هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأرسل مقالالتسجيلدخول
 

 الشاعر الأندلسي ابن زيدون

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Amer-H
صديق فيروزي متميز جدا
صديق فيروزي متميز جدا
Amer-H


علم الدولة : Syria
الجنس : ذكر
المشاركات : 9801
الإقامة : Sweden
العـمل : IT-computer
المزاج : Good
السٌّمعَة : 316
التسجيل : 09/02/2007

الشاعر الأندلسي ابن زيدون Empty
مُساهمةموضوع: الشاعر الأندلسي ابن زيدون   الشاعر الأندلسي ابن زيدون Emptyالخميس أبريل 05, 2012 10:35 pm

الشاعر الأندلسي ابن زيدون 407858

أجمع العديد من النقاد ابن زيدون أن أحد الشعراء المبدعين في العصر الأندلسي، وأنه أحد شعراء الطبقة الأولى من
بين شعراء العصر الأندلسي وأحد المشكلين للتراث الثقافي في هذا العصر، أجاد ابن زيدون في قصائده فظهر بها جمال الأسلوب
ورقة المشاعر والموسيقى الشعرية، وكانت قصائده صورة من حياته السياسية والعاطفية، وتم تشبيهه بالبحتري،
وقد تميز ابن زيدون بشعره الغزلي فعرف شعره بالرقة والعذوبة والصور الشعرية المبتكرة.

النشأة :
اسمه كاملاً أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزومي الأندلسي القرطبي، أبو الوليد، ولد عام 1003م في الرصافة إحدى ضواحي قرطبة،
ينتسب إلى قبيلة مخزوم العربية القرشية، كان والده قاضياً وجيهاً عرف بغزارة علمه وماله، توفى عندما كان أحمد ما يزال في الحادية عشر من عمره،
فتولى جده تربيته، وقد أخذ ابن زيدون العلم في بداية حياته عن والده فكان يحضر مجالس أصحابه من العلماء والفقهاء،
ثم اتصل بشيوخ عصره واخذ العلم عنهم مثل النحوي الرواية أبو بكر بن مسلم بن أحمد والقاضي أبو بكر بن ذكوان.
عرف ابن زيدون بثقافته الواسعة وكثرة إطلاعه، هذا الأمر الذي أنعكس على قصائده والتي ظهرت من خلالها ثقافته التاريخية والإسلامية.
نشأ أبن زيدون في فترة تاريخية حرجة حيث مات الحكم مسموماً بعد ولادة ابن زيدون بخمس سنوات،
ونشأ ما عرف بـ " عهد الفتنة" هذه الفتنة التي ظلت مشتعلة لعدد كبير من السنوات حتى كانت وفاة أخر خليفة أموي،
فكانت قرطبة ساحة للمواجهات الدامية بين كل من البرابرة والعامريين والأسبان، نشأ بعد الفتنة دويلات صغيرة عرفت بدول الطوائف.
وعلى الرغم من كل هذه الأحداث إلا أن النشاط الأدبي كان في أوج ازدهاره، وعرفت قرطبة كمدينة للهو والطرب والأدب،
وظهر ابن زيدون في هذه الفترة فكان يخالط الأمراء والعلماء، ويجلس في مجالس العلم، وقد صادق الملوك والأمراء فكان صديق لأبو الوليد بن جهور.

ابن زيدون سياسياً :
اتصل ابن زيدون "ببني جهور" وتمكن من نيل مكانة متميزة عنده وذلك نظراً لعلمه وثقافته بالإضافة لانحداره من بيت جاه وشرف،
فكان ابن زيدون سفيراً بين الملوك في دولة "أبو حزم بن جهور"، فكان يحظى بمكانة عالية لديه إلى أن تدخل بعض المنافسين
الذين عملوا على الوقيعة بينهم، فقام ابن جهور بسجنه، وأثناء سجنه قام ابن زيدون بإنشاد العديد من القصائد الشعرية
والتي قام في بعض منها باستعطاف ابن جهور ليفرج عنه مما قاله:

مَـن يَـسأَلِ الـناسَ عَـن حالي فَشاهِدُها

مَـحضُ الـعِيانِ الَّـذي يُـغني عَـنِ الـخَبَرِ
لَـــم تَــطـوِ بُـــردَ شَـبـابـي كَــبـرَةٌ وَأَرى
بَرقَ المَشيبِ اِعتَلى في عارِضِ الشَعَرِ
قَــبـلَ الـثَـلاثـينَ إِذ عَــهـدُ الـصِـبا كَـثَـبٌ
وَلِـلـشَـبـيبَةِ غُــصــنٌ غَــيــرُ مُـهـتَـصِـرِ
هـــا إِنَّـهـا لَـوعَـةٌ فــي الـصَـدرِ قـادِحَـةٌ
نـــارَ الأَســى وَمَـشـيبي طـائِـرُ الـشَـرَرِ
لا يُـهـنَىءِ الـشـامِتَ الـمُـرتاحَ خـاطِـرُهُ
أَنّـــي مُـعَـنّـى الأَمـانـي ضـائِـعُ الـخَـطَرِ
هَـــلِ الــرِيـاحُ بِـنَـجـمِ الأَرضِ عـاصِـفَةٌ
أَمِ الـكُـسـوفُ لِـغَـيرِ الـشَـمسِ وَالـقَـمَرِ
إِن طـالَ فـي الـسِجنِ إيداعي فَلا عَجَبٌ
قَــد يــودَعُ الـجَـفنَ حَــدُّ الـصارِمِ الـذَكَرِ
وَإِن يُـثَـبِّـط أَبـــا الـحَـزمِ الـرِضـى قَــدَرٌ
عَـن كَـشفِ ضُـرّي فَلا عَتَبٌ عَلى القَدَرِ
مــــا لِـلـذُنـوبِ الَّــتـي جــانـي كَـبـائِـرِها
غَـــيــري يُـحَـمِّـلُـنـي أَوزارَهــــا وَزَري
مَـــن لَـــم أَزَل مِـــن تَـأَنّـيهِ عَـلـى ثِـقَـةٍ
وَلَـــم أَبِـــت مِـــن تَـجَـنّـيهِ عَــلـى حَــذَرِ


