هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأرسل مقالالتسجيلدخول
 

 محمد مهدي الجواهري

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Ramona-k
صديقة فيروزية نشيطة
صديقة فيروزية نشيطة
Ramona-k


الجنس : انثى
المشاركات : 635
العـمر : 57
الإقامة : البيت
العـمل : بيت الله
المزاج : جيد
السٌّمعَة : 11
التسجيل : 19/06/2010

محمد مهدي الجواهري Empty
مُساهمةموضوع: محمد مهدي الجواهري   محمد مهدي الجواهري Emptyالأربعاء أغسطس 18, 2010 4:07 pm

محمد مهدي الجواهري (1899 -1997) شاعر العرب الأكبر(متنبي العصر)، وهو من العراق ولد في النجف، كان أبوه عبد الحسين عالماً من علماء النجف، أراد لابنه أن يكون عالماً دينيا، لذلك ألبسه عباءة العلماء وعمامتهم وهو في سن العاشرة. ترجع اصول الجواهري إلى عائلة عربية نجفية عريقة، نزلت النجف الأشرف منذ القرن الحادي عشر الهجري، وكان أفرادها يلقبون ب"النجفي" واكتسبت لقبها الحالي "الجواهري" نسبة إلى كتاب فقهي قيم ألفه أحد أجداد الأسرة وهو الشيخ محمد حسن النجفي، وأسماه "جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام " ويضم44 مجلداً، لقب بعده ب"صاحب الجواهر"،ولقبت أسرته ب"آل الجواهري" ومنه جاء لقب الجواهري. قرأ القرآن وهو في سن مبكرة ثم أرسله والده إلى مُدرّسين كبار ليعلموه الكتابة والقراءة والنحو والصرف والبلاغة والفقه. وخطط له والده وآخرون أن يحفظ في كل يوم خطبة من نهج البلاغة وقصيدة من ديوان أبو الطيب المتنبي.
نظم الشعر في سن مبكرة‏ وأظهر ميلاً منذ الطفولة إلى الأدب فأخذ يقرأ في كتاب البيان والتبيين ومقدمة ابن خلدون ودواوين الشعر ،‏ كان في أول حياته يرتدي لباس رجال الدين، واشترك في ثورة العشرين عام 1920 ضد السلطات البريطانية.
صدر له ديوان "بين الشعور والعاطفة" عام (1928). وكانت مجموعته الشعرية الأولى قد أعدت منذ عام (1924) لتُنشر تحت عنوان "خواطر الشعر في الحب والوطن والمديح". ثم اشتغل مدة قصيرة في بلاط الملك فيصل الأول عندما تُوج ملكاً على العراق وكان لا يزال يرتدي العمامة، ثم ترك العمامة كما ترك الاشتغال في البلاط الفيصلي وراح يعمل بالصحافة بعد أن غادر النجف إلى بغداد، فأصدر مجموعة من الصحف منها جريدة (الفرات) وجريدة (الانقلاب) ثم جريدة (الرأي العام) وانتخب عدة مرات رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين.
استقال من البلاط سنة 1930، ليصدر جريدته (الفرات) ثم ألغت الحكومة امتيازها وحاول أن يعيد إصدارها ولكن بدون جدوى، فبقي بدون عمل إلى أن عُيِّنَ معلماً في أواخر سنة 1931 في مدرسة المأمونية، ثم نقل إلى ديوان الوزارة رئيساً لديوان التحرير، ومن ثم نقل إلى ثانوية البصرة، لينقل بعدها لإحدى مدارس الحلة. في أواخر عام 1936 أصدر جريدة (الانقلاب).
بعد سقوط حكومة الانقلاب غير اسم الجريدة إلى (الرأي العام)، ولم يتح لها مواصلة الصدور، فعطلت أكثر من مرة بسبب ما كان يكتب فيها من مقالات ناقدة للسياسات المتعاقبة. كان موقفه من حركة مايس 1941 سلبياً لتعاطفها مع ألمانيا النازية، وللتخلص من الضغوط التي واجهها لتغيير موقفه، غادر العراق مع من غادر إلى إيران، ثم عاد إلى العراق في العام نفسه ليستأنف إصدار جريدته (الرأي العام). أنتخب نائباً في مجلس النواب العراقي نهاية عام1947 ولكنه استقال من عضويته فيه في نهاية كانون الثاني 1948 احتجاجاً على معاهدة بورتسموث مع بريطانيا العظمى، واستنكاراً للقمع الدموي للوثبة الشعبية التي اندلعت ضد المعاهدة واستطاعت إسقاطها. بعد تقديمه الإستقالة علم بإصابة أخيه الأصغر بطلق ناري في مظاهرة الجسر الشهيرة، الذي توفى بعد عدة أيام متأثراً بجراحه، فرثاه في قصيدتين "أخي جعفر" و"يوم الشهيد"،اللتان تعتبران من قمم الشعر الوطني التحريضي.
