الزارع الزرع الجيد هو ابن الإنسان

عندما تقدم التلاميذ وقالوا له لماذا تكلمهم بأمثال. فأجاب وقال لهم لأنه قد أعطي لكم أن تعرفوا أسرار ملكوت السموات.
و أما أولئك فلم يعط. فان من له سيعطى ويزاد.و أما من ليس له فالذي عنده سيؤخذ منه
من أجل هذا أكلمهم بأمثال. لأنهم مبصرين لا يبصرون وسامعين لا يسمعون ولا يفهمون
ومن الأمثال التي علمهم إياها السيد المسيح مثل الزرع والزارع

"هوذا الزارع قد خرج ليزرع، وفيما هو يزرع سقط بعض على الطريق فجاءت الطيور وأكلته، وسقط آخر على الأماكن المحجرة
حيث لم تكن له تربة كثيرة فنبت حالاً إذ لم يكن له عمق أرض، ولكن لما أشرقت الشمس احترق وإذ لم يكن له أصل جف،
وسقط آخر على الشوك فطلع الشوك وخنقه. وسقط آخر على الأرض الجيدة فأعطى ثمراً بعض مئة وآخر ستين وآخر ثلاثين"
(متى 13: 3-8).

كان المسيح يعلم بالأمثال والهدف من التكلم بالأمثال هو أن يتعلم الناس عن المجهول بواسطة المعلوم.
"هذا كله تكلم به السيد يسوع المسيح للجموع بأمثال وبدون مثل لم يكن يكلمهم، لكي يتم ما قيل بالنبي القائل
"سأفتح بأمثال فمي وأنطق بمكتومات منذ تأسيس العالم"
(متى 13: 34-35)،
نلاحِظ أنه في مَثَل الزارع لم يقتصر كلام السيد يسوع المسيح على الأرض الخصبة فقط، ولكنه تناول الأربع الصور التي
يمكن أن تكون عليها إرادة الإنسان.

.فالسيد يسوع المسيح جاء الى الارض ليبذر بذار الحق الالهي . "والزارع الزرع الجيد هو ابن الإنسان" (متى 13: 37).
فالمسيح أتى لا كملك ارضي ليبني إمبراطورية أرضية بل جاء ليزرع كلمة الله في نفوسنا وليرسم لنا طريق حياتنا بحياته
فالمسيح هو الزراع بذور الحق السماوي والذي خرج ليزرع الحق . نعم هو خرج من لدن الاب ، وترك مكانه اخذا صورة عبد
افتقر وهو غني لكي نستغني بفقره، خرج إنساناً متألماً مجرباً. خرج ليزرع بالدموع وليروي بدمه بذار الحياة للعالم الهالك.
وبنفس هذه الكيفية يجب على خدامه أن يخرجوا ليزرعوا اي يجب ان تكون الاولوية دائما لعمل الرب وخلاصه .
لقد جاء المسيح ليزرع كلمة الله في العالم اجمع غير مفرق بين طائفة واخرى وبين شعب واخر

. كلمة الله هي البذار الجيدة التى هي روح وحياة للجميع .
إن كل بذرة لها في ذاتها قدرت على الحياة والحياة في البذررة لا تنطلق وتعطي ثمرا قبل ان تموت في الارض وتنبت وتحيا
من جديد . وكذلك في كلمة الله توجد الحياة. فالمسيح يقول: " الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة" (يوحنا 6: 63).
"من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية" (يوحنا 5: 24).
ومتى ضاع الإيمان بكلمة الله فالنفس تشرد وتضيع .

وفي تفسيره للبذار الذي سقط بجانب الطريق قال السيد يسوع المسيح : "كل من يسمع كلمة الملكوت ولا يفهم
فيأتي الشرير ويخطف ما قد زرع في قلبه هذا هو المزروع على الطريق" (متى 13: 19).
في هذه الصورة يُقدِّم لنا السيد المسيح ذلك الإنسان غير القادر على كبح أفكاره،صاحب الفكر المُشوَّش الذي هو دائماً
في حالة من الضياع، تارة يميناً وتارة يساراً. فحريته لها أشكال متعددة، وضميره يسكن فيه آلاف من الصور فهو يشغل
نفسه دائما بهموم ومشاكل متعددة تخترقه وتقوده الى الضياع والهلاك..

مثل هذا الإنسان نجده ضحيَّة للأرواح الشريرة، ذلك لأن العدو يخترقه عن طريق افكاره ويُفقده ما يملكه من وسائل دفاعية
حتى أن كلمات الله المحيية ليس لها مكان في داخله ، لانه سمح للشيطان بان يسيطر على افكاره وحياته .
فامور العالم دائما تخطفه وتبعده عن طرق الحق : «فجاءت الطيور وأكلته..
فالحرب تبدأ دائماً بالأفكار ومواجهة هذه الأفكار يجب أن يكون بالصلاة كما علَّمنا السيد يسوع المسيح:
(ينبغي أن يُصلَّى كل حين ولا يُمَلَّ) (لو 18: 1)،
وكما علَّمنا بولس الرسول: «صلُّوا بلا انقطاع» (1تس 5: 17 )
والسيد يسوع المسيح يعلمنا أيضاً ويقول لنا : ”اسهروا“. و”السهر الروحي“ هو من عمل النعمة، وهو يمنع عنا الأفكار
المتواترة التي من شأنها أن تفصل الإنسان عن ربه، و تجعله أسيراً للشيطان

"المزروع على الأماكن المحجرة هو الذي يسمع الكلمة وحالا يقبلها بفرح. ولكن ليس له أصل في ذاته بل هو إلى حين.
فإذا حدث ضيق أو اضطهاد من أجل الكلمة فحالا يعثر" (متى 13: 20-21). إن كثيرين ممن يعترفون بالكلمة هم سامعون
تشبه قلوبهم الأماكن المحجرة. هذا النوع من الناس قد يسهل إقناعهم، إلا أن تدينهم وامانهم سطحي.

و السامعين ذوي القلوب المتحجرة يعرفون القوانيين الالهية ولكن يعتمدون على ذاتهم في ادراة شؤونهم بحسب
الطريقة التي يرونها مناسبة لهم يقتلون ويسرقون ويعملون كل رغباتهم دون ان يسيروا في القوانيين الالهية .
إنسان من هذا النوع ليس له أصل في ذاته لأنه غير مرتبط بالمسيح ولا بتعليمه يعثر إذا حدث ضيق أو اضطهاد
من أجل الكلمة لان الكلمة عنده ليس لها اي معنى. هؤلاء الناس لهم صورة التقوى لكنهم منكرون قوتها
وحسب المظاهر يقبلون الإنجيل كوسيلة للنجاة من الألم بدلاً من قبوله الخلاص من الخطية والسير في طرق
الرب والعمل بكلمته . فالذي يعيش لذاته ليس مسيحيا ولا يعرف أن المحبة تظهر في التضحية. وإذا كنا نحب يسوع
يجب ان نحفظ كلامه ونعمل به فلأجله يجب ان نضحي ونتحمل كل الم وتعب ومشقة وان نحيا بمحبة وسلام الرب .

"المزروع بين الشوك هو الذي يسمع الكلمة وهمّ هذا العالم وغرور الغنى يخنقان الكلمة فيصير بلا ثمر" (متى 13: 22).
إن بذار الإنجيل المقدس ( هي كلمة الله الحية ) كثيراً ما يقع بين الشوك والأعشاب المضرة، فإذا لم يحدث تغير جذري
في القلب البشري وإذا لم يتخلص الإنسان من العادات والأعمال الغير صالحة وحياة الخطية فإن الكلمة تختنق.
وسيكون الشوك هو الحصاد وستقتلع الحنطة، أي بمعنى أنها توقف نمو البذار الروحي.

وعن البذار الذي سقط في الأرض الجيدة "وأما المزروع على الأرض الجيدة فهو الذي يسمع الكلمة ويفهم وهو الذي
يأتي بثمر فيصنع بعض مئة وآخر ستين وآخر ثلاثين" (متى 13: 23). الذين يسمعون ويحفظون الكلمة يثمرون بالصبر.
فالذي يخضع لتبكيت الروح هو الذي له القلب الجيد الصالح. فهو يعترف بذنبه ويحس بحاجته إلى رحمة الله ومحبته.
إن القلب الجيد هو القلب المؤمن والذي له إيمان بكلمة الله. فكلمة الله إذ تقبل في النفس تظهر في الأعمال الصالحة
وستظهر نتائجها في أخلاق كأخلاق المسيح وحياة كحياته.
وثمر الإيمان الحقيقي هو الوداعة والمحبة والوفاء لكلمة الله ووصاياه . "هوذا الفلاح ينتظر ثمر الأرض الثمين متأنياً عليه
حتى ينال المطر المبكر والمتأخر" (يعقوب 5: 7). لهذا على المسيحي أن يتوقع بالصبر أن تثمر كلمة الله في حياته
وأن ينشرها بامانة لخلاص نفوس جميع البشر وحتما هي ستترك أثرا وأثرها سيكون كبيرا

_________________
الزارع الزرع الجيد هو ابن الإنسان 2-1410

"كل من يسمع كلمة الملكوت ولا يفهم فيأتي الشرير ويخطف ما قد زرع في قلبه هذا هو المزروع على الطريق"
(متى 13: 19).
(ينبغي أن يُصلَّى كل حين ولا يُمَلَّ) (لو 18: 1)
لنسمع كلام الرب يسوع وننفذه في كل حين فهو الوحيد الذي يؤدي للملكوت السماوي
آمين

vthank

» الإنسان البدائي كان يشبه الإنسان الحديث أكثر مما نظن
» غرف النوم المريحة مفتاح للنوم الجيد
» فاسمعوا أنتم مثل الزارع
» مثل الزارع يزرع الكلمة
» اسمعوا أنتم مثل الزارع