هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأرسل مقالالتسجيلدخول
 

 كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد مار أنطانيوس ..

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
Amer-H
صديق فيروزي متميز جدا
صديق فيروزي متميز جدا
Amer-H


علم الدولة : Syria
الجنس : ذكر
المشاركات : 9804
الإقامة : Sweden
العـمل : IT-computer
المزاج : Good
السٌّمعَة : 316
التسجيل : 09/02/2007

كل عام وأنتم بخير بمناسبة  عيد مار أنطانيوس .. Empty
مُساهمةموضوع: كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد مار أنطانيوس ..   كل عام وأنتم بخير بمناسبة  عيد مار أنطانيوس .. Emptyالأحد يناير 16, 2011 3:00 pm

كل عام وأنتم بخير بمناسبة  عيد مار أنطانيوس .. Antonus

اجعلوا هذا الجسد الذي أنتم لابسونه مجمرة تحرقون فيها جميع أفكاركم وظنونكم الردية؛
وتقدمون ذواتكم للرب ليرفع قلوبكم اليه, وبسلطة العقل النقي تطلبون منه أن ينعم عليكم بأتيان ناره العلوية غير المادية,
لتحرق ما في المجمرة وتطهرها. وحينئذ تنظرون انسانكم الجديد وهو خارج من الماء من الينبوع الالهي.
.................
كل عام وأنتم بخير بمناسبة حلول عيد مار أنطانيوس ..

_________________
كل عام وأنتم بخير بمناسبة  عيد مار أنطانيوس .. 2-1410
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.fairouzehfriends.com/contact.forum
Sam
صديق فيروزي
صديق فيروزي
Sam


الجنس : ذكر
المشاركات : 154
العـمر : 36
الإقامة : Syria-Zaidal
السٌّمعَة : 0
التسجيل : 21/08/2007

كل عام وأنتم بخير بمناسبة  عيد مار أنطانيوس .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد مار أنطانيوس ..   كل عام وأنتم بخير بمناسبة  عيد مار أنطانيوس .. Emptyالأحد يناير 16, 2011 4:46 pm

وأنتم بخير وينعاد عالجميع بشفاعة مار مطانس..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جورج شماس
صديق فيروزي
صديق فيروزي



الجنس : ذكر
المشاركات : 86
العـمر : 39
الإقامة : سوري ـ حمصي- صدي
العـمل : على باب الله
المزاج : ممتاز
السٌّمعَة : 1
التسجيل : 13/03/2008

كل عام وأنتم بخير بمناسبة  عيد مار أنطانيوس .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد مار أنطانيوس ..   كل عام وأنتم بخير بمناسبة  عيد مار أنطانيوس .. Emptyالأحد يناير 16, 2011 7:00 pm

بشفاعة الأنبا أنطانيوس أتمنى للجميع عيد مجيد وكل من يحتفل بالمناسبة يذكرنا بالخير
وكل عام وانتم بالخير ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
G-Malky

G-Malky


الجنس : ذكر
المشاركات : 186
العـمر : 40
الإقامة : السويد
العـمل : جيد
المزاج : عسل
السٌّمعَة : 3
التسجيل : 27/07/2010

كل عام وأنتم بخير بمناسبة  عيد مار أنطانيوس .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد مار أنطانيوس ..   كل عام وأنتم بخير بمناسبة  عيد مار أنطانيوس .. Emptyالإثنين يناير 17, 2011 5:45 pm

موجز عن سيرة القديس أنطونيوس

وُلد القدِّيس أنطونيوس في بلدة صغيرة في صعيد مصر كوما قرابة عام 251م في بيت كريم من والدين مسيحيين من أرباب الوجاهة والغنى، وكانت له أخت أصغر منه سناً. كان ميالاً منذ نعومة أظفاره إلى التقوى والفضيلة، ولم يشأ أن يحصل العلم الدنيوي تجنباً للخلطة بالناس. ولما توفي والداه وهو شاب يافع تأمل فيه وقال: "تبارك الله! أليست هذه الجثة كاملة ولم يتغير منها شيء البتة سوى توقف هذا النفس الضعيف؟! فأين هي همّتك وعزيمتك وسطوتك العظيمة وحمعك للمال؟! ثم أردف: إن كنت أنت قد خرجت بغير اختيارك فلا أعجبن من ذلك بل أعجب أنا من نفسي ان عملتُ مثل ما عملت أنت.
يذكر القديس أثناسيوس الكبير أنه ترك العالم بعد وفاة أبيه بستة أشهر. وذلك عندما دخل الكنيسة وسمع الآية الإنجيلية التي فيها: "إن أردت أن تكون كاملاً، فاذهب وبع كل ما تملكه ووزع ثمنه على الفقراء فيكون لك كنز في السموات وتعال اتبعني" (متى 19: 21) فاعتبر أن القراءة موجهة إليه فعمل بها، باع كل أملاكه وأعطى شقيقته ما يعود إليها من ميراث والديها، ووزَّع ما خصّه على الكنائس والفقراء. ثم يبدو أن الشك ساوره في شأن الغد، فلما دخل االكنيسة من جديد سمع قراءة أخرى فيها هذا القول: "لا يهمكم أمر الغد". عندها أودع أخته عند عذارى أمينات معروفات وتفرغ للنسك.
هناك مصارد أخرى ذكرت أنه ترك والده بغير دفن وخرج يهيم على وجهه مخلفاً وراءه ما كان له من وأراضٍ وخدم. لسان حاله كان: ها أنا أخرج من الدنيا بإرادتي كيلا يخرجوني مثل أبي رغماً عني. وكان عمره يومذاك ثمانية عشرة أو ربما عشرين ربيعاً.
انصرف أنطونيوس إلى النسك متأملاً في ذاته، متدرباً على الصبر. لم يكن في بلاد مصر يومذاك أديار. فقط كان هناك بعض الشيوخ يتنسكون هنا وهناك، في مكان قريب من بيته أو قريته. فتش أنطونيوس عن مثل هؤلاء في جواره فوجد بعضاً. صار أنطونيوس منهم، وعلى حد تعبير القديس أثناسيوس الكبير، كان "كالنحلة الحكيمة" لا يرجع إلى مكانه إلا بعدما يراهم ويتزود لديهم بما ينقعه في طريق الفضيلة. يتعلم من الواحد الفرح ومن الآخر الصلوات الطويلة. من هذا التحرر من الغضب ومن ذاك الإحسان. يأخذ عن فلان السهر وعن فلان الصبر وعن فلان النوم على الأرض. لاحظ وداعة هذا وطول أناة ذاك، وتشدد بإيمان هذا ومحبة ذاك.
في إحدى الأيام، كان أنطونيوس جالساً في قلايته، فاستبد به روح الملل والحيرة فضاق صدره وأخذ يشكو إلى الله حاله قائلاً: "أحب يا رب أن أخلص، لكن أفكاري لا تتركني، فماذا أعمل؟ فجأة رأى إنساناً جالساً أمامه يلبس رداء طويلاً، ومتشح بزنار صليب كالإسكيم الرهباني، وعلى رأسه قلنسوة. وأخذ الرجل يضفر الخوص. ثم قام للصلاة. ثم جلس من جديد وأخذ يعزي القديس ويقويه ويعلمه. لذلك قال له: "إعمل هكذا تستريح!". من ذلك الوقت اتخذ أنطونيوس الزيّ الذي رأى الملاك متسحاً به وصار يصلي ويعمل على الوتيرة التي رآه يعمل بها، فاستراح بقوة الرب يسوع المسيح.
واظب أنطونيوس على الصلاة المسترمة وعلى عمل يديه. أما عمله فكان يبيعه ويستعين بالمحصلة لتأمين حاجة نفسه إتماماً لما قيل بعرق جبينك تأكل خبزك" (تكوين 3: 19). أما الباقي يوزعه على الفقراء. وكان دائماً يصغي إلى تلاوات الكتاب المقدس، وكان همه أن يحفظه في ذاكرته.
أخضع أنطونيوس نفسه في التأمل والصلاة وجسده لجميع أصناف الزهد والتقشف. فهاجمه الشيطان بكل قواه، أخذ يذكره بالممتلكات التي خلفها وراءه ليبث فيه الأسى. وبأخته التي أهملها ليشعره بالذنب. عظّم لديه حلاوات مودة الأقرباء وأطايب العيش. لو بقي في قومه لنفعهم وكان فيهم سيداً. نفخ الشرير فيه روح المجد الباطل. ذكره، بالمقابل، بصعوبات الفضيلة وجهاداتها. لفته إلى ضعف جسده. شوش له أفكاره وأن هذا الجهد مضعية للوقت فيما الشباب يعبر ولا يعود. أثار في ذهنه الأفكار القبيحة الدنسة ودغدغه في جسده وظهر له في الليل بهيئة امرأة لعوب. كل هذا قاومه أنطونيوس بكل ما أوتيه من عزم بواسطة الصلاة والصيام وقهر الجسد ورسم إِشارة الصليب التي كانت تدفع عنه الأفكار الدنسة والصور الفاسقة والأصوات المنكرة المقلقة التي كان يُظهرها له الشيطان. وكان يذكر الموت والنار والدود.وانتصر بنعمة الله.

