Amer-H صديق فيروزي متميز جدا
علم الدولة : الجنس : المشاركات : 9804 الإقامة : Sweden العـمل : IT-computer المزاج : Good السٌّمعَة : 316 التسجيل : 09/02/2007
| موضوع: هموم الأصدقاء الجمعة فبراير 12, 2010 5:22 pm | |
| | نمت شجرة صغيرة بجانب ضفة نهر إلى أن أصبح أرتفاعها عدة أمتار مع مرور السنوات وثبتت جذوعها بقوة في التربة حتى غدت رمزا لكل العصافير التي طالما تعودت أن تقف على أغصانها لترتاح قليلا أو تقضي ليلتها ثم تشرب صباحا من ماء النهر وتطير لتعود إليها من جديد. وكذلك فعل الكثير من الناس عند زيارتهم للنهر .كانوا يجلسون تحت ظلها من أجل الراحة أو لتناول طعام الغداء وأحيانا يغفون تحت ظلال أرواقها ... وهكذا مع مرور الأيام أصبحت هناك علاقة صداقة وثيقة مابين العصافير والنهر والشجرة وزوارها من الناس .. ولكن ما أن حصل جفاف بسيط إلى أن أخذ منسوب ماء النهر يتناقص رويدا رويدا ولكنه أستمر في الجريان ليصب في ماء البحر ... ولكن زيارات أصدقاء الشجرة قد أخذت بالتناقص فلا العصافير عادت لتغرد وترتاح على أغصان الشجرة و الناس فقدت الرغبة بالجلوس تحت ظلالها ..فأستغربت الشجرة من ذلك وبدأ عليها الحزن المفرط لأن لم يبقى لها من الأصدقاء سوى النهر بمجراه الشحيح بالمياه .. وأخذت أوراقها بالإصفرار والتساقط.. وذات صباح شعر النهر بذلك ورغب بمعرفة ماذا حصل للشجرة طالما مازالوا أصدقاء منذ عشرات السنوات .. فسال النهر صديقته الشجرة: - لماذا أنت حزينة؟ أجابت الشجرة: - أوه، كيف عرفت؟ قال النهر: - عندما مرت الريح، قبل قليل، لم ترقص أوراقك وأغصانك رقصتها الجميلة، أخبريني لماذا أنت حزينة؟ ألست صديقك، والصديق لا يخفي عن صديقه أي شيء! اهتزت أوراق الشجرة، ومال غصن حتى كاد يلامس صفحة النهر قالت: - كل الأشياء تتحرك، أنت تمضي من مكان إلى مكان، ترى الدنيا وتشاهد الناس، والحيوانات... ولك.. كل شيء، أما أنا فجذري مغروس في الأرض، ثابتة في مكاني، لا أتحرك، أنا حزينة أيها النهر، حزينة لأنني بدأت أحس بالملل والضجر. فلا العصافير عادت لتزورني لأستمتع بأصواتها ولم أشاهد الناس تحت ظلالي منذ زمن بعيد لأسمع حكايات وهموم الناس وأخبار أفراحهم . استمع النهر إلى صديقته الشجرة بانتباه، ومودة وقال لها: سأحاول أن أساعدك، فلا تحزني، عليّ الآن أن أواصل مسيري في مجراي حتى أصل إلى الوادي الكبير ثم إلى البحر، يجب أن لا أتاخر، فالكثيرون في انتظار وصولي! وداعا. منذ ذلك اليوم، امتنعت الشجرة عن امتصاص المياه والطعام، فبدا الشحوب والاصفرار على الشجرة، ولم تظهر براعم جديدة لأية زهرة. وهذا ما لم يحدث من قبل للشجرة. حزن النهر كثيرا على صديقته، التي كان يراها تزداد اصفرارا يوما بعد يوم، ولكنه لم يستطع أن يفعل شيئا في البداية، فقد كان عليه أن ينحدر إلى الوديان، ويسير بين القرى ليسقي الأرض، ويعطي المياه للكائنات.حتى ولو كانت مياهه خفيفة. كل الناس شعرت بأن النهر بدا حزينا أيضا ، وكل العصافير لاحظت ذلك. فيما كانت حياة النهر تهدر ببطء من إحدى الصخور، وقف عصفور على قمة صخرة، وصاح: - ما بالك أيها النهر تبدو حزينا على غير عادتك؟ أين سرعتك؟ وأين صوت خريرك الجميل؟ دعني أصغي إليك، فلقد تعلمت منك لحنا جميلاً، أحبه زملائي العصافير في الغابة، فلماذا لا تسمعني خريرك الجميل؟ وفي نفس الوقت وقف فلاح يسأل النهر مالك أيها النهر ليس كعادتك تبدو مياهك شحيحة ولم نسمع منذ فترة صوتك تلاطم مياهك مع الصخور التي بات معظمها مكشوفا في مجراك .. صمت النهر قليلا. ثم أصدر صوتا جميلا مليئا بالحزن، وأخبر الفلاح والعصفور بحكاية صديقته الشجرة. هز العصفور جناحيه ورفع رأسه وزقزق طويلا، وقال: - لدى فكرة أيها النهر الصديق!فياريت أن تنتظرني لأعود وقال للفلاح ياريت أن تذهب مع بقية الناس إلى تلك الشجرة ثم طار وهو يقول : " ستعرف عاجلا كل شيء" وبسرعة طار العصفور إلى الغابة واصطحب العصفور مجموعة من العصافير: حساسين وبلابل وكناري، وحطوا جميعا على الشجرة.ليجدوا هناك مجموعة كبيرة من الناس التي كانت تزور سابقا تلك الشجرة قال العصفور صديق النهر: - أيتها الشجرة جئنا إليك من كل الغابات، ومن أعالي الجبال، فالنهر قد أخبرنا وهو صديق كل الطيور، وأنت أيتها الشجرة جميلة، مليئة بالأغصان، ولا نريد أن تحمل أغصانك أية أوراق صفراء فهل تقبلينا أصدقاء لك؟ فرحت الشجرة بأسراب العصافير والطيور وبالناس وهتفت: - أجل، فكيف أكون صديقة لكم؟ قال العصفور ، بينما كان الجميع يزقزقون، وينشدون بفرح: " نحن نسكن بلادا بعيدة، وقد جاء الشتاء وستساقط الثلوج، ويشتد البرد، فهل تسمحين لنا بالإقامة بين أغصانك لتعطينا دفئك الجميل ولنضع البيض في أعشاشنا؟ أضاف الكناري الصغير: - ونربي صغارنا- أفراخنا بين أغصانك. أكمل السنونو: - وكلما طرنا، وعدنا، وسنروي لك ما نشاهده في الدنيا، سنغني لك ونشدو، ونغرد ونزقزق، ونحكي لك كل شيء عن الدنيا. وقال لها الفلاح ونحن سنعود لنزورك من جديد وسنحكي لك عن الناس وهموم الناس وسنفرحك أيضا ببعض الأغاني التي سنغنيها تحت ظلال أوراقك . فرحت الشجرة كثيرا، وضمت أغصانها في حنان على أصدقائها العصافير وقالت: - سأحميكم من الرياح، ومن أشعة الشمس حين تشتد حرارتها. -وأنتم أيها الناس تعالوا وأحتموا تحت ظلال أوراقي عندما تشتد عليكم الشمس. فرحت الشجرة، فرح النهر،وفرح الناس ،خرجت العصافير، وبدأت تشدو وتغرد وعاد النهر يواصل خريره الجميل، ويواصل سيره إلى الوديان والحقول، والقرى، ويسقي من مياهه الأشجار والكائنات. وعادت الفرحة إلى كل الناس والفلاحين. ................
|
_________________ | |
|