ندرة حداد

موضوع: ندرة حداد الإثنين أبريل 21, 2014 8:38 pm

ندرة حداد

هو ندرة بن رشيد حدّاد وُلِدَ في حمص عام 1881 وتلقّى تعليمه المبكر في مدرسة الطائفة الأرثوذكسية الابتدائية بحمص..
ثم هاجر إلى نيويورك عام 1897 وكان هو وأخوه عبد المسيح من مؤسّسي الرابطة القلمية والعاملين في حقلـها ،
ولهما أثر مرموق في أدب المهجر الذي غَذّاه بشِعره الرقيق بينما كان يعمل موظّفاً في بنك لبنان الوطني .
كان عفيف القلب واليد واللّسان وقدوة تُحْتذى في نظافة الوجدان.
كان شعره مرآة نفسه عذوبة وبساطة ونعومة وصفاء. وقال عنه حنا خباز في كتابه (حول الكـــرة الأرضية)
حين قابله في نيويورك عام 1919 أثناء تجواله حول العالم انه شاعر هادىء الروح بعيد جداً عن الفضول.
كان يميل إلى الإيجاز في القول. متعبِّد صوفي النزعة بعيد عن التعصّب المذهبي، ويُبشِّر برسالة الحب الإنساني.
وكان يتّسم بطابع المحافظين لغـة وبطابع المُجدّدين تلاعباُ بالأوزان ، كما أُولعَ بالبحور القصيرة المُجَزّأة.
قاربت قصائده هموم إنسان عصره وتطلعاته كالفقر والغنى والحرمان والزهد والحنين إلى الوطن
وحيرة الإنسان ووصف الطبيعة بما يقارب التصوف، والاحتفال بالمناسبات الإخوانية.
اتسمت قصائده بالقصر والإيجاز، وانتهج نهج المحافظين لغة وأسلوبًا، وقارب نهج المجددين تلاعبًا
بالأوزان والبحور القصيرة والمجزوءة وتنويع القافية في القصيدة الواحدة أحيانًا، تميل لغته إلى التقرير والمباشرة،
وصوره إلى التقليدية، ومعانيه إلى السطحية. وهو القائل :
يا أخي الساعي لنيل المجد خفف عنك جمحك
أنت لا ترضى سوى نفسك إنْ أحرزت فتحك
سر معي في الأرضِ تنسَ المالَ والجاه وطمحك
أنا راضٍ بالعصا يا أيها الحاملُ رمحك
وسأَرضى خبزك الأسود في الحب وملحك
وسأنسى جرح قلبي كلما شاهدت جرحك
وأرى ليلك وأرى صبحي صبحك
وإذا أخطأت نحوي فأنا الطالب صفحك
وندرة حداد كان لامثيل له في الحنين لسوريا وكان يدخل الرياض كلما ألم به حزن أو نزلت به شجون...
وهناك حيث الشجر والزهر والطير وفي ظل شجرة على شاطىء النهر ينتقل به الخيال إلى سوريا
حيث الجمال لا نظير له:
فدب في قلبي حنيني إلى ....جمال سوريا العديم النظيره
فكم يملك الأرض من جدول....ومنظر ساحر يربع نضير

