ما أكثر قصص الجاسوسية التي كان للمرأة دور الجميلة دور هام وبارز فيها..وفي بعض الأدوار نجحت صاحبة الدور بالوصول إلي ماترمي إليه ..ومنها من دفعت المرأة حياتها في بعض الأدوار ..
ولدت امي اليزابيث ثورب في امريكا وتزوجت ديبلوماسيا بريطانيا يدعي ارثر باك خلال الثلاثينات من هذا القرن , وقد كان زوجها جافا غليظا لايتناسب ابدا مع زوجة بهذا الجمال وبروح المغامرة , ولكنها بقيت معه لان طبيعة عملة سمحت لها بالذهاب الي التشيلي واسبانيا وبولندا وفيها سنحت لها الفرصة ببدء حياة المغامرة اذ تلقت دعوة من الاستخبارات البريطانية عام 1937 للعمل لحسابها وقد قبلت فورا
اخذت امي الاسم الرمزي سينشيا واصبحت بسرعة عشيقة لموظف مرموق في وزارة الخارجية البولونية , اعطاها معلومات هامة عن التطورات في المانيا وفي تشيكوسلوفاكيا , ولكن الاهم من ذلك انها علمت عن مهندسين بولونيين يعملون في صنع الة الشيفرة الالمانية السرية , وكان ذلك الخطوة الاولي في عملية سمحت للبريطانيين بالحصول علي مفاتيح الرموز التي اطلعتهم علي اتصالات هتلر السرية .
في سنة 1941 كانت سينشيا في نيويورك وانضمت لمجموعة النجوم العاملين لصالح رابطة الامن البريطانية , ولما احتاج وليم ستيفنسون لمن يستكشف اسرار السفارة الايطالية وسفارة فيشي الفرنسية لم يجد افضل منها لذلك , فجهز لها شقة مريحة في واشنطن واخذت تحضر حفلات الكوكتيل لعلية القوم في العاصمة الامريكية , وجددت من معرفتها بالادميرال البرتو ليز وقد اصبح الان الملحق العسكري لموسوليني في الولايات المتحدة الامريكية
وبعكس غيرها من جاسوسات الاغراء , لم تخف نواياها عن عشيقها فاخبرتة صراحة انها تريد مفاتيح الشيفرة الايطالية لتعطيها لمخابرات الحلفاء لتستخدم ضد بلادة , وكان مفتونا بها لدرجة انة احضر لها ما طلبت لتنسخها وقد ذهل العاملون في رابطة الامن البريطانية للسهولة التي حققت بها هذا الانجاز الهام , وقال احدهم ( ان من المدهش ان رجلا في مثل خبرة الادميرال ومنصبة الهام وبرغم تدريبة السابق وعقيدتة الوطنية قد نسي كل شيء في سبيل الحب )
وساعدت مفاتيح الشيفرة الايطالية الاسطول البريطانية علي مناورة اسطول المحور الاكبر عددا في البحر المتوسط , وكان لذلك اهمية عظيمة في حملة الخلفاء علي شمال افريقيا
وعندما اعتصرت سينشيا الادميرال ليز واعطاها كل ما تريد رمت بة بدون شفقة واخبرت مكتب التحقيقات الفيدرالي الامريكي عن معرفتة بعمليات التخريب التي حدثت في الموانيء الامريكية , فاعتبر شخصا غير مرغوب بة وطرد من امريكا كان هدفها التالي سفارة فيشي الفرنسية , وكانت حكومة فيشي العوبة بيد النازية كونتها لحكم فرنسا المحتلة , وكان المسؤول الاعلامي في السفارة الكابتن تشارلز بروس طيارا بحريا سابقا , وقد تعاون مع المخابرات البريطانية قبل الحرب , ولكنة كان حانقا علي الحلفاء لان الاسطول البريطاني هاجم البحرية الفرنسية في عام 1940 ليغرق اكبر عدد ممكن من القطع حتي لا يستخدمها الالمان ضد الحلفاء بعد السيطرة علي فرنسا , كما ان بروس لم يكن يحب الامريكيين فقد اعتبرهم اجلافا لم يستطيعوا تفهم الموقف الدقيق لبلادة
وبهدوء وتخطيط استطاعت سينشيا ان تربحة لجانبها , فقد كان جمالها لا يضاهية الا ذكاؤها واستسلم لها بروس وتعلق بها لدرجة انة وافق علي ان تنتقل الي نفس الفندق الذي يقيم فية مع زوجتة الثالثة , وقد اطلعها علي وجود كمية من الذهب الفرنسي مخبأة في جزر المالرتينيك في البحر الكاريبي , فارسلت رابطة الامن البريطانية عملاؤها للاستيلاء علي الذهب ومنع النازيين من استعمالة , وقد استعمل ستيفنسون هذا الذهب كتأمين اثناء المباحثات للحصول علي قروض للمجهود الحربي البريطاني من الامريكيين
