الآشوريون /السريان/الكلدان هي مجموعةٌ عرقيةٌ دينيةٌ ساميةٌ مسيحيةٌ تسكن في شمال ما بين النهرين في العراق وهو الموطن الأصلي لهم.
يرجع وجودهم تاريخياً إلى الفترة الزمنية التي سبقت المسيح بسبعة ألاف سنة، وهم من أقدم الشعوب التي اعتنقت المسيحية منذ القرن الأول ميلادي.
بعد تعرّض الآشوريين لعدة مذابح نذكر منها ما وقع على يد التتار المغول فاضطر البعض منهم إلى الهرب لمناطق الجوار وأهمها: سوريا، حيث سكنوا في الحسكة وبعض المناطق الساحلية، كذلك في حماة، وتوجّه عددٌ قليلٌ منهم إلى العاصمة دمشق. يمكن أيضاً ملاحظة انتشار القليل منهم في كلّ من تركيا وإيران.
أما بالنسبة لأعدادهم فلم نقرأ أيّ إحصائيّةٍ دقيقةٍ ورسميّةٍ عن أعدادهم قديماً أو حديثاً.
كغيرهم من الطوائف والشعوب لهم طقوسهم وعاداتهم الخاصة، لعلّ أبرزها احتفالهم بالسنة اﻵشورية.
يشير عيد رأس السنة الآشورية إلى السنة الجديدة التي يعود الاحتفال به إلى عصور مبكّرة من حضارة بلاد الرافدين، وقد وردت إشاراتٌ في النصوص المسمارية القديمة إلى أنّ هذه الاحتفالات كانت معروفةً في المدن العراقية القديمة وبعض المدن السورية في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد في مدينة أورو .
تعتبر الاحتفالات (الآكيتو) من أكثر الأعياد والمهرجانات الدينية الاجتماعية الشعبية قدماً وعالميّة، ويشارك فيها الآلهة والملك والجماهير وتشير الاحتفالات لعودة الشمس، وإعلان قدوم الاعتدال الربيعي.
كان الاحتفال في العصر السومري طبقاً للدور النباتي لموسم الحصاد والبذار، ويحدث هذا الاحتفال في الفترة التي يتوازن فيها الليل مع النهار حيث يتمّ إعلان قدوم الاعتدال الربيعي بأول ظهور للقمر الجديد في الربيع نهاية آذار وبداية شهر نيسان وفقاً لدورة القمر السنوي، كما ساد الاعتقاد أنّ حركة القمر السنويّة (حركة دائرية مغلقة) تضمن الطبيعة من خلالها الخلود ومقومات استمرار الحياة .
عيد رأس السنة الآشورية (خاب نيسان)
الاحتفال به يعني: نهاية موسم الأمطار وبدء دورة الخصب بنمو الأعشاب وتكاثر الحيوانات، وما يتخلّل الاحتفالات
من طقوسٍ دينيّةٍ وشعائر وتقديم القرابين، هذا ما أطلق عليه عيد “آكيتو” هل سمعتم به؟
إنّ المواضيع الأسطوريّة والدينيّة للاحتفال ب “آكيتو” في مدينة أورو قد ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالعلاقة بين إله القمر (Nanna)
وإله الشمس (Utu ) ومع مرور الوقت أصبح نانا هو عرّاب الوقت في بلاد ما بين النهرين .
من المعتقد أنّ هذه المناسبة تحمل قداسة ممزوجة بجمال وهدوء الطبيعة ما يجعلها أفضل فرصة لإقامة شعائر الزواج المقدس،
كما سرى الاعتقاد بارتباط هذا الحدث بالخصوبة أيضاً.
عند الآشوريين والبابليين كانت الاحتفالات مرتبطة بمناسبة دينية هامة هي انتصار الإله مردوخ الذي كان يعتقد أنّه من خلق
الحياة والطبيعة على الآلهة تيامات، وتستمر الاحتفالات اثني عشر يوماً تخصص الأيام الأربعة الأولى لممارسة الطقوس الدينية
وتقديم الصلوات والذبائح وقراءة قصة الخلق ( أينوما ايليش)التي تحكي كيف جرت عملية اتحاد الآلهة ليكون مردوخ رئيسهم،
أما الأيام المتبقية فكانت تتضمن بعض المظاهر الاجتماعية والسياسية إضافة إلى الطقوس الدينية .
اعتمد هذا الاحتفال في نيبور العاصمة الدينية لبلاد ما بين النهرين، إذ ظهرت أهميتها كونها مركزاً دينياً يمثل جميع بلاد سومر،
ويدخل في هذه الأعياد عيد نيروز في الواحد وعشرين من آذار وهو العيد القومي للشعب الكردي و للأمم القديمة الأخرى
مثل الفارسية والصينية والفرعونية.
إلى اليوم مازالت بعض الشعوب من مختلف الطوائف تحتفل بالاعتدال الربيعي كيومٍ ثقافي، “خاب نيسان” (أول نيسان)
وتتضمن هذه الاحتفالات مسيرات ومهرجانات وتقديم للطعام مع الاستماع إلى الموسيقا والرقص وإنشاد بعض الأبيات عن قصة الخلق .
الدول التي تحتفل بهذا العيد هي العراق وسوريا وإيران وعدة أنحاء أخرى من العالم في آسيا الوسطى جنوبي آسيا، شمال الصين،
بعض بلدان البلقان، الإثنيات والطوائف التي تحتفل بهذا العيد تشمل الكرد ،الزارادشتين ، بعض الطرق الصوفية، الإسماعيليين،
وبعض الطوائف العلوية، بالإضافة إلى اليغور والسا لار في الصين .
لايزال السوريون (الآشوريون والسريان) يحتفلون في الأول من نيسان من كل عام ولكن في طريقة مختلفة عما كان قائماً
منذ آلاف السنين.
الآن يقوم الأشوري منذ حلول ساعات الفجر الأولى بجلب حزمة من العشب الأخضر، ويعلّقها في أعلى مدخل الدار
قبل استيقاظ الأطفال وتسمى (دقنا دنيسان) .
لا يفوتنا القول: إنّه بعد سقوط بغداد وزوال شمس الحضارة العربية تحت وطأة الغزو والمستعر من الشرق متمثلة
بهجمات المغول والتتار ومن الغرب بالهجمات الصليبية المتتالية بدأت مرحلة طمس لكل ما يتعلق بتاريخ سوريا والعرب
خاصة عندما أمر شارل التاسع ملك فرنسا (١٥٦٤) بجعل أول السنة كانون الثاني بدل نيسان.