لم يطق الشرير، عدو الخير، انتصار أنطونيوس الشاب عليه. أخذ يصر بأسنانه وكأنه خرج من طوره. أخذ يظهر له في الحال كعبد أسود. كف عن مهاجمته بالأفكار واتخذ صوتاً بشرياً. سأله أنطونيوس من أنت؟ فقال: أنا صديق الزنى. أنا من ينصب فخاخ الزنى ويثير الدغدغة في الشباب. أنا روح الزنى. فاعتصم أنطونيوس بالله وواجه الشيطان بشجاعة قائلاً: "أنت تستحق كل احتقار! أنت مظلم العقل وعديم القوة! مثلك مثل ولد صغير! لن أهتم لك بعد اليوم لأن معيني الرب.

لم يظهر أنطونيوس أي تكاسل أو تراخ لانتصاره على الشيطان. كان يعرف أن الشيطان لا بدّ أن يعيد الكرّة وبطرق أخرى، لأن الشيطان ربيب الخطيئة. لهذا السبب زاد أنطونيوس من قسوته على نفسه. فكثيراً ما كان يمضي الليل ساهراً في الصلاة. لا يأكل سوى مرة واحدة في اليوم. بعد غروب الشمس، أحياناً كل يومين وأحياناً كل أربعة أيام. طعامه كان الخبز والملح والماء. لا ينام إلا قليلاً على الأرض. ولا يمتع نفسه بأية لذة جسدية. يبدأ حياته النسكية من جديد كل يوم وكأنه أول يوم له في النسك. همه كان أن يظهر أمام الله طاهر القلب. مستعداً للسلوك في مشيئته بكل قواه.
ولكي يضيق أنطونيوس على نفسه طلب السكنى في قبر، بعيداً عن القرية. طلب من أحد معارفه أن يأتيه بالخبز. أغلق عليه صاحبه الباب وانصرف. فاهتاج الشيطان وأبالسته وكأن أنطونيوس جاء يهاجمه في عقر داره، في مقر الموت. فانقض عليه، ذات ليلة، وجرحه كثيرااً حتى سقط على الأرض. كان الألم عليه شديداً، أشد من ضربات الإنسان بمقادير، ولم تعد فيه قوة على الكلام. لكن، بعناية الله، أتى صاحبه في اليوم التالي يحمل الخبز. فلما فتح الباب رآه مطروحاً على الأرض كالميت فحمله إلى كنيسة القرية القريبة، حيث تحلق حوله الناس تحلقهم حول رجل ميت. لكنه استرد وعيه في نصف الليل. وإذ وجد الجمع نياماً إلا صاحبه أشار إليه بأن يعود به إلى القبر.
لم يقوَ أنطونيوس في القبر على الوقوف. استلقى على الأرض وأخذ يصلي. ثم صرخ بقوة: "أنا هو أنطونيوس! أنا هنا! لن أهرب من جراحاتكم! لا شيء يفصلني عن محبة المسيح. "إني ولو اصطف عليّ عسكر فإن قلبي لا يخاف" (مزمور 26). فجمع الشيطان كلابه وهاجمه من جديد. بدا المكان كما في زلزلة وبدت الجدران مفتوحة والأبالسة تدخل وتخرج منها بشكل حيوانات متوحشة وزحافات. ثم أخذت الصورة تصوّر له وكأنها تنقض عليه لكنها لم تقترب منه ولا مسته بأذى. غير أن ضجيج الأشباح كان مخيفاً وغضبهم عنيفاً. الضغطة عليه قوية كانت. ألمه الجسدي كان شديداً. بدا كأنه يُجلد ويُنخس. لكنه كان صاحياً، ساهراً، ساكن القلب. قال وهو يهزأ بالشياطين: لو كنتم تملكون القوة لكفاكم أأن يأتي عليّ حيوان واحد منكم، لكن الرب جعلكم عديمي القوة!.
وإذ رفع أنطونيوس نظره إلى سقف المقبرة رآه ينفتح شيئاً فشيئاً. وإذا بشعاع من النور ينزل عليه. فجأة اختفت الشياطين وزال ألم جسده وعاد البناء كما كان. فتنفس أنطونيوس الصعداء وأدرك أنه ربه في النورفسأله:"يا يسوعي الحلو، أين كنت فيما كنت أغرق في أمواج هذه العاصفة؟ لماذا لم تظهر من قلب لتريحني من العذاب؟". فأتاه صوت يقول له: "يا أنطونيوس، كنت هنا بالقرب منك، أُشاهد آلامك وأنظر جهادك وصبرك، وأَفرح لانتصاراتك وسأكون معك دائماً وسأجعل اسمك كبيراً في الدنيا". فلما بلغه الصوت تقوى فنهض وصلى وأحس بجسده أكثر قوة من ذي قبل. عمره، يومذاك، كان خمسة وثلاثين عاماً.
