كثيرة هي المصطلحات التي بات الإنسان لايفهم معناها حتى ولو تقدم باسن وتعلم أعلى العلوم ..حينما بلغ طارق سن الزواج استأذن والده ،
غير أن الوالد اشترط على طارق قبوله الزواج ، أن يتعلم علم النساء . لم يكن طارق سمع يوما ما بهذا العلم وهو الذي درس البكالوريا التجارية
وطالع العديد من الكتب وسمع الكثير من أقوال الحكماء ، فحينما عجز عن معرفة هذا العلم ، طلب من أبيه أن يخبره عن علم النساء ،
رفض الوالد إخباره ، لكنه نصحه أن يشد الرحال ويضرب الأرض بحثا عن هذا العلم ، علم النساء.
طال غياب طارق، وطال به السفر في مشارق الأرض ومغاربها ، ولم يجد علم النساء الذي يبحث عنه عند أي شيخ من شيوخ العلم أو الحكماء والعلماء الذين سألهم .
وذات يوم وهو جالس إلى ظل شجرة أمام بئر ، مهموما مغموما حيرانا ، دنت منه عجوز جاءت لتسقي من البئر غنمها ،
واستفسرته عن حاله وقصته ، فتنهد طارق تنهيدة عميقة ، وقص عليها قصته العجيبة ، وراح يشرح لها كيف عجز الشيوخ والعلماء أن يدلوه على علم النساء ،
ضحكت العجوز وقالت له في صمت وهدوء : العلم الذي تبحث عنه يا ولدي عندي .
تفاجأ طارق من كلام العجوز ، وظن أنها ربما تسخر منه ، لكن نظرة العجوز لم تكن توحي بذلك ، فقال لها بلهفة وشوق : فأخبريني يا أماه عنه.
عندها قامت العجوز برمي نفسها على حافة البئر ، وصرخت مستنجدة بأبنائها تطلب منهم أن ينقذوها ..
لم يفهم طارق شيئاً من حركة العجوز ، وأصيب بالذعر والخوف الشديد ، وهو يرى أبناء العجوز العشر قد جاؤوا مسرعين يحملون الفؤوس والخناجر والعصي ،
فاقترب من العجوز والخوف يتملكه : أماه ما هذا ؟ ماذا فعلت لكي ؟ سيقتلونني أبناؤك.
هنا قامت العجوز من حافة البئر ، وطلبت من الشاب طارق أن يسكب عليها دلواً من الماء .. طارق لم يفهم شيئاً من طلب العجوز الغريب ، لكنه فعل كما طلبت منه.
ولما وصل أبناء العجوز العشرة ورأوا أمهم مبللة بالماء ، سألوها عن الخبر ، فقالت لهم بهدوء : الحمد لله يا أولادي ، سقطت في البئر ،
وقام هذا الشاب الطيب النبيل بإنقاذي منه فرح أبناء العجوز بما فعله طارق حسب ظنهم ، فضيفوه وأكرموه أيما إكرام ،
فردت عليه بهدوء وثقة : ألم تسالني عن علم النساء ؟
فرد طارق بسرعة : نعم ، نعم ولا زلت ..
فأجابت العجوز في إبتسامة عريضة
هذا هو علم النساء يا ولدي ...!!
_________________