شارك في عام 1949 في مؤتمر " أنصار السلام" العالمي، الذي انعقد في بولونيا، وكان الشخصية العربية الوحيدة الممثلة فيه، بعد اعتذار الدكتور طه حسين عن المشاركة
كان من المؤيدين المتحمسين لثورة 14 تموز 1948 وقيام الجمهورية العراقية ولقب ب"شاعر الجمهورية" وكان في السنتين الأوليتين من عمر الجمهورية من المقربين لرئيس الوزراء عبد الكريم قاسم، ولكن إنقلبت هذه العلاقة فيما بعد إلى تصادم وقطيعة، واجه الجواهري خلالها مضايقات مختلفة، فغادر العراق عام 1961 إلى لبنان ومن هناك استقر في براغ سبع سنوات، وصدر له فيها في عام 1965ديوان جديد سمّاه " بريد الغربة ".
كان من أبرز المؤسسين لاتحاد الأدباء العراقيين ونقابة الصحفيين العراقيين، بعد قيام الجمهورية وانتخب أول رئيس لكل منهما. وقف ضد انقلاب 8 شباط 1963، وترأس "حركة الدفاع عن الشعب العراقي" المناهضة له. وأصدرت سلطات الانقلاب قراراً بسحب الجنسية العراقية منه، ومصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة، هو وأولاده(ولم يكن، لا هو ولا أولاده، يملكون منها شيئاً).
عاد إلى العراق في نهاية عام 1968 بدعوة رسمية من الحكومة العراقية، بعد أن أعادت له الجنسية العراقية، وخصصت له الحكومة، بعد عودته، راتباً تقاعدياً قدره 150 ديناراً في الشهر، في عام 1973 رأس الوفد العراقي إلى مؤتمر الأدباء التاسع الذي عقد في تونس. تنقل بين سوريا ،مصر، المغرب، والأردن، ولكنه استقر في دمشق ب سوريا ونزل في ضيافة الرئيس الراحل حافظ الأسد. كرمه الرئيس الراحل «حافظ الأسد» بمنحه أعلى وسام في البلاد، وقصيدة الشاعر الجواهري (دمشق جبهة المجد» يعتبر ذروة من ذرا شعره ومن أفضل قصائده
غادر العراق لآخر مرة، ودون عودة، في أوائل عام 1980. ‏تجول في عدة دول ولكن كانت اقامته الدائمة في دمشق التي امضى فيها بقية حياته حتى توفى عن عمر قارب المئة سنه، في سوريا وجد الاستقرار والتكريم، ومن قصائده الرائعة قصيدة عن دمشق وامتدح فيها الرئس حافظ الاسد، (سلاما ايها الاسد..سلمت وتسلم البلد). (شاعر العرب الاكبر)، اللقب الذي استحقه بجدارة في وقت مبكر في حياته الشعرية، وارتضاه له العرب اينما كان واينما كان شعره، رغم أن الساحة العربية كانت مليئة بالشعراء الكبار في عصره. فقد حصل على هذا اللقب عن جدارة تامة واجماع مطلق ويؤكد السيد فالح الحجية الكيلاني الشاعر العراقي.في كتابه الموجز في الشعر العربي -شعراء معاصرون(ان الجواهري لهو متنبي العصر الحديث لتشابه اسلوبه باسلوبه وقو ة قصيده ومتانة شعره)
ان أهم ميزة في شعر الجواهري انه استمرار لتراث الشعر العربي العظيم، ولعلنا لا نجافي الحقيقة إذا قلنا انه لم يظهر بعد المتنبي شاعر مثل الجواهري، وهذه قناعة العرب جميعا. قارئين ونقادا وباحثين. في الوقت ذاته واكب الحركة الوطنية العربية، وعبر في شعره عنها، وقدم لها قصائد ستظل خالدة. بالرغم من قصائده المطولة التي وصلت إلى أكثر من 100 بيت ،لاتجد فيها غير الجيد من الشعر، فكله على وجه التقريب من اسمى الشعر العربي واقومه مادة ولغة واسلوبا، وهي كذلك في أعلى مدارج الابداع، وارقى مراقي الفن.
لهذا طبع شعر الجواهري في ذهن الناشئة من كل جيل مفاهيم وقيما شعرية إنسانية لا تزول. اما التجديد في شعره فجاء مكللا بكل قيود الفن الرفيع من وزن وقافية ولغة واسلوب وموسيقى وجمال واداء.
اخر لقاء تلفزيوني مع الشاعر الكبير الراحل كان في تلفزيون الشارقة عام1991 وفي هذا اللقاء قرأ لأول مرة قصيدته في رثاء زوجته أمونه... وقد بث اللقاء عشرات المرات وعلى مدى سنوات. توفي الجواهري في إحدى مشافي العاصمة السورية دمشق سنة 1997 عن عمر يناهز الثامنة والتسعين، ونظم له تشييع رسمي وشعبي مهيب، شارك فيه أغلب أركان القيادة السورية، ودفن في مقبرة الغرباء في السيدة زينب في ضواحي دمشق، تغطيه خارطة العراق المنحوتة على حجر الكرانيت، وكلمات:"يرقد هنا بعيداً عن دجلة الخير.."
...............