ـ وحنينه لمدينه حمص كان منقطع النظير حتى تمنى أن يكون قبره فيها
و هو القائل :
هكذا كلما مررت بأمر .....لاح في الحال رسم حمص لفكري
فتمنيت أن أرى في العبر..... تربه أشتهي تكون لقبري
عند لفظي الأخير من أنفاس
كلما كنت مسافراً في البراري ...خلتُ أني في حمص وسط الدار
بين صف الورود والأزهار ... أو أمام المروج في العبار
موطن الشيح عنده والآس
وندرة حداد لا ينسى (حمص) كذلك، إنه يذكرنا كلما غدت الطيور صباحاً فحملت إلى صدره انشراحاً
وهو بطيء نفسه في (حمص) وسط الدار كلما سار في البراري بين الورود والزهر، فهو يخال نفسه
في دوحة الميماس ، كلما جلس قرب نهر في روضة ورأى العصافير تحنو على الماء كما تحنو الأم على أبنائها:
كلما غدت الطيور صباحاً ...مهديات إلى الصدور انشراحا
أتمنى كمن تساقى الراحا .... بين أحبابه بـ حمص فصاحا
هاتها فالحياة جرعة كأس
- عاطفته كانت جياشة وهو الذي رثى داود قسطنطين الخوري :
داوود لا أبكي على ماض لنا ...قد كنت فيه بهجة الخلان
لكنني أبكي حياة أصبحت ....بعد اكتسبت بؤرة الأحزان
فأنا المقيم بغربة لا تنتهي .... أيامها إلا مع الأكفان
كما رثى الشاعر رشيد أيوب في قصيدته هذي دموعي ونقتبس منها :
إلى روح الشـاعـر رشـيـد أيـــــــــــوب ... اتسألـيـنـي الـيـومَ عـن أمســـــــــي
حَسْبـي الـذي ألقـاه يـا نفســــــــــــي ...أفتجهلـيـنَ وأنـت شـاعــــــــــــــــرةٌ
أن الخطـوب إذا سطت تُنســـــــــــــــي؟ ...لا تسألـيـنـي إننـــــــــــــــــي رجلٌ
وجعـلـتـنـي أيّوبَ فـي الـــــــــــــبؤس ...هـذي دمـوعـي الـيـومَ أكتبـهـــــــــــا

اعتلَّت صحّته وصحة جيبه في السنين الأخيرة من حياته ولكنها لم تؤثّر على بشاشته ولا على إبائه
وكان القلق يرتسم على ملامحه ويهمس في حديثه.
وكانت وفاته عام 1950 فجأة في حفلة عرس بعد أن أنشد فيها شعر التهاني.
أقيم حفل لتأبينه في حمص (مسقط رأسه) تحت رعاية رئيس الجمهورية السورية هاشم الأتاسي.
له ديوان (أوراق الخريف) وكان يكتب في جريدة (السائح) التي أسّسها شقيقه عبد المسيح عام 1912 في نيويورك.
الإنتاج الشعري:
- له ديوان: أوراق الخريف - مطبعة طوبيا - بروكلن 1941
- وقصيدة: أحلى الحب ما يجمع - مجلة المعرض - العدد الثامن - بيروت 1923 (نقلاً عن جريدة السائح)،
- وله مقاطع نشرت في مصادر دراسته.

من قصائده :

وداع الحبيب
ذكرى الغريب
أنا إن مت
هذي دموعي
يا من يعيب سواه
واللحد فاتحة الخلود
الورقة الأخيرة
---------------------

وداع الحبيب :

زدْ جفـاءً ولا أقـول كفـاكـــــــــــــــــــا
أنـا راضٍ إن كـان هـذا رضـاكــــــــــــــا
صدَّ مـا شئت لا يرُعْكَ عذابــــــــــــــي
فـمُنى النفس أن تـنـال مـنـاكــــــــــا
ولئن غبت عـن عـيـونـي طــــــــــويلاً
إن قـلـبـي وإن بعـدتَ يراكـــــــــــــــا
لـي مع الـدهـر كلَّ يـوم عــــــــــــراكٌ
مستديـمٌ حتى استطبت العـراكـــــــا
وإذا قـدَّر الزمـان هلاكــــــــــــــــــــي
فـي غرامـي فـمـا أحـيْلى الهلاكــــــا
أنـا مـن لا يضنُّ إن ضنّ غـــــــــــــيري
بعزيـزٍ فإن تُردهـا فهـاكــــــــــــــــــــا
كُلُّنـا هـنـا يـودّع لكـــــــــــــــــــــــــنْ
لـيس بـاكـي الـدِّمـا كـمـن يـتبـــــاكى
لا يـقـاسـونَ مـا أقـاسـي مـن الـوجـــدِ
ومعْ هـذا يـدّعـون هـواكــــــــــــــــــا
عُدْ إلـيـنـا هـنـا لـمـــــــــــجلس أنسٍ
كـنـت صدّاحَه وكـان الأراكـــــــــــــــــا
وللـيل خلعت ثـوبَ الـدّجى عـنْــــــــــهُ
وألـبسته بـيـاضَ مُنـاكــــــــــــــــــــــا
لـو يجـيبُ الإله سؤلـي بأمـــــــــــــــرٍ
لـتـوسَّلْتُ أن أكـون الـمـلاكـــــــــــــــا
مستهـامًا أحـوم حـــــــــــــولكَ وحدي
وبعـيـنٍ سهـرانةٍ أرعـاكـــــــــــــــــــا
....

_________________
ندرة حداد 2-1410

ذكرى الغريب
لا زارَ جفـنـي الكرى لا هـزّنـــــي الطربُ --- إن كـنـتُ يـومًا لغـير العُربِ أنـــتسبُ
هـمُ الكرامُ وأبنـاءُ الكرام هـمُ الـــــــ --- ـقَوْمُ الأمـاثل فـي الـدنـيـا وإن نُكبــــــــوا
إن طـالَ أو لـم يـطلْ عـنهـم تفرّقُنــــــا --- هـمُ الأحـبةُ إن غابـوا وإن قـرُبـــــــوا
يـا أيُّهـا الشّرق كـم فـــــي الغرب مكتئبٍ --- يئنّ أنة مشـتـاقٍ ويـنـتحـــــــــــــــب
يبكـي عـلى إلفه النـائـي الـبعـيـدِ وقـد --- دَهَتْهُ فـيك خطـوبُ الـدهـرِ والنـــــــــوب
يسـائل الريحَ فـي الأسحـار إن عصــــــفتْ --- والنـومُ نـاءٍ ودمعُ العـيـن مـــــنسكب
ويسأل الشمسَ إذ تأتـيـه مشـــــــــــرقةً --- عـمـن يحـبّ وقـد حفّت بــــــــــه الكرب
لا الريحُ تخبره، لا الشّمسُ تـنجــــــــدهُ --- لا الـدهـر يسعفه، لا الـمـوتُ يـقتــــرب
هـي الـحـيـاةُ فأحـلاهـا وأجـمـلهــــــا --- ألا أرانـي عـن الأحـبـاب أغتـــــــــرب

_________________
ندرة حداد 2-1410

أنا إن مت

أنـــــــــــــــــــــــــا إن متُّ بأرض مـاتت الأحـرارُ فـيـهــــــــــــــــا
وقضى فـي الـذّوْدِ عـنهــــــــــــــــــا كلّ شهـم مـن بنـيـهـــــــــــــــا
ورأيـتــــــــــــــــــــــــــمْ كلَّ غِرٍّ بعـدهـمْ صـار فقـيـهـــــــــــــــــا
وقـلـيلَ الفَهــــــــــــــــــــم والإدراك يغتـابُ النَّبـيـهــــــــــــــــــــــــا
وذوي الأمـوال والأمـــــــــــــــــــــلاك يـختـالـون تـيـهـــــــــــــــــا
وفقـيرَ الـحـال مـنـبــــــــــــــــــو ذًا ولـو كـان نزيـهــــــــــــــــــــــا
ورئـيسَ الـدّيــــــــــــــــــــــن طمّاعًا وأمّيّاً سفـيـهـــــــــــــــــــــــــا
يأخذ الأمـوالَ عفـــــــــــــــــــــوًا ضـاحكًا مـن بـاذلـيـهــــــــــــــــــا
فـافرحـوا إن متُّ فـالعـيـــــــــــــــــشُ لقـد كـان كريـهــــــــــــــــــــا
ـــــــــــــــــــــــــــوإذا متّ بأر تُخرجُ القـومَ الأســــــــــــــــــــودا
تدفعُ الأبنـاء فـي الـمـجْــــــــــــــــدِ إلى الـحـرب جنـــــــــــــــــــودا
وإذا مـا مـات مـنهــــــــــــــــــــم بطلٌ كـان شهـيـــــــــــــــــــــــدا
تبذل الـمـال فـــــــــــــــــــــيغدو للظى الـحـرب وَقـــــــــــــــــــودا
تجعـل الإنسـانَ حـــــــــــــــــــــرًا طـارحًا عـنه القـيــــــــــــــــــودا
تكرمُ العـالـمَ حــــــــــــــــــــــيّاً ثـم تبكـيـه فقـيـــــــــــــــــــــــــــدا
تبـغضُ الظالـم فـي الـحكـــــــــــــــــم ولـو كـان عـمـيــــــــــــــــــدا
تكرم الضّيفَ وتـــــــــــــــــــــــرعى لنزيلـيـهـا العهــــــــــــــــــودا
فـاندبـونـي أنـا مـن يَهْـــــــــــــــــوى عـلى الأرض الخلــــــــــــــــودا