وعندما لم تفلح رسائل وتوسلات ابن زيدون قام بالفرار من سجنه قاصداً اشبيلية، ثم عاد إلى قرطبة مرة أخرى واختبأ
عند بعض أصدقائه، حتى عفا عنه أبي حزم، فعاد ليمدحه ثم رثاه بعد وفاته.
جاء بعد ذلك عهد أبي الوليد بن أبي حزم بن جهور، فحظي ابن زيدون في عهده بمكانة عظيمة فعينه على أهل الذمة،
وتبع ذلك توليه للوزارة الأمر الذي أسعد ابن زيدون فانطلق مادحاً

إِنَّ مَــن أَضـحـى أَبـاهُ جَـهورٌ
قــالَـتِ الآمـــالُ عَــنـهُ فَـفَـعَل
مَــلِـكٌ لَــذَّ جَـنـى الـعَـيشِ بِــهِ
حَيثُ وِردُ الأَمنِ لِلصادي عَلَل
أَحـسَنَ الـمُحسِنُ مِـنّا فَـجَزى
مِـثـلَما لَــجَّ مُـسـيءٌ فَـاحـتَمَل


وقد عمل ابن زيدون سفيراً بين كل من أبي الوليد وإدريس الحسني في مالقة، وبعد حدوث الجفاء بينه وبين بني جهور، قصد بلنسية،
وتنقل بين عدد من الملوك والأمراء الذين أحسنوا ضيافته، وعندما عاد إلى اشبيلية تم الاحتفاء به من قبل حاكمها " ابن عباد"
فجعله مستشاراً له وسفيراً لعدد من الدول المجاورة، وتولى منصب " كاتب المملكة " والذي كان يعد من أهم المناصب،
وتولى الوزارة وعرف بلقب " ذي الوزارتين".
وقد كان ابن زيدون في أحسن حال سواء في عهد ابن عباد أو في عهد ابنه المعتضد، وحين مات ابن عباد ساعد ابن زيدون المعتمد
على إخماد ثورة قرطبة، ثم تم إرساله في احد المهام إلى اشبيلية وكان مريضاً فتوفى هناك عام 1071م.

ابن زيدون عاشقاً:
عشق ابن زيدون ولادة بنت الخليفة المستكفي، وانشد بها العديد من القصائد التي تعبر عن حبه لها، وكانت ولادة ليست كأي واحدة من النساء
فكانت تتمتع بالجمال وبالإضافة لجمالها كانت تتمتع بثقافة عالية فكانت شاعرة ومغنية لها مجلس بقرطبة يجتمع فيه أشهر المثقفين
والشعراء والأدباء، وقد هام كل من ابن زيدون وولادة ببعضهما حباً إلى أن وقعت بينهم إحدى المشاكل التي فرقت بينهما،
وسنحت الفرصة لدخول الوزير أبو عامر بن عبدوس بينهما متقرباً لولادة وعدواً لابن زيدون.
وفي محاولة من ابن زيدون للتفريق بين كل من ولادة وابن عبدوس قام بكتابة " الرسالة الهزلية" والتي يقوم فيها بذم ابن عبدوس
والسخرية منه على لسان ولادة الأمر الذي زاد من غضب ولادة وزاد من بعدها عن ابن زيدون.
ومن أشهر قصائد ابن زيدون " النونية" تلك التي كتبها في ولادة والتي يقول فيها:

أَضـحـى الـتَـنائي بَـديـلاً مِــن تَـدانينا

وَنـــابَ عَـــن طـيـبِ لُـقـيانا تَـجـافينا
أَلّا وَقَــد حــانَ صُـبـحُ الـبَينِ صَـبَّحَنا
حَــيــنٌ فَــقـامَ بِــنـا لِـلـحَـينِ نـاعـيـنا
مَـــن مُـبـلِـغُ الـمُـلـبِسينا بِـاِنـتِزاحِهِمُ
حُـزنـاً مَــعَ الـدَهـرِ لا يَـبـلى وَيُـبـلينا
أَنَّ الـزَمـانَ الَّــذي مــازالَ يُـضحِكُنا
أُنــســاً بِـقُـربِـهِـمُ قَـــد عـــادَ يُـبـكـينا
غيظَ العِدا مِن تَساقينا الهَوى فَدَعَوا
بِـــأَن نَــغَـصَّ فَــقـالَ الــدَهـرُ آمـيـنـا

كما كتب مشتاقاً إليها

إِنّـــي ذَكَــرتُـكِ بِـالـزَهـراءَ مُـشـتـاقاً
وَالأُفقُ طَلقٌ وَمَرأى الأَرضِ قَد راقا
وَلِـلـنَـسـيمِ اِعــتِــلالٌ فـــي أَصـائِـلِـهِ
كَــأَنَّــهُ رَقَّ لــــي فَــاعـتَـلَّ إِشــفـاقـا
وَالـرَوضُ عَـن مـائِهِ الفِضِيِّ مُبتَسِمٌ
كَــمـا شَـقَـقتَ عَــنِ الـلَـبّاتِ أَطـواقـا
يَـــومٌ كَــأَيّـامِ لَـــذّاتٍ لَـنـا انـصَـرَمَت
بِـتـنا لَـهـا حـيـنَ نــامَ الـدَهـرُ سُـرّاقا

ومن أشعاره أيضاً

خَـلـيـلَـيَّ لا فِــطــرٌ يَــسُـرُّ وَلا أَضــحـى
فَما حالُ مَن أَمسى مَشوقاً كَما أَضحى
لَـئِـن شـاقَـني شَــرقُ الـعُقابِ فَـلَم أَزَل
أَخُـصُّ بِـمَمحوضِ الهَوى ذَلِكَ السَفحا
وَمــا اِنـفَكَّ جـوفِيُّ الـرُصافَةِ مُـشعِري
دَواعِــيَ ذِكـرى تُـعقِبُ الأَسَـفَ الـبَرحا
وَيَــهـتـاجُ قَــصــرُ الـفـارِسِـيِّ صَـبـابَـةً
لِـقَـلـبِيَ لاتَــألـو زِنـــادَ الأَســـى قَــدحـا
وَلَــيـسَ ذَمـيـماً عَـهـدُ مَـجـلِسِ نـاصِـحٍ
فَـأَقـبَلَ فــي فَــرطِ الـوَلـوعِ بِــهِ نُـصحا
كَــأَنِّـيَ لَــم أَشـهَـد لَــدى عَـيـنِ شَـهـدَةٍ
نِــــزالَ عِــتــابٍ كـــانَ آخِـــرُهُ الـفَـتـحا
وَقــائِـعُ جـانـيـها الـتَـجَنّي فَــإِن مَـشـى
سَـفـيـرُ خُــضـوعٍ بَـيـنَـنا أَكَّــدَ الـصُـلحا
وَأَيّــــامُ وَصــــلٍ بِـالـعَـقـيقِ اِقـتَـضَـيـتُهُ
فَـــإِلّا يَــكُـن مـيـعـادُهُ الـعـيدَ فَـالـفِصحا


ترك ابن زيدون إحدى أهم رسائله وهي "الرسالة الجدية" والتي قام بكتابتها أثناء فترة سجنه، وتعد الرسالة الجدية
من روائع النثر العربي، هذا بالإضافة " للرسالة الهزلية" والتي كتبها على لسان ولادة،
كما ترك عدد كبير من القصائد الشعرية المتميزة
.

_________________
الشاعر الأندلسي ابن زيدون 2-1410
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.fairouzehfriends.com/contact.forum
Amer-H
صديق فيروزي متميز جدا
صديق فيروزي متميز جدا
Amer-H


علم الدولة : Syria
الجنس : ذكر
المشاركات : 9801
الإقامة : Sweden
العـمل : IT-computer
المزاج : Good
السٌّمعَة : 316
التسجيل : 09/02/2007

الشاعر الأندلسي ابن زيدون Empty
مُساهمةموضوع: الرسالة الجدية ابن زيدون   الشاعر الأندلسي ابن زيدون Emptyالأربعاء أغسطس 22, 2012 5:48 pm


"الرسالة الجدية"
كتب أبو الوليد أحمدُ بن زيدون إلى ابن جهور:

"يامولاي وسيدي الذي ودادي له ، واعتمادي عليه ،واعتدادي به .
ومن أبقاه الله تعالى ماضي حد العزم ، وأرى زند الأمل ، ثابت وعهد النعمة .
إن سلبتني أعزك الله لباس إنعامك ، وعطلتني من حلي إيناسك ، وأضمأتني إلى
بُرُدِ إسعافك ، نفضت بي كف حِياطتك ، وغضضت عني طرف حمايتك ؛
بعد أن نظر الأعمى إلى تأملي لك ، وسمع الأصم ثنائي عليك ،
وأحس الجمادُ بإستِحمادي إليك ؛ فلا غرو ،
وقد يغص بالماء شاربه ، ويقتل الدواء المستشفي به ،
ويؤتى الحذِر من مأمنِه ، وتكون منيتهُ المتمنى في أُمنِيته ،
والحينُ قد يسبق حِرص الحريص .
كلُ المصائب قد تمر على الفتى .....وتهونُ غير شماتةِ الأعداءِ

وإني لأجلد ؛ وأرى الشامتين أني لريب الدهر لا أتضعضع ،

فأقول:
هل أنا إلا يدٌ أدماها سِوارها ، وجبينٌ عض به إكليله ،
ومشرفيٌ ألصقه بالأرضِ صافله ، وسمهريٌ عرضه
على النارِ مثقفه ، وعبدٌ ذهب به سيده مذهب الذي يقول :
فقسا ليزدجروا ومن يكُ حازماً....فليقسُ أحياناً على من يرحمُ

هذا العتب محمود عواقبه ، وهذه النبوة غَمرةٌ ثم تنجلي ،
وهذه النكبة سحابةٌ صيفٍ عن قليلٍ تقشع .
ولن يريبني من سيدي أن أبطأ سيبُه ،
أو تأخر غيرَ ضنين غَناؤه ، فأبطأُ الدلاءِ فَيضاً أملَؤُها ،
وأثقلُ السحاب مَشياً أحفُلها ، وأنفعُ الحيا ما صادف جَدبا ،
وألذُ الشراب ما أصابَ غَلِيلا ، ومع اليومِ غَدٌ ، ولكلِ أجلٍ كتاب ؛
له الحمدُ على اهتبالِه ، ولا عَتبَ عليه في إغفالِه .

فإن يَكُنِ الفِعلُ الذي ساءَ واحداً .......فأفعالُه اللاتي سَرَرن أُلُوفُ

وأعود فأقول: ما هذا الذنب الذي لم يسعه عفوُك ،
والجهلُ الذي لم يأتِ مِن ورائِه حِلمُك ،
والتطاوُل الذي لم يستغرقه تَطوُلُك ،
والتحامُل الذي لم يَفِ به احتِمالُك ؛
ولا أخلو من أن أكونَ بريئاً فأين العدل !
أو مُسِيئاً فأين الفضل !
إلا يَكن ذنبٌ فَعَدلُكَ واسعٌ.......أو كانَ لي ذنبٌ ففضلُك أوسعُ
حَنَانيَك ! قد بَلغ السيلُ الزُّبىَ ، ونالني ماحَسبي به وكَفَى .

وما أراني إلا لو أني أُمرت بالسجود لآدمَ فأبيتُ واستكبرت ،
وقال لي نوح : ( اركب مَعَنا ) ،
فقلتُ: ( سَآوِي إلى جَبَلٍ يَعصِمُني مِن الماءِ ) ،
وأمرت بِبناء صَرحِ لعلي أطَّلِعُ إلى إلهِ مُوسى ،
وعكفتُ على العِجل ، واعتديتُ في السبت ،
وتَعاطيت فَعقَرت ، وشرِبت من النَّهر الذي أبتُلي
به جُيوشُ طالوت ، وقُدتُ الفِيلَ لأبرهَة ،
وعاهدتُ قُريشاً على مافي الصَّحيفة ، وتأولتُ
في بَيعَة العقَبة ، ونفرتُ إلى العِير ببَدر ،
وأنَحَزلت بُثُلث النّاس يومَ أُحُد ، وتخلفتُ عن
صَلاة العَصر في بني قُريظة ، وجئتُ بالإفك
على عائِشةَ الصِّدِّيقة ، وأَنِفتُ من إمارة أُسامة ،
وزَعمتُ أن بيعَةَ أبى بَكر كانت فلتةً ،
ومِن أدلة القُرآنِ عَلى خِلافةِ أبى بكرٍ ،
ورَويتُ رُمحِي مِن كتِيبةِ خَالِد ،
ومزقتُ الأدِيم الذي باركت يدُ الله عليه ،
وضَحّيت بالأشمط الذي عُنوانُ السُّجودِ به ، وبذلت لقَطام :
ثلاثةَ آلافِ وعَبداً وقينةً ..... وضَربَ عليٍّ بالحُسامِ المسممِ

وكتبتُ إلى عمر بنِ سعد : أن جَعجِع بالحُسين ،
وتمثلت عندما بلغني من وقعة الحَرة :
لَيتَ أشياخِي ببَدرٍ عَلِمُوا ...جَزَع الخَزرَج مِن وَقع الأَسَل
ورجمتُ الكعبة ، وصلبتُ العائِذَ على الثَّنِية – لكان فيما جَرى
علىَّ ما يحتمل أن يسمى نَكالاً ، ويدعَى ولو عَلَى المَجازِ عِقاباً .


وحَسبُكَ من حادِثٍ بامرِئٍ .......تَرَى حاسِدِيه له راحِمِينا
فكيفَ ولا ذنبَ إلا نمِيمَةٌ أهداها كاشحٌ ،
ونبأ جاءَ به فاسِق ، وهم الهمازون المشاءون بِنَميم ،
والواشُون الذين لا يلبثون أن يَصدعُوا العَصا ،
والغُواةُ الذين لا يَتركون أدِيماً صحيحاً ،
والسُّعاةُ الذين ذكَرهم الأحنفُ بنُ قيس ،
فقال : ماظَنُّك بقومٍ الصِّدقُ محمودٌ إلا منهم !
حلَفتُ فلَم أترُك لنفسِكَ رِيبةً ......وليسَ وراءَ اللهِ للمرءِ مّذهَبُ


ولا نَصَبتُ لك بعدَ النشيع فيك ،
ولا أزمعتُ مع ضمانٍ تكلفت به الثقة عنك ،
وعهدٍ أخَذَه حُسنُ الظن عليك ؛ ففيم عَبِث الجفاء بِأذمتي ،
وعاثَ العُقوقُ في مَواتي ، وتمكنَ الضَّياع من رسائلي !
ولِمَ ضاقت مذاهِبي وأكدَت مَطالِبي !
وعلامَ رضيتُ من المركَب بالتعليق ، بل من الغنِيمة بالإياب !
وأَنَّي غَلَبَني المغلب ، وفَخَر علىَّ العاجزُ الضعيف ،
ولطمتني غيرُ ذاتِ سِوار !
ومالَكَ لم تَمنَع مني قَبلَ أن أُفتَرَس ، وتُدركَني ولمّا أُمَزق !
أم كيف لا تتضرم جَوانحُ الأكفاء حَسداً لي على الخُصوصِ بك ،
وتتقطع أنفاسُ النُّظَراء مُنافَسةٌ في الكَرامة عليك ،
وقد زانني اسمُ خِدمَك ، وزهاني وَسمُ نِعمتك ،
وأبلَيتُ البَلاء الجميلَ في سِماطِك ،
وقُمتُ المَقام المحمودَ على بِساطِك .

أَلستُ المُوالي فيكَ غرَّ قصائدٍ......هيَ الأنجُمُ افتادَت مع الليل أنجُمَا
ثناءً يُظنُ الروضُ منه منثوراً .....ضُحى، ويُخالُ الوَشي فيه مُنمنَمَا

وهل لَبِس الصبَاحُ إلا بُرداً طرزتُهُ بفضائِلِك ،
وتفلدَتِ الجوزاءُ إلا عِقداً فصلتُهُ بمآثِرِك
ـ واستملى الربيع إلا ثناءً ملأتهُ من مَحاسِنِك ،
وبَث المِسكُ إلا حديثاً أذعتُه في مَحامِدك !
حَليمةَ بِسر .

وإن كنتُ لم أكسُك سَليباً ، ولا حَليتك عطلاً ،
ولا وسمتك غفلاً ؛ بل وجدتُ آخراً وجِصاً فبنيت ،
ومكانَ القول ذا سَعةٍ فقُلت
حاشا لكَ أن أعَد من العاملةِ النّاصِبة ،
وأكونَ كالذُّلة المنصوبةِ تُضيءُ للنّاس وهي تحترق !
فلك المَثَل الأعلى ، وهو بكَ – وبي فيكَ – أولى .


ولَعَمرُكَ مَاجَهِلتُ أن صَريحَ الرأيِ لأن أتحولَ
إذ بلغتني الشمس ، وأنا ببابي المَنزل ،
وأصفح عن المطامع التي تُقطع أعناقَ الرجال ،
فلا استوطيء العَجز ، ولا أطمئن إلى الغُرور ؛
ومن الأمثال المضروبة : خامري أمّ عامر ؛
وإني مع المعرفة أنّ الجلأ سِباء ، والنُّقلةَ مُثلة .


ومَن يَغتَرِب عن قَومِه لَم يَزَل يَرَى .....مَصارعَ مَظلومٍ؛ ومَجَراً ومَسحَباً
وتُدفَن منه الصّالحاتُ وإنْ يُسيءْ.....يكنْ – ما أساء- النَّار في رأسِ كَبكَبا

لعارفٌ بأنّ الأدب الوطنُ لا يُخشى فِراقه ،
والخليط لا يُترقع زيالُه ، والنَّسِيب لا يُجفئ ،
والجمالَ لا يخفى .

ثم ما قِرانُ السعد للكواكب أَبهَى أترا ، ولا أَسنَى خَطَرا ،
من اقتران غني النّفس به ، وانتظامها معه ؛ فإنّ الحائزَ لهما ،
الضاربَ بسَهمٍ فيها –وقليلٌ ما هُم- أينما تَوَجه وَرَدَ مَنهَلَ بِر ،
وحَطَّ في جَناب قَبول ، وضوحِك قبلَ إنزالِ رحلهِ ،
وأعطىَ حُكم الصِّبىِّ على أهله .


