمام الابن على طاولته الدراسية إلا الكتب التي ينوي المذاكرة فيها، مع تجهيز أدوات المذاكرة قبل الجلوس.
6 ـ الاهتمام بالصحة والتغذية وضرورة الكشف الصحي الدوري على الابن فلذلك فيها أثره الكبير في التركيز.
7 ـ أن يعودا ابنهما الا يذاكر وهو جائع أو متخم بالطعام وألا ينام كذلك وهو جائع أو متخم.
8 ـ أن يحرصا على أن يجلس ابنهما جلسة أنتباه لا جلسة استرخاء عند المذاكرة
(يجلس عمودياً مع الميل قليلاً للأمام – ولا الإنكفإ وذلك على كرسي لا هو باللين الناعم فيسبب النوم، ولا بالخشن القاسي فلا يصبر في جلسته)،
مع تجنب المذاكرة جالساً على السرير أو مستلقياً لأنه سيشعر بالنعاس.
9 ـ أن يدربا إبنهما على أن يبدأ مذاكرته بالأطلاع على العناوين أو العناصر والافكار الرئيسية وتحديدها اولاً، ثم الدخول في تفاصيل الدرس بعد ذلك.
10ـ إذا تعثر إبنهما في استيعاب جزء معين فيجب أن يوجهاه إلى أن يكتب ما يذكره من هذا الجزء في ورقة،
ثم ينظر في الكتاب مرة ثانية، ويعيد محاولة الكتابة مرة ثانية، إلى أن يتم الاستيعاب.
11 ـ ألا يذاكر مادتين متشابهتين على التوالي، فإن ذلك قد يسبب النسيان والتداخل.
12 ـ يجب الاهتمام بعملية الاسترجاع بين الحين والآخر، ويمكن تحقيق ذلك من خلال توجيه الابن ومتابعته ومشاركته،
كما يمكنهما توجيهه بين الحين والآخر إلى الاعتماد على النماذج المحلولة، من باب " اختبر نفسك مثلا"،
أي بعد حل التدريبات أو الاسئلة كاملة، ينظر في ذكر النماذج ويصحح لنفسه بنفسه، ثم يتابعا ذلك بعد أن يصحح لنفسه،
ويشجعانه على هذا التقويم الذاتي حتى يصبح عنده عادة مستمرة من عادات العلم، مع مراعاة علاج نقاط الضعف في كل مرة .
13 ـ على الابوين أن يرشدا إبنهما إلى ضرورة فهم الشيء المراد حفظه أولاً ،لأن الفهم يحقق حفظاً سريعاً ويسيراً.
14ـ يمكنهما تقوية الحفظ والاستيعاب لديه عن طريق تشجيعه على استثمار أوقات فراغه في المبادرة بالمراجعة الصامتة، أو شرح ما فهمه لهما ولإخوته .
15 ـ على الابوين أن يعودا ابنهما أن يعطي نفسه فترة راحة (10-15 دقيقة) بين فراغه من مذاكرة مادة والبدء في مادة أخرى،
وحتى في أثناء مراجعة المادة من المفيد جداً أن يأخذ راحة خمس دقائق كل نصف ساعة أو كل ساعة حسب طاقته،
يتحرك فيها او يروح عن نفسه إفادة أكبر لضعيفي التركيز.
يبقى أن أذكر بأن الصبر والتأني مفتاحان للكثير من المعضلات ومن خلالهما يمكن تذليل الكثير من الصعوبات؛
طبعاً الى جانب التوكل على الله والدعاء والتوسل اليه وطلب العون منه ومن ابنه الحبيب ، لأنه الوحيد القادر على كل شيء.
16ـ لابد في كل مرة أن يعود فيها الابن من المدرسة التحدث إليه بما عكر صفوة نهاره لتجاوزها معه
ومعرفة مالذي أفرحه في يوم دراسته لمشاركته فرحته ومعرفة مالذي حدث معه يوميا داخل الحصة الدراسية
أو خلال الأستراحة وكذلك ماذا صادف في طريقه من وإلى المدرسة .
.........................
_________________