بعد ذلك خرج أنطونيوس إلى الصحراء. لم يتخل الشيطان عن ألاعيبه. جعل له في سبيله قرصاً فضياً كبيراً وذهباً كثيراً فجاز بالكل وهو عالم أنه من الشرير لإعاقته وإلهائه. ولما وجد عبر النهر حصناً مهجوراً مليئاً بالزحافات عبر إليه وسكن فيه فهربت الزحافات. أقفل على نفسه عشرين سنة لا يقبل الخبز الا مرتين في السنة من السقف. فلما رغب قوم في الاقتداء به في نسكه أتوا وفتحوا الباب عنوة فخرج إليهم كمن هيكل الله، فتعجبوا لأنهم رأوه في حالته المعتادة. لا ترهل ولا ضعف. كان عقله راجحاً وحالته طبيعية. لم يكن عابساً ولا ضاحكاً. وقد أعطى الرب الإله بواسطته الشفاء لعدد كبير من المرضى في الحاضرين وطهر آخرون من الشياطين. كما أعطاه الرب نعمة كبيرة في الكلام فعزى الحزانى وصالح المتخاصمين. قال لهم: ينبغي ألا نصنع في العالم شيئاً أرفع من محبة المسيح. حثهم على تذكر الخيرات الآتية ومحبة الله والإنسان. وأقنع الكثيرين باختيار حياة التوحد. هكذا نشأت الأديار على الجبال واستحالت الصحراء مدينة.
وساد الكنيسة اضطهاد في زمن الإمبراطور الروماني مكسميانوس (312م). فترك القديس أنطونيوس منسكه وتبع الشهداء القديسين إلى الإسكندرية. حركه الشوق إلى موت الشهادة. لم يسلم نفسه بل خدم المعترفين بالإيمان في السجون والمناجم وشددهم أمام المحاكم. كان يقبل الشهداء ويرافقهم حتى يقضوا نحبهم. وقد عرّض نفسه للموت مراراً. كان يصلي لكي يستشهد لكن الرب حفظه من أجل منفعتنا ومنفعة الآخرين. وعندما رأى الكثيرون أسلوب حياته رغبوا في الاقتداء به.
لما رأى القديس أنطونيوس أن الناس يقمعونه ولا يتركونه ولا يتركون له فرصة للخلود إلى النسك على هواه فكر في الصعود إلى ثيبة العليا حيث لا يعرفه أحد، لكن صوتاً جاءه وثال له أن يدخل إلى الصحراء الداخلية. ولكي يتبين الطريق إلى هناك مرت به جماعة من البدو رضيت أن يصحبها. فبعدما سار ثلاثة أيام وثلاث ليال أتى إلى جبل عال فيه مياه عذبة باردة وسهل يضم أشجاراً من النخيل.
عاش أنطونيوس هناك وحيداً أول الأمر وكان البدو يمرون به ويقدمون له بعض الخبز. اكتفى بالخبز والبلح. ثم عرف تلامذته مكان وجوده فأخذوا يرسلون إليه الطعام. كما أتوه بمعول وفأس وبعض القمح فأخذ يفلح الأرض ويزرعها. قصده كان أن يأكل من تعبه ويخفف عن الاخوة مشقة تزويده بما يحتاج إليه. كما زرع بعض الخضار لأن قوماً كانوا يزورونه، فأحب أن تكون لهم الخضار عزاء. وكانت الوحوش تأتي وتشرب من الماء في بقعته، وكثيراً ما أتلفت مزروعاته. فأمسك وحشاً بلطف مرة وقال له: لماذا تسبّبون لي الأذى وأنا لا أصنع بكم شراً؟ باسم الرب يسوع ابتعدوا عن المكان‍ من ذلك الحين لم تعد الوحوش تقترب.
من عجائبه
اثنان من الرهبان كانا ذاهبين مرة إلى الدير فنفد ماؤهما في الطريق، وكانا على بعد يوم واحد فمات أحدهما وأشرف الثاني على الموت. في تلك الساعة استدعى القديس أنطونيوس في الجبل راهبين وقال لهما: خذا جرّة ماء واحملاها بسرعة إلى الطريق المؤدي إلى مصر. هناك تجدان راهبين أحدهما مات والآخر ينتظر الموت ما لم تسعفوه. هذا ما أعلنه الله فيما كنت أصلي. ولما وصل الراهبان إلى المكان وجدا كما قال لهما القديس فأعانا الحي فانتعش ودفنا الميت. ولعلّ سائلاً يسأل: لماذا لم يتكلم أنطونيوس قبل موت الثاني؟ هذا قول في غير محله لأن حكم الموت لم يكن في يد القديس بل في يد الله الذي حكم على الواحد بالموت وأعلن عن الآخر للحياة.
وفيما كان أنطونيوس جالساً في الجبل، مرة، رفع عينيه إلى السماء فرأى إنساناً مرتفعاً ورأى الذين يصادفونه فرحين جداً. وفيما كان القديس يتعجب ويطوب هذا المصف الجليل صلّى لكي يعرف من هو. فأتاه صوت يقول له انها نفس آمون راهب نترية. المسافة بين الجبل ونترية كانت ثلاثة عشر يوماً. فأخبر أنطونيوس تلاميذه أن آمون مات منذ برهة. فلما مضى ثلاثون يوماً على ذلك، أتى بعض الإخوة من نترية وأخبروا عن موت آمون الشيخ في نفس اليوم ونفس الساعة التي أخبر عنها أنطونيوس.
كذلك أخبروا أنه لما نزل أنطونيوس إلى الأديار الخارجية طلب منه الرهبان أن يصعد إلى السفينة ليصلي معهم. فاشتم رائحة نتنة جداً فسأل عما تكون، فنفى ركاب السفينة أن يكون على ظهر السفينة غير السمك المملح. وفيما أنطونيوس متحير متسائل إذ بشاب فيه أرواح نجسة، وكان مختبئاً، يظهر ذاته. فزجر أنطونيوس الشيطان باسم الرب يسوع فخرج منه وعاد الرجل صحيحاً. إذ ذاك تبددت رائحة النتن بالكلية.