وقيل له :
أهلاً وسَهلاً ومَرحباً ..... فهذا مَبِيتٌ صالحٌ ومَقِيلُ

غير أن الوطن محبوب ، والمنشأ مألوف ،
واللبيب يحِن إلى وَطَنِه ، حَنينَ النّجِيبِ إلى عَطنَه ،
والكريمَ لا يجفُوا أرضاً فيها قَوابلُه ، ولا ينسى بَلَداً
فيها مَراضعُهُ قال الأول :

أحَبُ بلادِ الله ما بين مَنعجٍ.....إلىَّ وسَلمىَ أن يَصُوبَ سَحابُها
بلادٌ بها عَق الشبابُ تَمائِمي.....وأولُ أرضٍ مَسَّ مَنَّ جِلدِي تُرابُها

هذا إلى مُغالاتي لفقد جِوارك ، ومُنافستي بلَحظةٍ مِن قُربك ،
واعتقادي أن الطمع في غيرك طَبَع ، والغني من سوك
عناءٌ وكُلُ الصيد في جوف الفرأ ، والبَذل منك أعور ،
والعِوَض صفاء .

وإذا نظرت إلى أميري زادَني ...ضَنَّاً به نَظَري إلى الأمَراءِ
وفي كل شجرةٍ نار ، واستجمد المرخُ والعَفَار .
فما هذه البَراءة ممن يتولاك ، والميل عمن يميل عنك !
وهلاَ كان هواكَ فيمن هَواهُ فيك ، ورِضاكَ لمن رضاه لك !
يا من يَعِزُ علينا أن نُفارقهم .....وحداتُنا كل شيء بَعدكُم عَدَمُ
أُعيذُك ونفسي من أن أَشيم خلَّبا ، وأَستمطر جَهاماً ،
وأكدِم في غير مَكدَم ، وأشكو شَكوَى الجَريح إلى العِقبان والرخَم ؛
فما أبسستُ لكَ إلا لتدر وحركتُ لك الحِوار إلا لتحن ،
ونبهتُك إلا لِأَنام ، وسريتُ إليكَ إلا لأحمدَ السُّرى لديك .


وإنكَ إن شئتَ عَقد أمرٍ تيسر ، ومتى أعذَرتَ في فَكِّ أسرِي لم يتعذر ،
وعِلمُك محيطٌ بأن المعروفَ ثَمَرة والنِّعمةَ ،
والشفاعة زَكاةُ للمروءة ، وفضلَ الجاهِ –تَعودُ- به صَدَقة .


وإذا امرُؤٌ أهَدى إليكَ صَنِيعةً .....مِن جاهِه فكأنها مِن مالِهِ
لعلى أن ألقي العَصا بذراك ، ويستفر بي النّوى في ظِلك ،
وأَستأنف التأدبَ بأدبِك والاحتمالَ على مَذهَبك ،
فلا أُوجِد للحاسِد مَجالَ لحَظَة ، من هذه الشكوى ،
بصنيعةٍ تُصيبُ منها مكانَ المَصنع ،
وتستودِعها أحفَظَ مُستودَع ، حَسبما أنت خَلقٌ له ،
وأنا منك حَرِىٌ به ؛ وذلك بيدِه ، وَهّينٌ عليه .


ولمّا توالت غُرَرُ هذا النثر واتسقت دُررُه ، فَهز عِطفَ غُلوائه ،
وجر ذيل خُيلائِه ، عارضَه بالنظم مُباهِياً ؛ بل كايَدَه مُداهياً ،
حين أشفق أن يستعطِفك استعطافهُ ، وتميلَ بنفسك ألطافُه ،
فاستحسن العائدَةَ منه ، واعتد بالفائدة له ،
فمازال يستكدُ الذِّهنَ العليل ، والخاطرَ الكَلِِيل ،
حتى زَف إليك عَروساً مجلؤةً في أثوابها ،
منصوصةً بِحَليِها ومَلابسِها ، وهي :

الهوَى في طلوعِ تلك النّجومِ ......والمُنَى في هُبوبِ ذاكَ النَّسيمِ
سَرنا عَيشنا الرفيقُ الحَواشي......لو يَدومُ السُّرورُ للمستدِيمِ
وَطَرٌ ما انقضَى إلى أن تقضي ....زمنٌ ما ذمامُه بالـــذَّمــــيمِ
إذ ختامُ الرِّضا المسوغ مِسكٌ......ومِزاجُ الوِصال من تَسنيمِ
وعَريضِ الدلال غَص جَنَى الصبوَة نشوانَ من سُلافِ النَّعيمِ
طالما نافر الهَوَى منه عِزٌ .......لم يَطُل عَهدُ جِيدِه بالتّميمِ
زارَ مستخِفياً، وهيهاتَ أن يخفى....في سَنَا البدرِ في الظلام البَهيمِ
فوَشَى الحَلىُ إذ مَشى، وهفَا الطَيبُ...إلى حُسنِ كاشحٍ بالنميمِ
أيها المُؤذنِي بظلم الليالي......ليس دهري بواحدٍ من ظلومِ
ما تَرَى البَدرَ إنْ تأملتَ والشمسَ...هما يُكسَفان دونَ النّجومِ!
وهو الدهرُ ليس ينفك ينجو ...بالمُصابِ العظيم نحوَ العظيمِ
بوأ اللهُ جهوراً أشرفَ السوددِ ...في السر واللبابِ الصمِيمِ
واحدٌ سلم الجميعُ له الأمر.....فكانَ الخُصوصُ وفق العُمومِ
قلد الغمرُ ذا التجاربِ فيه .....واكتفى جاهلٌ بعلمِ عَليمِ
خطر يقتضى الكمال بنوعى...خُلُقٍ بارِعٍ وخَلقٍ وَسيمِ
أسوة الروضِ تطبيك يحظى ...نظرٍ ما اعتمدته وشميمِ
ابهذا الوزيرُ ها أنا أشكو ....والعَصَا بَدء قَرعِها للحليمِ
ما غناءٌ أن يألفَ السابق المربطَ ....في العِتقِ منه والتطهيمِ
وثواء الحسام في الجفن يثنى ...منه بعد المضاءِ والتصميمِ
أفصرٌ مئين جمساً من الأيامِ....ناهيكَ مِن عذابٍ أليمِ
ومُعنى من الصبا بهناتٍ.......نكأت بالكلومِ قزحَ الكلُومِ
شَقَمٌ لا أعادُ منه وفي العائد ....أنسٌ يفي بُبرء السقيمِ
نار بَغىٍ سَعَى إلى جَنّة الأسنِ ...لظاها، فأصبحت كالصريمِ
بأبى أنتَ إن تَشَأتكَ برداً ....وسلاماً كنارِ إبراهيمِ
للشفيع الثناء والحمدُ في صوبِ.....الحيا للرياحِ لا للغيومِ
وزعيم بأن يذللَ لي الصّعبَ .....فيأتي إلى الهُمام الزعيمِ
وثناء أرسلتُه سلوة الظاعِنِ .....عن شوقه ولهو المُقيمِ
وودادٌ يُغيرُ الدهر ما شاء .....ويَبقى بقَاءَ عهدِ الكَريمِ
فهو رَيحانة الجَليس ولا فَخرَ ....ومنه مِزاجُ كأسِ النَّديمِ
لَم تَزَلْ مُغِياً على هَفوة الجانِي ....مُصيخاً إلى أعتذارِ المُليمِ
ومتى نبدأ الصِّنيعةَ يُوليكَ.....تمامُ الخِصالٍ بالتتميمِ

ها كََها أعزَّك اللهُ يَبسطها الأمَل ، ويَقبِضها الخَجَل ،
لها ذَنْب التقصير ، وحُرمة الإخلاص ، فهَبْ ذَنباً لحُرمة ،
واشفَع نعمةً بنِعمة ؛ ليتأتى لك الإحسانُ مِن جهاتِه ،
وتَسُلك إلى الفضلِ طُرُقاتِه ؛ إن شاء الله تعالى .



_________________
الشاعر الأندلسي ابن زيدون 2-1410
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.fairouzehfriends.com/contact.forum
Amer-H
صديق فيروزي متميز جدا
صديق فيروزي متميز جدا
Amer-H


علم الدولة : Syria
الجنس : ذكر
المشاركات : 9801
الإقامة : Sweden
العـمل : IT-computer
المزاج : Good
السٌّمعَة : 316
التسجيل : 09/02/2007

الشاعر الأندلسي ابن زيدون Empty
مُساهمةموضوع: الرسالة الهزلية    الشاعر الأندلسي ابن زيدون Emptyالأربعاء أغسطس 22, 2012 7:49 pm



..::| الرسالة الهزلية |::..

لـ ذي الوزارتين ، الكاتبُ المُجيد ، الناظم المُفيد ، الناثر البليغ ، المفوه اللسِن ،
صَاحِبِ الشِّعر الذي رَقَّ وراق ، وشَقَّ على غيرِه وشاق.
برع أدبه ، وجاد شعره ، وعلا شأنه ، وانطلق لسانه وحقق بيانه.

أبو الوليد أحمد بن عبدِ الله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزومي الأندلسي القُرطبي.

قد عُرفت له رسالتان مشهورتان ، :
الهزلية -التي بين أيدينا-
والجدية -التي ستكون بين أيديكم إن شاء الله-،

ومُناسبة هذه الرسالة أن ابن زيدون كان واحدًا من أبرز الأدباء والشعراء الذين يرتادون ندواتولادة بنت المستكفي ،
وينافسون في التودد إليها، ومنهم "أبو عبد الله بن القلاس"، و"أبو عامر بن عبدوس" اللذان كانا من أشد منافسي ابن زيدون في حبها،
وقد هجاهما "ابن زيدون" بقصائد لاذعة، فانسحب "ابن القلاسي"، ولكن "ابن عبدوس" غالى في التودد إليها، وأرسل لها برسالة يستميلها إليه،
فلما علم "ابن زيدون" كتب إليه هذه الرسالةعلى لسان "ولادة"، فسخر منه فيها، وجعله أضحوكة على كل لسان،
وهو ما أثار حفيظته على "ابن زيدون"؛ فصرف جهده إلى تأليب الأمير عليه حتى سجنه، وأصبح الطريق خاليًا
أمام "ابن عبدوس" ليسترد مودة "ولادة".

قال فيها ابن زيدون :

أما بعد , أيها المصاب بعقله , المورط بجهله , البيّن سقطه ,
الفاحش غلطه ,
العاثر في ذيل اغتراره , الاعمى عن شمس نهاره ,
الساقط سقوط الذباب على الشراب , المتهافت تهافت الفراش في الشهاب ,
فان العجب اكبر , ومعرفة المرء نفسه اصوب , وانك راسلتني مستهديا
من صلتي ما صفرت منه ايدي أمثالك , متصديا من خلّتي ما قُرعت دونه
أنوف أشكالك , مرسلا خليلتك مرتادة , مستعملا عشيقتك قوادة ,
كاذبا نفسك انك ستنزل عنها الي , وتخلف بعدها علي،ولست باول
ذي همة دعته لما ليس بالنائل ولا شك انها قلتك اذ لم تضن بك, وملتك
اذ لم تغر عليك ,
فانها اعذرت في السفارة لك , وما قصرت في النيابة عنك ,
زاعمة ان المروءة لفظ انت معناه , والإنسانية اسم انت جسمه وهيولاه ,
قاطعة انك انفردت بالجمال , واستاثرت بالكمال , واستعليت في مراتب الجلال , واستوليت على محاسن الخلال ,
حتى خلت ان يوسف _ عليه السلام _
حاسنك فغضضت منه , وان امراة العزيز رأتك فسلت عنه ,
وأن قارون أصاب بعض ما كنزت , والنّطِفَ عثر على فضل ما ركزت ,
وكسرى حمل غاشيتك , وقيصر رعى ماشيتك , والإسكندر قتل دارا
في طاعتك , وأردشير جاهد ملوك الطوائف لخروجهم عن جماعتك ,
والضحاك استدعى مسالمتك , وجذيمة الابرش تمنى منادمتك ,
وشيرين قد نافست بوران فيك , وبلقيس غايرت الزباء عليك ,
وان مالك بن نويرة انما ردف لك , وعروة ابن جعفر انما رحل اليك ,
وكليب بن ربيعة انما حمى المرعى بعزتك , وجساسا انما قتله بانفتك ,
ومهلهلا انما طلب ثأره بهمتك , والسموءل انما وفى عن عهدك ,
والاحنف انما احتبى في بردك , وحاتما انما جاد بوفرك ,
ولقى الاضياف ببشرك , وزيد بن مهلهل انما ركب بفخذيك ,
والسليك ابن السلكه انما عدا على رجليك , وعامر بن مالك انما
لاعب الاسنة بيديك , وقيس بن زهير انما استعان بدهائك ,
واياس بن معاوية انما استضاء بمصباح ذكائك , وسحبان انما تكلم بلسانك ,
وعمرو بن الاهتم انما سحر ببيانك , وان الصلح بين بكر وتغلب تم برسالتك ,
والحمالات بين عبس وذبيان اسندت الى كفالتك , وان احتال هرم بن سنان
لعلقمة وعامر حتى رضيا كان عن اشارتك, وجوابه لعمر _ وقد سأله
عن ايهما كان ينفر _ وقع عن ارادتك , وان الحجاج تقلد ولاية العراق بجدك ,
وقتيبة فتح ما وراء النهر بسعدك , والمهلب اوهن شوكة الازارقة بأيدك ,
وفرق ذات بينهم بكيدك , وأن هرمس اعطي بلينوس ما اخذ منك ,
وافلاطون اورد على ارسطاطاليس ما نقل عنك , وبطليموس سوى
الاسطرلاب بتدبيرك , وصور الكرة على تقديرك , وبقراط علم العلل
والمراض بلطف حسك , وجالينوس عرف طبائع الحشائش بدقة حدسك ,
وكلاهما قلدك في العلاج , وسألك عن المزاج , واستوصفك تركيب الاعضاء , واستشارك في الداء والدواء ,
وانك نهجت لابي معشر طريق القضاء ,
وأظهرت جابربن حيان على سر الكيمياء , وأعطيت النظّام أصلا أدرك
به الحقائق , وجعلت للكندي رسما استخرج به الدقائق , وان صناعة
الالحان اختراعك , وتاليف الاوتار والانقار توليدك وابتداعك ,
وان عبدالحميد بن يحيى بارى اقلامك , وسهل بن هارون مدون كلامك ,
وعمرو بن بحر مستمليك , ومالك بن انس مستفتيك , وانك اللذي اقام البراهين ,
ووضع القوانين , وحد الماهية , وبين الكيفية والكمية ,
وناظر في الجوهر والعَرَض , وميز الصحة من المرض , وفك المعمّى ,
وفصل بين الأسم والمسمى , وصرف وقسم , وعدل وقوّم ,
وصف الاسماء والافعال , وبوب الظرف والحال , وبنى وأعرب ,
ونفى وتعجب , ووصل وقطع , وثنى وجمع , وأظهر وأضمر ,
واستفهم وأخبر , وأهمل وقيد , وأرسل وأسند , وبحث ونظر ,
وتصفح الاديان , ورجّح بين مذهبي ماني وغيلان , وأشار بذبح الجعد ,
وقتل بشار بن برد , وأنك لو شئت خرقت العادات , وخالفت المعهودات ,
فأحلت البحار عذبة , وأعدت السّلام رطبة , ونقلت غدا فصار امسا ,
وزدت في العناصر فكانت خمسا ,
وأنك المقول فيه : ((كلّ الصيد في جوف الفرا)) .
و : ليس على الله بمستنكرِ أن يجمع العالم في واحد

والمعنيّ بقول ابي تمام :
فلو صورت نفسك لم تزدها على ما فيك من كرم الطباعِ

والمراد بقول ابي الطيب :
ذكر الانام لنا فكان قصيدة كنت البديع الفرد من أبياتها

فكدمت في غير مكدم , واستسمنت ذا ورم , ونفخت في غير ضرم , ولم تجد لرمح مهزا , ولا لشفرة محزا ,
بل رضيت من الغنيمة بالأياب , وتمنيت الرجوع بخفي حنين ,

لأني قلت :
" لقد هان من بالت عليه الثعالب"

وأنشدت :
على انها الايام قد صرن كلها عجائب , حتى ليس فيها عجائب
ونخرت وكفرت , وعبست وبسرت , وأبدأت وأعدت , وأبرقتُ وأرعدت .

و :
* هممت ولم أفعل وكدت وليتني*

ولولا ان للجوار ذمة , وللضيافة حرمة , لكان الجواب في قذال الدّمُستقِ , والنعل حاضرة , ان عادت العقرب , والعقوبة ممكنة ان أصر المذنب .

وهبها لم تلاحظك بعين كليلة عن عيوبك , ملؤها حبيبها , حسنٌ فيها من تود ,
وكانت انما حلّتك بحُلاك , ووسمتك بسيماك , ولم تعرك شهادة ,
ولا تكلفت لك زيادة , بل صدقت سن بكرها فيما ذكرتهُ عنكَ ,
ووضعتِ الهِناءَ مواضع النقبِ بما نسَبتهُ اليك , ولم تكن كاذبةً
فيما أثنت به عليك , فالمعيدي تسمع به خير من ان تراه .

هجين القذال , ارعن السبال , طويل العنق والعلاوةِ , مُفرط الحمق والغباوة ,
جافي الطبع , سيئ الاجابة والسمع , بغيض الهيئة , سخيف الذهاب والجيئة ,
ظاهر الوسواس , منتن الانفاس , كثير المعايب , مشهور المثالب ,
كلامكَ تمتمة , وحديثُك غمغمة , وبينك فهفهة , وضحكك قهقهة ,
ومشيُك هرولة , وغناك مسألة , ودينُك زندقة , وعلمُك مخرقة.

مَساوٍ لو قسمن على الغواني لما أمهرن الا بالطلاق.

حتى ان باقلا موصوفٌ بالبلاغة اذا قرن بك , وهبنّقة مستحق لاسم
العقل اذا اضيف اليك , وطويسا مأثور عن يمن الطائر اذا قيس عليك ,
فوجودك عدم , والاغتباط بك ندم , والخيبة منك ظفر , والجنة معك سقر .

كيف رأيت لؤمك لكرمي كِفاء , وَضِعَتُكَ لشرفي وفاء ,
واني جهلت ان الاشياء انما تنجذب الى أشكالها , والطير انما
تقع على الافها , وهلا علمت ان الشرق والغرب لا يجتمعان ,
و شعرت ان المؤمن والكافر لا يتقاربان ,
وقلت : الخبيث والطيب لا يستويان ,
وتمثلت :
ايها المنكح الثريا سهيلا عمرك الله كيف يلتقيان.

وذكتَ اني عِلقٌ لا يباع فيمن زاد , وطائرٌ لا يصيده من اراد ,
وغرض لا يصيبه الا من اجاد , ما احسبك الا كنت قد تهيأت للتهنئة ,
وترشحت للترفئة , ولولا ان جرح العجماء جبار , للقيت من الكواعب
ما لاقى يسار, فما هم الا بدون ما هممت به ,
ولا تعرض الا لايسر ما تعرضت .

اين ادعاؤكك رواية الاشعار , وتعاطيك حفظ السير والاخبار ,
اما ثاب لك قول الشاعر :
بنو دارم اكفاؤهم ال مسمع وتنكح في اكفائها الحبطاتُ

وهلا عشّيت ولم تغتر!
وما اشك انك تكون وافد البراجم , أو ترجع بصحبة المتلمس ,
او افعل بك ما فعله عقيل بن علفة بالجهني حين اتاه خاطبا ,
فدهن استه بزيت , وأدناه من قرية النمل .

ومتى كثر تلاقينا , واتصل ترائينا , فدعوني اليك ما دعا ابنة
الخس الى عبدها من طول السواد , وقرب الوساد !
وهل فقَدتُ الاراقم فانكح في جنبٍ , او عَضَلَني همام بن مرة فاقول :
زوج من عود , خير من قعود !
ولعمري لو بلغت هذا المبلغ , لارتفعت , عن هذه الحِطة ,
ولا رضيت بهذه الخطة , فالنار ولا العار , والمنية ولا الدنية ,
والحرة تجوع ولا تاكل بثدييها.

فكيف وفي ابناء قومي منكح وفتيان هِزّان الطوال الغرانقة.
ما كنت لاتخطى المسك الى الرماد , ولا امتطي الثور بعد الجواد ,
فانما يتيمم من لم يجد ماء , ويرعى الهشيمَ , من عدِمَ الجميم ,
ويركب الصعب من لا ذلول له , ولعلك انما غرك من علمت صبوتي اليه ,
وشَهِدت مساعفتي له , من أقمار العصر , وريحان المصر ,
اللذين همُ الكواكب عُلُوّ هممٍ , والرياضُ طيب شيم
من تلقى منهم تقل لاقيت سيدهم مثل النجوم التي يسري بها الساري
فحن قدح ليس منها , ما انت وهم ؟ واين تقع منهم ؟
وهل انت الا واو عمرو فيهم , وكالوشيظة في العظم بينهم !
وان كنت انما بلغت قعر تابوتك , وتجافيت عن بعض قوتك ,
وعطرت اردانك , وجررت هميانك , واختلت في مشيتك ,
وحذفت فضول لحيتك , واصلحت شاربك , ومططت حاجبك ,
ورفعت خط عذارك , واستانفت عقد ازارك , رجاء الاكتنان فيهم ,
وطمعا في الاعتداد منهم , فظننت عجزا , واخطات استك الحفرة .

والله لو كساك محرق البردين , وحلّتك مارية بالقرطين ,
وقلدك عمرو الصمصامة , وحملك الحارث على النعامة ,
ما شككت فيك , ولا سترت اباك , ولا كنتَ الا ذاك .

وهبك ساميتهم في ذروة المجد والحسب , وجاريتهم في غاية الظرف والادب ,
اليس تأوي الى بيت قعيدته لكاع , اذا كلهم عزب خالي الذراع !
واين من انفرد به ممن لا اغلب الا على الاقل الاخس منه !
وكم بين من يعتمدني بالقوة الظاهرة , والشهوة الوافرة ,
والنفس المصروفة الي , واللذة الموقوفة علي , وبين اخر قد نضب غديره ,
ونزحت بيره , وذهب نشاطه , ولم يبقى الا ضراطه !

وهل يجتمع لي فيك الا الحشف وسوء الكيلة , ويقترن علي فيك بك
الا الغدة والموت في بيت سلولية !
تعالى الله يا سلم بن عمرو أذل الحرص اعناق الرجال

ما كان اخلفك بان تقدر بذراعك , وتربع علي ضلعك , ولاتكن
براقش الدالة على اهلها , وعنز السوء المستثيرة لحتفها ,
فما اراك الا سقط العشاء بك على سرحان , وبك لا بظبي أعفر ,
أعذرت ان اغنيت شيا , واسمعت لو ناديت حيا
ان العصا قرعت لذي الحلم والشيئ تحقره وقد ينمي

وان بادرت بالندامة , ورجعت على نفسك بالملامة ,
كنت قد اشتريت العافية لك بالعافية منك ,
وان قلت : (( جعجعة بلا طحن )), و ((رب صلف تحت الراعدة )),
وانشدت :
لا يؤيسنك من مخدرة قول تغلظه وان جرحا

فعدت لما نهيت عنه , وراجعت ما استعفيت منه ,
بعث من يزعجك الى الخضراء دفعا , ويستحثك نحوها وكزا وصفعا .

فاذا صرت اليها عبث أكاروها بك , وتسلط نواطيرها عليك ,
فمن قرعة معوجة تقوم في قفاك , ومن فجلة منتنة يرمى بها تحت خِصاك ,
ذلك بما قدمت يداك , لتذوق وبال امرك , وترى ميزان قدرك

فمن جهلت نفسه قدره راى غيره منه ما لا يرى
.

_________________
الشاعر الأندلسي ابن زيدون 2-1410
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.fairouzehfriends.com/contact.forum
 
الشاعر الأندلسي ابن زيدون
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الموشح الأندلسي "لما بدى يتثنى" بأداء عالمي
» الشاعر أبو القاسم الشابي
» من روائع القصائد في الشعر العربي
» الشاعر سعيد عقل
» الشاعر حنا الأسعد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: 000{ القسم الأدبي والشعري }000 :: أصدقاء الشخصيات الأدبية-
انتقل الى: