علم الدولة : الجنس : المشاركات : 9804 الإقامة : Sweden العـمل : IT-computer المزاج : Good السٌّمعَة : 316 التسجيل : 09/02/2007
موضوع: أصول تقنيات فن الفسيفساء السبت يونيو 22, 2013 10:10 pm
أصول تقنيات فن الفسيفساء
الفسيفساء لوحات مختلفة الحجوم، تشكل أرضيات أو لوحات جدارية في البيوت والمعابد والقصور والكنائس والجوامع، وهي تتشكَّل من قطع صغيرة من الأحجار والرخام والجرانيت والبلُّور والخزف والأصداف والأخشاب، ترصف في تناسق جنبًا إلى جنب لتؤلف لوحات تستخدم في إكساء واجهات المباني أو أعمال الزخرفة الداخلية والخارجية والأرضيات. وهي تتميَّز بثبات ألوانها وأشكالها لأنها مبنية من مواد طبيعية. وتعدُّ من أهم مواد البناء المستخدمة في زخرفة وتزيين المباني. إنه فنُّ التلاحم والتشابك بين قطع صغيرة الحجم من الحجارة ذات ألوان مختلفة بهيجة، فإذا بها تشكل صورًا تنبعث حية وجميلة من تراصف بسيط. لقد استطاع الفنان بأدواته البسيطة وقدرته الخلاقة أن يترجم فلسفات حضارية كاملة في ألوان متعددة عبر قطع مكعبة الشكل لا يتعدَّى حجمها السنتمتر الواحد، من الرخام أو الزجاج أو القرميد أو البلور أو الصدف أو أية مواد أخرى ثابتة اللون قابلة للقطع والصقل. تعود أولى الأعمال المكتشفة التي يمكن اعتبارها سلف فن الفسيفساء إلى معبد الوركاء بمدينة بابل حيث كان سكان بلاد الرافدين أول من استخدم الطوب (أو اللبن) المزجج في تزيين جدران الأبنية بأشكال هندسية متعددة، وكان لهم الفضل في تطوير أساليبه، من حيث المواد المستخدمة التي قاموا بتقليل أحجامها إلى أقل قدر ممكن حتى تتعدد ألوانه وتصبح الصور أكثر وضوحًا، إضافة إلى مهارة التشكيل وحرفية التركيب الذي أخرج أبدع لوحاته في باب عشتار، وجدران شارع الموكب وقاعة العرش في بابل. وقد انتقل هذا الفن خلال القرون التالية إلى آسيا الصغرى واليونان، حيث ذاع صيته واتخذ قوالب فنية جديدة، وتطوَّرت تقنياته وتبلورت أساليبه خلال الحضارة اليونانية ثم الرومانية. ولكن، يظل علينا أن نتصوَّر كيف ولد هذا الفن عبر مراحل أكثر قدمًا، تعود إلى بداية الاستقرار في مدن صغيرة، ونشوء أولى الممالك وما رافق ذلك من نهضة في كافة مناحي الحياة، الاقتصادية والاجتماعية بل وكذلك الفنية والفكرية والتقنية. وقد ساعدت التجارة البعيدة المدى في توفير المواد الأولية التي نجح الحرفيون والفنانون لاحقًا في تحويلها إلى لوحات جميلة. فنحن نعرف أن مبادلات المواد المختلفة، ومنها الحجارة الكريمة المتعددة الألوان، كانت تتم مع مصر وشمالي أفريقيا ومع إيران وأفغانستان والأناضول، حيث كانت بلاد الرافدين والشام تشكلان ممرًّا طبيعيًا لهذه المبادلات التجارية. وهكذا، مع توافر المادة الخام في المنطقة، إضافة إلى الصلصال الذي كان استخدامه قد تطوَّر بحيث باتت تُشكَّل منه قوالب اللَّبن (قوالب من الطين والقش) لبناء البيوت والمعابد والقصور، بدأ حرفيو الحضارة السومرية والبابلية بتعشيق الحجارة الملونة في كتل الصلصال المعدة للبناء، فكانت أولى لوحات التزيين الفسيفسائية في التاريخ. تمثلت بداية الفسيفساء إذًا في نحت أشكال مختلفة من العاج والأصداف والحجارة المختلفة يتم تثبيتها على سطح خشبي مغطى بمادة القار، أو على كتل من اللبن من الطين والقش يتم تجفيفها بعد غرز الكتل الحجرية الملونة فيها. وتطوَّرت هذه الطريقة باستخدام مقاطع متعددة الأحجام من الطين، يتم وضعها في قوالب حتى تجف ثم تشوى بالنار في أفران خاصة، وبعد ذلك تلون الأرضيات باللون الأزرق بينما تلون القطع التي تتكون منها الأشكال المختلفة بألوان أخرى، ويتم إدخالها الفرن مرة أخرى في درجات حرارة عالية لتصبح ذات ألوان مزجَّجة، يتم تركيبها جنبًا إلى جنب لتكوِّن مناظر مختلفة الموضوعات، منها ما يحكي أسطورة أو معركة أو مناظر طبيعية للشمس والقمر وتكوينات نباتية ورسوم للحيوانات والأسماك.