قصيدة

(دمشق جبهة المجد)


شَمَمْتُ تُرْبَكِ لا زُلْفى ولا مَلَقا

وسِرْتُ قَصْدَكِ لا خِبّاً، ولا مَذِقا


وما وَجَدْتُ إلى لُقْياكِ مُنْعَطَفاً

إلاّ إليكِ،ولا أَلْفَيْتُ مُفْتَرَقا


كنتِ الطَّريقَ إلى هاوٍ تُنازِعُهُ

نفسٌ تَسُدُّ عليهِ دونَها الطُّرُقا


وكان قلبي إلى رُؤياكِ باصِرَتي

حتى اتَّهَمْتُ عليكِ العينَ والحَدَقا


شَمَمْتُ تُرْبَكِ أَسْتافُ الصِّبا مَرِحاً

والشَّمْلُ مُؤْتَلِفاً، والعِقْدُ مُؤْتَلِقا


وسِرْتُ قَصْدَكِ لا كالمُشْتَهي بَلَداً

لكنْ كَمَنْ يَتَشَهّى وَجْهَ مَن عَشِقا


قالوا (دِمَشْقُ) و(بَغْدادٌ) فقلتُ هما

فَجْرٌ على الغَدِ مِن أَمْسَيْهِما انْبَثَقا



ما تَعْجَبونَ؟ أَمِنْ مَهْدَيْنِ قد جُمِعا

أَم تَوْأَمَيْنِ على عَهْدَيْهِما اتَّفَقا


أَم صامِدَيْنِ يَرُبَّانِ المَصيرَ مَعاً

حُبَّاً ويَقْتَسِمانِ الأَمْنَ والفَرَقا


يُهَدْهِدانِ لِساناً واحِداً ودَماً

صِنْواً، ومُعْتَقِداً حُرَّا،ً ومُنْطَلَقا


أَقْسَمْتُ بالاُمَّةِ اسْتَوْصى بها قَدَرٌ

خَيراً، ولاءَمَ منها الخَلْقَ والخُلُقا


مَن قالَ أنْ ليسَ مِن معْنىً للفْظَتِها

بلا دِمَشْقَ وبَغدادٍ فقد صَدَقا


فلا رَعى اللهُ يوماً دسَّ بينهما

وَقيعَةً، ورَعى يَوْمَيْهِما ووَقى


يا جِلَّقَ الشَّامِ والأَعْوامُ تَجْمَعُ لي

سَبْعاً وسَبْعينَ ما الْتاما ولا افْتَرَقا


ما كانَ لي منهما يومانِ عِشْتُهُما

إلاّ وبالسُّؤْرِ مِن كَأْسَيْهِما شَرِقا


يُعاوِدانِ نِفاراً كلّما اصْطَحَبا

ويَنْسَيانِ هوىً كانا قدِ اغْتَبَقا


ورُحْتُ أَطْفو على مَوْجَيْهِما قَلِقاً

أَكادُ أَحْسُدُ مَرْءًا فيهما غَرِقا


يا لَلشَّبابِ يَغارُ الحِلْمُ مِن شِرَةٍ

بهِ، وتَحْسُدُ فيهِ الحِنْكَةُ النَّزَقا


ولَلبَساطَةِ ما أَغْلى كَنائِزَها

(قارونُ) يُرْخِصُ فيها التِّبْرَ والوَرِقا


تَلُمّ كأْسي ومَن أهْوى، وخاطِرَتي

وما تَجيشُ، وبَيْتَ الشِّعْرِ والوَرَقا


أَيَّامَ نَعْكِفُ بالحُسْنى على سَمَرٍ

نُساقِطُ اللَّغوَ فيه كَيْفما اتَّفَقا


إذْ مسْكَةُ الرَّبَواتِ الخُضْرِ توسِعُنا

بما تَفَتَّقَ مِن أنْسامِها عَبَقا


إذْ تُسْقِطُ (الهامَةُ) الإصْباحُ يُرْقِصُنا

و(قاسيُونُ) علينا يَنْشُرُ الشَّفَقا


