القديسين بطرس وبولس
Peter & Paol
المهندس جورج فارس رباحية
بطرس الرسول :
كان بطرس الرسول واحداً من نخبة الرسل ( اثني عشر رسولاً ) الذين اختارهم السيد المسيح ،وُلدَ نحو 10 ق.م في بيت صيدا بالجليل يقيم في كفر ناحوم ويستدلّ من ذلك من حادثة شفاء يسوع لحماة بطرس ( مرقس1 : 29 ـ 31 ) وكانت مهنته صيد السمك مع أخيه اندراوس ( متى : 2 ـ 10 ) الرسول وبطرس هو سمعان بن يونا ( متى : 16 ـ 17 ) الملقب بسمعان بطرس باليونانية ،وبطرس بالعبرية ،وصفا بالعربية وكيفا بالآرامية ويعني الصخرة ، ولما أتى به إندراوس إلى يسوع ابتدره الرب قائلاً: " أنت تُدْعَى من الآن( كيفا ) صفا الذي تفسيره بطرس" ( يوحنا 1 : 42 ) وقال له ولأخيه: اتبعاني وللوقت تركا الشباك وتبعاه ،ومن يتصفّح النصوص الواردة في الأناجيل الأربعة وأعمال الرسل في الإصحاحين 11و12 يتّضح له جلياً أنه أول من تبع المسيح واعترف به وكان بطرس أميناً لأسرار يسوع ورافقه في جميع مراحل حياته وكان تلميذاً غيوراً متحمّساً للدفاع عن معلّمه عندما أعلن يسوع عن كيفية ميتته فقال له بطرس : يارب إني مستعدّ أن أمضي معك حتى إلى السجن أو إلى الموت وهو الذي اتّكأ على صدره في العشاء السرّي وتأكّد يسوع من محبة بطرس له (يوحنا21 :15ـ23) وأقامه رئيساً للرسل ولم يفارقه وكان قد قال له يسوع : أقول لك يا بطرس لا يصيح الديك اليوم قبل أن تنكرني ثلاث مرات انك تعرفني (لوقا 22: 34 ) وتبعه إلى حين آلامه داخلاً معه إلى دار رئيس الكهنة قيافا وهناك نكره ثلاث مرّات (لوقا22 : 55 ـ 62 ) و( يوحنا 18 : 17 ـ 27 ) وذلك خوفاً عليه من أذى اليهود . ومن محبّته ليسوع وأثناء القبض عليه في جبل الزيتون استلّ بطرس سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة (اسمه مَلْخَسْ) فقطع أذنه اليمنى فلمسَ يسوع أذنه وأبرأها (لوقا22 : 50 – 51) و(يوحنا 18 : 10 ـ11 ) كان بطرس أول من ركض إلى القبر ليتأكد من قيامة السيد المسيح وليخبر بقية التلاميذ . وبعد قيامة السيد المسيح ظهر لتلاميذه وطلب منهم أن يذهبوا ويكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها (مرقس16: 15)و( لوقا 24: 47 ـ 49 ) مبتدئين من أورشليم . وبدأ بطرس غير هيّاب بالتبشير في السامرة وطاف مدن سواحل فلسطين ولبنان وآسيا الصغرى ( تركيا حالياً ) خمس سنوات ثم عاد إلى أورشليم فألقاه هيرودس في السـجن ( أعمال 12: 3ـ20) وخلّصه ملاك الرب .
بعد ذلك استأنف التبشير في أنطاكيا وذهب إلى روما بالاتفاق مع بولس الرسول وبعد أن أسّس كنيستها ما لبس أن قبض عليه نيرون وسجنه ثم أمر بصلبه ، ولعمق تواضعه طلب من صالبيه أن يصلبوه رأساً على عقب لأنه اعتبر نفسه غير مستحق أن يُصْلَبَ كسيّده وكان ذلك بين أعوام 66 ـ 68 م (1) . صنع القديس بطرس عدة عجائب ( ظلّه كان يشفي ) . وتحدّد الكنيسة الكاثوليكية مكان دفنه تحت المذبح العالي في بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان .
كتب هذا الرسول رسالتين ( بين 64 و66 م ) هما بطرس الأولى وبطرس الثانية (2) تحتويان على نصائح وتعاليم مفيدة يثبّت بها تعاليمه إلى إخوته الرسل الآخرين ويطلب منهم الابتعاد عن المعلمين الكذبة والخرافات الباطلة .
