منذ كم سنة ونحن متزوجان؟ لا تريد أن تجيبني؟
ربما لديك الحق في عدم الرد، فقد صرت مشغولا لدرجة أنك لم تعد تهتم بتلك التفاصيل التي ربما تراها الآن تافهة إلى حد بعيد، تلك التفاصيل التي كانت مبعث الحياة لكلينا، كانت الملاذ لنا.. الثرثرة على الغذاء في كل أمورنا، والمناقشات المستمرة على العشاء في أدق الأمور بسيطها.. ومعقدها.. كبيرها وصغيرها فنا الذي تراه بدلك حتى صرت لتضيق بأبسط الكلمات أو أقل التعليقات..
الآن دعني أحمل عنك عناء الإجابة على سؤالي العادي الذي ربما تراه الآن غير ذلك ..
نحن متزوجان منذ عشرين عاما يا عزيزي،
نعم عشرون عاما.. تخيل..!
أراك تسأل مستغربا عما في ذلك من جديد؟
لا شيء.. لاشيء يا عزيزي
فقط.. يصيبني الألم حينما أستعرض تلك العشرين عاما جميعها كشريط أمام عيني ولم أرك تقل لي فيها "شكرا" من قلبك لمرة واحدة، هل بإمكانك تفسير ذلك لي؟
لا ترهق نفسك بالبحث عن إجابات تريحني أو تغلق باب النقاش في وجهي ..ذلك الباب الذي بات قليلا ما ينفتح وسأجيبك أنا نعم.. دعني أجيبك أنا ودقات قلبي تتسارع بين يديك .. وأرجوك لا تفعل أكثر من أن تختار الإجابة الصحيحة كما يحدث في امتحانات الأولاد ، لكن أرجوك احتفظ باختيارك داخلك.. واسمعني .. أنصت لي مثلما كنت تفعل ..
ترى يا زوجي العزيز لماذا تتجاهل الاعتراف بما أفعل من أجلك ألأن أباك لم يكن يفعل ذلك مع أمك تلك العظيمة التي أنجبتك والتي هي حماتي رحمها الله فلم تعتدها ؟ أم ربما لأنك اعتدت أن يكون الجميع رهن بنانك فلم تجد لي فضلا فيما أفعل ـ أي أنه من قبيل العادي لديك!ـ و لربما أيضا تعتقد أن ما أفعله ليس بالشيء الخارق مما يوجب عليك شكري أو بالجديد فتبدي دهشتك وتبوح بما في صدرك من الإطراء لعبقريتي،تلك التي أنتظر منك اكتشافها أو حتى اختراعها وإلصاقها لي كنوع من المجاملة وتقدير الذات فماذا لو كنت جديرة بها بالفعل؟
هذه الكلمة ـ البلسم ـ إنني أستحقها فعلا حين تخرج من شفتيك المبتسمتين ساعة الرضي في حب تهمس بها حين تحس بشوقي إليها فلا تحرمني منها ربما تنسى ذلك وسط مشاغلك الكثيرة وأعمالك التي لا تنتهي وعلاقاتك المتشعبة بالآخرين وتأخرك كثيرا إلى ما بعد منتصف الليل، لكني سأحكي لك بعض الأشياء التي ربما أستحق عليها الشكر ولم تفعل ليس منا ولا أذى ـ عياذا بالله ـ ، ولكن يا عزيزي "من لم يشكر الناس لم يشكر الله"
منذ العام الأول لزواجنا وليلي موصول بنهاري، أفعل ما يرضيك، ولا يهمنى إلا راحتك ولا يؤنس قلبي إلا سعادتك، ولا تبرق عيني إلا نظرة منك صافية تدخل الدفء في حنايا القلب فتجعله كالفرس الأبلج يدخل أعتى معارك الحياة بقوة وعناد وينتصر على كل الظروف لتمر الرياح العاتية كالنسمات الرقيقة لا تحس آلامها وصفعاتها، وبعد عامين كان ميلاد فلذات قلوبنا الأربع الذين تراهم الآن في الجامعة
هل تساءلت يوما كم مرة مرض أحدهم وسهرت أنا بجواره أطبب وأمرض دونما أزعجك؟ هل شغلتك يوما بمشكلة لأحدهم؟ هل ألقيت على عاتقك بكل مسؤولياتهم ورحت ككثيرات أهتم بأحوالي الخاصة خشية أن يمر العمر بي ولا أستمتع بشبابي أو تبدو التجاعيد على ملامح وجهي فتقصيك عني؟ لم أذهب يوما لبيت عائلتي دون إذنك، ولم أتخذ قررا في شيء دون الرجوع إليك، لم أبخل عليك بمالي حين احتجت إليه رغم رفضك الشديد لذلك اعتزازا بنفسك ورجولتك وكان هذا من مواضع إكباري لك لولا أن استحلفتك حينها ما مددت يدك إليه ..
أنا لا أذكرك بتلك المواقف لأمن عليك أو أضيق عليك الخناق لتعترف بقيمتي في حياتك أو تستشعر وجودي لكنني أقول ذلك لألفت انتباهك إلى أنني هنا.. التي تحبك وتفديك من كل سوء بنور عينيها وتجعل من ذراعيها الممتدين باتجاهك جناحين يبعثان الدفء عليك وعلى أبنائك ..
فهل كثير علي أن تعبر لي عن حبك الذي أعرف.. وامتنانك لي ولو بكلمة واحدة؟
مجرد كلمة واحدة يا زوجي الحبيب؟
زوجي العزيز.. أرجوك قل لي شكرا !!
"من مذكرات أمرأة "