من خبرته
لما نظر أنطونيوس في عمق أحكام الله، سأل قائلاً: يا رب، كيف يموت البعض في سن مبكرة، بينما يموت البعض الآخر في شيخوخة متناهية؟ لماذا يفتقر البعض ويغتني البعض الآخر؟ كيف يغتني الظالمون ويفتقر الأبرار؟ فجاءه صوت يقول: أنطونيوس، انتبه أنت لنفسك، لأن هذه أحكام الله ولا توافقك معرفتها.
سأل رجل القديس أنطونيوس قائلاً: ماذا يجب عليّ أن أحفظ لكي أرضي الله؟ ولما أجاب الأب قال: احفظ ما أوصيك به. حيثما تذهب ليكن الله نصب عينيك. ومهما فعلت، لتكن لديك الشهادة من الأسفار المقدسة. حيثما جلست، لا تتحرك بسرعة. إحفظ هذه الثلاثة، تخلص.

قال القديس أنطونيوس الكبير إلى القديس بيمن: هذا هو العمل العظيم أن يحمل الإنسان خطيئته ويضعها أمام الله منتظراً نسمته الأخيرة.

وقال أيضاً: لا أحد يقدر أن يدخل ملكوت السموات بدون تجارب. لأنه قال: إرفعْ التجارب فلا يخلص أحد.

قال أيضاً: رأيت فخاخ العدو ممدوة على الأرض، فقلت متنهداً: ترى من ينجو منها؟ فسمعت صوتاً يقول: التواضع.

وقال أيضاً: ثمة أناس أفنوا أجسادهم بالنسك، لكنهم ظلوا بعيدين عن الله كونهم لم يقتنوا فضيلة التمييز.

قال أيضاً: الموت والحياة يعتمدان على القريب. لأننا إذا ربحنا أخانا، فإننا نربح الله، وإذا أعثرنا أخانا، نخطأ إلى المسيح.

جاء إلى الأب أنطونيوس قائد عسكري ورجاه أن ينزل من الجبل لمقابلته فنزل وكلّمه وطلب العودة سريعاً. فتمنى القائد عليه أن يبقى معه مدّة أطول. فقال له الأب أنطونيوس: كما أن السمكة إذا بقيت مدة على اليابسة تموت، هكذا الرهبان؛ إذا ما تأخروا خارج قلاليهم، أو مكثوا زماناً مع أهل العالم، فإنهم يبددون قوة السكينة ويصابوا بالتراخي. ينبغي علينا إذن أن نسرع إلى قلالينا كما يسرع السمك إلى الماء، لأننا إذا ما تأخرنا عنها، ننسى السجن الداخلي.

وقال أيضاً: إن من يقيم في البرية ويمارس حياة السكينة ينعتق من حروب ثلاث: السمع، والكلام، والنظر. وتبقى عليه حرب واحدة هي حرب الزنى.

سأل القديس بموا القديس أنطونيوس قائلاً: ماذا أعمل؟ قال له الأب: لا تثق ببرك ولا تندم على أمر قد عبر. وأمسك بطنك ولسانك.

كلم القديس أنطونيوس جماعة من الرهبان، مرة، قال: الكتاب المقدس كاف للتعليم؛ لكن، حسناً أن يشدد الواحد الآخر في الإيمان وأن نطيّب النفس بالكلام الروحي. لا نفكّرن في الرجوع إلى الحياة الدنيا بعد أن خرجنا منها. لا نقل إننا عتقنا في الحياة النسكية بل ليزد حماسنا وكأننا نبدأ كل يوم. كل ما في العالم نقايضه بشيء يساويه. أما وعد الحياة الأبدية فيُشترى بسعر بخس. إذا ما تركتم بيتاً أو ذهباً فلا تفتخروا ولا تكتئبوا. ما لم نكفر بكل شيء من أجل الفضيلة فسنتركه حتماً ساعة يأتي الموت، وعلى الأرجح لأناس لا نريدهم. لنثبت في نسكنا كل يوم عالمين أننا إن تهاوناً يوماً واحداً فلن يسامحنا الله بسبب ماضينا الحسن بل سيغضب علينا لتهاوننا.

إذا ما عشنا وكأننا نموت كل يوم فلن نخطأ. لنجاهد ناظرين دائماً إلى يوم الدينونة لأن الخوف والصراع ضد التجارب يحبطان سهولة اللذة وينهضان النفس الساقطة. لا تخافوا عندما تسمعون عن الفضيلة أمر سهل يكفي لأنها أن نريده. روحانية النفس من طبيعتها، أي أن تكون مستقيمة كما خُلقت. اكتساب الفضيلة صعب عندما نضطر للبحث عنها خارج أنفسنا. أما إذا كانت فينا فلنحفظ أنفسنا من الأفكار الدنسة. لنجاهد كي لا يطغى علينا الغضب ولا تتسلط علينا الشهوة. أعداؤنا مرعبون وخدّاعون وصراعنا هو ضدهم. جمهرتهم كثيرة في الجو وهي ليست بعيدة عنا وأنواعها متعددة. نحتاج إلى الصلاة الكثيرة والنسك لنحصل من الروح القدس على موهبة تمييز الأرواح. يجب على كل واحد منا أن يصلح سواه وفق خبرته مع الشياطين. لا تخافوا من هجماتهم لأنهم يُهزمون حالاً بالصلوات والأصوام والإيمان بالرب. لكنهم لا يتوقفون عن الهجوم. يقتربون بغش وخبث، بالشهوة الدنسة، بالخيالات. لا نرتعب من الخيالات. ليست هي بشيء وتختفي بسرعة. يكفي الإنسان أن يحمي نفسه بالإيمان وإشارة الصليب. الشياطين وقحون جداً. هكذا يظهر رئيس الشياطين: "عيناه كهدب الصباح. من فمه تخرج مصابيح مشتعله. شرار نار يتطاير منه. من منخاريه يخرج دخاناً كما من قدر منفوخ أو من مرجل. نَفَسُه يشعل كالجمر واللهيب يخرج من فمه" (أيوب 4). يرعب ويتكلم بفخر واعتزاز. علينا إلا نخاف من ظهوراته ولا نأبه لكلماته لأنه كاذب ولا يتكلم بالصدق أبداً. والمخلص قبض عليه بصنارة ووضع الرسن في فكه كالدابة وكهارب أوثق منخره وثقب شفتيه. أوثقه الرب حتى نسخر منه.

زار بعض الأخوة القديس أنطونيوس ليعلموه بالخيالات التي كانوا يرونها، وليفهموا منه إذا كانت حقيقية أو شيطانية. وكان عندهم حمار قد مات في الطريق. هؤلاء لما وصلوا إلى الأب، سبقهم وقال: كيف مات حماركم الصغير؟ قالوا له: زكيف علمت بموته يا أبانا؟ أجاب: الشياطين أظهرت لي ذلك. قالوا له: نحن لهذا أتينا إليك لنسألك، لأننا نرى خيالات كثيراً ما تصبح حقيقة. ترى هل نحن مخدوعون؟ أجابهم القديس من مَثَل الحمار: أقول إن هذه الرؤى شيطانية.

وقال أيضاً: الشياطين قادرة على أن تأخذ الشكل الذي تريده. فكثيراً ما تتظاهر، وهي مختفية، بأنها ترتل أو تتلو أقوالاً من الكتاب المقدس. أحياناً تردد ما نقرأه وكأنها صدى. تارة تنهضنا للصلاة كي لا ننام. تفعل هذا باستمرار لتمنع عنا النوم. تتخذ أحياناً شكل الرهبان وتتكلم بتقوى لتخدعنا. تجر الذين خدعتهم إلى حيث تريد. لذلك لا نصغين إليها حين تنهضنا للصلاة وحين تنصحنا بألا نأكل أبداً وتتهمنا وتوبخنا في أمور وافقتنا فيها سابقاً. والشياطين تسعى لتقود المستقيمين إلى اليأس، مظهرة لهم أن الحياة النسكية غير نافعة. تثير فيهم الإشمئزاز وتجعلهم يظنون أن الحياة الرهبانية حمل ثقيل.

وقال أيضأً: مع أن الشياطين اعترفت بالحقيقة للرب: "أنك أنت ابن الله" (لوقا 4) فقد اغلق أفواهها وأعاقها عن الكلام خوفاً من أن تزرع الشر مع الحق. ومن أن نألفها ونصغي إليها، حتى ولو نطقت بالحق. فمن غير اللائق أن نتعلم من الشيطان الذي لم يحافظ على مركزه. وبما أن الشياطين لا تقدر على شيء فإنها تلجأ إلى التهديد، إذ لو كانت ذات قوة لما ترددت في ارتكاب الشر حالاً ولما تركت مسيحياً واحداً على قيد الحياة. السلاح الكبير ضد الشياطين هو الحياة المستقيمة وإيمان بالله. فهي تخاف صوم النساك وسهرهم وصلواتهم ووداعتهم وسكينتهم وعدم محبتهم للفضة وكرههم للمجد الباطل واتضاعهم ومحبتهم للفقراء وإحساناتهم وعدم غضبهم، وقبل كل شيء إيمانهم بالمسيح. وإذا ما تظاهرت الشياطين بالنبوءة فلا تبالوا بها. إنها لا تعرف الأمور التي تحدث. وحده الله يعرف كل شيء قبل حدوثه. للشياطين أجساد أكثر خفة من أجساد الناس لذلك تسرع وتخبر بأشياء حدثت بالفعل. وهي لا تفعل هذا حباً بالناس بل لتقنعهم بأنها قادرة فيثقوا بها؛ ومتى ملكتهم انقضت عليهم وأهلكتهم. وهي تقوى على التخمين ولا تقوى على المعرفة المسبقة. فلا نعجبن بها ولو تكلمت بالصدق أحياناً. ثم ماذا ينتفع الذين يصغون إلى الشياطين إذا ما عرفوا المستقبل قبل أيام؟ المعرفة لا تصنع الفضيلة ولا هي علامة الخُلق الصالح. لا يدان أحد لأنه يجهل المستقبل ولا يُطوب لأنه يعرفه. بل سيحاكم المرء على صونه الإيمان وحفظه الوصايا.

وقال أيضاً: لا نتعبن للحصول على معرفة المستقبلات بل لإرضاء الله بسيرتنا. وأنا أؤمن أن النفس المتطهرة من الأفكار الشريرة والمحافظة على الطبيعة التي خلقها الرب فيها تقدر أن تكون رائية أكثر مما يرى الشيطان، لأنها تملك الرب الذي سيعلن لها كل شيء.

أما كيف نفرق الأرواح الشريرة عن الأرواح الصالحة فالرب يعطينا قوة التمييز بينهما. لا يكون ظهور الأرواح الصالحة مرعباً بل هادئاً. تخلق فرحاً في النفس وشجاعة. والأفكار التي تولدها تبقى النفس غير متزعزعة إلى أن تنيرها من هذا الفرح فتعرف. والأرواح الصالحة تطرح الخوف بالمحبة التي تظهرها كما فعل الملاك الذي ظهر للنسوة عند قبر الرب وعندما ظهر للرعاة. أما هجوم الأرواح الشريرة وظهورها الخيالي فترافقه جلبة وضربات وأصوات وصراخ كهجوم الأولاد الأشرار واللصوص. ومتى ظهرت ساد الرعب واضطراب النفس وتشويش الفكر والتهجم والتهامل والحزن وتذكر الأقرباء وخوف الموت. وفوق ذلك نتجت رغبة في الشر وكسل في اكتساب الفضيلة واضطراب في الخُلق. إذا رأيتم روحاً واعترافكم الخوف أولاً ثم حلّ محل الخوف فرح لا يُعبر عنه وحماس وشجاعة وإقدام ومحبة لله فتشجعوا وصلّوا للرب. أما إذا رأيتم أرواحاً أثارت فيكم اضطراباً وضربات خارجية وتخيلات دنيونة وتهديداً بالموت فاعلموا أن هذا هجوم من الأرواح الشريرة.

وتكلم القديس أنطونيوس عن نفسه، قال: كم من مرة طوّبتني الشياطين وباسم الرب أبادتها! أتت مرّة في الظلام حاملة نوراً خيالياً وقالت: أتينا لننيرك يا أنطونيوس فأغلقت عيني وصليت فانطفأ نور الأشرار للحين. أتتني ترتل وتتفوه بآيات كتابية فكنت كأصم لا يسمع! ظهر لي مرة شيطان متعظم طويل القامة جداً وتجرأ على القول: أنا هو قوة الله، أنا هو العناية الإلهية، ماذا تريد أن أعطيك!؟ أما أنا فذكرت اسم المسيح وبصقت عليه وأعتقد بأني لطمته. وحالما سمع اسم المسيح اختفى ومن معه. مرة كنت صائماً فأتاني الشيطان كراهب وفي يده خبز خيالي وقال لي: كلْ وكف عن العذابات الكثيرة. أنت إنسان وسوف تمرض! فأدركت حيلته ونهضت للصلاة فاختفى للحين.

قال أيضاً: عندما تأتي الشياطين إلينا فإنها تعاملنا بحسب حالتنا النفسية مكفية التخيلات التي تثيرها وفق أفكارنا وتفعل بمغالاة ما تجدنا مفكرين فيه. فإذا وجدتنا خائفين أكثرت التخيلات والتهديدات لتعذب النفس الشقية. وإذا وجدتنا فرحين بالرب، مفكرين في الصالحات ابتعدت عنا خازية. فلكي نزدري العدو علينا أن نتذكر الإلهيات دائماً وأن تكون نفسنا فرحة.

كان إنسان يصطاد في البرية وحوشاً مفترسة، فرأى الأب أنطونيوس يمازح بلطافة بعض الإخوة، فأعثر. أما الأب فأراد أن يؤكد له أنه ينبغي علينا أن نتنازل بين الفينة والأخرى أمام الأخوة، فقال له: ضع سهماً في قوسك واشدده، فشده. فقال له ثانية: شدّه أيضاً بقوة. ثم قال له ثالثة: شدّه أيضاً. فقال الصياد: إذا شددته فوق القياس ينكسر. قال له الأب: هكذا الحال تماماً في عمل الله.

سمع الأب أنطونيوس عن راهب شاب أنه قد صنع آية في الطريق وهي التالية: عندما رأى هذا الراهب الشاب بعض الآباء يسيرون في الطريق متعبين، أمر حمير الوحشية أن تأتي إليه وتنقلهم إلى حيث يقيم الأب أنطونيوس. فأذعنت له. ولما وصل هؤلاء إلى القديس أنطونيوس، أخبروه بما جرى لهم، فقال: يبدو لي أن هذا الراهب يشبه سفينة محملة بالخيرات ولا أعرف ما إذا كانت ستصل إلى المرفأ أم لا. وبعد مدة من زمن، بدأ القديس أنطونيوس يبكي فجأة وينتحب. فقال له تلاميذه: لماذا تبكي يا أبانا؟ قال لهم: عمود كبيرب في الكنيسة قد سقط الآن (كان يقصد الراهب الشاب). لكن اذهبوا إليه وشاهدوا الحدث. ولما ذهب التلاميذ إلى حيث يقيم هذا الراهب الشاب، وجدوه حالساً على حصيرته يبكي الخطيئة التي فعلها. هذا لما رأى تلاميذ أنطونيوس قال: قولوا للأب أن يتضرع إلى الله كيما يمنحني عشرة أيام فقط، وأرجو أن أتبرر. وبعد خمسة أيام رقد.

قال أخ للأب أنطونيوس: يا أبت صلِّ لأجلي. قال له الأبل: لا أنا أرحمك ولا الله، إذا كنت أنت نفسك لا تسرع لتطلب هذا منه.

امتدح بعض الإخوة راهباً في حضرة الأب أنطونيوس. وحدث أن زار هذا الراهب القديس أنطونيوس، فرغب الأب أن يجربه ليرى ما إذا كان يحتمل الإهانة. ولما وجد أنه لم يحتمل، قال له: أنت تشبه قرية تبدو جميلة ومزينة من الأمام، لكن اللصوص يسلبونها من الخلف.

زار بعض الآباء الأب أنطونيوس. فأراد أن يجربهم، لإاخذ آية من الكتاب المقدس وبدأ يسألهم من صغيرهم إلى كبيرهم عن معنى هذه الآية. وكان كل واحد يجيب على قدر طاقته. أما هو فكان يقول لكل واحد: لم تجده بعد. وفي النهاية سأل أكبرهم، وهو الأب يوسف، برأيك أنت ما معنى هذه الآية يا يوسف؟ أجاب يوسف: لا أعرف. فقال القديس أنطونيوس: في الحقيقة، لقد وجد الأب يوسف الطريق لأنه قال: "لا أعرف".

زار بعض الاخوة من الاسقيط الأب أنطونيوس. هؤلاء لما ركبوا السفينة للذهاب إليه، وجدوا على متنها أباً يريد أن يتوجه إلى المكان نفسه. أما الإخوة فلم يكونوا يعرفون الأب. وبينما كانوا في السفينة، أخذوا يتحدثون بكلمات الآباء والكتاب المقدس وبعمل أيديهم أيضاً. أما هو فكان صامتاً. ولما وصلوا إلى الضفة الثانية، وجدوا أن الأب هذا كان متوجهاً إلى الأب أنطونيوس. فلما أتوا إليه، قال لهم: ما أجمل مصاحبتكم لهذا الأب! ثم قال له: لقد وجدت بالفعل إخوة طيبين يا أبتي. أجاب الأب الضيف: حقاً انهم طيبون، إلا أن ساحتهم ليس لها باب، حتى أن كل من يريد، يدخل الإسطبل ويحل الحمار ويمضي به. هذا كان يقوله لأنهم كانوا يتكلمون بكل ما يأتي على فمهم.

سأل بعض الإخوة الأب أنطونيوس: قل لنا كلمة، كيف نخلص؟ قال لهم: هل سمعتم الكتاب المقدس؟ إنه يكفيكم. قالوا له: ولكن نريد أن نسمع منك أيضاً يا أبانا. أجابهم: يقول الكتاب "من لطمك على خدك الأيمن، حوِّل له الأيسر". قالوا له: لا نقدر على فعل هذا يا أبانا. قال لهم: إذا لم تقدروا أن تحوّلوا الخد الآخر، ينبغي على الأقل أن تحتملوا اللطمة الأولى. قالوا له: ولا هذا نقدر عليه يا أبانا. قال لهم: إذا كنتم لا تقدرون على فعل هذا أيضاً، لا تقابلوا اللطمة بأخرى. قالوا: ولا هذا نقدر عليه أيضاً. فقال لتلميذه: اعمل لهم طعاماً لأنهم مرضى، ثم قال لهم: إذا كنتم على هذا لا تقدرون وذاك لا تريدون، ماذا أعمل أنا لكم؟ أنتم بحاجة إلى صلاة.

ترك أحد الإخوة العالم ووزع ثروته على الفقراء محتفظااً بالقليل منه. هذا زار القديس أنطونيوس. وبعد أن علم الأب بأمره، قال له: إذا أردت أن تصير راهباً، اذهب إلى القلاية الفلانية، واشتر لحماً وضعه حول جسدك العاري وبعد ذلك تعال إليّ إلى ههنا. وعندما فعل كما أمره الأب، هاجمته الكلاب والطيور الجارحة ومزقت جسده. وعندما عاد إلى الأب، سأله إذا عمل بنصيحته. فأراه الأخ الجسد الممزق. فقال له القديس أنطونيوس: إن الذين مقتوا العالم وأرادوا أن يقتنوا المال، هكذا تقطعهم الشايطين التي تحاربهم.

