من نراه بالصورة أعلاه، وهو أمريكي اسمه آلان نيمان، توفى في عمر 63 في يناير الماضي، وبوفاته أثبت حين تعرفوا
قبل أسبوع إلى وصيته، أن البخيل أكثر كرمًا بمرات من الكريم، لأنه يحرم نفسه من متع الحياة وزينتها، ليجمع الفلس فوق الآخر،
ثم يهب لسواه كل ما جمعه، بعكس الكريم الذي لا يترك للآخرين إلا قسما بقي مما كان يملك.
وهكذا كان ألان نيمان، الراحل بسرطان استفحل في خلاياه، فقد اشتهر طوال حياته بحرصه الشديد على المال بين من كانوا يعرفونه
من أقارب وأصدقاء، وفقًا لما قرأت عنه "العربية.نت" في الوارد بشأنه في وسائل إعلام أميركية، وأهمه أن من كانوا يصفونه
بجامع للمال بخيل ومقتّر، فاجأهم بأنه ترك في الدنيا التي غادرها أكثر من 11 مليون دولار، وفاجأهم أكثر حين علموا أنه أوصى
بها كلها لجمعيات تعنى بالمحتاجين للرعاية من الأطفال، في حين كان بإمكانه الإنفاق منها على نفسه، إلا أنه لم يفعل، بل أرادها
كلها لسواه، في كرم حاتمي نادر.
نيمان الذي لم يكن متزوجًا، كان موظفًا في هيئة الشؤون الاجتماعية بمدينة "سياتل" في ولاية واشنطن بأقصى الغرب الأميركي،
المجاور شمالاً لكندا، وراتبه السنوي كان يزيد قليلاً عن 67 ألف دولار، لكنه كان يقوم بأعمال أخرى موازية،
تدر عليه المزيد من المال الذي كان يقوم بتوفيره، ولا ينفق منه إلا النزر اليسير على نفسه، مع أنه كان مضطرًا لشراء الكثير ما يحتاجه،
إلا أنه لم يكن يشتري شيئًا، إلى درجة أنه كان يقوم بتصليح حذاء ينتعله ويرتقع بشريط لاصق، بدلاً من إنفاق المال على آخر جديد،
لكنه كان ينفق على شقيقه الأكبر، المعتل بإعاقة جسدية، وبها توفى الشقيق قبل 5 سنوات.
ثيابه نفسها كان يشتريها بالرخيص ما أمكن، حتى من محلات البقالة. أما طعامه، فمعظمه كان من محلات الوجبات السريعة،
مع أنه ورث ثروة مليونية من والديه، لكنه لم يكن ينفق منها ولا من راتبه إلا ما يسد به احتياجاته بأقل ثمن ممكن،
والباقي يوفره ويضيفه إلى ما كان يجمعه ويراه يتراكم ويتضخم، لذلك كان سعيداً دائماً، وأكثر سعادة حين يعلم بأنه حصل
على تخفيضات كبيرة لشراء شيء ما، كأنه كان يهيئ نفسه لمنح كل ما كان يجمعه للعمل الخيري، فكان له ما أراد،
وغادر الدنيا تاركاً كل شيء لسواه.