ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله متى 4 : 4
الصوم : هو الإمساك عن الطعام والشراب لفترة من الزمن لإضعاف قوة الجسد الشهوانية، وترويض الإرادة على ضبط نزواته،
وإتاحة الفرصة الثمينة للروح لترتفع عن الأرضيات إلى السماويات فتتنقى، وتتطهر، وتعبر عن شكرها ومحبتها لله،
وتفضيلها الحياة الروحية على الجسدية، وعادة ما يجتمع الصوم مع الصلاة ..
لقد سن الرب يسوع شريعة الصوم بصومه أربعين نهارا وأربعين ليلة متى 4 : 2
لم يأكل شيئا في تلك الأيام، ولما تمت جاع أخيرا ,لوقا 4 : 1و2 ..
ولم يكن الرب يسوع بحاجة إلى صوم وإنما صام ليعلمنا الصوم، وأعطانا هذه الفريضة مبينا لنا قوتها الروحية خاصة
إذا قرناها بالصلاة، فيغدو الصوم مع الصلاة سلاحا روحيا قويا، يفتك بعدونا الروحي إبليس وجنده،
وقد كشف لنا الرب ذلك بقوله : وأما هذا الجنس فلا يخرج إلا بالصلاة والصوم متى 17 : 21 ..
لقد بين الرب أهمية الصوم وجديته في علاقتنا مع الله، وقد ثبت سيدنا يسوع المسيح وصية الصوم بقوله :
ستأتي أيام فيها يرفع العريس من بينهم فحينئذ يصومون متى 9 : 15 ..
وقد التزم بالصوم رسل السيد المسيح والمؤمنون على مر تاريخ الكنيسة منذ نشأتها وحتى يومنا هذا،
وسيبقى الصوم حتى مجيء السيد المسيح ثانية علامة إيمان ثابتة بالسيد المسيح ..
ومن خلال قرائتنا للكتاب المقدس نجد التزام شعب الله في العهد القديم بالصوم ك :
1- صوم الشعب أيام عزرا، عزرا 8 : 21
وناديت هناك بصوم على نهر أهوا لكي نتذلل أمام إلهنا لنطلب منه طريقا مستقيمة لنا ولأطفالنا ولكل مالنا
2- صوم الشعب أيام ونحميا ..نحميا 9 : 1
وفي اليوم الرابع والعشرين من هذا الشهر اجتمع بنو إسرائيل بالصوم، وعليهم مسوح وتراب
3 - صوم الشعب أيام أستير .. أستير 4 : 16
اذهب اجمع جميع اليهود الموجودين في شوشن وصوموا من جهتي ولا تأكلوا ولا تشربوا ثلاثة أيام ليلا ونهارا.
وأنا أيضا وجواري نصوم كذلك. وهكذا أدخل إلى الملك خلاف السنة. فإذا هلكت، هلكت.
4 - صوم دانيال.. دانيال 9 : 3
فوجهت وجهي إلى الله السيد طالبا بالصلاة والتضرعات، بالصوم والمسح والرماد
5 - الصوم أيام يوئيل .. يوئيل 1 : 14
قدسوا صوما. نادوا باعتكاف. اجمعوا الشيوخ، جميع سكان الأرض إلى بيت الرب إلهكم واصرخوا إلى الرب
6- صوم أهل نينوى .. يونان 3 : 7
ونودي وقيل في نينوى عن أمر الملك وعظمائه قائلا: لا تذق الناس ولا البهائم ولا البقر ولا الغنم شيئا. لا ترع ولا تشرب ماء
أما عن الصوم في العهد الجديد فنجده في :
1 - صوم الرب يسوع أربعين يوما وأربعين ليلة .. متى 4 : 2
فبعد ما صام أربعين نهارا وأربعين ليلة، جاع أخيرا
2- لو 18: 12
اصوم مرتين في الاسبوع واعشر كل ما اقتنيه.
3 - صوم الرسل قبل القداسات .. سفر أعمال الرسل 13 : 2
وبينما هم يخدمون الرب ويصومون، قال الروح القدس:«افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما اليه.
3 - صوم الرسل أيضا عند اختيار الخدام ورسامتهم .. سفر أعمال الرسل 13 : 3 و 14 : 23
- فصاموا حينئذ وصلوا ووضعوا عليهما الايادي، ثم اطلقوهما.
- وانتخبا لهم قسوسا في كل كنيسة، ثم صليا باصوام واستودعاهم للرب الذي كانوا قد امنوا به
4 - الصوم في وقت الخطر خلال رحلة بولس الرسول لروما .. سفر أعمال الرسل 27 : 21
فلما حصل صوم كثير، حينئذ وقف بولس في وسطهم وقال:«كان ينبغي ايها الرجال ان تذعنوا لي، ولا تقلعوا من كريت، فتسلموا من هذا الضرر والخسارة.
أما عن صوم الأربعين الحالي فقد بوشر به في القرن الثالث للميلاد، وفي الربع الثاني من القرن الرابع ألحق به صوم أسبوع الآلام
الذي كان يصام قبل ذلك التاريخ بمدة طويلة .. فصار الصوم الأربعيني سبعة أسابيع مع أسبوع الآلام ..
لقد كان المؤمنون يصومون الصوم الأربعيني انقطاعا عن الطعام والشراب من منتصف الليل حتى العصر،
ثم يفطرون متناولين الطعام الصيامي المقتصر على الخبز والماء المملح والبقول والحبوب والفواكه والزيوت النباتية فقط ..
وكانوا خلاله يوزعون الصدقات على الفقراء .. وبهذا الصدد يقول مار أفرام السرياني (373+) :
" صوم صومو دربعين يومين، وهاب لحموخ لاينو دكافين .. وصالو بيومو شباع زبنين، أخ ديلفت من بار إيشاي "
وتعني " صم صوم الأربعين يوما، وأعطي خبزك للجائع .. صلي باليوم سبع مرات، مثلما تعلمت من ابن يسى ( النبي داود ) "
ونصت القوانين الكنسية على وجوب ممارسة المؤمنين كافة الصوم الأربعيني المقدس وحكمت على المخالفين
من ذوي الرتب والدرجات الكهنوتية بالعقوبات الكنسية الصارمة .. كما حرمت الكنيسة شرب الخمر وسائر المشروبات
الروحية خلال أيام الأصوام .. وعفت من الصوم الشيوخ، والأطفال، والرضع، والمرضى، والمرضعات،
والمرأة الحامل والمرضعة لطفل ..
إن الغاية من الصوم هي تحرير الإنسان من عبودية الجسد، من الاستسلام للشهوة التي هي النتيجة المأسوية لخطية الإنسان الأصلية ..
وكما أن الطعام في هذا العالم يحقق غايته فقط عندما يهضم ويتحول إلى حياة، كذلك حياة العالم الذي سيأتي
تعطى لنا بواسطة وسائط النعمة كالصوم والصلاة وأعمال الرحمة وغيرها ...
صيام مبارك وكل عام وأنتم بخير