سقط أخ كان يعيش في دير الأب إيليا، في تجربة. هذا لما طُرد من الشركة، ذهب إلى الجبل إلى الأب أنطونيوس وأقام معه ردحاً من الزمن. ثم عاد أنطونيوس وأرسله من جديد إلى ديره الذي طُرد منه. فلما رآه أهل الدير، للحال طردوه من جديد. فعاد الأخ إلى الأب أنطونيوس قائلاً: لم يرغبوا في قبولي يا أبتِ. فعاد القديس وأرسله إلى ديره من جديد قائلاً: سفينة محملة تكسرت في عرض البحر وفقدت حمولتها وبالجهد بلغت إلى الشاطئ. وأنتم الآن تريدون أن تغرقوا الأخ الذي نهض وقصد البر من جديد. فقبلوه للحال.

قال الأب أنطونيوس: أعتقد أن للجسد حركة طبيعية فطرية فيه. إلا أن هذه الحركة لا تعمل بدون إرادة النفس. إنما تظهر في الجسد كحركة جامدة. كذلك ثمة حركة أخرى مصدرها التغذية والعناية بالجسد بالأكل والشرب والتي منها حرارة الدم تنهض الجسد وتحركه. لأجل هذا كان الرسول يقول: "لا تسكروا بالخمر الذي يثير الفسق" (أفسس 5: 18). كذلك قال الرب في الإنجيل مخاطباً تلاميذه: "احترزوا أن تصير قلوبكم مثقلة بالخمر والعهر" (لوقا 21: 34). كذلك هناك حركة أخرى عند المجاهدين تثيرها الشياطين بالحيلة والحسد. لذا ينبغي أن الحركات الجسدية ثلاث: واحدة طبيعية، وأخرى من كثرة الأكل، وثالثة من الشياطين.

قال أيضاً: سيأتي وقت يصير فيه البشر مجانين، وعندما يرون إنساناً عاقلاً، سينهضون عليه قائلين: أنت مجنون. والسبب، كونه يختلف عنهم.

تسلم الأب أنطونيوس رسائل من الملك قسطنطين يدعوه فيها لزيارته في القسطنطينية. ففكر القديس فيما يجب أن يعمل. ثم سأل تلميذه القديس بولس قاائلاً: هل يجب أن أذهب؟ أجابه التلميذ: إذا ذهبت، يقولون لك أنطونيوس، أما إذا بقيت فيقولون الأب أنطونيوس.

قال الأب أنطونيوس: أنا لا أخاف الله أبداً إنما أحبه. "لأن المحبة تطرد الخوف خارجاً" (1 يوحنا 4: 18).

قال أيضاً: إن من يضرب كتلة الحديد، يفكر أولاً في نفسه ماذا ينوي أن يصنع منها. هل يريد منجلاً أو فأساً؟ هكذا ينبغي أن نفكر نحن أيضاً أية فضيلة ننشد، لئلا نتعب عبثاً.

نهض أنطونيوس، مرة، للصلاة في الساعة التاسعة فشعر بأنه يُخطف عقلياً. كان ينظر إلى نفسه وكأنه واقف خارجها، كما أحسّ بأن هناك من يقوده في القضاء. غير أن جماعة من الأرواح الشريرة اعترضت سبيلهم وطلبت أن تعرف ما إذا كان أنطونيوس مسؤولاً أمامها أم لا. ولما رغبوا في محاسبته على أعماله منذ يوم ولادته لم يسمح لهم الذين كانوا يصطحبونه قائلين: كل شر فعله من يوم ولادته محاه الرب. ولكن مسموح لكم التحدث عما فعله من اليوم الذي صار فيه ناسكاً وأعطى الرب وعداً. وإذ كانت التهمة من دون إثبات خلت طريقه من العوائق. فلما عاد أنطونيوس إلى نفسه رأى أنه واقف أمام ذاته، فاندهش لأنه عرف كم علينا أن نحارب من الأعداء وبأية أتعاب سيعبر المرء الفضاء.

كان أنطونيوس يحترم قوانين الكنيسة ويجلّ الإكليروس ويحني رأسه للأساقفة والكهنة. لم يكن يخجل من أن يتعلم من أحد. كما كان يطرح الأسئلة ويرجو أن يسمع آراء الإخوة. وإذا ما اتفق أن وُجد وسط جمهرة من الرهبان وأراد أحدهم التعرف إليه، كان يدنو منه على الفور ويوجه كلامه إليه. لك يكن مختلفاً عن باقي الرهبان في طول قامته وعرضها بل خُلُقه وطهارة نفسه. نفسه هادئة وحواسه مستكينة ووجهه وضّاء لفرحه بالرب. كل تحركات جسده كانت تعكس حاله روحه. ولم يكن عابساً أبداً.

وكان للقديس دوره في دحض عدد من الهرطقات التي شاعت في زمانه. لم يكن في شركة وأتباع مليتيوس، أسقف ليكوبوليس المصرية، الذي سام أشخاصاً من خارج أبرشيته فأحدث شقاقاً دام سنوات. كما علّم أن مصادقة المانويين، القائلين بإلهي الخير والشر، دمار للنفس. وأوصى بعدم الاقتراب من الآريوسيين أو مشاركتهم معتقدهم الوخيم. وقد طرد الآريوسيين الذين أتوا إليه في الجبل ليكلموه. قال إن كلامهم أخطر من سم الأفاعي.

يذكر أن أنطونيوس نزل من الجبل وأتى إلى الإسكندرية ليشهد للإيمان القويم ويشجب الهرطقة الآريوسية. قال: هذه الهرطقة سابقة للمسيح الدجال ولا يختلف أتباعها عن الوثنيين في شيء. وقد أخرج الرب الإله على يديه، هناك، شياطين كثيرة. كما أثر في نفوس العديد من الوثنيين حتى قيل إن الذين اعتنقوا المسيحية بفصله، في أيام قليلة، فاق الذين يعتنقونها في سنة كاملة. ولما أراد قوم إبعاد الجموع عنه لئلا يزحموه ويزعجوه أجاب: ليست الجموع أكثر عدداً من الشياطين التي نصارعها في الجبل!.

لم يتعلم القديس أنطونيوس القراءة والكتابة. لكنه كان رجلاً ذكياً حكيماً. جاءه مرة فيلسوفان فعرفهما من وجهيهما وقال لهما من خلال مترجم: لماذا أتعبتما نفسيكما في المجيء للقاء رجل أحمق. ولما قالا له إنه ليس أحمق بل حكيماً، أجابهما: إذا ابتغيتما رجلاً أحمق فباطلاً تعبتما وإذا حسبتماني فطناً فكونا مثلي لأن المرء يحب أن يقتدي بالخير. فتعجبا منه وتركا المكان.

وطنّ فلاسفة آخرون، أتوا إليه، أن بإمكانهم أن يسخروا منه، فسألوه: هل العقل سبب العلم أم العلم سبب العقل؟ أجاب: ذو العقل الصحيح لا يحتاج إلى العلم‍ فاندهشوا وذهبوا متحيرين.

هذا ولم يكن أنطونيوس فظّ الخُلق بسبب عيشه في الجبل بل كان فرحاً واجتماعياً، وكان القادمون إليه يُسرّون به.

مرة، حاول الفلاسفة استعمال القياس المنطقي في كلامهم على الصليب الإلهي، فحدثهم طويلاً ثم ختم حديثه بالقول: أنتم لا تؤمنون بالله لأنكم تطلبون مقاييس منطقية. نحن لا نعتمد أساليب الحكمة الهلينية في الإقناع بل نُقنع بالإيمان الذي يسبق الصناعة المنطقية. وكان هناك، قريباً منه، مرضى بهم شياطين فأقامهم في الوسط قائلاً: أبرئوا هؤلاء بقياسكم المنطقي أو بأي فن آخر أو بالسحر وادعوا أصنامكم! فإذا كنتم لا تقدرون على إخراج الشياطين فأوقفوا حربكم ضدّنا فتروا قوة صليب المسيح. ولما قال هذا دعا باسم يسوع ورسم إشارة الصليب ثلاث مرات على المرضى فنهضوا للحين كاملي العقل يسبحون الله. فتعجبوا وانصرفوا بعدما قبّلوه واعترفوا بالفائدة التي نالوها منه.

يذكر أن آخر الدراسات بشأن رسائل القديس أنطونيوس السبعة تبيّن أن قديسنا لم أمياً وكان يعرف اليونانية بعضاً وكان عارفاً ببعض التيارات الفلسفية، أقلة في المستوى الشعبي، كما كان متأثراً بفكر المعلمين اللاهوتيين المصريين، أمثال أوريجينيس وكليمنضوس الإسكندري.

وكان جبل القديس أنطونيوس جبلين، واحد خارجي وواحد داخلي. وقد اعتاد زيارة الرهبان في الجبل الخارجي. فلما أتاهم مرة عرَّفته العنايةُ الإلهية أنه على وشك المغادرة إلى ربه فكلمهم قائلاً: هذه هي زيارتي الأخيرة لكم. لا أدري إذا كنا سنلتقي في هذه الحياة بعد اليوم. حان وقت رحيلي وقد بلغت مائة عام وخمسة. فبكوا وعانقوه. فكلمهم وكأنهم وكأنه يترك مدينة غريبة ليعود إلى مقرّه. أوصاهم الا يتهاملوا في الأتعاب ولا يكلّوا في النسك بل أن يعيشوا وكأنهم يموتون كل يوم. كما أوصاهم بحفظ أنفسهم من الأفكار الدنسة، والسلوك في غيرة القديسين وحفظ تقليدات الآباء. ثم غادرهم.

بعد أشهر قليلة مرض فدعا الناسكين تلميذيه مكاريوس وأماسيوس (كانا معه خمسة عشر عاماً وخدماه في شيخوخته) وقال لهما: عمّا قليل سأنضم إلى آبائي، وها أنا أسير في طريقهم، والرب يدعوني. فكونا صاحيين. اهتما بالحفاظ على غيرتكما كما لو كنتما في البداءة. تنفسا المسيح دائماً وآمنا به. تذكرا نصائحي. فاثبتوا في الايمان واهربوا من الهرطقة. اتحدا أولاً بالمسيح ثم بالقديسين الذين ستلقيانهم بعد الموت في المساكن الأبدية. لا تفسحا المجال للآخرين بنقل جسدي إلى مصر كي لا يضعوه في بيوتهم. ادفنا جسدي تحت التراب ولا يعرف أحد غيركما المكان لأني سأحصل عليه بلا فساد في قيامة الأموات. وزعا ثيابي. أعطيا أثناسيوس (الكبير) ثوبي الذي كان كفراش لي والأسقف سربيون ثوبي المفري الآخر، واحتفظا أنتما بكسائي المكسو بالشعر.

وحاالما قال هذا عانقاه، فباركهما، وتمدّد على الأرض ونظر إليهما كصديقين قادمين إليه، وفرح جداً والتمع وجهه بهاءً، وفارق الحياة بهدوء وسكينة وانضم إلى الآباء. وكان ذلك في 17 كانون الثاني سنة 356م وله من العمر مئة وخمس سنين.
وقد ختم القديس أثناسيوس سيرة القديس أنطونيوس بالقول إنه لم يُعرف بسبب مؤلفاته ولا بسبب حكمة خارجية أو فن ما بل بسبب اتقائه لله. فلا أحد ينكر أنها موهبة من الله. إذ كيف وصلت شهرته إلى إسبانيا وفرنسا وروما وإفريقيا والقسطنطينية وغيرها.. وهو قابع في الجبل لو لم يكن من أخصاء الله؟ فحتى لو عمل أخصاؤه في الخفاء وسعوا إلى تجنب انتباه الناس فإنهم يعرفون.
ثم خاطب القديس أثناسيوس الرهبان الذين وجه إليهم كتابه فحثهم على قراءته على بقية الإخوة ليعرف الجميع كيف يجب أن تكون حياة الرهبان ويقتنعوا بأن الرب يسوع يمجد الذين يمجدونه ويقود الذين يخدمونه إلى النهاية.

منقول ..
.كل عام وأنتم بخير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
valeriya
صديقة فيروزية مساهمة
صديقة فيروزية مساهمة
valeriya


علم الدولة : Syria
الجنس : انثى
المشاركات : 141
العـمر : 29
الإقامة : الفحيلة
العـمل : طالبة
المزاج : متقلب
السٌّمعَة : 7
التسجيل : 20/08/2010

كل عام وأنتم بخير بمناسبة  عيد مار أنطانيوس .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد مار أنطانيوس ..   كل عام وأنتم بخير بمناسبة  عيد مار أنطانيوس .. Emptyالإثنين يناير 17, 2011 9:42 pm

كل عام وانتم بخير
واطلب من الله ان يساعدنا و يجعلنا في حفضه
وان يعم الخير و الحب في قلوب كل الناس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد مار أنطانيوس ..
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد الحب
» كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد القديس أنطونيوس
»  بمناسبة قدوم عيد السيدة العذارء كل عام وأنتم بخير
» كل عام وأنتم بخير بمناسبة حلول عيد مار الياس الحي
» كل عام وأنتم بألف خير بمناسبة عيد الأضحى المبارك

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: 000{ القسم الديني }000 :: أصــدقاء الكنيسة والكتاب المقدس-
انتقل الى: