!!!
علم الدولة : الجنس : المشاركات : 2093 الإقامة : ! العـمل : ! المزاج : ! السٌّمعَة : 86 التسجيل : 13/11/2010
| موضوع: ايها الشعر لست تطعم خبزا الثلاثاء نوفمبر 13, 2012 6:35 pm | |
|
من قلم : عبدالوهاب القطب
أيُّهَا الشِّعْرُ لسْتَ تطعِمُ خُبْزاً أوْ تفِي حَاجَة مِنَ الحَاجَاتِ
مُخْطِئٌ مَنْ يَظُنُّ أنَّكَ مَا زِلتَ كمَا كنتَ وجهة الوُجَهاءِ
رَحِمَ اللهُ يَوْمَ صَوْتُكَ دَوَّى كانَ قَطْعاً مِنْ أخْطَرِ الأصْواتِ
فإذا الشِّعْرُ خَرَّ دونَ عِمَادٍ دُونَ أسٍّ وَدونَ تفْعيلاتِ
وَإذَا الشِّعْرُ فَجْأةً صارَ حُرَّاً كَفُتَاتٍ مُبَعْثر فِي الجِهَاتِ
لا جَمَالٌ وَلا انتِظامٌ وَلا قافِيَة ،تَسْتفِزُّ شَيْئاً بِذاتِي
سَاذِجُ العَقْلِ مَنْ يَرَى لكَ قَدْراً عِندَ جيلٍ مُعَطَّلِ القدُراتِ
زَهِدَ الناسُ فيكَ مُنذ زمَانٍ زُهْدَ صُوفِيٍّ فِي مَتاعِ الحَياةِ
فَقُصَارَى مَا صِرْتَ تَصْبُو إليهِ أنْ تَرَى وَاحِداً يَعِي الكلماتِ
وَقُصَارى مَا تسْمَعُ اليومَ مِنْهُمْ قوْلَ "لا فُضَّ فُوكَ"، دُونَ التفاتِ
فإذا هُمْ سِيَّانَ إنْ قلتُ شِعْرى بَينهُمْ أوْ إنْ قلتُ فِي خَلَوَاتِي
قدْ تقزَّمْتَ أيُّها الشِّعْرُ جِدَّاً وَتَخلَّيْتَ عنْ رَفيعِ الصِّفاتِ
كنتَ كالنَّسْرِ هَيْبةً وَعُلُوَّاً فلِمَاذا أصْبَحْتَ كالسُّلحَفاةِ
وَلِمَاذا صَاحَبْتَ مَنْ لا يُسَاوي نِصْفَ قِرْشٍ أوْ بِضْعَ مَليمَاتِ
رَحِمَ اللهُ يوْمَ كنتَ أبِيَّاً وَجَزيلَ العَطا وَجَمَّ الهبَاتِ
أيُّها الشِّعْرُ مَا ترَكتكَ يَوْماً يَا مُقِيلي دوْمَاً مِنَ العَثراتِ
وَلِهذا برَغْمِ حَنْقِي وَحزْنِي وَاسْتِيائِي المُضْنِي وَمُرِّ شَكاتي
رَغمَ آلامِي في انتظاركَ دوْماً وَامْتِعاضِي مِنْ قِلَّةِ الطَّلاتِ
رَغمَ هذا سَأحْتفِي بكَ عِنْدي مِثلمَا كنتُ دائما فِي حَياتِي
حيْثُ تأتِي عَلى مِزَاجِكَ يَا شِعْرُ بِلا مَوْعِدٍ وَلا مِيقاتِ
وَأنا قَابعٌ بقُبَّةِ هَمِّي فِي ظَلامِ الأسَى وبَطْشِ الشَّتَاتِ
مُنْحَنٍ كَالجَنِينِ، لا رِيحَ فِيهِ مِنْ تَوَالي الطَّعْنَاتِ والخَضْخَضَاتِ
وَألاقيكَ فِي عِتابِ حَبيبٍ ضَاقَ ذَرْعاً مِنْ هذِه الحَرَكاتِ
ثمَّ فِي لَحْظَةٍ أقَبِّلُ كالطفلِ مُحَيَّاكَ، فِي أدْمُعِي الجارياتِ
وَعَلى بَحْرِيَ المُفَضَّلِ أعْدو بِخفيفَ الايقاعِ وَالنَّغَمَاتِ
مُنْشِداً نَغْمَةً مُطَرِّزَةً لَحْنَ الخَفيفِ المُوَقَّعِ النَّغَمَاتِ
نَغْمَةٍ إثْرَ نَغْمَةٍ إثْرَ أخْرَى كمْ تَغَشَّانِي البَحْرُ فِي نَفَثَاتِي
فَاعِلاتنْ مُسْتفعلنْ فاعِلاتنْ هُنَّ مَرْسَاةُ الحُزْنِ مِنْ آهاتِي
هُنَّ لِي أوْزانٌ لِمُمْتدِّ حُزْنِي وَحُدودٌ لِضّبْطِ تَهْويمَاتِي
أنا لولاكَ مِنْ زَمانٍ لِحَالِي كُنْتُ مَيْتاً فِي جُمْلَةِ الأمْوَاتِ
أيُّهَا الشِّعْرُ لا تَكِلْنِي لِدَهْرٍ قَدْ مَحا الغَدْرُ مِنْهُ حُلْوَ سِمَاتِي
مَا تَبَقَّى أقَلُّ مِمَّا تَقَضَّى وَسَتَبْقى يَا شِعْرُ بَعْدَ مَماتِي
وَمَتى عَالمِي انْتَهى وَتَوارَى سَتعيدُ الحَيَاةَ لي أبْيَاتِ
وَمَتى يَحْطِمِ الرَّدى كأسَ خَمْري تَقْرَأِ الشِّعْرَ فِي الأثِيرِ رُواتِي
10/2012 | |
|