_________________
ندرة حداد 2-1410

هذي دموعي
في رثاء الشاعر رشـيـد أيــوب
إلى روح الشـاعـر رشـيـد أيـــــــــــوب ....لا تسألـيـنـي الـيـومَ عـن أمســـــــــي
حَسْبـي الـذي ألقـاه يـا نفســــــــــــي ... أفتجهلـيـنَ وأنـت شـاعــــــــــــــــرةٌ
أن الخطـوب إذا سطت تُنســـــــــــــــي؟ ...لا تسألـيـنـي إننـــــــــــــــــي رجلٌ
أمسـى كـمـن فـي ظُلـمة الــــــــــــحَبْس ... يـمشـي كأعـمـىً فـي جـوانـبــــــــــه
بـالسَّمع إن يُبصرْ وبـاللـــــــــــــــمس ... ذهـب الـذي كـان الرفـيـقَ لنـــــــــــا
يـا نفسُ فـي حُزنٍ وفــــــــــــــــي أُنس ...غاب الـذي كـانـت محـــــــــــــــــبَّتُهُ
بـيـن الرفــــــــــــــــاق أشعةَ الشمس ... يستقبـلـونَ وكلُّهـــــــــــــــــــم فرحٌ
درويشَنـا يـــــــــــــــــا رافعَ الرأس ... أرشـيـدُ قـد أُلـبستُ ثـوبَ أســــــــــــى
مـا كـان قبـل الـيـوم مـن لـبســــــــي ... حـمّلـتَنـي مـا لستُ أحـمـــــــــــــــله
وجعـلـتـنـي أيّوبَ فـي الـــــــــــــبؤس ... هـذي دمـوعـي الـيـومَ أكتبـهـــــــــا
فـي الخدِّ شعـرًا لا عــــــــــــلى الطِّرس ...كأسـي الـتـي قـد كـنـت أشـربُهـــــا
حطَّمْتهـا فأنـا بــــــــــــــــــلا كأسِ ... إلا كؤوس مـنك خمـرتهــــــــــــــــــا
ستعـيـد لـي مـا ذقتهـا أمســــــــــــي ...أرشـيـدُ قـد عـشنـا الـحـيــــــــاة معًا
خِلَّيـن بـيـن الـحــــــــــــــــبِّ والهس ...إذن الفؤاد وأنـت بـــــــــــــــــهجته
أمسـى نظيرك فـاقـد الــــــــــــــــحسّ ... كـنـا إذا سـرنـا فثـالثنــــــــــــــا
ضحكٌ عـلى الـدنـيـا عـــــــــــلى الفلس ...لـم أدرِ هل هـذا الفراق لنـــــــــا
مـن حسن حظك أم جنى نحســـــــــــــــي؟ ..فـاذهـبْ فهـذي الـدّار فـانــــــــيةٌ
وحـيـاتـنـا تُبنى عـــــــــــــلى الرمس ...فهـنـاك فـي دار الـبقـاء تـــــــــــرى
جـبرانَ بـيـن زهــــــــــــــــيرَ والقسّ ..يستقبـلـونك فـي مـواكبـهــــــــــــــم
وأمـامهـنّ الفـارسُ العبســـــــــــــــي

_________________
ندرة حداد 2-1410

» عبد المسيح حداد
» روائع فيروز من سنة 1971 إلى 1980
» ترانيم وأغاني بصوت ثناء حداد
» الله يراني للطوباوي اسطفان نعمة
» البطريرك غريغوريوس الرابع حداد