كما علمت عن مؤامرات النازيين ضد مواصلات الحلفاء البحرية وكشفت عملاء الالمان في امريكا الشمالية والجنوبية الذين يعملون من خلال المؤسسات الفرنسية ثم صدرت لها اوامر جديدة صعبة وهي الاستيلاء علي الشيفرة البحرية الفرنسية الجديدة وهي محفوظة في غرفة محصنة في السفارة الفرنسية في واشنطن ولم يكن بروس قادرا علي الوصول اليها , وخططا معا لقصة الغرام الحزينة التي اقنعا بها الحارس الليلي , وادت الهدايا وقصة الزوج الذي يخشي الفضيحة لتليين الحارس ثم احضرا لة زجاجة الشمبانيا مع المنومات , وكانت شكوك الحارس في محلها فيما كان مستغرقا في النوم ادخلت سينشيا وبروس خبير الاقفال من باب جانبي للسفارة فدرس وضع الخزانة التي احتوت الشيفرة وفي الليلة التي رات عينا الحارس فيها سينشيا العارية كان عملاء رابطة الامن البريطانية في الغرفة الحضينة ينسخون الشيفرة وكانت هذة العملية ضربة موفقة للجاسوسية غيرت وجة الحرب , وقد ورد في وثائق رابطة الامن البريطانية ان اغراء سينشيا لعدد من الرجال الهامين في فترة الحرب قد فتح الطريق الي تحرير فرنسا والي قهر المانيا في النهاية
” لغز لوسي”
نبهت سينشيا لندن للالة السرية التي اعتمدها هتلر للرد علي نجاح الحلفاء بفك رموز الشيفرة الالمانبة في الحرب العالمية الاولي , فقد صمم علي ان لا يسمح لاحد باعتراض مراسلاتة العسكرية كما اعترض خبراء الشيفرة في الغرفة 40 في مركز بلينكر هول مراسلات القيصر في الحرب الاولي وكانت الالة السرية تحول الرسائل لتشويش غير مفهوم ثم تبثها برموز مورس , ولا يمكن ان تفك رموز الرسالة الا من قبل من يملك الة اخري مشابهه
وحاولت الاستخبارات البريطانية ان تعرف المزيد بعد تنبية سينشيا , وكان للمخابرات اليولونية عملاء في المصانع التي تركب فيها الالة السرية واستطاعت الحصول علي الكثير من التفاصيل عنها ثم تمكنوا من تسليم البريطانيين نموذجا مشابها لها , وفي عام 1941 حصلت البحرية الملكية علي الة اصلية من غواصة المانية مدمرة , وصنع العلماء البريطانيين الة تماثلها في الروعة مع جهاز اتوماتيكي لفك الشيفرة وبدأ فريق بقيادة الكاتب ادوارد هاستينفر بنشاط شديد بتسجيل الرسائل الالمانية وفك شيفرتها , واتخذ لة مقرا في بيت ريفي في بلتشلي بارك في باكينغهام شامير دعي بالمحطة ( اكس ) وقد قدمت سيلا من المعلومات التي لا تقدر بثمن فاستطاعت البحرية الملكية ان تطارد الغواصات الالمانية وتدمر منها اكثر من قدرة المانيا علي انتاج المزيد , كما حذرت مونتغومري من فخ نصبة لة رومل لتدمير جيشة الثامن بعد معركة العلمين , كما لدت هذه المعلومات لاغراق البارجة بسمارك , وكان الحلفاء علي اطلاع علي اخر الخطط الحربية للقيادة الالمانية ويهرماخت وكان من الهام جدا ان لا يعلم هتلر ان البريطانيين اخترقوا رموزه السرية حتي لا يغيرها بالة او طريقة اخري لا يستطيعون معرفتها , واضطر الحلفاء مرارا لان يعضوا علي شفاههم وهم يتفرجون علي كوارث يستطيعون منعها , فمثلا كانوا يعلمون ان المقاتلات الالمانية ستهاجم الطائرة التي تحمل ليزلي هوارد في مهمتة السرية لحساب قائد رابطة الامن البريطانية في امريكا وليم ستيفنسون لانهم فكوا رموز الامر الصادر بذلك عن القيادة الجوية الالمانية , وكان تحويل مسار الطائرة او الغاء الرحلة يهدد بكشف قدرة الحلفاء علي اعتراض المراسلات العسكرية الالمانية وبالتالي دفع هوارد حياتة ثمنا لهذا السر لم يتضح سر المحطة ( اكس ) الا بعد الحرب , فبعد سنوات اخذ المهتمين بعمليات الجاسوسية يربطون بين نجاحها المدهش وبين ضربات الجاسوسية الباهرة في المعارك ضد هتلر والتي قامت بها حلقة لوسي في سويسرا , واخذت هذه الحلقة اسمها من الاسم الرمزي لرودولف روزلد , وهو الماني معادي للنازية من بافاريا , وقد عمل مع انجليزي اسمة اليكساندر فوت وهنغاري اسمة ساندور رادو , وزودت الحلقة الزعيم الروسي ستالين بتفاصيل مدهشة عن خطط هتلر لغزو الاتحاد السوفيتي عام 1941 واستمروا بتسريب معلومات هامة لمدة سنتين فكان ستالين يعلم مسبقا بكل المخططات النازية الهامة وكانت المعلومات دقيقة لدرجة جعلت ستالين وهو خبير في فن الخداع والتضليل يشك بان مصدر هذه المعلومات حملة نازية لخداعة ورفض اخيرا ان يصدق التقاربر التي كانت تساعدة وقد كان روزلز يدعي ان مصدر معلوماتة هو عشرة ضباط بافاريين معادين للنازية , وفي مراكز هامة في القيادة الالمانية , وربما كان في المضادة للجاسوسية في الغستابو والابوهير لم تكن كسولة لدرجة تسمح بهذا الفيض من المعلومات عن المخططات الحربية الالمانية , في كل يوم , وعندما توقفت انجازات روزلد بدأ الباحثون في تاريخ التجسس بدراسة مصادر اخري لهذه المعلونات انتهوا الي الاعتقاد بان المصدر كان المحطة ( اكس )
لقد كان من مصلحة بريطانيا ان يبقي هتلر متورطا في الجبهه الشرقية فالفيالق التي تستهلك هناك لن تستعمل ضد اوروبا الغربية وقد ادرك مدراء ( مديري ) التجسس ان ستالين لن يثق بالمعلومات التي يمكن ان تزودة بها لندن مباشرة , ولم يكونوا يعلمون ان فيلبي وبورجس وماكلين وبلنت كانوا يعملون لحسابة ولم يجرؤ الحلفاء علي اطلاع ستالين علي الطريقة التي يحصلون بها علي اسرار هتلر خشية ان يقوم الثعلب العجوز المخادع بافشاء سرهم للالمان مقابل معاهدة سلام مفاجئة , واعتقدوا ان هذه المعلومات اذا سربت الي موسكو عن طريق شبكة التجسس الروسية في سويسرا فقد يستخدمها ستالين لما فية مصلحة الحلفاء المشتركة وقد استمرت حلقة لوسي بنشاطها حتي اواخر عام 1943 , وكان السويسريون يتجاهلون وجودها برغم معرفتهم بها واطلاق اسم ( الاحمر 3 ) عليها ولكن عندما تمكنت الابوهير من تحديد مكان اجهزة البث الثلاث التي كانت ترسل اسرار الالمان الي موسكو هدد الالمان بالتدخل مباشرة اذا لم يتخذ السويسريون المحايدون الاجراء اللازم , فتم اعتقال الثلاثة وحكم عليهم بالسجن لبضعة اشهر ثم اطلق سراحهم وتم ترحيلهم عن سويسرا ولم يكن زعيم الحركة رادو راغبا بالعودة الي روسيا فقد خالف الاوامر بعدم اطلاع الحلفاء علي الاسرار التي يحصل عليها عندما اخبر البريطانيين عن صواريخ ( اف 2 ) التي بناها الالمان في بيينموند وبالفعل عندما وضع الروس ايديهم علية لم يذكروا فضلة في اعطاء المعلومات التي ساعدت ستالين علي ربح معركة ستالينغراد ومعركة كورسك وحكم علية بالسجن عشر سنوات في معسكر اعتقال بسيبيريا وقد علم بعد سنوات انة اثناء رحلتة الي موسكو اتصل بموريس اولد فيلد وكان عميلا بريطانيا في القاهرة وطلب منحة حق اللجوء السياسي عند البريطانيين , وقد رفضت لندن طلبة لان القرار في ذلك كان لكيم فيلبي ويبدو ان روزلز وقد رأي مصير رادو فضل ان لا يتكلم ابدا عن اعمالة او عن مصادر معلوماتة وتوفي عام 1958 اخذا سرة الي قبرة , اما فوت فقد ارسلتة موسكو ليعمل في المكسيك ضد الولايات المتحدة الامريكية , ولكنة التجأ الي البريطانيين حالما وصل لبرلين وحصل علي عمل مدني في وزارة الزراعة في لندن , وبقي محتفظا بالصمت عن مغامراتة في ايام الحرب وقد تطوعت سينشيا لمزيد من الاعمال في اوروبا وارادت ان تنزل بالمظلة خلف خطوط العدو لتقوم ببعض الاغتيالات , وبرغم انها تعرضت للمخاطر قبلا ولكن رؤسائها لم يرغبوا بالتضحية بها , وبعد عام 1945 طلق يروس زوجتة ووجد زوج سينشيا ارثر باك مقتولا بالرصاص في الارجنتين , وكانت صحتة سيئة قبل ذلك , واصيح الطريق نفتوحا لزواج العاشقين وعاشا في قصر في جنوب فرنسا حتي عام 1963 حيث توفت اعظم جاسوسات الاغراء في العالم من السرطان , وتوفي بروس بعد ذلك بعشر سنوات
.............
_________________