في بلدة مثل قرية فيروزة الجميع يعرفون بعضهم البعض أقارب وجيران ويسكنون إلى جوار بعضهم البعض ..كان من الممكن أن يتخطوا الأزمة المائية التي حلت بهم بعد عام 1980 وفيما بعد عن طريق المشاريع المائية المساهمة والمشتركة .
وما أقصده بذلك ..بأنه لو عدنا إلى الماضي في فيروزة ..فلقد كانت القرية تشرب من بئرين قديمين هما بئر حمزة وبئر جعبر. ومع توسع المباني السكنية تم حفر آبار تقريبا في كل منزل وبعمق 20 ـ 30 متر ..وكان الماء يسحب عن طريق المهور والدلو ثم جاء دور الكباس اليدوي وفيما بعد حلت دولاليب الهواء مكانه..إلى أن تم أنخفاض ملحوظ بمستو المياه السطحية نتيجة قلة الأمطار أولا وثانيا نتيجة حفر الأبار الإرتوازية خارج بناء القرية من أجل أستثمار الأراضي الزراعية في الزراعة ..هذا أثر علي عمق المياه السطحية في أبار القرية العربية وبدأت الأهالي التفكير في حفر أبار أرتوازية داخل حدائق المباني في داخل القرية ..
وكلنا يعرف أن الآبار بدأت بعمق 50- 60 متر وكانت مكلفة للعائلة الواحدة ..والبئر يحتاج إلى دينامو أو غطاسة ووبدأ التنافس بين الأهالي من يعمق بئره أكثر ومن يشتري غطاسة تسحب ماء على عمق أكبر ..كانت الأموال التي صرفت دون دراسة صحيحة هي عبارة عن حل مؤقت وغير منظم لأستثمار المياه السطحية بشكل علمي بأقل التكاليف المادية مع مردود جيد للمياه ..وهناك عدة أمثلة يمكن طرحها من واقع القرية ..
كمثال هناك مباني لأفراد عائلة واحدة تبلغ حوالي 6 منازل المسافة بين هذه المنازل حوالي 300 من بداية البناية الأولى إلى الأخيرة ..لقد حفرت كل عائلة بئر تجاوز 130 مترا عمقا وكل بئر فيه غطاسة .. وكل دار لديها خزان ماء ..وكابلات كهرباء ومفاتيح كهرباء وروافع للطاقة الكهربائية للتمكن الغطاسات من العمل وحبال ..وكل من الأخوة يتنافس مع أخيه كل عام على تعميق البئر وتبديل الغطاسة ..وكل منهما كان يستيقظ قبل أخيه من أجل سحب الماء صباحا ..وهذه الأمثلة عديدة مابين عدة جيران في فيروزة ..!!
وما أريد أن أقوله بأن شبكات المياه التي تمدها البلديات في القرى أو في المدن ..كل تجمع يعمل ضمن نطاق خزان واحد للمياه يزود بالمياه من بئر أرتوازي واحد أو من مشاريع المياه على الأنهار...
فلو فرضنا بأن تجمع كل 10 بيوت في فيروزة ..بدلا من حفر 10 آبار ..تم حفر بئر واحد بعد دراسة ناجحة لتحديد المكان المناسب لتخفيض التكاليف في تمديدات الأساطل ..ومن ثم دراسة إنشاء خزان واحد لكل البيوت وتمديد قساطل مناسبة لكل بيت ..ومن ثم توزيع التكلفة عالجميع عن طريق عدادات مياه أو تنظيم صرف الكهرباء ..
أنا برأي الخاص ستكون هذه العلميلة أنجع وأقل تكلفة وأكثر جمالية للمنازل وألية العمل فيها ستوفر الكثير من الوقت ووجع الرأس للبيوت العشرة المتجاورة والمشتركة في هذا المشروع البسيط وخاصة كان يمكن الأستفادة من خبرات الكثير من المهندسين من أبناء فيروزة في ذلك طالما المشروع هو لتوفير أكبر للمياه السطحية في القرية وتوفير أموال كثيرة ضاعت ..ومن ثم وجود نوع من المحبة والتآلف بين الجيران ..وعدم الخوف من مستقبل المياه السطحية ..كم كان مزعج وجود ثلاث أو أربع حفارات تحفر في نفس الحارة وكل من الجيران ينافس جاره لتعميق بئره أكثر...
ومن ناحة ثانية لو أي واحد منا ذهب للمناطق الغربية من سورية نجد أن الينابيع كثيرة وبالرغم من ذلك كانت الأهالي تجد عدة طرق للأستفاده من مياه الأمطار لتخزينها مثلا والأستفادة منها ..وهذا إلى الآن غير موجود في فيروزة ...
وفي مثال أخر للإستفادة من بعض الخبرات أو التجارب في بعض المناطق في العالم أو في سورية ...وهي التدفئة المركزية المشتركة للمنزل الواحد أو لعدة منازل متجاورة ..
معظمنا في فيروزة كان تدفئة منزله تتم عن طريق المدافئ عالمازوت وفيما بعد بدأ التفكير بالطاقة الشمسية والكهربائية ..ولكن لو عدنا لمثالنا السابق حول عملية أستثمار المياه بشكل عملي لتقليل التكاليف يمكن أن نستفيد من التدفئة المركزية عن طريق تسخين المياه والذي يسمى الشوفاج ..كلنا يعرف بأن أحتراق المازوت في المدافئ هو غير كامل بسبب سوء تصنيع المدفئة ..وهذا يودي إلى فقدان كبير من المازوت وكذلك تلويث البيئة بالإضافة لسوء التهوية في المنزل نفسه وكل ذلك يكلف ماديا وصحيا..
ولو أجرينا دراسة بسيطة على منزل واحد في فيروزة مع عدد المدافئ الموجودة وسوء أستخدام المازوت والأمور المنزلية الأخرى من تنظيف وسوء تهوية وتكاليف صحية ..لوجدنا أننا يمكن أن نتجنب الكثير من ذلك مع توفير أكثر 40 %من القيمة المادية المصروفة وحصول كل تجمع أو عدة منازل مع بعض على تدفئة أفضل بتوفير مادي أكبر .والعلمية بسيطة جدا لو كان هناك تفاهم بين الأهالي المتجاورة ..كما يحدث في شركات البناء العالمية في مناطق عديدة من العالم ...وهي إنشاء خزان لتسخين الماء ضمن تجمع عدة عائلات . وتسخين الماء يتم بواسط المازوت مثلا والتسخين يكون أتوماتيكي وبمردود حوالي 95 % من المازوت قابل للإحتراق ومن ثم الأستفادة من الماء الساخن في تدفئة المنازل وكذلك للأستخدمات المنزلية كالحمام والمطبخ ..
هذه التمديدات يمكن أن ترافق التمديدات السابقة لجر المياه في مشروع مياه الشرب في المثال السابق .
وفي هذه الحالة كان من الممكن التوفير في الحالتين عن طريق العمل الجماعي ضمن ظروف من المحبة والتآلف والتنسيق المشترك .
وهذا كان يجعل كل جار يفكر في جاره أو بيت اخيه قبل أن يفكر بنفسه.
السبت أبريل 30, 2011 8:47 am