يرجّح بعض دارسي العهد الجديد بأنه كان في البدء تلميذاً ليوحنا المعمدان قبل أن يلتحق بالسيد المسيح ويصبح الشخص الأبرز بين التلاميذ حيث تم ذكره بشكل أكبر من بقية التلاميذ
في الأناجيل الأربعة وأعمال الرسل فكان السبّاق في طرح الأسئلة على سيده والسبّاق في إعطاء الأجوبة . ونراه في معظم الأيقونات التي رُسِمَتْ له يحمل مفاتيح ملكوت الســموات (رمز قيادته الكنيسة ) .
بــولس الـرسـول :
هو إناء المسيح المختار ومجد الكنيسة ورسول الأمم ومُعلِّم العالم بأسره يُلقَّب بالمصطفى
يهودي الجنس وُلِدَ في أوائل القرن الأول الميلادي حوالي سنة 8 م في مدينة طرسوس (منطقة كيليكية ـ شمال غرب أنطاكيا ) من أبوين عبرانيين من سبط بنيامين كانا يتمتّعان بحقوق المواطنة الرومانية واللذين كانا ينحدران من الجليل .. وكان خبيراً باللغة اليونانية ومُدقّقاً في علم الناموس وشديد الاضطهاد لكنيسة المسيح واسمه ساولس أو شاول الذي معناه ( مُكَرِّسْ لله ) . وكان شديد الكره والسخط على المسيحيين حتى أخذ يطاردهم أينما ذُكِروا .
وفي نحو سنة 36 ومع إزدياد اضطهاده للكنيسة اتّجه من أورشليم إلى دمشق مصحوباً برسائل توصية من رئيس الكهنة لكي يأتي بمن يجد هناك من المؤمنين بالمسيح إلى أورشليم،وفيما هو ماضٍ إليها ، أضاء حوله نورٌ من السماء بغتةً عند الظُهر على تلّة تُدعى كوكب (3) في الجنوب الغربي من دمشق , فسقط على الأرض وسمع صوتاً قائلاً له : (شاول شاول لماذا تضطهدني ) وإذ سأل قائلاً :( مَن أنت ياسيد ) فسمع الصوت يقــول : ( أنا يسوع الذي أنت تضطهده صعبُ عليك أن ترفس مناخس ، فانهض وقم على قدميك وادخل المدينة ، فيُقال لك ما يجب أن تفعل ) فهذا الصوت السماوي والنور البهي جعلاه يندهش مرتعداً وأعمياه إلى حين , فدخل إلى دمشق مُقاداُ وبإعلان من الله تعمَّد من حنانيا (4) الذي كان بدمشق . ودخل بالحال إلى مجامع اليهود وصار يُكَرِّز بالمسيح ويقول : ( إن هذا هو ابن الله ) وبُهِتَ اليهود من هذا التغيير في معتقده . راجع ( أعمال الرسل 9: 1ـ30)
كان كطير سماوي يطوف ويجول آسيا وأوروبا غير مستقرّ ولا متوقّف ليكرِّز بالإنجيل
وتحمّل السجن والجَلْد والرجم والأخطار التي كابدها براً وبحراً في المدن والبراري التي جال فيها .
كتب رسائله الأربع عشرة التي فُسِّرَت من يوحنا ذهبي الفم في 250 مقالة فتبيّن عن سمو معانيه والحكمة الممنوحة له من الله التي بها وفَّق بين العهدين القديم والجديد وثبَّت عقائد الإيمان وبسّط تعليم الإنجيل . وبعد أن تمّم عمل خدمته توفي مستشهداً في مدينة رومية على عهد نيرون الملك الذي أمر بقطع رأسه بنفْس السنة التي استشهد فيها بطرس الرسول مصلوباً وكان ذلك سنة (66 أو 68 ) .
أما تبديل اسمه من شاول الى بولس وبحسب العادة المتبعة في ذلك العصر أن يأخذ اليهود اسماً ثانياً ( يونانياً أو رومانياً ) فكان هذا الإسم معروفاً ويكثر استعماله عند اليونانيين والرومانيين . وباعتباره رومانياً بالإْكتتاب ومولوداً في طرسوس فقد غلبَ عليه هذا الإسم حين ابتدأ يبشِّر بالإْنجيل ، لاسيّما حين دعا ( سرجيوس بولس) الوالي الوثني الذي كان في بافس في جزيرة قبرص كلاً من برنابا وشاول ليَسْمعَ منهما كلمة الله والدعوة إلى الإيمان بالمسيح ( أعمال 13: 6ـ12) .