نَرْعى الأَصيلَ لِداجي اللّيلِ يُسْلِمُنا

ومِن كُوىً خَفِراتٍ نَرقُبُ الغَسَقا


ومِن كُوىً خَفِراتٍ نَسْتَجِدُّ رُؤىً

نَشْوانَةً عَن رُؤىً مَمْلولَةٍ نَسَقا


آهٍ على الحُلْوِ في مرٍّ نَغَصُّ بهِ

تَقَطَّرَا عَسَلاً في السُّمِّ واصْطَفَقا


يا جِلَّقَ الشَّامِ إنّا خِلْقَةٌ عَجَبٌ

لم يَدْرِ ما سِرُّها إلاّ الذي خَلَقا


إنّا لَنَخْنُقُ في الأَضْلاعِ غُرْبَتَنا

وإنْ تَنَزَّتْ على أَحْداقِنا حُرَقا


مُعَذَّبونَ وجَنَّاتُ النَّعيمِ بنا

وعاطِشونَ ونَمْري الجَوْنَةَ الغَدَقا


وزَاحِفونَ بِأَجْسامٍ نَوابِضُها

تَسْتَامُ ذِرْوَةَ (عِلِّيِّنَ) مُرْتَفَقا


نُغْني الحَياةَ ونَسْتَغْني كأنَّ لنا

رَأْدَ الضُّحى غَلَّةً والصُّبْحَ والفَلَقا


يا جِلَّقَ الشَّامِ كم مِن مَطْمَحٍ خَلَسٍ

للمَرءِ في غَفْلَةٍ مِن دَهْرِهِ سُرِقا


وآخَرٍ سُلَّ مِن أنْيابِ مُفْتَرِسٍ

وآخَرٍ تَحْتَ أَقْدامٍ لهُ سُحِقا


دامٍ صِراعُ أخي شَجوٍ وما خَلَقا

مِنَ الهُمومِ تُعَنِّيهِ، وما اخْتَلقَا


يَسْعى إلى مَطْمَحٍ حانَتْ وِلادَتُهُ

في حينِ يَحْمِلُ شِلْواً مَطْمَحاً شُنِقا


حَرَّانَ حَيْرانَ أَقْوى في مُصامَدَةٍ

على السُّكوتِ، وخَيْرٌ مِنهُ إنْ نَطَقا


كَذاكَ كُلُّ الذينَ اسْتُودِعوا مُثُلاً

كَذاكَ كلُّ الذينَ اسْتُرْهِنوا غَلَقا


كَذاكَ كانَ وما يَنْفَكُّ ذو كَلَفٍ

بِمَنْ تُعبِّدَ في الدُّنْيا أو انْعَتَقا


دِمَشْقُ عِشْتُكِ رَيْعاناً، وخافِقَةً

ولِمَّةً، والعُيونَ السُّودَ، والأَرَقا


وها أَنا، ويَدي جِلْدٌ، وسالِفَتي

ثَلْجٌ، ووَجْهيَ عَظْمٌ كادَ أو عُرِقا


وأنتِ لم تَبْرَحي في النَّفْسِ عالِقَةً

دَمي ولَحْمِيَ والأنْفاسَ، والرَّمَقا


تُمَوِّجينَ ظِلالَ الذِّكْرَياتِ هَوىً

وتُسْعِدينَ الأَسى، والهَمَّ والقَلََقا


فَخْراً دِمَشْقُ تَقاسَمْنا مُراهَقَةً

واليومَ نَقْتَسِمُ الآلامَ والرَّهَقا


دِمَشْقُ صَبراً على البَلْوى فَكَمْ صُهِرَتْ

سَبائِكُ الذّهَبِ الغالي فما احْتَرَقا


على المَدى والعُروقُ الطُّهْرُ يَرْفُدُها

نَسْغُ الحياةِ بَديلاً عن دَمٍ هُرِقا


وعندَ أَعْوادِكِ الخَضْراءِ بَهْجَتُها

كالسِّنْدِيانَةِ مهما اسَّاقَطَتْ ورَقا


و(غابُ خَفَّانَ) زَئَّارٌ بهِ (أسَدٌ)

