أرسل أحد التجار ولده في تجارةٍ ليعوده على الأسفار والإتجار، والكسب الحلال، وتقحم الأخطار من أجل أن يعتمد في كسبه
على نفسه لا على ثروة أبيه، وكان الإبنُ مُتردداً في البداية، لا يحب أن يتعب نفسه، ويقول: لا يزالُ الوقت مبكراً على العمل.
لكنّه تحتَ إصرار والده وحثِّه على العمل والتجارة، قرّر أن يخرج متاجراً، وفيما هو في إحدى محطّات سفره، استوقفه
مشهدٌ غريب، فلقد رأى على جانب الطريق ثعلباً طريحاً يتلوّى من الجوع، فقال: يا ترى من أين يتغذّى هذا الثعلبُ المسكين؟
وبينما هو في خضمِّ خواطرهِ وتساؤلاته، إذ أقبلَ أسدٌ يحملُ فريسةً، فأكلها وتركَ فضلةً لا خيرَ فيها، ومضى.
وما هي إلّا لحظات، حتى أقبل الثعلبُ الجائعُ المتلوِّي من الجوع ليأكل من فضلة الأسد!
هنا، التفتَ التاجر الشابُّ إلى القصّة، ففسّرها كما يحلو له، ولم يُكمل سفره، بل قفلَ راجعاً، فاستغربَ أبوهُ عودته السريعة،
ولمّا استوضحَ منه السبب، قال الإبن: رأيتُ ما أثناني (منعني) عن مواصلة السفر في طريق التجارة.
سأله الأب: وماذا رأيت؟
أجابه الإبن بطريقة مَن يتصور أنه يدرِك الأمور ويفهمها جيداً: إذا كان الله قد تكفّل للناس بالرزق، فلماذا يتحملون المشاق،
وركوب المخاطر؟
ولم يفهم الأب لأوّل وهلة مُراد ابنه، فسأله يستوضح أكثر عمّا رأى ؟ فقصّ الإبن لأبيه قصّة الثعلب والأسد.
هنا، قال الأب لابنه: لقد أخطأت النظر يا ولدي، فإنّما أردتك أن تكون أسداً يأكل الجياع من فضلاته، لا ثعلباً جائعاً ينتظر
قوته من فضلاتِ غيره !!