أسّس بولس مع برنابا (5) الكرسي الأنطاكي سنة 42 م في أنطاكية وأصبح بطرس أول أساقفة أنطاكية من عام 45 ـ 53 م بعدها ذهب إلى روما بالإتفاق مع بولس لتأسيس كنيستها
كما أسّس الكثير من الكنائس في اليونان وآسيا الوسطى : في كورينثوس ( غرب أثينا ) وفي فيليبي ( غرب مكدونيا ) وفي كولوسي ( شرق إزمير ) وغيرها .
يُمكن أن نُرَتِّب الأحداث الرئيسية في حياة القديس بولس بجدول تاريخ كالتالي :
الحـــدث الرئيســــــــي السنــــــــــــة
ـ الاهتداء إلى المسيحية 34
ـ أول ذهاب إلى أورشليم 37
ـ الرحلة التبشيرية الأولى ( قبرص، الشواطىء 46 ولبدايات 48
الجنوبية لآسيا الصغرى )
ـ المجمع الرسولي ( أورشليم ) 48/49
ـ الرحلة التبشيرية الثانية ( بلاد اليونان :فيليبي 49/50 ولغاية 51/52
تسالونيكي ، فيريا ، أثينا ، كورونثوس )
ـ الرحلة التبشيرية الثالثة ( أفسس ، الكنائس 53/54 ولغاية 56/57
التي أسّسها في آسيا الوسطى واليونان)
ـ القبض عليه في أورشليم 57/58
ـ سجنه لسنتين في قيصرية فلسطين 58 ولغاية 60
ـ السفر إلى روما وسجنه للمرة الأولى 61 ولغاية 63
ـ الرحلة التبشيرية الرابعة ( اليونــان 64ولغاية 66 ؟
وربمــا اسبانيا )
ـ السجن للمرة الثانية في روما ، والاستشهاد 67 ؟
ونبين أدناه أسماء الرسائل التي كتبها في العهد الجديد ،مع المكان والتاريخ التقريبي
الذي كُتبت فيه :
السنة التـي المدينة التـي
الرســـــــــالة كُتبت فيهـا كُتبت فيـهـا
ــــــــــــ ــــــ ـــــــ
1ـ إلى أهل رومية 57 قرنثيــة
2ـ الأولى إلى أهل كورنثوس 55 أفسس
3ـ الثانية إلى أهل كورنثوس 56 مكدونيـة
4ـ إلى أهل غلاطية 54ـ55 أفسس
5ـ إلى أهل أفسس 61ـ63 روميـة
6ـ إلى أهل فيليبـي 61ـ63 روميـة
7ـ إلى أهل كولوسي 61ـ63 =
8ـ الأولى إلى أهل تسالونيكي 53 قرنثيـة
9ـ الثانية إلى أهل تسالونيكي 53 =
10ـ الأولى إلى تيموثاوس 63ـ64 مكدونيـة
11ـ الثانية إلى تيموثاوس 66ـ67 روميــة
12ـ إلى تيطس 63ـ64 مكدونيـة
13ـ إلى فلمون 63 روميـة
14ـ إلى العبرانيين 63 ـ 64 إيطاليا
ملاحظــة : رُتِّبَت الرسائل حسب تسلسلها في العهد الجديد .
تعيّــد لهما الكنيسة في 29 حــزيران من كل عام
المفـردات :
(1) ـ بعض المصادر تُحدّد وفاته سنة 64 ومصادر أخرى تحدّد وفاته سنـة 67
ومصدر ثالث يُحدّد الوفاة سنة 66 أو 68 .
(2) ـ ذكرت بعض المصادر إنه كتب الرسالة الأولى سنة 64 والرسالة الثانية سنة
65 ـ 66 .
(3) ـ تلّة كوكب : سُمِّيَتْ بهذا الاسم إشارة للنور الساطع الذي ظهر للقديس بولس
تقع في الجنوب الغربي من دمشق بمسافة 18 كم .
(4) ـ حنانيا : من مدينة دمشق وهو أحد السبعين رسولاً ، استشهد مرجوماً على
على عهد الوالي لوكيانوس .
(5)ـ برنابا : يهودي قبرصي أحد الإثنين والسبعين تلميذاً ، كان رفيقاً لبولس ، استشهد مرجوماً في وطنه سنة 51 م .
10/4/2008 المهندس جورج فارس رباحية
المصـــادر :
ـ مدخل إلى العهد الجديد : د. يوحنا كرافيذو بولوس ، تعريب : الأب أفرام ملحم
الناشر : مطرانية الروم الأرثوذكس بحمص ـ الطبعة 2 ، 2007
ـ السواعي الكبير : القدس 1886
ـ الكتاب المقدس 1968
ـ مجلة النعمة ( تصدر عن بطريركية الروم الأرثوذكس بدمشق ) 1961
ـ مواقع على الإنترنت :