العلامات الرمزية المختصّة بأيقونات
الإنجيليين الأربعة
المهندس جورج فارس رباحية
إن الرموز في التصوير الكنسي مسموحة وشائعة الاستعمال ، منذ نشأة المسيحية في الدياميس والمطامير وغيرها لغاية تاريخه . ومن هذه الرموز : رسم السمكة والكرمة والحمل وألأسد والثور والمرساة وشجرة الزيتون والضفدعة والنجم والغزال وسواها ، وبالإضافة إلى ذلك نرى على أركان أيقونات الإنجيليين الأربعة ( متّى ـ مرقس ـ لوقا ـ يوحنا ) رسوماً من بعض الرموز الآنفة الذكر التي لها دلالتها في تاريخ الكنيسة .
ولتعليل وجودها على أركان أيقونات الإنجيليين الأربعة ، نعود إلى رسالة الأنبياء في العهد القديم ، فالأنبياء هم أفراد ممتازون اختارهم الله ليكونوا نوراً للعالم وبمثابة السفراء السامين الذين تؤخذ من أفواههم الشريعة ، وقد دعاهم العهد القديم برجال الله والرقباء والنظّار . ومن هؤلاء الأنبياء وفي المنزلة الأولى : حزقيال وأشعيا وأرميا ودانيال .
وبالرجوع إلى رسالة حزقيال ، نرى فيها الفيض الكثير عن السيد يسوع المسيح وأتقيائه وهو الذي لقّبه بداود والمقصود هنا بداود هو المسيح الذي جاء من نسله ، وداود سابق لحزقيال بسنوات والنبوءة أتت للمستقبل وليست للماضي .
ففي نبوءة حزقيال كلام واضح للرموز الموجودة على أركان أيقونات الإنجيليين الأربعة وسنذكر نصّها كما جاء في سفر حزقيال : ( 1 : 1 ـ 12 )
(( 1 كان في سنة الثلاثين في الشهر الرابع في الخامس من الشهر وأنا بين المسبيين عند نهر خابور أنّ السموات انفتحت فرأيت رؤى الله . 2 في الخامس من الشهر وهي السنة الخامسة من سبْي يوياكين الملك . 3 صار كلام الرب إلى حزقيال الكاهن ابن بوزي في أرض الكلدانيين عند نهر خابور . وكانت عليه هناك يد الرب . 4 فنظرتُ وإذا بريحٍ عاصفة جاءت من الشمال . سحابة عظيمة ونارٌ متواصلة وحولها لمعان ومن وسطها كمنظر النحاس اللاّمع من وسط النار . 5 ومن وسطها شبه أربعة حيوانات وهذا منظرها . لها شبه إنسان . 6 ولكلِّ واحد أربعة أوجه ولكلِّ واحد أربعة أجنحة . 7 وأرجلها أرجلٌ قائمة وأقدام أرجلها كقدم رجل العجل وبارقة كمنظر النحاس المصقول . 8 وأيدي إنسان تحت أجنحتها على جوانبها الأربعة . ووجوهها وأجنحتها لجوانبها الأربعة . 9 وأجنحتها متصلة الواحد بأخيه . لم تَدُرْ عند سيرها . كلُّ واحد يسير إلى جهة وجهه . 10 أما شبْهُ وجوهها فوجه إنسان ووجه أسد لليمين لأربعتها ووجه ثور من الشمال لأربعتها ووجه نسر لأربعتها . 11 فهذه أوجهها . أما أجنحتها فمبسوطة من فوق . لكل واحد اثنان متّصلان أحدهما بأخيه واثنان يُغَطّيان أجسامها . 12 وكلُ واحدٍ كان يسير إلى جهة وجهه . إلى حيث تكون الروح لِتَسيرَ تَسيرُ . لم تَدُرْ عند سيرها . ...... ))
هذه الرموز الأربعة : ( إنسان ـ أسد ـ ثور ـ نسر ) تُعَبِّر عن صفات المسيح كما وردت في الأناجيل الأربعة على لسان واضعيها : متّى ـ مرقس ـ لوقا ـ يوحنا .
(1) ـ القديس متّى : كتب إنجيله إلى اليهود ليبيّن لهم أن يسوع هو المسيح ، ومولود كبشر ـ كإنسان ـ من نسل داود بن إبراهيم ، كما جاء ذلك في بدء إنجيله : كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم ، إبراهيم ولد اسحق ........ ويعقوب ولد يوسف رجل مريم التي ولد منها يسوع الذي يُدعَى المسيح ( متى 1 : 1 ـ 16 ) . فصورة الإنسان هي العلامات الرمزية الأولى التي تخص أيقونة القديس متّى .
(2) ـ القديس مرقس : لأن بشارته تبتدئ بالتكلّم عن حياة يوحنا المعمدان في البرية حيث تقطن الأسود ( مرقس 1 : 1 ـ 7 ) وأيضاً كتب إنجيله بأسلوب موافق لقرّائه الرومانيين ، ويظهر فيه المسيح كالنهار وعامل العجائب وأسد سبط يهوذا ، وكانت أعماله تظهر قوّته بحيث امتلأ الشعب عجباً ودهشة ، وهذه القوة خاصّة بأسد سبط يهوذا . وقال آخرون لأن سيماء بشارته الخاصة هي مملكة المسيح والأسد المُشار إليه هو ملكي . فصورة الأسد هي العلامة الرمزية الثانية التي تخص أيقونة القديس مرقس .
(3) ـ القديس لوقـا : حيث تكلّم في بشارته عن العبادة في الشريعة القديمة وأشار إلى بعض خصائص المسيح من ناحية الخدمة الكهنوتية . ومن أهم واجبات الكهنة الذبائح والقرابين التي كانت الثيران أغلب ما يُضَحّى من الحيوانات . فصورة الثور هي العلامة الرمزية الثالثة التي تخص أيقونة القديس لوقـا .
(4) ـ القديس يوحنا : لقد بدأ بشارته بعبارات سامية تفوق كل سموّ : في البدء كان الكلمة ، والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله . هذا كان في البدء عند الله ( يوحنا 1 : 1 ـ 2 ) ويشير في بشارته إلى وظيفة المسيح الروحية ، ورسالته السامية ، مما يتّفق مع سمو طيران النسر في الفضاء . فصورة النسر هي العلامة الرمزية الرابعة التي تخص أيقونة القديس يوحنا .
لقد اعتاد بعض الرسامين الكنسيين أن يرسموا الإنجيليين الأربعة برسم هذه الرموز : إنسان ـ أسد ـ ثور ـ نسر دون غير ذلك ، بيد إن الكنيسة منعت ذلك بالقرار رقم 82 الصادر عن المجمع المسكوني السادس (1) حيث لا يجوز أن يُرسَم الرمز وحده دون أن يُرسَم ما يُمثّله هذا الرمز . فإن رسوم الرموز في الكنيسة مقبولة شرط أن يُرسَم معها ما يُمَثِّلها .
11/11/2011 المهندس جورج فارس رباحية
المفـــردات :
(1) ـ المجمع المسكوني السادس عقد في عهد الإمبراطور قسطنطين الرابع سنة 681م
وتكملة السادس في عهد الإمبراطور جوستينيان السادس سنة 692 م .
المصادر والمراجع :
ـ السواعي الكبير : القدس 1886
ـ الكتاب المقدس : دار الكتاب المقدس في العالم العربي 1981
ـ مجلة النعمة : السنة 2 العدد 15
ـ تقويم مجلة النعمة : 1964