غَضْبانَ يَدْفَعُ عن أَشْبالِهِ حَنِقا


يا (حافِظَ) العَهْدِ، يا طَلاّعَ أَلْوِيَةٍ

تَناهَبَتْ حَلَباتِ العِزِّ مُسْتَبَقا


يا رابِطَ الجَأَشِ، يا ثَبْتاً بِمُسْتَعِرٍ

تَآخَيا في شَبوبٍ مِنه، والتَصَقا


تَزَلْزَلَتْ تَحْتَهُ أرضٌ فما صُعِقا

وازَّخْرَفَتْ حولَهُ دُنيا فما انْزَلَقا


أَلْقى بِزَقُّومِها المُوبي لِمُرْتَخِضٍ

وعافَ للمُتَهاوي وِرْدَها الطَّرَقا


يا حاضِنَ الفِكْرِ خَلاّقاً كأنَّ بِهِ

مِن نَسْجِ زَهْرِ الرُّبى مَوشِيَّةً أَنَقا


لكَ القَوافي، وما وَشَّتْ مَطارِفُها

تُهْدى، وما اسْتَنَّ مُهْدِيها، وما اعْتَلَقا


مِنَ (العِراقِ) مِنَ الأرضِ التي ائْتَلَفَتْ

و(الشَّامِ) ألْفاً فما مَلاَّ و لا افْتَرَقا


يا (جَبْهَةَ المَجْدِ) أَلْقَتْ كَرْبةٌ ظُلَلاً

مِنَ الشُّحوبِ عليها زِدْنَها أَلَقا


مَرَّتْ يَدٌ بَرَّةٌ فوقَ العُروقِ بها

تُميطُ عنها الأسى، والجُهْدَ، والعَرَقا


كَمِثْلِ أَرْضِكِ تَمْتَدُّ السَّماءُ بها

مَهْمومَةً تَرْقُبُ الفَجْرَ الذي انْطَلَقا


أَسْيانَةً كَم تَلَقَّتْ بينَ أَذْرُعِها

نَجْماً هَوى إثْرَ نَجْمٍِ صاعِدٍ خَفَقا


مَصارِعٌ تَسْتَقي الفادينَ تُرْبَتَها

في كلِّ شَهْرٍ مَشى (فادٍ) بها وسَقى


يا بِنْتَ أُمِّ البَلايا عانَقَتْ نَسَباً

أَغْلى وأَكْرَمَ في الأَنْسابِ مُعْتَنَقا


راحَتْ تُمَزِّقُ كُلّ الهازِئينَ بها

وحَوْلَكِ اسَّاقَطَتْ مَهْزوزَةً مِزَقا


كُنْتِ الكفُوءَ لها إذ كنتِ مُعْتَرَكاً

لِسوحِها، فِرَقاً جَرَّارَةً فِرَقا


(تَيْمورُ) خَفَّ و(هُولاكو) وقد سَحَقا

كلَّ الدُّنى وعلى أَسْوارِكِ انْسَحَقا


ما كنتِ أَعْتى، ولا أَقْوى سِوى دُفَعٍ

مِنَ الرُّجولاتِ، كانتْ عندها لُعقا


هنا جِوارَكِ ذو زَمْزَامَةٍ لَجِبٌ

أمْسِ اسْتَشاطَ فصَبَّتْ نارُهُ صَعَقا


على اليَهودِ، وعادَ اليومَ مِن خَوَرٍ

يَمُدُّ طَوْعاً إلى جَزَّارِهِ العُنُقا


حُبُّ الحَياةِ تَغْشاهُ فَكانَ لَهُ

صَدَاقُها الذُلَّ، والإسْفافَ، والخَرَقا


تَخالَفَ الحُكْمُ فَرْداً لا ضَميرَ لهُ

إذا اسْتَدارَ، ولا ناهٍ إذا مَرَقا


ومُجْمِعينَ تَواصَوا بَينَهُمْ شَرَعاً

على الحفَاظِ، وساوَوْا أمرَهُم طَبَقا


دِمَشْقُ كم في حَنايا الصَّدْرِ مِن غُصَصٍ

لو لَم نَدُفْها بِمُرِّ الصَّبْرِ لاخْتَنَقا


صُبَّتْ (ثَلاثونَ) لم تَدْرِ الصَّباحَ بها

سودُ اللَّيالي، ولم تَكْشِفْ بها أُفُقا


هُنَّا عليها فَشَدَّتْنا بِسِلْسِلَةٍ

مِنَ الكَوارِثِ لم تَسْتَكْمِلِ الحَلَقا


جاعَتْ لِقَحْطِ (مُفاداةٍ) بها وَعَدَتْ

واسْتَنْجَدَتْ صاعَها والمِئْزَرَ الخَلَقا


ونحنُ نُطْعِمُها حُلْوَ البَيانِ رُؤىً

والفَخْرَ مُتَّشِحاً، والوَعْدَ مُرْتَزَقا


شَمَمْتُ تُرْبَكِ لا زُلْفى ولا مَلَقا

وسِرْتُ قَصْدَكِ لا خِبّاً، ولا مَذِقا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Ramona-k
صديقة فيروزية نشيطة
صديقة فيروزية نشيطة
Ramona-k


الجنس : انثى
المشاركات : 635
العـمر : 57
الإقامة : البيت
العـمل : بيت الله
المزاج : جيد
السٌّمعَة : 11
التسجيل : 19/06/2010

محمد مهدي الجواهري Empty
مُساهمةموضوع: رد: محمد مهدي الجواهري   محمد مهدي الجواهري Emptyالإثنين أغسطس 30, 2010 5:58 pm

من نثريات الجواهري : على قارعة الطريق

قال لي وقد عرج عليّ – وأنا في منتصف الطريق إلى حيث أريد ... أأنت مسافر مثلي..؟
فقلت له: لا! بل أنا شريد.
قال: وأين وجهتك الآن؟
قلت: وجهتي أن أضع مطلع الشمس على جبيني وأغِذ في السير .. حتى إذا جنني الظلام في الليل أقمت حيث يُجنّني .. وسرت عند طلوع الفجر.
قال: والليل ليل والنهار نهار منذ الأزل وحتى الأبد ... أفأنت مجنون؟؟...
قلت له: لا – كما أعتقد - ... ولكن أأنت جاهل؟..
قال: وكيف؟...
قلت له: لقد علمنا علم المكان وعلم الزمان من جديد أنك كلما أغذذت السير قُدماً قصر الليل وطال النهار ..
حتى ليكادان يتحدان عند المنتهى.
ولقد كنتُ أجهل مثلك هذه الحقيقة طيلة ثلاثين عاماً كنت خلالها أهيم على وجهي وأتخبط في مجاهل الأرض –
دون معالمها – إذ كنت لا أعلم من هذا العلم شيئاً.
قال: والآن؟؟..
قلت: والآن.. فمنذ سبعة عشر عاماً، - وقد عرفت هذه القاعدة – وأنا أمشي الى الأمام على ضوء الشمس...
قال: وعندما تغيم؟؟..
فقلت له: إنني لأفتح عيني أكثر لأعتاض بهما عن نور الشمس وقد أزيغ وأنحرف! ويكلفني هذا تعباً يطول أو يقصر على قدر انحرافي..
ولكنه ليس على كل حال أكثر من التعب في أن أعود وعلى ضوء الشمس من جديد، ومن حيث ابتدأتُ.
قال: وماذا أكثر من التعب؟
قلت: أكثر منه ألاّ أتعب.
قال: أوَلا ترتجف من البرد؟؟
قلت: لا ... فقد تعودته حتى لأكاد أرتجف من الحر.
قال: وماذا تأكل؟؟..
قلت: لحوم الحيوانات السائبة فإن لم تكن تقوتُّ فقليل من لحمي ...
قال: لحمك؟؟!!
قلت: أجل .. ولماذا لا .. واني لآكل من لحم أولادي أيضاً ...
قال: آه ... وعندك أولاد؟!!
قلت: بلى .. وهم سبعة ومعي أيضاً في طريقي ..
قال: وكيف يطيقون هذا العناء؟؟...
قلت: أحمل العاجز منهم على كتفي، وأدع رعاية الصغير للكبير منهم، وآكل من لحمهم وأطعمهم من لحمي..
ومن مات منهم جوعاً، أو تعباً، تركته للكلاب..
قال: أوَلا يرتجفون مثلك من البرد؟؟..
قلت: بلى .. يرتجفون .. الآن .. وسوف يتعودون ذلك غداً .. فلا يرتجفون أبداً.
قال: أو لم تقدر أن تكسوهم، وتطعمهم فيما تمر به على المدن، والقرى، والناس؟؟..
قلت: أبداً..
قال: ولماذا؟؟
قلت: لأنهم يريدون لذلك ثمناً...
قال: أو تريده أنت بلا ثمن؟؟
قلت: وكيف أريده بدونه..
قال: فلماذا؟؟
قلت: لأنني أريد لهم ولي .. أن أعمل ويعملوا .. لنشبع ونكتسي..
قال: وهم؟؟..
قلت: هم يريدونني أن أرقص..
قال: ترقص؟؟!!!!
قلت: أجل، ومثل القرود تماماً.
قال: ولماذا لا ترقص؟ .. ومثل القرود؟؟
قلت: لأنني لم أوهب سعة حيلة هذا الحيوان، وصبره على المجاراة.

* * *

- ألك أخوة؟..
قال لي صديق الطريق .. هذا !! ... وقد صمت ورمق الأفق البعيد بعينيه.
قلت: أجل لي ثلاثة..
قال: وأين هم؟؟
قلت: واحد تشرّد مثلي، وآخر تخلف عني في المدينة، وثالث أكلته الحيوانات!!..
قال: أو لك أمّ؟؟..
قلت: وكيف لا؟؟!!!!
قال: وأين تركتها؟
قلت: تركتها على قارعة الطريق، وبيدها كتاب!، وإبريق!، ومبخرة!!
قال: وما هذا؟؟!!!!
قلت: هذا من عقائدها..
قال: عقائدها؟!!!
قلت: أجل من عقائدها ... انها كلفتني أن أقبِّلَ الكتاب، وقد حملته باليمين، فقبّلتُه، ولكن .. بعد أن أخذته منها بالشمال ..
وأرادت أن ترش الأرض من حولي بالماء، ومن أنبوبة الإبريق .. فرشت به الأرض، ولكن بعد أن رفعت الإبريق إلى فوق ومن فوهته!!..
قال: والمبخرة؟
قلت: إني حطمتها .. وإن والدتي لمتشائمة وحزينة من أجل ذلك.
قال: مفهوم أنها حزينة، ولكن لماذا هي متشائمة؟؟
قلت: لأنها تعتقد أنني لا أرجع اليها سالماً وقد حطمتها ..
قال: وأين ولدتك أمُّك؟؟
قلت: على قارعة الطريق أيضاً ..
قال: أكلّ شئ على قارعة الطريق؟؟!!!!
قلت: أجل .. إنها من المعتقدات بأسطورة !! –"سيادة النور" و"عبودية الظلام" ...
وهي ترتجف رعباً من الليل، ولذلك فهي لا تضع حملها إلا على قارعة الطريق ..
قال: وأبوك؟
فقلت له: إنه لا يشغل بالي من أمره أكثر من أنه كان يتحمل الألم ولكن بصمت! بلا ثورة على الألم. وبلا تجديفٍ. وإنه كان يُغني ثم خاف فترك الميدان.
وكل من هو على شاكلته من المغنين لا يشغل بالي من أمرهم شئ!
قال: ومتى عهدك بالمدينة وأهلها؟
قلت: منذ تركتها، أما عهدي بأهلها فمنذ أن تشاجرت مع حاكمها لكثرة ما يحملهم على الرقص كالقرود.
قال: وبعد؟؟!
قلت: وبعد .. فقد استمروا يرقصون حتى بعد أن طردني الحاكم شر الطرد من أجلهم.. طردني أنا ومن معي...
قال: أفأنت حاقد عليهم من أجل ذلك؟؟!!
قلت: لا ... أبداً .. بل غاضب ..
قال: أوَلا تريد أن تراهم؟؟..
قلت: إن بريق الغضب في عينيّ ليصدني عن رؤيتهم ..

* * *

قال لي عابر السبيل بعد برهة وجيزة استرحت خلالها من قال وقلت.
قال وقد فهمت أن عنده ما يخاله هو شيئاً جديداً – ان هناك – من ورائنا!! غابةً ..
وارفة الظلال كثيرة الأشجار، ناضجة الثمار، شاخبة الغدران، .. أفلا أدلك عليها فتستريح عندها .. ولو بالرجوع خطوات؟؟
قلت له عابساً: أفأنت خارج منها ؟؟!!
قال: أجل.
قلت: أفأنت من أشباحها؟؟
فصمت ذاهلاً! ولما أدركت أنه ليس منهم، وانّه مجرد عابر سبيل، انحدر اليها ..
قلت له: لا .. لا أبداً ... فهل تريد أن أقص عليك أمري منها، وأدع لك أمرك وشأنك..
على أن نفترق بعد الآن، لأنك حديث عهد بها، وبأرواحها، ولأنني لا أطمئن إليك من أجل هذا ...
قال وقد رأيت الألم الصادق! في عينيه: موافق..
قلت له: لقد مررت بغابتك هذه، بعد أن كنتُ قد انحرفت قليلاً أو كثيراً – لا أدري – عن شرع الطريق الذي كنت أريده،
وكان الأمر في ذلك انني لقيت من على جانبي طريقي المنحرف أشباحاً وكأنها الأدلاءُ الى الطريق السويّ فتبعتهم – شاكراً!!!
- حتى إذا توسطت الغابة استقبلتني من خلال أغصانها المتشابكة رؤوس كأنها طلع الشياطين، وأصوات كأنها حشرجة المحتضرين، وأطبق عليّ الظلامُ الذي أخافه.
ولا أنكرك.
انني كنت جائعاً، وإن ثمرها كان شهياً.
وإنني كنت ظامئاً، وإن ماءها كان عذباً سائغاً.
ولكنه، مع هذا كله فقد أنستني حاسة الرعب والهلع من الظلام المسيطر عليها كل الحواس الأخرى.
فلقد أدركت يا صديق الطريق العابر من بادئ الأمر – بغريزتي – وليس بعقلي أن طريقاً يقف عليه الأدلاء ليّدلّوا المارة عليه ليس هو بالطريق القويم،
فمثل هذا الطريق ما تسير أنت مدفوعاً على هداه..
ولقد علمت يا صديق الطريق العابر أن تلك الأشباح المبثوثة في طريقي إلى الغابة إنما هي من أرواحها!! وأن كل ما عوى عليّ من ذئابها!!!
وكل ما طلع علىّ من رؤوسها!!!
وكل ما أدمى قدميّ من أشواكها!!!
وكل ما حكّ جلدة رأسي من أغصانها وفروعها!!
كان جزءاً لا ينفك من أرواحها أيضاً.
وحتى تلك الحيوانات المتفرجة المسالمة فيها هي منها أيضاً.
وتلك الأشباح التي كانت تتسلل من خارج هذه الغابة فتتشابك مع ما في داخلها من أشباح وأرواح وكأنها تريد أن تتلاعب معها! أكثر من أن تتقاتل.
حتى تلك الأشباح التي كانت وكأنها تريد أن تدفع عنها كل البطر! وفتورَ الدلال! في معركتها هذه، آمنت أنها من سلالة أرواح الغابة ومن عناصرها!
ولقد ألفيت تلك الأرواح الشريرة ومن تابعها ترى ذلك الجنيّ الغضّ من الثمر العاجل في هذه الغابة، والماء العذبَ البارد خير العوض عن الظلام الرائن عليها!
وكنت أراه مجرد ثمرٍ عاجل. ومجرد سراب لامع.
وكانوا يضحكون مني. وكنت أضحك منهم!!
وعندما هز عابر السبيل هذا رأسه باستحباب كمن يريد زيادة في الحديث ...
قلت له: ومن الغريب أنني كنت أحمد!!! في خطواتي الأولى الى هذه الغابة هؤلاء الأدلاء.
وكنت لا أنفك أغني إلى جانب ذلك أغاني التمجيد لنور الشمس، وكان هؤلاء الأدلاء أنفسهم – لاغيرهم – يهزون رؤوسهم وأذقانهم كالمؤمنين بما أغني.
والأغرب من كل هذا – يا صديق الطريق العابر – أنني حتى بعد أن وليت منهم ومن غابتهم فراراً...
كنت أغني بحماس أكثر .. وأغاني أجود في تمجيد نور الشمس، وفي شجب عشاق الظلام..
وكانوا – هم وليس غيرهم – أيضاً يهزون رؤوسهم وأذقانهم تأميناً على أغاني هذه .. في حين كانوا يشيعونني معها بنظرات الأسف.
إنهم كانوا يفعلون ذلك وهم يقضمون من نبات تلك الغابة وأثمارها .. ثمر الظلام الذي يعيشون فيه ...
ثم يرمون ببعضها.. أو ببقاياها الى من وراءهم وحواليهم من تلك الأرواح. وممن قصرت أيديهم أن تمتد الى أغصان أشجار الغابة.
ثم قلت: وقد انتهيت ...
والآن فوداعاً يا صديق الطريق العابر ..
قال: وداعاً يا أيها المغني لنور الشمس!!!
وداعاً أيها الشريد!!!
وكان هذا أخر عهد لي به، وأخر عهد له بي.

*******

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
محمد مهدي الجواهري
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» محمد الماغوط
» كان أجمل يوم - محمد عبد الوهاب
» أصدقاء أغاني محمد عبد الوهاب
» أغاني وديع الصافي أبو فادي
» أحب أشوفك كل يوم/محمد عبد الوهاب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: 000{ القسم الأدبي والشعري }000 :: أصدقاء الشخصيات الأدبية-
انتقل الى: