|
|
غنّيتُ للفجرِ حتى انسابَ مُنْهَمِرا
|
| ورحتُ أنفضُ أَجفانَ الهوى صُوَرا
|
والأرضُ من أُفُقٍ تسعى إلى أُفقٍ
|
| يصحو لها الوَتَرُ الغافي، ولو سَكِرا
|
غنَّيتُ... واخضَلَّتِ الذكرى على شفتي
|
| وصَفَّق الهُدْبُ للحُلْمِ الذي خَطَرا
|
أختاه! أَيُّ شفاهي لم تَذُبْ نغماً
|
| وأيُّ جرحٍ عميقٍ لم يَعُدْ نضِرا
|
أصْفى من النورِ آلامي، ولو جُحِدَتْ
|
| ودمعتي بوركتْ: مجرىً، ومُنحَدرا
|
توسَّدَ الروحُ، في أفياءِ جنَّتهِ،
|
| يُسربلُ الكونَ، أَطياباً، وما شَعَرا
|
رَدَّ الليالي عذارى، وَهْوَ مصطفقٌ
|
| ولوَّنَ الشَّفَقَ المسفوحَ مدّكِرا
|
روحي صلاةٌ، إذا هامَ الحنينُ بها،
|
| تضوَّعَ الإثمُ غُفْراناً، وإن كَفَرا
|
أختاه! هذا فؤادي في ارتعاشتهِ
|
| كجدولِ الضَّوْءِ، أرخى نَبْعَهُ وَجَرى
|
قفي على طَلَلِ الماضي نودِّعُهُ
|
| عَفْوَ الهوى ينطوي من بعدنا خَبَرا
|
عَفْوَ القوافي، فَلَمْ يَصْمُتْ لها وترٌ
|
| إلاَّ وصُغتُ جراحاتي لها وَتَرا
|
قفي على طَلَلِ الماضي، لنا غَدُنا
|
| ينشقُّ من كَبِد الأيامِ منحسِرا
|
غدٌ رحيبُ المدى، من كلِّ بارقةٍ
|
| تهدهدُ اللّيْلَ، في أحداقنا، سَحَرا
|
غدٌ يغنّي له الأحرارُ ما طربوا
|
| وما تنادى الحمى فيهم وما زأرا
|
لا... لا تلومي: بلادي جنَّةٌ عَبَقَتْ
|
| رمالُها السُّمْرُ أمجاداً ومُفْتَخَرا
|
خَطَّتْ دروبُ العصورِ الهارباتِ دَماً
|
| وهزَّتِ الأَبَدَ المذعورَ، فانْفَطَرا
|
ألم نشيِّدْ صُروحَ العزِّ شامخةً
|
| وَنَقْذِفِ الشُّهبَ، في آفاقِنا، زُمَرا؟
|
مواكبُ الشَّمْسِ سارتْ في معارجنا
|
| في كلِّ مُفْتَرَقٍ تبني لنا أَثَرا
|
لا... لا تلومي، أَنا من أمَّةٍ رقَصَتْ،
|
| على الجحيمِ، تضمُّ الجمرَ والشَّرَرا
|
ماذا دهى الوَطَنَ المذبوحَ، فاختلجتْ
|
| على الشِّفارِ، دماهُ الحُمْرُ واحتضَرا
|
يا لَلخمائلِ قفْراً في مراتِعِنا
|
| كالموتِ جرداءَ، لا ظلاً، ولا ثَمَرا
|
يا لَلنجومِ الزَّواهي غوِّرَتْ حلَكاً
|
| لا سامِرٌ، بَعْدَنَا، يشدوَ ولا سَمَرا
|
القدسُ، في قبضةِ الإجرامِ قد هُتِكَتْ
|
| والعهدُ، تحت يد السفّاح، قد نُحِرا
|
واستصرخَ المغربُ الدّامي فهلْ خفقتْ
|
| له المروءاتُ؟ والموتورُ، هل ثَأرا؟!
|
دنيا العروبةِ، صرعى، ترتمي مِزَقَاً
|
| لكلِّ مغتصِبٍ، إنْ جالَ، أو جَأَرا
|
فكلُّ باغٍ، على أشلائها، ثَمِلٌ
|
| وكلُّ مستعمرٍ، في بيتها، سَدَرا
|
ألقاكِ، يا أُختُ، في صحْوِ الشجونِ رضاً
|
| تباركَ الحزنُ، فينا، ضاحكاً عَطِرا
|
تمضي على لهَبِ الأحزانِ باسمةً
|
| جراحُنا، ودمانا الطيبُ إن نُشِرا
|
مأساتُنا، لو تعي الأيامُ، صارخةٌ
|
| حمراءُ، تنسج من آلامنا الظَّفَرا
|
سنحمل الجرحَ، لا نشكو به ألماً
|
| ولا نضيق، على أوهامه، وَطَرا
|
نُعدُّ، للثأرِ، راياتٍ مزغرِدةً
|
| ونلطُمُ الدَّهْرَ، والأنواءَ، والخَطَرا
|
إرادةُ الشعبِ، في أعماقِنا، قَدَرٌ
|
| وكم طلعنا، على أجيالنا، قَدَرا!
|
هي الحضاراتُ، فجَّرْنا منابعها
|
| من الصميم، فسالتْ.. بيننا نَهَرا
|
ألقاكِ، يا أختُ، فالدنيا بنا حلُمٌ،
|
| من الظلالِ الضوافي، بات مؤتزِرا
|
سننظمُ الصبحَ، بعدَ الصبحِ، مؤتلقاً
|
| ونغرس المجدَ، بعد المجد، مزدهرا
|
غداً، تُرَدُّ الأماني البيضُ مائجةً
|
| والدربُ يزخرُ بالوهج الذي زَخَرا
|
غداً، وسال فمي نجوى وقافيةً
|
| ورفَّ جفني على الألوان منتثرا
|
الشعر من كبدي نُعمى، مسلسلةٌ
|
| أو ثورةٌ جمحتْ، أو عاصفٌ طفَرا
|
أنا ابنُ أرضٍ على آبادها درجتْ
|
| قوافلُ الدهرِ وانساحَتْ بها ذِكَرا
|
فكلُّ شبرٍ، نسيجٌ من دمٍ ولظىً
|
| وكلُّ أفقٍ، نداءٌ ضجَّ واستَعَرا
|